المحرر موضوع: اليسار والديمقراطيه في العراق 2  (زيارة 2203 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رزاق عبود

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 390
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اليسار والديمقراطيه في العراق 2


من الاخطاء التي وقعت فيها القوى الديمقراطيه هو تشتتها، وعدم وحدة حملاتها الانتخابيه، او توحد برامجها الانتخابيه. والخروقات، والتجاوزات الخطيره التي حصلت اثناء الحمله الانتخابيه، و يوم الانتخابات. هذا تقريبا ماسمعناه. وما زلنا نسمعه من القوى التي لم تنجح في دخول الجمعيه الوطنيه، او دخلت بشكل ضعيف لا يتناسب مع ثقلها التاريخي، والشعبي، او توقعاتها، او حساباتها وهذا ما نسمعه ايضا من مراقبين، ومحللين سياسيين، وكتاب، ومعلقين صحفيين الخ. طبعا تختلف التقييمات حسب الجهة  المقصوده. ولكن ما ينطبق على جميعها هو التفاؤل المفرط، والثقه الساذجه بحسن نية الاخرين، و"استقلالية" المفوضيه العليا للانتخابات، و"حياديتها".

 

من الضروري في البدايه التنبه، الى ان جميع القوى الخاسره بالغت في قواها، وظنت ان الفوزاكيد، دون ان تدرس بعنايه امكانياتها، وقدراتها، وانطلقت في الاساس من الامنيات، والاحلام التي لا علاقه لها بالواقع. واكبر خطا بتقديري كان استسلامها، وثقتها المفرطتان، بان السباق، والمنافسه على اصوات الناخبين سيكون شريفا بالكامل، وان الاحزاب الاسلاميه ستتبع قواعد اللعبه الديمقراطيه، بعد ان اعلنت انها تؤمن بالديمقراطيه، والتعدديه، والانتخابات، وتداول السلطه و، و، و في حين انها كانت تحضر لأتلاف "السقيفه" الذي تتشكى منه تاريخيا. وانها عزمت على استخدام ماكنة الديمقراطيه لانتاج الديكتاتوريه . وخططت لاستخدام صناديق الاقتراع لترسيخ حكومة اللون الواحد . اي استخدام العمليه الانتخابيه كوسيله لاستلام السلطه، وليس كهدف، واسلوب للعمل السياسي وطريقة للحكم. وكانت تعتقد انها ستتقاسم البرلمان مع الطائفه الاسلاميه الاخرى في البلاد، ولكن "قيادات" الاخيره كانت تخطط لاستعادة السلطه بوسيله ديمقراطيه هي الاخرى. فاتخذت من المقاطعه وسيله لاخفاء فشلها في تحقيق وحدتها، وعدم قدرتها على اخفاء علاقتها بالارهابيين.

 

ان المبالغه في تقدير شعبية القوى، وتشتتها، والثقه العمياء في نزاهة العمليه الانتخابيه، والاقتراع رافقه خطا قاتل اخر هو عدم تشخيص الحلفاء الممكنين والتقارب، والتعاون، والتحالف، وتشكيل قوائم مشتركه. والغريب انهم تجاهلوا بردة فعل سلبيه ما يجري امامهم من تحالفات كان الهدف الاساس منها غلق كل امكانيه لوصول القوى الديمقراطيه للجمعيه الوطنيه لغاية في نفس يعقوب . وبدل التجمع، والاتحاد، ومحاولة التفاهم، ووقف عملية الابعاد المخططه والمنظمه، زادو انفسهم ضعفا، وذهبوا الى الانتخابات بقوى دونكيشوتيه هزيله . تصرفوا كمن يخرج للمبارزه بدون سيوف.

 

الغرور، والانانيه الشخصيه، والحزبيه اعمت عيون القوى التي كان بينها من نقاط الاشتراك اكثر بكثير مما يميزها عن بعضها. وليسوا قلالا من قالوا انه من الصعب ان تجد اختلافا في برامج القوائم المتنافسه. وهذا ما قاد بالنتيجه الى تشتت القوى، وضياع الاصوات للخصم في معظم الاحوال. واختلت المفاهيم السياسيه، كما اختل تقييم المرحله ومهامها الذي تحدثنا عنه في الجزء الاول. ووضعت لافتات لا معنى لها، ولا طعم ناتجه عن ذاك الخلل، ووضعت الاحزاب في خانات الديمقراطيه، واليساريه، والاشتراكيه، والشيوعيه، والقوميه، والاسلاميه، والاسلاميه غير المتشدده. في حين ان الجميع كان يجمعهم الجامع الاهم والأكثر حسما اي العلمانيه. والعلمانيه تعني الاقرار يالديمقراطيه كنظام للحكم، ووسيله لتداول السلطه. ولكن بعض القوى التي تسمي نفسها علمانيه قد لا تكون ديمقراطيه. والقوى التي تسمى نفسها دينيه قد تكون اكثر ديمقراطيه من القوى المصنفه ضمن قوى الديمقراطيه. وهذا هو الاشكال الفكري الذي وقع به الجميع. فبعضهم لا زال متمسكا بالتفسير الاجتماعي لمفهوم الديمقراطيه. وبعضهم لا زال يفهم من كلمات مثل البرجوازيه، واليمين قوى معاديه للديمقراطيه. في حين ان الواقع يقول ان قوى البرجوازيه هي التي ادخلت النظام الديمقراطي في حين انخرطت القوى اليساريه في عملية قمع لشعوبها بتبريرات مختلفه لم تصمد اي واحده منها. وبالتالي فأن كلمات اليسار،واليمين، والليبراليه، والقوى الرحعيه، والتقدميه ما كان يجب ان تتستخدم الا بمقدار بعد هذه القوى او تلك عن الايمان بالعمليه الديمقراطيه كاسلوب للحكم. فالحزب الشيوعي العراقي ليس اكثر يساريه من الحركه الملكيه الدستوريه في تحكيم صندوق الاقتراع . والتجمعات الاسلاميه التي تدعو لفصل الدين عن الدوله(العلمانيه) لاتقف الى اقصى اليمين، اوالى يمين الحزب الشيوعي مثلا في هذه المساله.

 

هدف اسقاط النظام الفاشي وحد الجميع. وكان الاولى بالبديل الديمقراطي ان يوحد الجميع ايضا. وبعد استقرار الوضع، واعتماد دستور دائم للبلاد، وبناء دولة المؤسسات ستتسابق الاحزاب، والمنظمات على بدائلها الاشتراكيه، او الملكيه، او الاسلاميه، او القوميه، وهكذا. انا اعتقد ان الجميع وقع في عمى الوان فيما يخص تحديد قوى المرحله، وسوء فهم، في استيعاب الغرض من اول انتخابات ديمقراطيه بعد اسقاط النظام التي فرقنا سقوطه، للاسف، اكثر مما وحدنا النضال لاسقاطه. ولكن هذه ليست حاله عراقيه بحته فلقد سبق لعمى الالوان هذا، وحرق المراحل، ان اصاب شعوب مرت بمثل ظروفنا. وكنت اعتقد، ان مؤتمري صلاح الدين، ولندن سيميزنا عنهم، ولكننا فشلنا في اول امتحان اي تشخيص المرحله. ثم فشلنا في الامتحان الثاني، للاسف، اي تحديد قوى بناء اسس الديمقراطيه. اي وضع حرب الايديولجيات جانبا.

 

للحديث صله

 

رزاق عبود

3/6/2005