المحرر موضوع: بطريركيــة بابل على الكلــدان مسـيرة حكيمـة ايام الحـرب والسـلم (2ـ2 ) ( القسم الثاني )  (زيارة 3867 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حبيب تومي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1724
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بطريركيــة بابل على الكلــدان مسـيرة حكيمـة ايام الحـرب والسـلم (2ـ2 )
( القسم الثاني ) 


 
 حبيب تومي / اوسلو

                                    مواقف بعد العهد الجمهوري 
في هذا السياق المتوازن كان علاج مؤسسة البطريركية في عهد البطريرك مار بولص الثاني شيخو ( 1958ـ 1989 )  لجملة أمور ، ورغم ما كان من  المعروف عن البطريرك شيخو أنه لا يحبذ الخوض في الشؤون الدنياوية ، لكن للضرورة أحكام كما يقال ، فحينما قررت الحكومة العراقية في حملتها الأيمانية تدريس القران الكريم للمسيحيين ، فقد شمر البطريرك عن ساعديه وعقد العزم على معالجة الموضوع بحزم ودراية ، وشرع في اتصالاته .
لقد قابل طارق عزيز في مكتبه وطلب منه العمل لألغاء هذا القرار ، لكنه ( طارق عزيز ) أخبره ان هذا قرار حكومي ومن القيادة ، وفيه فائدة للشعب وعلى الجميع تطبيقة . ورد عليه البطريرك بقولـه : إن المغفور له  فيصـل الأول كان أفضل منكم ، وخرج من المكتب غاضبـاً من كلام طارق عزيز .
وفي نهاية المطاف أفلح في تحقيق ما يصبو اليه  ودون إثارة اية مشاكل او عقوبات على شعبه الكلدانـي .

                   مثلث الرحمات غبطة البطريرك  مار بولس الثاني شيخو ( 1958 ـ 1989 )

أما البطريرك مار روفائيل الأول بيداويد ( 1989 ـ 2003 )  فقد استطاع في أعوام الحرب مع أيران ، وبعدها في الأوضاع الصعبة التي خيمت على العراق بعد احتلال الكويت . وفي ظروف  دولية وأقليمية معقدة ، أفلح في ان يخلق علاقات متوازنة مع كل الأطراف بما فيها الحكومة العراقية ، وكنائس ومنظمات انسانية دولية  ، واستطاع أن يلعب دوراً ملحوظاً  وان يحتل موقعاً متميزاً محلياً وأقليمياً ودولياً  .



                     البطريرك مار روفائيل الأول بيداويد ( 1989 ـ 2003 )
في مسألة الحصار على العراق ، وكذلك في شأن المســاعدات الأنسـانية التي كانت تتدفق على العراق .   
                                 عودة الى العهد الملكي
 لقد وضعت المؤسسة البطريركية ثقلها الى جانب ترسيخ حكم ملكي وطني في العراق بعد ان بقي رازحاً تحت نير الأحتلال العثماني لعدة قرون .



                         البطريرك مار يوسف السابع غنيمة ( 1947 ـ 1958 )
ويقول المطران يوسف بابانا في القوش عبر التاريخ : كان ليوسف عمانوئيل مكانة عالية ، حيث قاوم المحتلين الأنكليز ، وجمع كبار القوم في الموصل وخطب بهم وطلب ان يكون للعراق حكومة وطنية عربية ، وهكذا اتفقوا وأيدوا الحكومة الوطنية في تشكيلها سنة 1921 م
لقد سنت التشريعات على وجوب تمثيل الأقليات غير المسلمة في مجلس النواب العراقي ، لصعوبة نيل هذه الأقليات الأصوات الكافية لتمثيلهم ، اما مجلس الأعيان فلم يكن هناك نص يوجب هذا التمثيل ، لأن الأشتراك في مجلس الأعيان كان منوطاً باختيار الملك نفسه . لقد كان مجلس الأعيان يتألف من عشرين عضواً ، واختار الملك فيصل الأول عضواً واحداً من المسيحيين وأخر من اليهود . لقد ظل هذا العرف جارياً الى يوم سقوط الملكية في العراق .
لقد اختار الملك فيصل الأول ( ت . 1933 )  من المسيحيين البطريرك مار يوسف عمانوئيل الثاني من اول مجلس أعيان  سنة 1925 حتى استقالته سنة 1945 م وكان الأختيار بعده على الكلداني المعروف يوسف رزق الله غنيمة من سنة 1945 الى يوم وفاته سنة 1950، وأخيراً كان في هذا المنصب من نصيب البطريرك مار يوسف السابع غنيمة ( 1947 ـ 1958 ) من تموز 1951 وحتى وفاته في 8 تموز 1958 م
                                     احداث عام 1933 وموقف البطريركية 
اجل كان للمؤسسة البطريركية دوراً مهماً في ايقاف الكارثة التي ألمت بألقوش نتيجة لجوء  عوائل الآثورية اليها ، وكان الفرمان الفاشي القاضي بإبادة الآثوريين  ، هو المبرر لتطويق المدينة بقوات حكومية ، من اجل تسليم السكان اللاجئين العزّل المسالمين  .
 ومن جانب آخر كانت العشائر الغازية تعد العدة للأنقضاض على القوش من اجل الغنائم التي عمت ابصارهم . وقد اتخذت القوش قرارها الحاسم بعدم تسليم اللاجئين من اخوانهم الآثوريين ومهما كانت النتائج ، ويقول المطران بابانا : ان في هذه الفترة كان يوسف بولا اسمرو احد وجهاء البلدة ومفكريها ، حيث لم تهمل مشورته ، وكذلك الوقور ججو تمو وبحسن تدبيرهما واتصالهما بمار


        الملك فيصل الأول مع البطريرك مار يوسف عمانوئيل الثاني عام 1931
                     في دير مار اورها الواقع قرب باطنايا وباقوفا
يوسف عمانوئيل توما الثاني ، حيث وصل الخبر اليه بالوقت المناسب واستطاع ان يجري اتصالات مباشرة مع الملك غازي ( ت . 1939 ) وجهات فرنسية رفيعة ، فأسفرت هذه الأتصالات  عن صدور أمر بإنهاء الفرمان السئ الصيد ، ومن اجل ايصال الأمر الى كل الجهات ذات العلاقة القيت المناشير من الطائرة ، وكانت صيحات الأهالي بمفردة الـ ( فاي دوس ) أي انفرجت .  وبعدها بفترة قصيرة توجه الملك غازي بنفسه لزيارة القوش .
                     دور المؤسسة البطريركية بعد 9 نيسان 2003
كانت العقود الخمسة المنصرمة من التاريخ العراقي حافلة بالحروب وسفك الدماء ، وجاءت مرحلة ما بعد 9 نيسان 2003 لتصبح عنواناً بارزاً لسفك الدماء والتدمير والفوضى وانتهاك الحرمات وكرامة وحقوق الأنسان العراقي ، ولقد شهدنا تفجير الكنائس والمساجد والحسينيات والقتل على الهوية وحملات التهجير ... وهلم جراً من المصائب ، وكان يقع عاتق المؤسسة البطريركية ثقلاً كبيراً ، وشعر البطريرك مار عمانوئيل دلي  بجسامة  المسؤولية فكانت تحركاته واتصالاته وزياراته لأرفع المسؤولين في الدولة


   مار عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان { الكلي الطوبى }   
والحكومة العراقية والجهات الشعبية والدينية  من اجل توثيق اواصر الصداقة والتفاهم والأحترام بين كل مكونات الشعب العراقي ، وكان موضع التقدير والأحترام من لدن تلك الأوساط ، نظراً لما تحتوي رسالته من مبادئ انسانية وتسامحية بين ابناء الشعب العراقي الواحد .
                                      وفي شأن تثبيت الحقوق
تمسك البطريرك مار عمانوئيل دلي بمبدأ ضرورة الوحدة بين مكونات شعبنا المسيحي من كلدان وآشوريين وسريان وأرمن ، ومن اجل ذلك ليّى دعوة أحد الأحزاب القومية الآشورية من اجل الخروج بتسمية شاملة يقبل بها كافة الأطراف ، ومن باب حسن النية وأفق البطريرك على التسمية الكلدواشورية لتكون بديلا لكل التسميات الأخرى ، لكن ظهر للأسف ان هذه كانت مناورة لتغييب التسميات العزيزة على شعبنا والأبقاء على تسمية واحدة وهي التسمية الآشورية .
المؤسف ان نُمطر بوابل من سهام ، تهمة الخيانة ، حينما رفضنا التنكر لأسمنا القومي الكلداني ، وكأنما الأخلاص كان يعني فقط التخلي عن تاريخينا وتراثنا ومآثرنا ، وإلا  فالتهمة جاهزة ، ولكن غبطة البطريرك مار عمانوئيل دلي حينما حدد الخيانة بأنها تلك التي يلجأ الأنسان بترك قوميته وتاريخه ، وليس الذي يعتز بهما . 
إن التعددية هو واقع الحال بين ابناء شعبنا ، وينبغي ان يسود الأنفتاح وقبول الآخر ، وألواننا متعددة وليست لون واحد ، وهذه حقيقة تاريخية وليست وليدة الأمس او اليوم .
إن الأختلاف لا يعني الخلاف ، والوحدة ليست واحداً اوحداً ،  إنما هي أكثر من واحد ، فالوحدة خليط غير متجانس ، وشرط ان لا يكون مبدأ الوحدة الألغاء والأقصاء لأي طرف ينظوي تحت مظلة الوحدة المنشودة . والوحدة الأقصائية يتبناها الفكر الأديولوجي الشمولي ، حيث لا يعير اهمية لما يعرف بمشاعر الآخرين ...
من هنا كان موقف البطريركية حاسماً حول محاولات مصادرة الهوية الكلدانية ، وبجهود البطريركية كان وضع الحق في نصابه حيث اضيفت القومية الكلدانيـــة الجليلة لتأخذ مكانها في الدستور العراقي الدائم .
لقد عودتنا مؤسسة البطريكية للشعب الكلداني منذ بداية المسيحية على ارض العراق ، إنها كانت الجانب الأمين الصادق لهذا الشعب واليوم في هذه الظروف الصعبة تقوم بهذه المهمة بروية وتعقل .
أن الحفاظ على اللغة والثقافة والقومية الكلدانية يعتبر عملاً مطلوباً للحفاظ على الكينونة والهوية والشخصية الكلدانية ، إن لنا مؤهلات وإمكانيات وكتاب ومفكرين وأقتصاديين ...الخ من اجل ان  يكون لنا وجود وشخصية ذاتية مستقلة دون ان نكون اتباع وذيول لأية جهة كانت .
إن كرامتنا تتعزز حينما يسود الأحترام الندي المتكافئ مع الآخر ، وهذا الأحترام يتفاعل  حينما يكون لنا ذات نعتز بها ، وشخصية مستقلة ، ونتحاور مع الآخر بندية متكافئة من اجل بلوغ منافع مشتركة نبيلة بما فيها الوحدة المنشودة بين مكونات شعبنا .
حبيب تومي / اوسلو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استفادة من :
ــ الكنيسة عبر التاريخ : الأب منصور المخلصي
ــ القوش عبر التاريخ : المطران يوسف بابانا
ــ السياسي الأديب يوسف غنيمة : حارث غنيمة
ــ اليوبيل الذهبي ماريوسف غنيمة : القس يوسف بابانا
ــ الرئاسة في القوش : نبيل دمان
ــ مجلة بين النهرين ع 95 و96 سنة 1996
ــ الصديق عبد يوسف أسمرو [/b]