سَقَط َ ناضجاً
امير بولص ابراهيم
تلاطم زعق سيارة الإسعاف مع مزامير المركبات الأخرى في الطريق نحو المشفى .. الزحام شديد والحرارة تعدت الخمسون درجة مئوية تحت الشمس .. الإسفلت يزداد سرابا ً لحرارته التي تحرق الأقدام..وعند وصولها بداية احد جسور المدينة توقفت سيارة الإسعاف تلك ..
- الجسر مغلق للاشتباه بمركبة مفخخة على الجانب الآخر..
هذا ما كان مكبر الصوت لسيارة الشرطة يُعلنه محذراً الجميع من ذلك
يمتعض سائق الإسعاف ليبدل خط سيره ِ نحو طريق آخر للوصول بمريضته التي تعاني أوجاع الطلق للمرة الأولى ..أنينها من فرط وجعها فاق أصواتا ً تتتهالك فوق الإسفلت الذي تتموج عليه آهات المارة ..
سألتها مرافقتها الممرضة
- أهذه أوجاعك الأولى ؟
- نعم
- زوجك ..أين زوجك
- هاجر البلد باحثا ً عن ملاذ ٍ آمن خارجا ً ليحقق حلمه
تصمت الاثنتان على كبح فرامل سيارة الإسعاف ..هذه المرة وقفت السيارة نتيجة لغلق الطريق لحين مرور موكب مسؤول مهم في الدولة ...حاول سائق السيارة التخلص من ذلك الموقف لكنه حوصر بعدد من السيارات فأصبح لا حول له ولا قوة للانتظار حتى يمر السيد المسؤول المهم .. طال الانتظار لتزداد معه أوجاعها.. وقت حرج على كل من يستقل تلك الإسعاف .. بدأت المركبات بالسير تدريجيا نحو أهدافها .. دارت عجلات الإسعاف لتنطلق نحو المشفى
عابرة جسرا ً آخر للمدينة التي تفتخر بجسورها الرابضة فوق نهرها الخالد الذي تغنى به الشعراء وبجانبيها المتحابين على مر الزمن .. لحظات على عبورها .. ارتجت سيارة الإسعاف ..فقد انفجرت على مسافة قصيرة منها مركبة مفخخة .. صرخت صرخة مدوية ماثلت صرخة الانفجار صوتا ..أحست إن شيئا ً ما سَقَط َ منها , رفعت رأسها نحو قدميها كان جنينها قطعة من اللحم هامدة دون أن يطلق صرخته في استقبال عالمه القادم إليه من أحشائها أجهشت بالبكاء ..متجهة ً بنظرها نحو ممرضتها التي فقدت وعيها لارتطام رأسها بجسم السيارة ..أدارت نظرها نحو الزجاج الخلفي للسيارة كانت الرؤية تنقل لها .. دخان اسود يُّلَوَّن َ السماء وصفارات مختلفة تتصادم في الصخب الناتج عن الانفجار ودماء تعانق الإسفلت المغلي فتلتهب لتتبخر في طريقها نحو السماء مع أرواحها ..
برطلة – تموز 2010