المحرر موضوع: الى كل خطيب وخطيبة مع التحية  (زيارة 998 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عمانويل ريكاني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
    • مشاهدة الملف الشخصي
] إلى
كل خطيب وخطيبة..          
                      مع التحية 
       
     عمانوئيل يونان الريكاني
     
         
تعتبر الخطوبة محطة مهمة لقطار الحياة الزوجية ، فهي فترة التعارف والتنظيم الجيد والإعداد السليم قبل وضع حجر الأساس واللمسات الأولى لبناء العش الذهبي . لاسيما إن قطف الثمــــار الناضجة لهذا المشروع الحياتي الكبير يحتاج إلى قرار مصقول بوعي وحرية  ومسؤوليـــــــة، ومتبلور بإرادة قوية ورغبة صادقة وإيمان عميق .
إن الزواج مؤسسة إنسانية مبنية على الحب والتفاهم والانسجام . وعلينا ، قبل الانتماء إلى هذه المؤسسة كأعضاء دائمين فيها ، إن نفحص جهازنا النفسي العاطفي والوجـــــــداني ونتأكد من سلامته على العمل قبل الخوض في هذه المؤامرة الحياتية .
فالذي يريد إن يعبر النهر عليه التأكد من طاقته على العبور وإلا خانته قواه وشلت حركتــــــه وابتلعته المياه في نقطة معينة من خارطة النهر . ومثل العذارى العشر في الإنجيل يعكس لنـا هذه الحقيقة ، حيث إن الزيت أو المحبة أو الاحتياطي ضروري لتجاوز كل المشاكل التي تقلقنا ، ولتكملة مسيرة حياتنا الروحية والشخصية والاجتماعية . في هذا المقال منطلقات أساسية إلى كل المخطوبين والى كل شاب وشابة . نطهرها من النظرة المبتذلة والمفهوم السطحي ....... ونعمدها بروح المسيح .. ونعطرها بعبق الإنجيل كأسمى دستور للحياة .
                               الحب الحقيقي
الحب شعور إنساني نبيل وإحساس بشري دافئ يهب في سماء حياتنا لينشر فيها نسيمه العليل ويمنحها لذة الهدوء والراحة والطمأنينة بعد إزاحة عاصفة الأنانية والنرجسية منها . انه الحرف الأول والأخير في أبجدية إنسانيتنا ، والهواء النقي الذي لا تستطيع حياتنا الاستغناء عنه ، فهو لقاء شخصين وحربتين ، وامتزاج قلبين وروحين بدون ذوبان أو ابتلاع ، ولا استلاب أو استعباد . إن الحب يخترق حاجز الاستحقاق .. ويتخطى جدار الحقوق والواجبات .. ويتجاوز منطق "هات وخذ" ، لأنه قبول الأخر دون قيد أو شرط . فهو موجه إلى شخص المحبوب نفسه دون اعتبار اللون والشكل والصفات والسلوك . ويعلو على تحديدات مبدأ المنفعة السائد في كثير من العلاقات . فهو عطاء مطلق وتدفق مستمر لايكل أبدا من الغفران ولا يمل من التسامح. وكل حب لا يغفر باليوم سبعين مرة سبع مرات باليوم .. لا يستطيع إن يحيا ؛ لأنه ليس من الله ، ولان حب الله مجاني للبشر دون مقابل أو استحقاق منهم ، وهو منبع حبنا ومصدر حياتنا ، لأننا نحمل في ذواتنا قبس من هذا الحب الإلهي الذي هو النواة الأساسية لتعميق ذواتنا وتقديس نفوسنا .
                   
                     من منكم بلا خطيئة
من ناقل القول إن لكل شخص عقدة الشخصية التي ورثها منذ الطفولة أو اكتسبها في فترات لاحقة من العمر نتيجة أسلوب تربوي ما ؛ أو افرازات ثقافية واجتماعية معينة ،كالشعور بالنقص أو الشعور بالذنب أو حب التسلط .. وما إلى ذلك من العقد ، مما تترك بصماتها على الشخصية وترسم ملامحها في المستقبل ،أي بلغة الدين : " محكوم عليه بالخطيئة التي تعيق نموه الروحي والانساني " . لهذا يرفض يسوع أن ندين الآخرين ونحكم عليهم ، لأنه يعرف جيدا انه لا يوجد إنسان كامل ، إنما الكمال لله وحده ، ولان الدينونة تتعارض مع رو المحبة الأصلية ولا تتفق مع رحمة الله الواسعة .
يجب على المخطوبين ، قبل الدخول إلى العش الزوجي ، ومن خلال ممارسة النقد الذاتي ومواجهة النفس بثقة عالية وصدق وصراحة ، التحرر من الأحكام المسبقة والأفكار المتسلطة المعشعشة في رؤوسهم ، وعدم اللجوء إلى الأساليب الدفاعية ولبس الأقنعة في تعاملهم مع العض . فهذه الأدغال السامة إن لم يتم استئصالها من جذورها قد تعكر صفاء حياتهم وتنغص عيشتهم . وكما إن قطرة سم واحدة تسمم القدر له .. هكذا يمكن لإحدى هذه العقد النفسية إن تخنق أقوى المشاعر الإنسانية . فعلى سبيل المثال رجل يشعر بشيء من النفور والكراهية تجاه والدته التي كانت متسلطة على والده ، تتحكم في كل تفاصيل حياته من اختيار الملابس إلى نوع العمل ... الخ وعندما تزوج اسقط هذه الصورة على زوجته وحاول قلب المعادلة في السيطرة والتسلط على زوجته التي كانت هادئة ومتفتحة ، مما أدى إلى صدامات ومواجهات أفضت إلى توتر العلاقة بينهما نتيجة التعامل مع الفكرة المتسلطة وليس مع الواقع . وفي حالة أي انحرف من احد الأطراف عن مسار العلاقة الصحيحة .. فعلى الطرف الأخر التسلح بروح الحب والتسامح والاحترام لإنارة وتقوية الجوانب المظلمة والضعيفة في شخصية المقابل ، وان لا يكون دوره سلبيا ومتفرجا فقط ؛ أو هجوميا تهكميا يحاول التقليل من قيمة الأخر .. بل أن يغرز حب المسيح في صحراء حياته القاحلة لتحويلها إلى بستان جميل تنبت فيه ورود الحب والخير والسلام ليحيا حياة إنسانية ومسيحية كريمة . قد تكون المهمة صعبة وشاقة أحيانا ، لكن صليب المسيح يمنحنا النور والقوة للتغلب على كل المشاكل والصعوبات .
                                الألم مفتاح السعادة
الحياة مزيج من الحلاوة والمرارة ، وخليط من الأفراح والأتراح ، فهي تبتسم لنا مرة وتكشر في وجوهنا مرات ، وكما قال احدهم : " يجب إن لا نلعن الورد لان فيه شوك ، بل نحمد الله لان الشوك فيه ورد " . لكن الكثير من المخطوبين ينسجون أحلامهم وأمالهم حول مستقبلهم بخيوط وهمية وخيالية لا تمت إلى الواقع بصلة . إنهم يحلمون بحياة سعيدة خالية من الألم والتعب والبكاء ، وما إن يصحوا على ضربات الواقع حتى تعصف بهم رياح القلق والحزن .. وتجرفهم أعاصير اليأس والكآبة .
من حق أي إنسان أن يحلم ويتخيل عالم الغد ليجند طاقاته ويحشد إمكانيته لتحويله إلى واقع معاش ، لن .. كلما كان هذا الإنسان منطقيا في تفكيره .. واقعيا في تدبيره ، تفادى الصدمات النفسية التي قد يتعرض لها نتيجة نظرته اللا معقولة للأمور. أن السعادة قبلة أنظار كل الناس ، لكنها ليست بتجنب المواقف التي تجلب الحزن والألم وألهو ، ولا بما تزخر به الحياة من غنى وترف ولهو فقط.. بل بتوجيه القلب توجيها صحيحا وكليا نحو الله ، وتقديم الذات كما قدمها يسوع على الصليب . فألام المسيح تتويج لمحبته وطاعته لأبيه السماوي ، وهي باب الدخول إلى مجده وعظمته. فالألم ضرورة إنسانية، لأنه قنطرة العبور إلى الحياة الأصلية..وجسر المرور إلى الكمال الإنساني حيث الفرح الحقيق ، لأنه لا سعادة عميقة دون شقاء، ولا حياة حقيقة دون معاناة. إنا لا ادع والى تمجيد الألم بد ذاته، فهذه النظرة سلبية تتعارض مع الاتجاه الطبيعي للحياة، ومع إرادة الله التي تدعو البشر إلى الفرح "افرحوا في كل حين " . ولكن.. لابد من الألم ،لأنه يعتبر الحد الفاصل بين جدية الحيلة وتفاهتها.. وبين عمقها وسطحيتها. ولنأخذ أمثلة من واقع حياتنا: أليس الذين يكرسون ذواتهم للمسيح.. يحرمونها من بعض حاجاتها الطبيعية؟، والحرمان الم، لكن كل شيء يهون عندما يكون الهدف بلوغ حياة روحية سامية. فالألم ثمن بخس مقابل كنز السعادة الحقيقي، والمرأة التي تلد تعرف جيدا أن الآلام تنتظرها.. لكنها لا تتردد أو تخاف إذا كان الثمن اكتساب أجمل هوية في الوجود.. الأمومة.
هكذا يصبح الألم قوة الدفع لنيل حياة أفضل وكمال أسمى، وهو مناسبة يتم فيها تمجيد الله وطرد روح التشاؤم والشك واليأس من أعماقنا بعد تحويله إلى عنصر ايجابي يخدم حياتنا الروحية    والإنسانية، هذه هي السعادة الحقيقية.                                                                       
Emmanuell¬_y_alrikani_2009@yahoo.com