المحرر موضوع: رسالة مفتوحة من مغترب ... لعنكاوا الحبيبة . / الجزء الثاني  (زيارة 1299 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل BASIM DKHUKA

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 397
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                              رسالة مفتوحة من مغترب ... لعنكاوا الحبيبة .
  
 باسم دخوكة                  
                                                             "  الجزء الثاني  "

غريبة أن تحتفظ سيدتي عنكاوا بجمالها , ما زالت تبدو و كأنها بالعشرين , بالرغم من ذلك الحزن الذي يمكنك أن تلمحه في عينيها .
ما زالت تحتفظ بذلك الحب الكبير لكل من وطىء بقدمه على أرضها .
وما زالت تستقبل القادمين , و كأن جميع البشر هم أبنائها .
وما زالت تطلب ممن هم من رحمها نكران الذات , و الترحيب بكل قادم جديد ليكون ( أخا ً يشاركهم أمومتها ) .

عنكاوا..

التي مرت بكل العصور المظلمة و  بكل حقبات حكم الطغات لم يستطيع أحدهم أن ينال منها , ولا من أبنائها . قدمت الكثير من التضحيات و أبنائها لم يتخلوا عنها , منهم من قدم نفسه نذرا للحرية , و منهم من إختار من صخور الجبال مسكن و دربا ً للنضال , ومن بقى لم يرضى الركوع والخضوع , فقد حافظ على أن تبقى عنكاوا و على مر الزمان   ملكا ً لأبنائها .

عنكاوا ..

قد وهبت أغلى ما عندها , وعشق أهلها لها كان دوما أكبر من معاناتهم و تضحياتهم وأنفسهم , ولم يخذلها إلا القلة... القليل من أبنائها ,القلة الذين كانوا .. لا يتعدون أصابع اليدين  ..
و اليوم قد قطع البعض جسدها إربا ً.. إربا ً ..
تحولت الكثير من أراضيها الخصبة الى مشاريع بات يتاجَر بها , والمؤلم  إن قسم من هؤلاء التجار , هم من أبنائها .
فلن ترى الحقول كما كنت تراها , و لن تمشي مرحا ً بين حقول الحنطة والشعير كما كنت تفعلها . لن تستمع لزغردة العصافير كل صباح كما كنت تستمع اليها . كل شيء تحول الى البنيان و المزارع تحولت الى أراضي سكنية ومشاريع عمرانية .. أما الدولة أو السلطة فتأخذ الأراضي الزراعية و تعوض أصحابها وفق قانون  ( إذا تريد أرنب أخذ أرنب , وإذا تريد غزال أخذ أرنب  ) .
هكذا باتت عنكاوا التي عرفناها أنا وأنت , هي مجرد حلم عشناه , و في الواقع كم من مرة تهنا ونحن نستكشف عنكاوا الحديثة ..
وهذا بات مخيف لي ولغيري ممن هم أبناء هذه القرية الغالية ..
بات مخيفا ً .. لكون كل المساحات أستغلت , و لم يبقى هنالك الا ما لا يمت بصلة لعنكاوا .
بات مخيفا ً لكونها أرض أجدادنا الذين لم يفرطوا يوما ً ولا بشبر منها .
بات مخيفا ً .. إن من قام و يقوم بتوزيع تلك الأراضي لا يعرف إنه  يقوم بدور (من لا يملك يعطي لمن لا يستحق )   .
و المحاكم تشهد قضايا إختصاب أراضي من أصحابها , تقشعر لها  الأبدان .
وحينما تتسائل : من المسؤول .. فالكل يبرىء نفسه من ( دم يوسف ) و أولهم السادة المسؤلين سواء في بلدية عنكاوا أو مديرية ناحية عنكاوا ! وأما تلك الشخصية الكبيرة التي لمع نجمها في مرحلة ما , فتصرف بالكثير من أراضي عنكاوا , و كأنه هو من يملكها .

فيا سادتي ..

نحن لا نحلم بالمستحيل ,  لكننا نؤمن بأننا  قادرون على عمل الممكن الذي نؤمن به   ..
قادرون أن نكون جزء من الكل , و ليس ذلك الجزء الذي يستغله الكل .
قادرون أن نعيش مرفوعي الرأس , لما نفعله لأنفسنا و أهلنا و ألأخرين الذين هم من أبناء جلدتنا .
في أي موقع كنا ..
مسؤلين في مراكز كبيرة ,
سياسين في مواقع مهمة ,
مثقفين , أصحاب قلم و فكر,
عمال نؤدي واجبات ملقات على عاتقنا ,
يجب أن نحافظ على ما تبقى من عنكاوا ... يجب علينا أن نفعل هذا لأجل عنكاوا و لأجل غدنا و إلا سوف يأتي يوم ...

قد لا يبقى منها إلا إسمها , و ما نخشاه أن لا يبقى هو أيضا ً إلا في قلوب و ذاكرة محبيها .


للاطلاع على الجزء الاول من المقال:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,433860.msg4752308.html#msg4752308


dkhuka@hotmail.com