بلدة كرمليس... عراقة تتوجها قلاعها الشهيرة
عنكاوا كوم - كرمليس - سام صبحي /خـــاص كرمليس مدينة عريقة وضاربة في القدم، إذ تمتد جذورها وحسب المؤرخين إلى العصور الحجرية وإلى عصور ما قبل التاريخ ، وقد ذهَبَ البعض إلى إعتبارها من أوائل المستعمرات البشرية في العالم.
قديماً كان لكرمليس أسوار وأبراج شهيرة، وهي حالياً مدفونة تحت هضاب البلدة في جهاتها الأربعة ولكنها خُلدَت في كتب التاريخ وبأقلام مؤرخين معروفين أمثال أبن الأثير وغيره.
إذ يذكر المؤرخ أبن الأثير أسوار وأبراج الحماية عند غزو المغول التتر لكرمليس ، قائلا ً " ... ثم توجه قسم منهم إلى ( كرمليس ) ، وكان أهلها قد أجتمعوا في الكنيسة ولها بابان ، فدخلها التتر".
ويضيف أبن الأثير "وجلس منهم أميران كل واحد على باب وأذنوا للناس بالخروج من الكنيسة ، فمن خرج من أحد بابيها قتلوه ، ومن خرج من الباب الآخر أطلقه الأمير الثاني الواقف على ذلك الباب وأبقى على حياته ".
زار كرمليس العديد من المؤرخين والمستشرقين وتطرقوا في كتاباتهم عن قدم البلدة وتاريخها والآثار الموجودة فيها وتوقعوا وجود آثار قديمة تحت ركام تلالها الكثيرة المنتشرة حول قصبتها ، وهذا إستناداً إلى ما ذُكِرَ في كتاب " تاريخ كرمليس ".
يعلق البحاثة الفرنسي جان فييه J.FIEY حول ما ذكره أبن الأثير عن الأبواب ، فيقول " إن الأبواب المذكورة لم تكن أبواب الكنيسة بل هي أبواب أسوار القرية ".
ويضيف فييه " جاء ذكر الأبواب بأسم الباب الشرقي والباب الغربي وهذا شيء لا يُنسَب إلى الكنيسة بل إلى القرية ... ".
لكرمليس الآن هضبة في الجهة الغربية من البلدة ، تحتضن تحتها بقايا آثار قلعة كرمليسية قديمة يسميها الأهالي ( قوباثا دجيناري ) أي قبب جيناري وكانت قديماً إحدى قلاع وأبواب كرمليس وقد دمرها المغول أثناء غزوهم لكرمليس عام 1236م.
عن جغرافية البلدة يتحدث المهندس حبيب حنونا في كتابه " تاريخ كرمليس " ، قائلا ً " تجثم كرمليس فوق هضبة تاريخية ( مساحتها حوالي 3 كيلومتر مربع ) تحيط بها تلال أثرية كثيرة كانت فيما مضى مع كرمليس مدينة واحدة ".
ويذكر حنونا ، أسماء التلال ، قائلاً " : تل غنم في شمالها ، تل بربارة مع مرتفعات جناري في غربها ، ربان يوخانا ، بسيدي ، وبرشير في جنوبها ، مع خاتون خمرة وخربة عيسى في شرقها".
إن من يزور موقع "قباثا دجيناري" يجد فيه أموراً كثيرة ، منها أن الموقع يأخذ شكل هضبة ترتفع قليلاً عما يجاورها من الأراضي ، وكذلك يجد بقايا حجارة كبيرة ومجموعة كبيرة من الطابوق المفخور ورغم مئات السنين من زراعة هذه الأرض وتعرضها للتقليب لكن على ما يبدو فإن آثار قلعتها بقيت شاخصة في هضبتها.
جاء ذكر قلعة جيناري في مخطوطة كلدانية بعنوان " عونيثة في سبي مدينة أربل وقرية كرمليس " كتبت عام 1930م من قبل القس توما حنا الديراني الكرمليسي ، نظمها شعراً إستناداً إلى المصادر التاريخية " كانت كرمليس يومذاك مدينة عظيمة يحيطها سور من جميع الجهات وفي هذا السور أربع قلاع كبيرة هي منافذ القرية ".
ويضيف الديراني "القلعة الثانية في الغرب وكانت تسمى قلعة "جيناري" ومرتفعها لا يزال ظاهراً لحد الآن على مسافة نصف كيلومتر من تل بربارة حيثُ المرتفعات المسماة قبب جيناري".
في كرمليس عشرات المواقع الأثرية القديمة طمرتها الأتربة لتبقى تلالاً ومرتفعات لا يعرف أسرارها وطلاسمها إلا بعد التنقيب عليها والحفر فيها.
