المحرر موضوع: هل ان الديمقراطية سلاح ذو حدين  (زيارة 1413 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل al8oshi 62

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 12
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل ان الديمقراطية سلاح ذو حدين ؟

جمال جرجيس لاسو / القوش
jamal_lasso@yahoo.com

لنسمح لأنفسنا أن نسأل السؤال التالي: ـ
هل إن أكثرية الشعب وبالتحديد العامة منه يفهم أو يعطي هذا المصطلح سواء أكان معنى الكلمة الحرفي والشمولي أو تطبيقاته اليومية على ارض الواقع ؟
للوهلة الأولى يبدو الجواب على مثل هذا السؤال ((نعم)) ولكن .... لو حاولنا أن نجري دراسة عملية دقيقة لاكتشفنا إن الغالبية العظمى من العامة تر سخت في أذهانها مفاهيم خاطئة أو ناقصة عن الديمقراطية وهذا متأتي من قصور الوعي الثقافي والسياسي والفكري .
والآن لنسال سؤالا آخر وهو هل أن الديمقراطية بعد أن نتعرف على معناها وتطبيقاتها تصلح في كل زمان ومكان وعلى جميع الشعوب والأمم والأقوام ؟
سنقوم بالرد على هذا السؤال بعد أن نوضح معنى الديمقراطية وبحسب ما جاء تفسير معناها في الموسوعة السياسية والقاموس السياسي . (( هي كلمة لاتينية ومعناها حكم الشعب )) أما المفهوم الواسع لهذا المصطلح هو ترسيخ العدالة وسيادة القانون والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات مع حرية التعبير والرأي واختيار المعتقد وبالإضافة إلى شمولها كل المفردات الحياتية .
لنرجع إلى سؤال هل الديمقراطية تصلح في جميع الحالات كأسلوب للحياة ؟
قد تستطيع أن تقول نعم ولكن ... الديمقراطية كتطبيق جماعي تعتبر من أرقى الأساليب التي بلغها التطور الحضاري وهي أسلوب علمي في تطبيق النظريات التي توصل إليها البشر في تنظيم أسلوب حياتهم ، فتستطيع القول أن الديمقراطية هي الأسلوب الامثل في زمن الكومبيوتر والانترنيت والطريقة المثلى لإدارة المجتمع سياسيا واقتصاديا وعلميا واجتماعيا وخاصة في زمن تطور ونضوج الوعي الفكري لدى قسم من شرائح المجتمع وليس كل المجتمع فلا زال التخلف يطغي على السواد الأعظم من العامة فهو لا يعي مفهوم الديمقراطية بشكلها الصحيح بل يذهب آخرون إلى ابعد من ذلك في الممارسات اليومية ، فنرى أن إنسان الشارع يحاول ممارسة الفوضوية مدعيا أنها حرية وديمقراطية وقد يتجاوز على حقوق الآخرين بل ويتعدى عليهم في كثير من الأحيان .
من هذا المنطلق نستنتج إن التطور الحضاري والاجتماعي يتحول إلى تخلف والعودة إلى حياة الغابة ( القوي يأكل أو يفترس الضعيف ) وهنا أستطيع أن أسوق أمثلة عديدة نراها ونلمسها في واقعنا الحالي منها :
أن احدهم يتجاوز على حقوق الآخرين في استخدام الشارع أو الزقاق فهو عندما يهم بترميم داره يسد الشارع أو الزقاق بوضع مواد البناء كيفما اتفق مبررا ذلك بأنها حرية وديمقراطية ، كأنه يمتلك ذلك دون الآخرين ، والبعض يقوم بتربية الماشية في المناطق السكنية ( الحضرية ) متجاوزين جميع الأعراف ومتناسين التأثيرات السلبية على البيئة والصحة العامة بحجة الحرية والديمقراطية ... هذا غيض من فيض عن الممارسات الخاطئة في الحياة اليومية للأفراد .
قد يقول قائل إن مثل هذه الأمور الحاصلة غير مؤثرة أو هي تجاوزات بسيطة ، ولكن لنحاول أن نفهم إنها نتيجة قصور الوعي الفكري لدى مثل هؤلاء وستتسع باتجاهين الأول سيحاول بل سيزاد عليهم مقلدين آخرين تشبها أو عنادا أو تقليدا وستعم الفوضى ، والاتجاه الآخر هو اتساع نطاق مثل هذه التجاوزات التي يعتبرونها بسيطة لتشمل جوانب أخرى عديدة قد تصل إلى تجاوز القانون والإساءة إلى الضمير الإنساني والأخلاقي وتصل إلى الاعتداءات المبطنة ضد المعتقدات ومنها ينشا صراعات تكون في بداياتها بين أفراد إلى أن تتسع لتشمل الفئات والشرائح الكبيرة وبالتالي تكون هي نواة لنشوء صراعات عرقية وطائفية ودينية ومذهبية فنتحول إلى حياة الغابة ومن يمتلك الحيلة والقوة فهو الذي يستأثر بسلطة ملك الغابة والذي لا قانون يحد من سلطاته ولا شريعة سماوية أو أرضية ، ولنؤكد إن السبب في مثل هذه النتيجة هو الفهم الخاطئ لمصطلح الديمقراطية ...
وإذا أردنا والخيرين من المجتمع تلافي حصول مثل هذا الأمر وجب علينا أن نوضح ونفسر لقصيري النظر والباقين من الشرائح الاجتماعية البسيطة المتخلفة إن الديمقراطية ليست حرية مطلقة بل هنالك حدود تقف عندها في الممارسة والتطبيق العملي ، والديمقراطية هي صيانة واحترام حقوق الآخرين مثلما هي حرية الرأي ، لذا وجب علينا تقبل الرأي الآخر واحترامه فمثلما نحب لأنفسنا وجب علينا أن ندع الآخرين يمتلكون ونسعى لإفهام الآخرين أن الحرية والديمقراطية هي بالضد من الإباحية والفوضوية ، ونسعى لجعل الآخرين أن يفهموا بان الحرية والديمقراطية الصحيحة هي سلاح البشرية في تنظيم الحياة والسير بشكل يهدف إلى خدمة جميع أفراد المجتمع بدون استثناء . وبالتالي لزم علينا أن نمارس الديمقراطية في حياتنا اليومية وحتى على مستوى الفرد الواحد وكأنها سلاح ذو حد واحد وهو حد التقدم والرقي وليس سلاح ذو حدين .
من كل ما تقدم نستطيع أن نقول إن الديمقراطية تصلح للممارسة في زمان معين وليس في جميع الأوقات وتصلح للممارسة في مجتمع متحضر ومتطور وليست السبيل الامثل للممارسة في مجتمع اغلب شرائحه تمتلك قصور في الوعي الفكري والاجتماعي ........... الخ
لذا وجب الارتقاء بهكذا مجتمع وإيصاله إلى مصاف المجتمعات الراقية والمتحضرة ومن ثم العمل على تطبيق مبادئ الديمقراطية فيه وبالتالي نمحوا الحد الآخر والسلبي لسلاح الديمقراطية فيقوى الحد الايجابي لها والذي هو حدا يرتقي بالحياة البشرية إلى فوق وبالتالي تطغي الممارسات الإنسانية بمعناها الصحيح على حياة المجتمع وتبني العلاقات بين الأفراد وعلى أسس الاحترام والمحبة والسلام والإخاء والديمقراطية الصحيحة .
جمال جرجيس لاسو /القوش 2006