المحرر موضوع: أهم شي عند الانسان هو السلام الداخلي !  (زيارة 2944 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ash19713839

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 686
  • الجنس: ذكر
  • الايمان بل العمل خير من المواعظ الكاذبة ‎- ويليام
    • رقم ICQ - 2102284822
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • www.ankawa.com
    • البريد الالكتروني
لقد كنتُ مفتوناً بفكرة السلام العالمي ، إنها فكرة عظيمة وعندما بدأت بالسفر حول العالم و لقاء الناس وجدت أنه لا يوجد شيء مادي ملموس يمكن أن يُطلَق عليه اسم (سلام )، ليس العالم هو الذي يحتاج لأن يكون مستقراً وثابتاً بل الناس .
عندما يكون الناس في سلام داخلي سيكون هناك سلام عالمي . في الوقت الحاضر لا يزال الناس ميالين للحرب .

تبدأ الحرب بالرفض و الاستنكار ، فريق يقرر أن أسبابه أعظم و الفريق الآخر أسبابه غير موجودة  و تتعاظم الأسباب بينما يتضاءل الإنسان ليصبح لاشيء . يحارب الناس لأنهم يعطون لأسبابهم شرعيّة أكثر من حياة الناس . و في تبريراتهم يقلّلون من قيمة حياة الإنسان . و عندما ظهرت فكرة أن الحرب أهم من حياة الإنسان انقلب الميزان  و مازال الأمر مستمراً نحو الأسوأ .
يحارب الناس عندما يعجزون عن إدراك غاية الحياة ، لأننا في الحرب نبدد الحياة ، الحرب لا توجد فقط في ساحة المعركة ، في البيت و بدون حرب نحن نبدد الحياة ، وتبدو الحرب الخارجية أليفة بالمقارنة مع ثورة المعركة في داخل الإنسان ، في هذه المعركة تُهدَر الأعمار و يُضَحّى بأثمن اللحظات . المعركة الداخلية هي المعركة الكبرى . نحن بحاجة لأن نكون في سلام مع أنفسنا لأن قسماً كبيراً من الإنسان دُمِّر في ساحة معركته الخاصة .

 القلق الداخلي يبعدنا عن الوصول للسلام الحقيقي ، و ستبقى دائماً الحرب الخارجية طالما لا يوجد سلام في داخل النفس . التعب الجسدي بالتأكيد سيجلب البؤس و الألم ، لكن التعاسة التي تأتي من تعب القلب أسوأ بكثير ، إنها من الأشياء الأكثر تعاسة ولا زال القلب يتحملها منذ زمن طويل.  كل واحد منا لديه سارق خفي يتبعنا أينما ذهبنا ، ماذا يفعل هذا السارق ؟ إنه يسرقنا ، لا يمنعه شيء لا الأقفال و لا الأبواب و لا أجراس الإنذار . هذا السارق لا يأخذ المال أو الملابس ، إنه يسلبنا أثمن ذُخرٍ نملكه ، إنه يسرق الفرح و السلام و الرضا . يسرق إدراكنا و يسلبنا ما هو أهم بكثير من أي شيء آخر.

 عندما نقول " أريد السلام في حياتي ..لكني سأعمل على تحقيق ذلك فيما بعد " نعطي الإذن لذلك السارق الخفي أن يدخل، هذه هي الإشارة التي يريدها ، كل ما يريد سماعه " ليس الآن " و يقول السارق عندها " يوجد من يمكنني أن أسرقه لأنه لا يحمي جوهرته الثمينة ، إنه يبددها ، يرميها " .
وفي تلك اللحظة نكون قد سُلِبنا أهم شيء بالنسبة لنا.

داخل كلٍّ منا شيء ما يتوق للسلام . في أوقات الفوضى و الاختلال هناك شوق للسلام . عند وجود الشك هناك شوق للثقة ،عند الألم شيء داخلي يبحث عن ومضة أمل .

الإنسان يحتاج للحب لأنه يشعر بالحب ، و السؤال : ما الذي يمكن أن يكون مصدر هذا الحب ؟

 الإنسان يحتاج للثقة،  لكن ما الذي سيكون مصدراً لهذه الثقة ؟ وهل هو أهل للثقة يمكن أن يوثَق به ،هذا يعطي الدعم الذي يحتاجه المرء في حياته ، بشكل مماثل .

 لا شك أن الإنسان يحتاج للسلام . في الحقيقة ما يمكن للمرء أن يفعله في هذا الأمر قليل جداً . إنه العطش الفطري المتأصل في كل إنسان . السؤال : ما الذي سيكون مصدراً لهذا السلام ؟

السلام ليس ضرورياً في الفكر إنه ضروري في القلب ، العقل و الإدراك لا يمكنهم انتزاع السلام ، إن لهما دوراً مختلفاً .

السلام و الفرح  والسعادة الحقيقية ، ليست موضوعات خاضعة للتفكير ، إنها أمورٌ تُحَسّ .

هناك شعور خلف وجودك على قيد الحياة ليس له أي تفسير . إنه الشعور الذي يجب على الإنسان أن يصل إليه حيث توجد الراحة ، هناك حيث الفرح و حيث يوجد الرضا .

إنه ذلك الشعور الذي نحتاجه لنعيش حياتنا . نعتقد أننا بحاجة لشرح ما هو السلام ، لكن السلام لا يمكن أن يُشرَح ، إنه فقط يُحَسّ .

الرضا شعور، عندما نرضى شيء ما بداخلنا يقول " نعم أنا راضٍ ، مُكتَفٍ " . بالنسبة للعطشان ، حتى لو رأى ألف شخص يشربون الماء لن ينفعه ذلك بشيء ، لن ينفعه إلاّ أن يشرب الماء بنفسه .

أين نجد السلام ؟

إنه بداخل كل فرد " أريد السلام في حياتي المجتمع لا يملك السلام ، المجتمع غير موجود , لا يوجد سوى الناس ، السلام بسيط يشعره الفرد و لا يحتاج لأخذ وصفات جاهزة أو صيغ لإيجاده .

ما أتحدث عنه هو السلام الداخلي ، سلامي ، و ليس السلام في الخارج . يعتقد كثير من الناس أن السلام سيأتي عندما يسيطرون على كل عنصر من عناصر حياتهم ، هذا لن يحدث ، إنه ليس في متناول يديهم ، ليس في متناول أي شخص أن يدرك وأن يتحكم بكل شيء ، كل ما أستطيع أن أفعله هو أن أفهم نفسي .

ابحث عن السلام في الداخل ، حتى لو انتهت كل الحروب ، طالما أن الحرب بداخلنا ما تزال مستمرة فلن نكون في سلام . إذا كنا في سلام مع أنفسنا عندها لن يعنينا إذا كانت الحرب في الخارج مستمرة .

السلام الداخلي ليس شيئاً يمكن اختلاقه أو اختراعه ، إنها عملية كشف و إظهار للسلام الموجود فينا أصلاً . كل إنسان يملك شيئاً رائعاً في الداخل ، بداخل كل إنسان جمالٌ عظيم ، بداخل كل إنسان سلام و فرح وشعور في القلب . الحياة هبة و نعمة و علينا أن نفتح نوافذ الفهم لنصل إلى الاكتفاء، كلُّ إنسانٍ
كاملٌ بذاته ، وداخل كل واحد منا تُشِعُّ شمسٌ مشرقة .


اشوريونان داود
Ashur younan dawood
Master of Philosophy and Theology
Oceania\ NZ
ashuryounan@yahoo.com
خدمة ابناء شعبنا العزيز هي المهم وليس المجد الباطل والتاج الناقص
Service of our dear people is important, and not false glory and the crown missing