إبداع عراقي في المهجر
فرقة "ميزوبوتاميا" الموسيقية
حوار والتحقيق
الإعلامي: ظافر نوح
كثيرا ما نعتقد بان مجرد الوصول إلى احد بلاد المهجر في الغرب سينتظرك هناك الكثير ومنها التعرف على نمط المجتمع وسلوكياته ونظامه الاجتماعي وايظا التفكير في مجريات ومتطلبات الحياة اليومية ومنها إيجاد العمل لتوفير الاحتياجات الأساسية للعيش، ولكن قلما نسمع بأشخاص حتى المبدعين منهم وصلوه إلى بلاد المهجر وبدء في البحث عن كيفية إيجاد السبل لتطوير مهارتهم ومواهبهم الفنية والرياضية والأدبية معتمدين على مؤسسات تشجعيه ذات الاختصاص ترعى وتهتم بتطوير المواهب والنشاطات بل وحتى الهوايات فهذا الشخص إضافة إلى عمله الأساسي في توفير لقمة العيش سيتحمل الجهد من اجل الاستمرار في صقل موهبته وفنه ويسرع ليواكب التقدم التقني والفني على كل المستويات الثقافية والأدبية والفنية. فكم هناك من الموهوبين جرفتهم مقتضيات رمق العيش والروتين فذهب إلى الانشغال ونسيان موهبته وحتى هوايته وكم من أشخاص حصلوا على الشهادات العليا في اختصاصات فنية وعلمية ولكن أصبحت شهادته معلقة على الحائط كديكور لان تلك الدولة لم تعترف بها ولا في اختصاصه. ان موضوع هذا التحقيق يسلط الضوء على نخبة من الشباب العراقي المغترب دفعهم حبهم لموهبتهم الفنية وقادهم الحنين والتمسك والتجذر لااصالة الفن العراقي وأن يحول تجمعهم إلى فريق موسيقي فني وفتي في المهجر وبالتحديد في مدينة ملبورن- استراليا، وأن يتغنى ويفتخر تحت اسم الميزوبوتاميا أي (بين النهرين) وليكون بمثابة سفارة للفن وللموسيقى العراقية الأصيلة ورغبتهم في إيصال جمالية هذا الفن الرائع. صاحب فكرة هذا مشروع هو الفنان رائد عزيز العمران من مواليد 1973 الموصل حاصل على شهادة البكالوريوس في عام 1996 وشهادة الماجستير في عام 2004 من كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد وعضو في نقابة الفنانين العراقيين – ونقابة فنانين كردستان له العديد من المقالات منشورة في المجلات وعلى مواقع الانترنت وألقى المحاضرات عن موضوع "الموسيقى الكنسية". ونشر عدة الحان كنسية عربية وكلدانية. أقام العديد من الأمسيات الموسيقية الدينية والفنية. – القى الدروس في كلية الفنون الجميلة في بغداد قسم الموسيقى. وفي معهد الفنون الجميلة قسم الموسيقى في الموصل وله العديد من المشاركات الفنية مع الفرق الموسيقية الاسترالية. أراد من خلال تشكيله هذا الفريق أن ينقل حبة وتمسكه للفن العراقي المعروف بنكهته الأصيلة والذي يحمل في طياته رسالة هدفها التواصل والحوار بين أنواع الثقافة ومن بينها الفن بين الشرق والغرب .(ظافر)ماهي فكرة تأسيس فرقة ميزوبوتاميا؟ في حديث مع الفنان رائد عزيز مسوؤل ومؤسس هذا الفرقة الموسيقية عبر المحادثة الكترونية قال : " بعد ان وصلت إلى استراليا كان في تفكيري الكثير من التساؤلات والتطلعات ولم أكن أعرف بالضبط كيف ستجري الأمور هنا وكيف سيكون نمط حياتي مع حياة الغربة وبعد فترة من التعايش مع الواقع الجديد، أخذت الأمور تتضح شيئا فشيئا وبدأتُ البحث عن كيفية تحقيق مشروعي وهو فرقة موسيقية عراقية وبدأت اطرح الفكرة على الشباب الموسيقيين الذين تعرفت عليهم وطلبت منهم التعاون معي لتشكيل فرقتنا على أسس منهجية وأكاديمية هدفها أن تقدم عروض موسيقية من الفن العراقي الأصيل إلى جاليتنا والمجتمع الغربي هناك. وفي عام 2006 تأسست الفرقة رسميا في مدينة مالبورون- استراليا وكانت من أهم المشاكل التي واجهت تأسيس الفرقة هي عدم وجود أشخاص موسيقيين أكاديميين فغالبية من هم هنا هم من الهواة ويعزفون في فرق لااحياء حفلات الأعراس والمناسبات الدينية الاجتماعية، وهذا كان بالنسبة لي تحدي فيجب أن أعمل على طرح فكرة الفن من أجل الفن فتم اختيار الأشخاص الذين لديهم رغبة صادقة في تطوير موهبتهم في العمل والتقدم والتعلم فبدأ العمل شيئا فشيئا واستطعنا أن نقدم بعض ألأمسيات والعروض الموسيقية خاصة بنا، وكان الناس يأتون لسماعنا وقد قدمنا عرض موسيقي على مسرح راقي جدا وهو (داربن أرت سنتر) وكان تقديمنا على هذا المسرح خطوة جيدة ودافعا قويا بالنسبة لنا.
هل لفرقة إسهام و تواصل مع مايجري في بلدنا المتألم وخصوصا انها تحمل اسمة التاريخي "بين النهرين؟" بعد أن قررنا تسجيل اسم الفريق رسميا ب"ميزوبوتاميا" ويعني (ما بين النهرين) كان الهدف هو أن نحكي لهذا المجتمع في الغرب من خلال هذا الاسم حكاية هذا البلد القديم والعريق بحضاراته وإنجازاته فهو مهد الحضارة في اكتشاف وتعلم القراءة والكتابة وسن القوانين واختراع الفنون بأنواعها وحتى في صنع الآلات الموسيقية ويعرف الجميع "القيثارة السومرية" فهي نموذج حي في العلوم والآداب. لقد قمنا بآلاتنا الموسيقية البسيطة في المشاركة في الاحتفالات والمناسبات الوطنية هنا في مالبورون وأصبحنا معروفين عند الجميع. وقد حققنا من خلال هذا الحضور المميز شهادة فخرية وتشجيعية لنا جميعا ولبلدنا العراق. إننا الآن في طور الاستعداد والتهيئة لتقديم عرض موسيقي خيري كبير يخصص ريعه لمساعدة العوائل من الأرامل والأيتام في بلدنا العراق المتألم وذلك بالتعاون والتنسيق مع جمعية مار منصور الخيرية في العراق وهي جمعية كنسية وكاثوليكية عالمية. والجدير بالذكر إني من احد المؤسسين لهذا الجمعية في العراق منذ عام 2004. وعن طريق إقامة الأمسيات الموسيقية البغدادية والموصلية المعروفة بنكتها الفنية الرائعة والتي واكبت أجيال عديدة إذ كان يحضر هذه الأمسيات قديما في بغداد أشخاص وعوائل من كل ألأطياف والطوائف والقوميات شعبنا العراقي اذ كانت تجمعهم روح الفرح والاستماع إلى تلك الحان والكلمات البغدادية والموصلية كما نقوم حاليا بتسجيل أعمالنا الموسيقية وتوثيقها ومن ثم سنقوم بتوزيعها وتسويقها عبر وسائل الإعلام المتنوعة.
ماهو تأثير الموسيقى في تحديد العلاقة بين الشرق والغرب؟ إذا كان أهل العلم من باحثين ومؤرخين قد اختلفوا في تحديد مكان وزمان ولادة الموسيقى، فان كل الناس تتفق على أن الموسيقى هي جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان أينما كان على سطح الكرة الأرضية في سهولها وجبالها ووديانها وبحارها. ووفقا لنظرية أفلاطون، نجد أن الموسيقى قد خدمت البشرية في تحقيق الوحدة بين أحاسيس البشر، ومختلف عناصر الحياة في المجتمع الواحد وبين المجتمعات المختلفة، وتمكنت من التعبير عن الفرد وعن الجماعة في تنسيق الحياة. فالموسيقى هي لون من ألوان التعبير الإنساني وقد يعبر الإنسان من خلالها عن فرحه وآلامه لذلك فهي تحتل مكانة بارزة في حياة الإنسان بشكل عام ونراها في كثير من أموره الحياتية حيث تبقى ملاصقة له أينما ذهب نتيجة لذلك من الطبيعي جدا أن تحمل كل جالية قادمة إلى هذا البلد صفات بلدها الأم وعلى كل المستويات الفنية والثقافية والأدبية والسياسية... فتحدث عملية التلقيح الحضاري بين هذه الحضارات أو الثقافات الشرق والغرب. لتنتج في نتاجها وهدفها مزيج حضاري يغني البشرية بكل ما هو نافع وجميل. ونتيجة لهذا ظهرت لنا فكرة إنشاء وتأسيس فريق ميزوبوتاميا ليعبر من خلالها عن نمط الموسيقى الشرقية بمختلف أنواعها.
هل حققت "ميزوبوتاميا" هدفها؟ لقد خصصنا مواعيد أسبوعية نقوم بالتدريب المستمر لساعات طويلة وذلك لغرض تحقيق أهداف الفريق وهي:
- تقديم الموسيقى العراقية الأصيلة (غنائية كانت أم آلية) إلى المجتمع الغربي بأسلوب علمي وأكاديمي.
- تقديم أعمال موسيقية معاصرة بجهود فردية لمؤلفين وعازفين من شباب العراقي الموهوب.
- خلق أسلوب فني وموسيقي جديد يتضمن مزج الموسيقى الشرقية مع الموسيقى الغربية
وماهي أهم مشاركاتكم الفنية: لقد قمنا بإحياء حفلات في النادي اجتماعي تضمنت أمسيات تراثية عراقية (مقام عراقي)
والمشاركة في مهرجان تقيمه الجالية اللبنانية ووسط حضور كبير من المشاركين قدمنا مقطوعات موسيقية تعود للفنانين عراقيين مبدعين وكبار وهم الفنان جميل بشير والفنان منير بشير واخرين.
وقد قدمنا أمسيات موسيقية في عدة مناسبات دينية والمشاركة في مراسيم القداديس.
من هم أعضاء فرقة الميزوبوتاميا الموسيقية العراقية؟ تتكون الفرقة الموسيقية بقيادة الفنان رائد عزيز وبهمة وجهود أعضاء الفريق وهم كل من:
- زيد ساكو من مواليد 1989- الموصل. وهو يمارس موهبته الفنية منذ الطفولة حيث كان ميالا للعزف على الآلات الإيقاعية العربية. وبعد استقراره في استراليا اخذ يطور هذه الهواية حتى أتقن العزف عليها وأصبح من العازفين الجيدين.وشارك في العديد الأمسيات الموسيقية الناجحة.
- يوجين متي مواليد 1973- الموصل عازف إيقاع بدء العزف على الآلات الإيقاعية من الصغر حيث بقي ممارسا للعزف عليها كهواية فقط, من ثم طور مهارته وشارك في العديد من الأمسيات الموسيقية
- عادل يوخنا مواليد عام 1979 - الموصل. كانت بداياته الفنية في جوقة الكنيسة حيث مارس العزف والترتيل. ودرس آلة البيانو ودخل دورات خاصة لتعليم هذه الآلة، له مشاركات عديدة في الغناء والعزف الكنسي وقيادة الجوقات الكنيسة في الموصل وتركيا واستراليا.
- فراس أمير خيا من مواليد 1986- بغداد. مارس الغناء في بدايات حياته من خلال الحفلات المدرسية وتأثر بالموسيقى الكنسية واخذ يمارسها عزفا وإنشادا من خلال الجوقات الكنسية.
- سمير شوكت مواليد 1965.بدا العزف على آلة الكيتار منذ الصغر. وفي عمر الـ 16 سنة أسس فرقة غنائية موسيقية مع مجموعة من الشباب. كان عضوا في الفرقة الموسيقية في الجامعة التكنولوجيا في بغداد ومسؤول الشؤون الفنية في الجامعة. - كان عضوا في فرقة الرشيد الغنائية من ثم عضوا في فرقة "أورهي" في شمال العراق.
- توم توما مواليد 1973- بغداد . التحق بمدرسة الموسيقى والباليه عام 1979 ودرس لمدة 6 سنوات على آلة الكمان والعزف على آلة الطبلة والكيبورد وشارك بعدة أمسيات موسيقية كنسية - شارك في مهرجان غنائي عراقي مع المطربة العراقية المعروفة في المقام العراقي الفنانة فريدة وكان ذلك في مهرجان يقام في محافظة ادالايت وشارك فيه العديد من الفرق والعازفين من كل أنحاء العالم.
كما هناك شباب والشابات يشاركون كمنشدين في تقديم بعض الأمسيات الغنائية حيث نقدم بعض الأغاني الجميلة لفيروز ولصباح فخري وبعض الأغاني العراقية القديمة......الخ وهم: أيدن ساكو.و ديفيد داني ساكو ومريم مرقس وتارا شمعون واندرينا عزيز وهدير أبلحد
وفي الختام نتمنى تحقيق الازدهار والتقدم لكل المواهب والمبدعين العراقيين متمنين لهم أن يكونوا بمثابة سفراء لبلدهم العراق أينما حلو فيحملون في رسالتهم وفلسفتهم وفنهم وإبداعهم. هدايا تعبر عن خالص حبهم وتقديرهم لبلدهم وشعبهم العراق ودمتم للعراق ودام العراق لكم أينما كنتم.