المحرر موضوع: بعد هدوء دوي المعارك  (زيارة 1456 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بعد هدوء دوي المعارك
« في: 15:31 10/03/2010 »
بعد هدوء دوي المعارك



تيري بطرس
bebedematy@web.de


من المعقول أن نقول المعارك، وأن تكون لنا معارك انتخابية عمل حضاري، ومعركتنا أو معاركنا الداخلية كانت لأجل تقديم الأفضل، وكل يعتقد أنه الأفضل، وهذا من حقه، ولكن كلنا اعتمدنا على آلية صناديق الاقتراع لتحديد الأفضل، وإذا كنا قد بررنا لأنفسنا مرة أو مرتان أسباب الإخفاق أو التقهقر، ولكن لابد أن يأتي اليوم الذي نقر بان الآلية هي ميزان حق يجب أن نقر به، سواء كقرار أو كمحطة لإعادة البناء والتطوير.
متى سنعمل لأجل أن يكون شعبنا هو الفائز بعد كل معركة من معاركنا؟ أنه السؤال المنطقي، لأنه من الواضح وخلال السنوات الماضية، كان شعبنا هو الذي يدفع ضريبة المعارك الفاشلة التي دخلناها. اليوم المطلوب أن نعمل جميعا لأجل وقف حالة التدهور الحاصلة سواء من خلال وقف الهجرة التي تستنزف شعبنا وتضعه في أتون المجهول، أو من خلا بعث أمل جديد يعيد له الشعور بالكرامة وبان المستقبل سيكون أفضل بكثير مما كان الماضي القريب أو البعيد.
هل يمكن للشعوب أن تخطيء في خياراتها، نعم وهناك الاف الأدلة التي يمكن الإتيان بها، والتي تثبت هذا الجواب الصارم والحاد، ففي الوقت الذي كانت قوات الاحتلال الأسباني تدخل مناطق البيرو الحالية قبل أكثر من خمسمائة سنة، كان السكان الأصليين متصارعين، وكل واحد من أطراف الصراع يستقوي بالأسبان، وفي الوقت الذي كانت قوات محمد الفاتح تدك أسوار القسطنطينية كان أهلها منقسمين حول جنس الملائكة، وفي الوقت الذي كانت القوات الإسلامية العثمانية تقضم من مناطق الإمبراطورية البيزنطينية، كانت القوات الصليبية تحتل القسطنطينية وتعمل فيها يد الخراب والدمار مما سهل على محمد الفاتح احتلالها بعد قرن من ذلك، وكان خيار الشعب العراقي في الوقوف مع ثوار 14 تموز خيارا قاتلا، ادخل العراق إلى مرحلة عدم الاستقرار والمستمرة لحد الآن، وهكذا كان خيار الشعب المصري تأيد ثوار 23 تموز (يوليو) خيارا انتحاريا ظل الشعب المصري يدفع ثمنه لحد الآن. ومع كل ذلك، ليس أمامنا إلا أن نتحكم إلى صناديق الاقتراع، لكي نحدد من الفائز، الشعب اختار وعلينا التسليم باختياره، وعلى شعبنا تحمل مسؤولية اختياره، بالمراقبة وبالنقد وبالنصح.
مساء يوم الأحد 7 آذار انتهت مرحلة ولتبدأ مرحلة جديدة، في حياة شعبنا وفي حياة مؤسساتنا السياسية أيضا. في حياة شعبنا لأنه سيعود إلى عمله وإلى هدوءه هذا إذا كان أصلا منشغلا بالمعارك التي انشغلنا بها، ومؤسساتنا عليها أن تبدأ من جديد، عليها أن تنفض عن نفسها غبار المعارك، وما تعلق بها من أدران الانتخابات وأن تعود إلى الخطاب الصافي والخالي من التضخيم والتكبر والزهو الفارغ وروح الانتصار على الآخر من بني جلدتنا. هناك من دخل الانتخابات ومعه الأموال والإعلام الفضائي وهناك من دخلها وليس معه غير شرو نقير أو  لقاء هنا أو هناك، أو ورقة تنشر. ولكن مع كل ذلك يجب أن يكون موقفا واضحا في تهنئة الفائز أي كان، فالفائز هذه المرة يمثلنا مسيحيا أو قوميا أو أي شيء آخر لأنه أتى من الكوتا مهما كان رأينا بهذه الكوتة وبتسميتها، وكذلك يجب علينا تهنئة أبناء شعبنا ممن سيفوزون في القوائم الأخرى، وأن نعمل معهم من أجل تطوير القوانين لأجل الحصول على ما يمكن الحصول عليه من الحقوق لشعبنا.
إذا لا بد أن يكون هناك منتصر ومهزوم، أو غالب ومغلوب، في الانتخابات، لأنه ليس من المعقول أن ينجح الكل، ولعل هذه الحقيقة تعني للفائزين أنه يمكن أن يأتي يوم ويكونوا هم الخاسرين، وعليهم أن لا يغيبوها عن بالهم، ونرجو أن يكتب كل من فاز هذه الحكمة ويضعها على طاولته وهي لو دامت لغيرك لما وصلت لك.
اليوم وبكل المعايير فإن شعبنا وبكل المقاييس اختار الاتجاه الوحدوي، وعلى الجميع العمل من أجل ترسيخ هذا الاتجاه وتطويره ودعمه، لأنه خيار الحقيقة والمستقبل، وبهذا فإن شعبنا أثبت أنه وفي لتاريخه ولمستقبله، وان وحدته أعمق من كل عوامل النخر التي زرعت بين أبناءه، وهذه خطوة أخرى نرجو أن يعيها من يريد بشعبنا السوء والتشرذم.
اليوم أن كنا نعمل من أجل شعبنا، فعلينا التخلي عن الخطاب التخويني الذي يطلقه البعض، لأهداف حزبية أو آنية، أن اليوم مطلوب منا أن نبني أواصر الوحدة والتقارب بين أبناء تنظيماتنا السياسية لأنها كلها أبناء بررة للحركة القومية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري، هذه الحركة التي برزت منذ منتصف القرن التاسع عشر وقدمت مئات الآلاف من الشهداء على منبر تحقيق أهداف الأمة. إن الشعب قال كلمته لأجل الوحدة، فكم بالأحرى الأمر مطلوب من قبل تنظيماتنا السياسية لكي ترد الجميل لهذا الشعب.  إن الخطاب التخويني قد خلق هوة كبيرة بين القوى السياسية لشعبنا، والذي ابتداء بهذا الخطاب معروف، ولكن النوم في ما حدث في الماضي أيضا يعتبر نوع من إبقاء الحالة الغير المنطقية لشعب يكاد أن ينتهي من الوطن، يسير نحو الهاوية التي تكاد أن تلغي وجوده. فهل من المعقول أن يكون هذا مصير شعبنا ومن يقول إنه يعمل من أجل الشعب، ملتهي بصراعات ثانوية وغبية ومهلكة. حق لفائز أن يفرح، لان أداءه كان جيدا ، ولكن الفرح شيء واعتبار الخاسر أنه خارج الشعب شيء آخر، وهذا أثبتته الأيام والسنين الماضية، وكلنا شهود عليها. إذا على الفائزين مد يد التعاون والعمل المشترك والحوار أولا مع الآخرين من أبناء شعبنا، لكي يكونوا دعما لقوى الشعب بالرأي والنصيحة، ولكي يؤمنوا أن صوتهم مسموع، عكس السنوات الماضية، والتي كل واحد قبع في برجه الخاص ومن هناك كان يتكلم باسم الشعب والشعب عنه بعيد، وبعد ذلك مع الآخرين من أبناء العراق.
النسبة المنخفضة لادلآنا بالأصوات، تعني إما أن أبناء شعبنا بغالبيتهم غير مقتنعين بنا كسياسيين أو أنهم بكل بساطة لم يعد الأمر يعنيهم، وفي كلا الحالتين فشعبنا هو الخاسر، لأن أكثر من نصفه خارج المعادلة السياسية، وهذا النصف كان يمكن أن يصنع المعجزات لو تمكنا من أن نجعله يضع جهده وإمكانياته مع الآخرين. إذا لنفتش عن الأسباب، وهذا من مهام مراكز البحث والكوادر العليا من أحزابنا، عليهم معرفة أسباب تخلف أكثر من نصف شعبنا عن دعمنا، لأنه أمر مهم لتدارك الوضع المتدهور.
مرة أخرى وقبل إعلان النتائج، مبروك للفائزين من أبناء شعبنا بعضوية البرلمان العراقي، سواء كانوا ضمن الكوتة أو خارجها، ونتمنى من الجميع أن يعملوا وكأنهم في خلية نحل واحدة، لأجل تحقيق أماني الشعب وضمان مستقبل أبناءه والحفاظ على هويته، ولكن كل ذلك لن يتحقق دون أن يكون هناك شيء اسمه الحوار، فهل سنشهد بعد هذه الانتخابات حوارا حقيقيا بين كل قوانا السياسية وخارج إطار الاشتراطات الغبية والتي لا معنى لها في واقع اليوم.



ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ