المحرر موضوع: أكيتو .. رأس السنة الكلدانية البابلية  (زيارة 1684 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل sabri oghanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 544
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أكيتو .. رأس السنة الكلدانية البابلية

يعود الإحتفال (برأس السنة الرافدية) في الأول من نيسان إلى السلالة البابلية الأولى ، أي إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد ، إذ تم على عهد هذه السلالة العمورية التي تنحدر عن الكلدان الأوائل ترتيب حلقات الحياة بشكلها شبه النهائي في حياة سكان ما بين النهرين ، سواء من الناحية الدينية أو الإقتصادية أو الإجتماعية ومنها (توحيد التقويم) ، فصار (الإحتفال الرسمي بعيد أكيتو في بابل) يمثل منذ وقتذاك عيد رأس السنة ، ولا تجرى إحتفالات المدن الأخرى وبضمنها (أحتفالات مدن كلخو وآشور ونينوى التي أجريت لبعض الوقت "في نينوى" إلا بعد الإنتهاء من الإحتفال الرسمي في بابل) ، فيما صار يحتفل في (الخامس عشر من شهر أيلول) بعيد التجدد أو عيد شجرة الحياة (النخلة المقدسة) .

أما قبل ذلك التاريخ فكان الإحتفال بأكيتو -Akitu- أو كما يسمى بالسومرية أكيتي -Akiti- يمثل أحد مناسبتين رئيستين (أكيتو وزاكموك) ، اللتين كان الوسط جنوبيون (يحتفلون بهما منذ عهد الكلدان الأوائل في أريدو 5300 ق.م) ، وكان هذين الإحتفالين يتميزان بأهمية خاصة في أريدو وكيش وأور وأوروك في فترة ما قبل الهجرة السومرية 3500 ق.م حتى نهاية العهد السومري الحديث 2112-2004 ق.م ، وكانت أور ممثلة بإلهها ننار -Nannar- الإله القمر (إله الحكمة) تلعب دوراً رئيساً في هذه الإحتفالات ، وبخاصة في عهد سلالة أور الثالثة .



وبديهي أن الرافديين الوسط جنوبيين القدماء من الكلدان الأوائل والسومريين كانوا قد أعتمدوا الإعتدال الخريفي زاكموك -Zagmuk- الذي يتم فيه جني التمور كبداية للسنة مع احتفالهم بكلا الاعتدالين الربيعي والخريفي بذات القوة والأهمية ، لكن بداية السنة وهي الترجمة الحرفية للكلمة السومرية (زاكموك) الذي تبناه السومريون كانت طقوسه تتركز حول (قدسية شجرة النخيل) وممارسة شعائر الخصب والتجدد / الزواج المقدس -Hashadu- ممثلة في العهد البابلي بمردوخ -Mardukh- الإله الوطني للبابليين وزوجته صربانيتم -Sarpanitu(m)- اللذين يمثلهما على الأرض الملك البابلي وكاهنة المعبد العليا -السيدة الإلهية- إينتوم -Entu(m)- .



والحقيقة فإن الأسم أكيتو مشتق عن تسمية قديمة جداً هي آكيتي شي كور كو - a-ki-ti-she-gur10-ku5- وهو عيد جز الصوف الذي كان يحتفل به منذ القديم في الفترة ما بين شهري آذار ونيسان (الموافق لشهر نيسان الحالي) ، وكان يعني عند العامة أيضاَ رأس السنة الجديدة وبخاصة في العهد قبل السرجوني (شروكين الكبير إمبراطور أكد) -Pre-Sargonic Period- ، حيث كان يحتفل به كما يثبت لنا ذلك نص لوح وصلنا من كرسو -Girsu- في مدينة أور الكلدان أولاً ، ثم بعد إنتهاء الإحتفالات الرسمية يحتفل به في مدينة نيبور ، ولكن مع هيمنة العموريين المنحدرين عن الكلدان الأوائل لازمته صفة (عيد بداية السنة) أي رأس السنة وبالبابلية القديمة (أكدية) بابل الكلدية الأصل -Resh Shattim- ، فصار أكيتو الإحتفال الرسمي الوحيد الخاص برأس السنة الجديدة ومركز إحتفاله الشرعي بابل .



لهذا أنفرد البابليون بممارسة طقوس الأحتفال بعيد رأس السنة البابلية (أكيتو) في الأول من شهر نيسان من كل عام ، فيما كان الإحتفال بهذه المناسبة يتم في المناطق الأخرى من وادي الرافدين وخاصة في إقليم الشمال شوبارو / آشور في تواريخ لاحقة (أي بعد الأنتهاء من أحتفالات العراق القديم المركزية في بابل) .



وبديهي أن الإله الوطني للبابليين (مردوخ) كان هو محور الإحتفال بعيد أكيتو سواء كان ذلك في بابل التي كانت هيّ المدينة الأولى التي يحتفل بها بهذه المناسبة المهمة أو في المدن الأخرى ، ولكن بعد دمار بابل على يد ملك الدولة الآشورية سنحاريب عام 689 ق.م توقفت الإحتفالات العظيمة في بابل لبضع سنوات ، فقام سنحاريب بالإحتفال بعيد أكيتو في عاصمته نينوى جاعلاً (الإله الشوباري الأصل آشور) يلعب الدور الرئيس في الإحتفالات ، مما أثار نقمة سكان أقليم آشور المهاجرين والمهجرين من بابل ، فأنقلب عليه أهل بيته وتمكن أحد أبنائه من قتله ، وهنا قام أبنه أسرحدون عن نية حسنة أو بناءً على رغبة والدته الكلدانية نقية / زاكوتو باللغة البابلية -Naqia / Zakutu- بإعادة تعمير بابل ، وإعادة طقوس مراسيم الإحتفال بكبير آلهة العراق القديم والإله الوطني مردوخ في بابل .

ويعتبر قمبيز الثاني -Cambyses II- أبن كورش الثاني -Cyrus II- آخر ملك قام بمراسيم أخذ يد الإله مردوخ في بابل عام 529 ق.م ، وذلك قبل تدمير زقورة بابل ومعبد الإيساكيلا في عام 482 ق.م في عهد الملك الأخميني أحشويرش الأول -Artaxerxes I- ، لكن الإحتفال بعيد أكيتو (بقي مستمراً في الإقليم البابلي) بحسب الوثائق التي جاءتنا من مدينة أوروك حتى منتصف القرن الثاني ق.م .



والحق فإنه منذ العهد البابلي القديم كانت جميع الأنظار تتطلع في الأول من نيسان من كل عام صوب بابل -Babel- العاصمة الرسمية للبلاد ، حيث كانت تجرى فيها الاحتفالات الباذخة وسط تجمعات بشرية هائلة تحج إليها من كل أنحاء البلاد الرافدية القديمة وبضمنها الأحواز والشريط البحري الممتد حتى قطرايا ومنطقة الفرات الأعلى وصولاً إلى حران .

وكانت الإحتفالات تجرى على مرحلتين وفي موقعين مختلفين هما معبد الإله الأعظم مردوخ إي ساك إيلا -E sag ila- أي المعبد المرفوع الرأس في زقورة بابل الشهيرة المعروفة بأسم إيه تيمن آن كي -E-temen-an-ki- أي بيت أسس السماء والأرض ، أما الموقع الآخر فهو المعبد المعروف بأسم بيت أكيتو (Bit Akitu) الذي يقع خارج أسوار المدينة من جهة الشمال .

وجدير بالذكر ، أنه منذ مطلع الألف الأول قبل الميلاد عمد البابليون إلى تحاشي مناداة (الإله مردوخ) بأسمه المجرد بسبب سطوته الإلهية وهيبته في نفوس المؤمنين ، وبدلاً من ذلك راحوا يستخدمون أثناء ذكرهم له صفته الرمزية (إيلو بعل) أي (السيد الإله) المشابهة لما أعتمده كتبة العهد القديم في إستخدامهم لعبارة (الرب الإله) كصفة لإيلوهيم / ألله العبراني .



يبدأ عيد رأس السنة الجديدة أكيتو في اليوم الأول من شهر نيسان ويستمر لمدة أحد عشر يوماً . وتخصص الأيام الثمانية الأولى لممارسات التكفير عن الذنوب ولا يسمح لغير كهنة القداديس الإحتفالية الأوريكالو -Urigallu- بالإقامة في معبد الإيساكيلا الملحق ببرج بابل المسمى إيتيمناكي ، حيث تقام الصلوات وتنشد التراتيل ، وفي اليوم الرابع يفتتح الإحتفال جماهيرياً ويعلن الكاهن الأعلى للإيساكيلا الشيشكالو -Sheshgallu- بدء المراسيم الإحتفالية للسنة الجديدة على مستوى العامة ، مبتدئين بالتلاوة الشعرية لأسطورة الخليقة البابلية الإينوما إيليش -Enuma elish- التي تعني عندما في العلى ، وذلك من قبل كاهن القداديس الإحتفالية الأوريكالو مصحوباً بكادر من الممثلات والممثلين الذين يقومون بتمثيل تفاصيل الملحمة وما تزال هذه التمثيليات الشعبية تشاهد في تمثيل (تشابيه) معركة (الطف) في كربلاء (كربة إيل / الكلدانية) من قبل أبناء الطائفة الجعفرية الذين ينحدر معظمهم عن البابليين الكلدان ، مثلما كانت تشاهد من قبل (إبان العهد المسيحي في العراق) ، وذلك في تشابيه أحداث (الثلاثة العظيمة) وهيّ الجمعة العظيمة وسبت النور وأحد القيامة التي كنت تمثل من قبل المجاميع الكنسية في إقليم بابل أو كما كانت العرب بعد التوسعات الحجازية تطلق عليه تسمية (العراق الأعجمي) لغلبة العنصر الكلداني عليه .



وما يهمنا هنا أن أحتفالات أكيتو بإتفاق جميع المؤرخين ومصادقة الأدلة الآثارية ، إنما كانت تمارس من قبل العراقيين القدماء (بشكل رئيس ومركزي في بابل) ، ذلك أن (عيد أكيتو) أبتدأ وأنتهى في العراق القديم عيداً وسط جنوبي (إقليم بابل) ، ولم يكن في يوم من الأيام من إبتكار إقليم آشور .

كما أن الوسط جنوبيين من الكلدان الأوائل كانوا يحتفلون به منذ تأسيس أولى مدن ما قبل الطوفان (أريدو) صاحبة أول معبد بأسم (إي ساك إيلا -E sag ila-) بحدود 5300 ق.م ، وذلك وفقاً لما جاء في المدونات والملاحم التي ترجع للعهد البابلي القديم ، فيما لم تعرف مدن الإقليم الشمالي هذه الإحتفالات رسمياً (إلا في حدود 1200 ق.م) ، وذلك أثر نقل توكلتي ننورتا الأول (تمثال الإله مردوخ إله البابليين) إلى إقليم آشور مما أدى إلى إحتفال السكان (جلهم من المهاجرين والمهجرين الكلدان) بعيد أكيتو الذي تدور أحداثه (حول تنظيم مردوخ للكون) ، وهو ما يدحض تماماً المغالطة التي تشاع من قبل البعض من غير المتخصصين في مجال الدراسات التاريخية حول عائدية عيد أكيتو لإقليم آشور ؟!!



للمزيد من التفاصيل حول عيد أكيتو البابلي الكلدي ، أيامه والتفاصيل الدقيقة عن المشاركين في إحيائه وبقية التفاصيل الأخرى المرتبطة به يرجى مراجعة الفصول (أكيتو رأس السنة الكلدانية / البابلية 5300 ق.م) ، (سنة آشورية .. أم سنة كلدانية بابلية ؟ ) ، (الأعياد القومية الكلدانية) ، (التقويم في العراق القديم) ، (السياسة والدين في العراق القديم) وذلك ضمن أجزاء الكتاب الموسوم (الكلدان .. منذ بدء الزمان) .


عامر حنا فتوحي


غير متصل نادر البغـــدادي

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 12144
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


   كلّ راس سنة  * اكيتو * وابناء شعبنا

       {{ الكلداني السّريان الآشــوري }}

            بالف الف خيـــر ؛؛؛

                شكراً عزيزا " صبري اوكَنــا "

غير متصل sabri oghanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 544
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 الى بابا عابد المحترم
 
 شكرا لك وكل سنة * اكيتو * وانت بخير وجميع ابناء شعبنا

  صبري اوغنا