المحرر موضوع: مار باواي..صوت صارخ في البرية  (زيارة 1951 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سيزار هوزايا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 359
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لكل زمن رجاله، رجال ينقشون الحق على الصخر، بتفان، واخلاص للحقيقة التي امنوا بها، و(رجال) يتمايلون ويتفنون الرقص على حبال متعددة.. هذا هو حال كل عصر، وكل بقعة جغرافية، وكل مجتمع. فالحق بمفهومه الانساني النسبي والمسيحي المطلق،  انما هو مبتغى الرجال الاولون، الذين يجدون في الحق، هدفا ساميا يرتفع الى الالوهة، ودربها (العسير)، وايضا مبتغى لرجال، اصحاب مبادئ مسيحية وانسانية نقية، يحلمون بمُثُل وقيم واخلاق تحتكم دوما برسالة المسيح..وهو (الحق) في ذات الوقت هاجس (للرجال) الاخرون، ممن يلتوون، ويتمايلون مع الرياح.. يحددون به مسارا وتفسيرا..ينطبق مع مصالحهم.. وبين الرجال الاولون..و(الرجال) الاخرون، صراع قديم، والصراع هنا هو صراع مبادئ..ومواقف..وليس صراع شخوص، ونفسيات. انه صراع الحق..و(الحق)..

(البشارة)
الاحد 6.5.2006.. كان لنا لقاء، ليس ككل اللقاءات، لقاء يجمع ابناء كنيسة المشرق تحت سقف واحد، في كنيسة في باسكو فايل في ملبورن. ابتدأ اللقاء بقداس تأصلت فيه اصالة كنيسة المشرق العريقة بثوب متجدد، يزين محياها..جمع ابناء كنيسة المشرق بمختلف انتماءاتهم، فتناول المؤمن الكلداني، دم  المسيح المقدس، من يد شمامسة الكنيسة الشرقية القديمة (سوركادا عتيقا)، و كذلك فعل ابن كنيسة المشرق (سوركادا خاثا)..فكان بحق تناولا..ومشاركة..تجسد فيها المسيح ، على اصوات (ماران ايشوع ملكا سغيذا) التي رتلها ابناء الكنيسة الواحدة معا..

اللقاء، كان، لقاءا بشخص كثرت عنه الاقاويل، سطع نجمه منذ فترة ليست بالقصيرة، منذ المحاولات العظيمة، التي كان سندا وعضوا رئيسا فيها، للتقارب بين كنيستي المشرق الاثورية والكلدانية..عمل على نشر رسالة المسيح (الحقة) الخالية من شوائب العالم، ومغرياته..الى ان انتهى المطاف به، مبعدا عن كنيسة المشرق لاسباب لي ان اعيدها الى (صراع الحق..و"الحق")

ولما كان للموضوع من سخونة، واهمية في الوسط الكنسي، الا انني كنت قد اثرت الا اكتب عن الموضوع في بداياته الا بعد الحصول على اكبر قدر من المعلومات والتفاصيل عنه، فكانت زيارة المطران مار باواي الى ملبورن كفيلة بأن تضع نقاطا على الحروف المبعثرة للقضية التي شغلت الاوساط الكنسية لكنيسة المشرق الكلدانية الاثورية العريقة، من خلال القداس الجماعي واللقاء الذي تلاه في قاعة سان ماثيو في فوكنر.

فقد اثبت  المطران مار باواي، بانه من القلائل الذين يحملون صليب المسيح على صدورهم، واكتافهم..وعقولهم .. ومشاعرهم.. وافكارهم.. وتصرفاتهم، ويطبقون تعاليمه، ويضعونها نصب اعينهم، في كل المواقف.  فالفرصة كانت سانحة لان يرد سيادته على اتهامات اقرانه من المطارنة والبطريرك..الا انه قدم مثالا مسيحيا حقا، (اصبح مفتقدا في هذه الايام) اذ لم يتطرق الى المشكلة التي دفعت به خارج اسوار كنيسة المشرق، بل انه بشخصه، وتواضعه، وقوة حضوره، وعمق كلماته، بشر برسالة المسيحية..وارتكز على المحبة التي ابى ان يضعها في ميزان مع توجيهات وافكار بشرية، مهما كان حاملها وناطقها على درجة اسقفية اكبر. اذ انه امن بان الوحيد الذي تجثو له كل ركبة هو المسيح المحب، وهو من وجب ارضاؤه . وهكذا فعل اذ انه ركز على المحبة، وضرورة الالتزام بمبادئ المسيحية الحقة، وتطرق الى بعض اهدافه في تطوير وسائل نشر الايمان  وقانون الادارة في الكنيسة ونقاط (الاختلاف) في وجهات النظر بينه وبين من هم (ضده).

اللغة التي استعملها سيادة المطران مار باواي سورو، في خطابه،والتي كان لها بالغ التأثير،  كانت لغة تشع بالحياة والحق. لغة جديدة، تحمل فكرا نيرا، لغة المسيحية الحقة، لغة الانسان المسيحي المتجدد دوما. 
لم تكن تلك الكلمات التي بشر بها، كتلك التي نسمعها هذه الايام من رجال دين، قابعين في عالم مادي خال من الروحانيات..رجال دين، اغرتهم السلطة والنفوذ، وماديات هذا العالم.. رجال دين..تناسوا انهم خدام في كرم المسيح، فهم "بوزنات خمس"، وتناسوا التفكير فيما سيكون جوابهم  يوم يجد صاحب الكرم انهم دفنوا وزناتهم..ولم يزيدوا منها شيئا.

 بل انه وبايمانه، ذكرنا بأنه من اولئك الذين "تجري من بطونهم انهار ماء حي" ، تشبع عطشنا المسيحي في هذه الازمنة، فهو بردود فعله المتزنة، اثبت انه صفحة جديدة، بيضاء في تاريخ كنيسة المشرق، الكلدانية الاثورية..جاء لينضم الى القائمة التي لا تحوي الا على العدد القليل من اسماء رجال الايمان في العصر الحديث، اللذين يسيرون في درب الجلجلة، رغم كل ما ومن يجابهوهم. رجال الايمان الذين لا يطالبوا سوى باحقاق الحق، بنظرة مسيحية نقية، بعيدة عن الانحيازات والميلان لجهات معينة، دينية كانت، سياسية، او دنيوية ، ببساطة هم اناس لا يقبلون بالسير في طريق غير طريق المسيح..فهو "الطريق والحق والحياة"
 

بداية جديدة، لكنيسة عريقة..
يلخص سيادته محور هذا التجديد، بتطوير الايمان لدى الفرد المسيحي التابع لكنيسة المشرق، من خلال التركيز على المسيح كجوهر اساسي لحياتنا، وتسهيل كل ما يخدم هذا الهدف في الكنيسة من تطوير في لغة القداس، الخ.
ويؤكد ايضا على ضرورة احياء الحوار الذي توّجه غبطة البطريرك (المغفور له) مار روفائيل الاول بيداويد مع غبطة مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الاثورية.من اجل توحيد صف الشعب الكلداني الاثوري المسيحي.
هذه ببساطة مطاليب سيادته من كنيسته، التي قوبلت بان حيكت ضده مؤامرات من قبل اخرين لغرض ابعاده عن اهدافه التي امن ويؤمن بها..عمق ايمانه برسالته المسيحية. (للمزيد من التفاصيل يرجى زيارة www.marbawai.com  (

وهي ذات المطاليب التي تنطبق ايضا على الكنيسة الكلدانية التي شرع الكثير من (رجالاتها)  بالغرق في (دنيويات) تناسوا بها دورهم في تطوير رسالتهم المسيحية، فلم يقدموا وكنيستهم لابناءهم وقت الشدة ما يستحق الذكر.

قد يكون هذا ( التجديد ) حلا امثل للاخذ بيد كنيسة المشرق،واخراجها من مستنقع المتاهات الذي وقعت فيه جراء تجاربها في الغوص في اعماق قد تكون بعيدة نسبيا عن اهدافها الرئيسية، وقد تطرقنا من خلال مقالاتنا كثيرا الى ضرورة التجديد في الكنيسة، واتخاذ المواقف الجريئة والصائبة تجاه مستقبل شعبنا في الوطن الام ودول المهجر.
لمواجهة التحديات الكثيرة التي تحيط بها، من الهجرة، بنوعيها (هجرة الوطن) و(هجرة الكنيسة)، وسبل التثقيف المسيحي، والحفاظ على الاصالة، والتجديد في الروح المسيحية لدى الشباب، والالتفاف الى العائلة المسيحية ومناقشة مشاكلها، ودفع عجلة الوحدة بين كنيستي المشرق الكلدانية والاثورية،  ولتطوير مسيرتها، واحياءها، وعقد المجامع لمناقشة كل هذه الامور، بدلا من ان يجتمع (رجال) الكنيسة فقط من اجل تعيين مطران وايقاف اخر.

انه مشوار طويل ابرزه على السطح سيادة المطران مار باواي سورو، بعد ان بدأه كثيرين ممن لم يرضوا بالدور المتواضع للكنيسة. وقد تلمسنا مدى عمق ايمانه بهذا الطريق، ومن المؤكد بانه سيستمر عليه، وسيجد الكثير ممن (لهم اذان للسمع فيسمعوا)..لانهم متعطشين لبداية جديدة..مسيحية..و(قيامة) جديدة..ينهض بها ابناء الشعب والكنيسة المؤمنين. ليثبتوا بانهم رجال ينقشون الحق على الصخر..
 


سيزار هوزايا
ملبورن
استراليا   13.5.2006