المحرر موضوع: الخيانة والغدر .. هل هما مرضان متوطنان في منطقتنا ؟  (زيارة 1205 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ادور ميرزا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 598
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الخيانة والغدر.. ليست أمراض متوطنة  !

ادورد ميرزا
استاذ جامعي مستقل

قد لا يختلف اثنان من العقلاء في اعتبار ان ما يعيشه الأنسان من مآسي في منطقتنا العربية هو اسوأ زمن تمر به حياته الآدمية , حيث لا امان ولا هناء ورفاه , بل اصبح الغاء الآخر واجتثاثه او قتله واجب مقدس يجب تنفيذه من قبل بعض البشر حيث يعتبرونه جهادا يحقق العدل والدفاع عن النفس مستندين في ذلك الى نصوص غير قابلة للنقاش وواجب تطبيقها وانها الطريق الى الحياة الأبدية  !!
كما ان هذا الزمن احتله العملاء والإنتهازيين كما نراهم في غالبية الدول العربية وهم يتفاخرون بعمالتهم وإنتهازيتهم دون خجل او حياء ! لزمن نرى فيه السارقون والمشعوذون والخارجون عن القانون المدني والسماوي على حد سواء يسرحون ويمرحون خارج السجون !

 زمن اختلطت فيه العاهرة مع غيرها من ذوات السيرة الحسنة .. زمن ارتدى الباطل ثوب الحق . . زمن قفز فيه من لا يصلح حتى لإدارة نفسه ليصبح وزيرا يدير شؤون الأخرين . .  زمن اصبح فيه الغدر والخيانة شهادة يتفاخر بها البعض ويستخدمها كوسيلة للثراء والسيطرة دون وجه حق ! 
ولا اظن ايضا ان هناك من يختلف معي في ان ما جرى للعراق كان للغدر والخيانة مكان في بعض مفاصل مجريات الأحداث وترتيباتها ! وما نشهده اليوم هو دليل لنتائج هذين التوأمين , القبيحين { خيانة وغدر } !  فكيف يفسر البعض من ان الحرب على العراق واحتلاله وتدميره كان عملا بطوليا واعتبروه " تحريرا لنشر الديمقراطية "  وكيف تم اعتبار من تواطئ وتعاون مع الأجنبي وشارك في زرع الفتنة الطائفية وفسح المجال لمليشياته للعبث بأمن الوطن  وسرق اموال الشعب .. اعتبروه .. وطنياً ومخلصاً ! وكيف نفسر اعتبار كل من دافع عن وحدة وسيادة العراق ورفض المحاصصة الطائفية على انه شخصا ارهابياً مجرماً ؟ نعم هذا ما حدث وهو على ما يبدو مقياس الوطنية في العراق الجديد !!
 الخيانة والغدر , مرض استمر مع البشرية منذ نشأتها وتطورها , الا ان بعض الأيدلوجيات المعينة ارادت اجبار الأخرين للألتحاق بها وتنفيذ نصوصها حيث لم تستطع هذه الأيدلوجيات من تطوير نهجها وتغيير بعض نصوصها  لتتماشى مع تطور البشرية نحو إحترام حقوق الإنسان في اختيار المعتقد وطريقة واسلوب معيشته , ولذلك واستنادا لتوجهات هذه الأيدلوجيات احتل سلوك الغدر والخيانة مكانا في نفوس البعض لتحقيق اهداف هذه الأيدلوجيات المتمسكة بنصوصها والرافضة لغيرها !
ويتسائل المرء احيانا .. هل نتواضع ونسامح ونمضي ؟
أم نحقد ونكره ونثأر ؟
هل نحمل آلامنا وجروحنا في نفوسنا ونتركها تتخمر لتصبح بعد ذلك سموماً تقتلنا ؟, هل يطالبنا الضمير في داخلنا بالثأر ؟ أم أن ضميرنا يسعى محاولا إنقاذنا من الغرق في شهوة الانتقام ويطالبنا بالعفو والتسامح والنسيان ؟‏!
كيف نتصرف وماهي ردة فعلنا أمام مشاعرنا الإنسانية حينما تمر امامنا مشاهد مليئة بالخيانة والغدر اصحابها بعض من اهلنا ! كيف نقف امام الغرباء وندعي باننا اصحاب اعرق حضارة وخير امة اخرجت للناس ؟!
 تساؤلات طويلة وكثيرة إجاباتها مختلفة ونسبية حسب بيئة وطبيعة وتربية كل فرد , ولكن وفي كل الأحوال فان الخيانة والغدر لها تأثير مباشر علينا خاصة اذا ما كانت صادرة من اقرب الناس لنا ومن الذين كنا نعتبرهم سندا ومعينا لنا في تحريرنا من ظالمينا ؟!
وخلاصة القول وبعد كل ما حدث من غدر وخيانة لوطننا ولشعبنا , فما زال امامنا فرصا كثيرة لتصحيح الحال .. اليس الوطن اسمى واغلى .. ألا يستحق وطننا الحبيب العراق ان نقف معه في مصيبته في محاولة للتسامح والنسيان دون أن نفقد  من شخصيتنا وكياننا وسمعتنا اي شئ , ألا نستطيع العفو عن الخونة والغادرين وإعادة جمع الشمل وزرع المحبة والسلام بين ابناء شعبنا من جديد , ام ان الغدر والخيانة بات ماء الحياة الذي يسري في عروق بعضنا واصبح مرضاً مستعصياً لا يمكن القضاء عليه إلاّ باستئصاله
!
ادور ميرزا