يقول الأخ عبدالمسيح :
وردي على ما ذكرته في اعلاه: ان ما ذكرته يا اخي الكريم من شواهد كتابية مثل (مز 131-8) و (مز44-10) وكذلك في يوحنا 10-1... لم يكن دقيقاً ابداً لكي ما تفسر الاعتقاد الخاطيء حول ايمان الكنيسة بأن القديسة مريم قد انتقلت بالنفس والجسد الى السماء, لأنك يا أخي الحبيب فادي قد استخدمت اسلوب التشبيه ولم تعتمد على التفسير باستخدام القرينة والذي هو الاكثر دقة ووضوح في تفسير اي فكرة لاهوتية .
وأرد بالقول
لنرى تفسير المزمور 131 بحسب الآباء القديسين
استخدم سليمان نفس العبارات عند تدشين الهيكل (2 أي 6: 41-42).
تنطبق أيضًا هذه العبارة على اليهود في عودتهم من السبي، واشتهوا بناء الهيكل لكي يعلن الله مجده هناك.
إنها أيضًا صرخة كل مؤمنٍ تخرج من أعماق قلبه يوميًا، مشتهيًا أن يعلن الرب مجده فيه، وأن يستريح الرب في أعماقه، فقد سبق فقال السيد المسيح: "ليس لابن الإنسان أين يسند رأسه".
تشير كل الأمور نبويًا إلى ذاك التجديد العظيم الآتي الذي حققه ابن داود الحقيقي، الرب الممسوح يسوع المسيح.
"قم أيها الرب": تكرر تسبحة الاحتفال في الموكب المتقدم في (عد 10: 35؛ مز 168: 1). إن كان ثمة لغة عسكرية يتردد صداها في العبارة "تابوت عزك" إنما لتوحي بالثقة المتناهية في الملك داود كما في التابوت المقدس.
أنتم تعرفون مَنْ الذي نام، والذي قام... إنه رأسنا، تابوته هو كنيسته. قام أولاً، وكنيسته ستقوم أيضًا. ما كان يمكن للجسد أن يجسر ويعد نفسه بالقيامة ما لم يقم الرأس أولاً. جسد المسيح الذي وُلد من مريم يفهمه البعض أنه تابوت القدس، وكأن الكلمات تعني: قم بجسدك، حتى لا يُحرم الذين يؤمنون (من القيامة)[20].
القديس أغسطينوس
تعالوا أنتم أيضًا أيها الأحبّاء الأعزّاء نتغنّى بالأنشودة التي تعلّمنا إيّاها قيثارة داود الملهمة قائلة: "قم يا رب إلى راحتك، أنت وتابوت موضع قدسك" (مز 132:

. فالعذراء القديسة هي بحق تابوت. مغشّى بالذهب من الداخل والخارج، إذ قبلت كنز القداسة الكامل.
"قم يا رب إلى راحتك". قم من أحضان الآب (دون أن تنفصل قط عنه) حتى تقيم جنس البشر الساقط (يو 16: 28)[21].
ولنرى مختصر تفسيري للمزمور 44 :
وفي أعياد القديسة العذراء مريم نرنم بآيات هذا المزمور التي تتكلم عن العروس، فالعذراء هي أم الكنيسة وشفيعتها وطهارة العذراء جعلت المسيح يشتهي حسنها، وهي مشتملة بثوب ذهب رمز طهارتها، وكل مجدها من داخل فهي يتيمة بسيطة فقيرة لكن قلبها كان سماء.
أما بالنسبة للمراة في رؤيا 12 وليس رؤيا 10
فالتفسير هو :
من هي هذه المرأة التي لها هذا الوصف؟ والتي ولدت الابن؟ والتي قاومها إبليس وقد هربت منه؟ والتي لا يزال يقاومها ويقاوم نسلها إلى أن يُطرح في البحيرة المتقدة بالنار؟ أقرَّ آباء الكنيسة الأولى أن هذه المرأة التي ولدت لنا الرب يسوع هي الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين منذ عهد الآباء، أي منذ آدم إلى نهاية الدهور.
يقول الأسقف فيكتورينوس:[إنها كنيسة الآباء والأنبياء والقديسين والرسل التي كانت تتسم بالتنهدات والآلام حتى رؤية السيد المسيح، ثمرة شعبها بالجسد الذي وعدوا به زمنًا طويلاً، آخذًا الجسد من نفس الشعب. والتحافها بالشمس يشير إلى رجاء القيامة في ظلمتهم. والقمر (تحت رجليها) يشير إلى سقوط أجساد القديسين تحت إلزاميّة الموت غير المنتهي... وهم منيرون كالقمر في ظلمتهم. والأكاليل من الإثنى عشر كوكبًا هو جوقة الآباء الذين منهم أخذ السيد المسيح جسدًا.]
لكن للأسف أخذ بعض المحدثين الغربيين ونقل عنهم بعض الشرقيين مثل هذا التفسير بصورة مشوهة فنادوا بأن هذه المرأة هي الشعب اليهودي وأن ما يتبع هذا خلال الإصحاحات (12-14) إنما يخص الشعب اليهودي. لكن يليق بنا أن نفهم "الكنيسة" في المفهوم الآبائي السليم من نفس التفسير السابق أنها كنيسة الآباء والأنبياء والقديسين والرسل.
بدأت الكنيسة بآدم ودخل في عضويتها الآباء مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب وأخنوخ... وفي وقت الناموس انضم إلى عضويتها الشعب اليهودي ومعه بعض الأممين الداخلين الإيمان. في هذه الفترة جاء ربنا يسوع متجسدًا من الكنيسة، كنيسة العهد القديم، من اليهود، لكن خرج اليهود كيهودٍ من العضوية في الكنيسة، إذ انحرفوا عن الإيمان رافضين الخلاص، وبهذا لم يعودوا شعبًا مؤمنًا أو كنيسة أو إسرائيل، بل صاروا غير مؤمنين، وهم بهذا لم يغلقوا باب الكنيسة ولا ماتت بموتهم ولا انحرفت، لكن دخل الأمم كامتداد للكنيسة. وبهذا فإن الحديث عن المرأة يخص الكنيسة الواحدة التي فوق حدود الزمن والجنس. فالحديث في هذا الأصحاح يخص الكنيسة منذ نشأتها إلى نهاية الأجيال.
وحينما نقول "الكنيسة" لا نستطيع أن نفصلها عن العذراء مريم التي ارتبطنا بها في شخص السيد المسيح كأم جميع الأحياء[100]. فهي أيضًا كما يقول الآباء الأولون هي المرأة الملتحفة بالشمس والقمر تحت رجليها، إذ سكنها ربنا يسوع شمس البرّ، ونالت مجدًا سماويًا... التي ولدت الابن البكر[101].
وبنفس الروح وبغير أي تعريج نقول إن ما رآه الرسول في هذا الإصحاح يخص كنيسة العهد الجديد، لأنها غير منفصلة عن كنيسة العهد القديم، ولا مستقلة عنها، بل ينسب لها آباء العهد القديم والأنبياء والناموس والمواعيد. فإذ جاء ربنا يسوع متجسدًا من العذراء مريم أو من اليهود، إلا أنه يمكننا أن نقول أنه جاء متجسدًا من الكنيسة التي تعتز بعضوية العذراء مريم، والتي امتدت إلى الوراء حتى حملت في عضويتها جميع الذين جاء الرب منهم متجسدًا.
ويقول الأب هيبوليتس:[واضح جدًا أنه قصد بالمرأة المتسربلة بالشمس الكنيسة التي أمدها بكلمة الآب إذ بهاؤها يفوق الشمس[102].]
ويشير بقوله "القمر تحت رجليها" إلى كونها قد تجلت بمجد سماوي يفوق القمر. كما تشير العبارة "وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا" إلى الإثنى عشر رسولاً الذين أقاموا الكنيسة. وأما القول بأنه من أجل ابنها "تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد" فيعني أن الكنيسة لن تكف عن أن تحمل في قلبها "الكلمة" الذي يضطهده غير المؤمنين في العالم. هذه هي الكنيسة التي وصفها ربنا قائلاً: "من هي المشرقة مثل الصباح جميلة كالقمر. طاهرة كالشمس. مرهبة كجيش بألوية" (نش 6: 10).
هذه الكنيسة يقاومها إبليس، إذ يقول: "وظهرت آية أخرى في السماء، هوذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان" [3].
إنه منذ خلقة الإنسان ولا يكف إبليس "التنين" عن حسده له. هذا التنين العظيم "أحمر" وكما يقول الأسقف فيكتورينوس إن هذا اللون بسبب عمله، لأنه "كان قتَّالاً للناس من البدء" (يو 8: 44)، فهو لا يكف عن التخريب والتدمير بين البشرية محاولاً إهلاك أولاد الله. وله سبعة رؤوس، أي دائم التفكير في هذا القتال. وله عشرة قرون، أي يستخدم كل شدة قوته وسلطانه الممتد على الأرض لإفساد الإيمان. وعلى رؤوسه سبعة تيجان، إذ ينصب نفسه ملكًا في قلوب الأشرار مسيطرًا على أفكارهم ونيَّاتهم وحواسهم وتصرفاتهم ...
ويرى الأسقف فيكتورينوس أنه عندما يأتي ضد المسيح في أواخر الأزمنة سيخدع 10 ملوك (10 قرون) يستخدمهم في تحطيم الإيمان.
"وذنبه يجر ثُلث نجوم السماء،
فطرحها إلى الأرض،
والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد، حتى يبتلع ولدها متى ولدت" [4].
يري البعض أن في هذا إشارة إلى أن ضد المسيح يخدع ثلث المؤمنين ويضللهم، لكن الأسقف فيكتورينوس يُرجح أن التفسير الأصوب هو أن الشيطان في سقوطه جذب إليه عددًا كبيرًا من الملائكة فسقطوا معه من السماء (يه 6). وفي هذا ينكشف لنا خطورته وتحفزه للإهلاك والإفساد.
ولم يقف عند إسقاطه لبعض الملائكة وتضليله للبشر، بل ظن أنه يُميت الرب يسوع، لكنه إذ هو ليس من زرع البشر لم يغلبه الموت، بل قام الرب من الأموات في اليوم الثالث، مقيمًا إيانا من قبر الخطية، مُصعدًا مؤمنيه إلى حيث هو قائم. لهذا يقول الرائي:
فولدت ابنًا ذكرًا عتيدًا أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد،
واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه"[5].
هذا الذي أراد إبليس افتراسه، هو راع يضم في حظيرته جميع الأمم، يسحق قوى الشر بعصا من حديد. وها هو في العرش الإلهي يرفع فيه البشرية الساقطة إلى الأعالي. هذا بالنسبة للسيد المسيح .
يتبع ....