المحرر موضوع: رسالة أخطأت العنوان  (زيارة 384 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عدنان حســـين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 669
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رسالة أخطأت العنوان
« في: 13:02 28/05/2011 »
شناشيل
رسالة أخطأت العنوان

عدنان حسين
حتى الساعة التي بدأ فيها جيش المهدي إستعراضه في بغداد الخميس الماضي كنت أعتقد ان قيادة التيار الصدري قد أعدت مفاجأة سعيدة للشعب العراقي لكي تعلنها في الإستعراض بتحويل الميليشيا السابقة الى منظمة مدنية للخدمة الإجتماعية.
كانت وراء هذا الإعتقاد مؤشرات عدة منها تعزيز التيار الصدري موقعه في الدولة (البرلمان والحكومة)، وتأييده التظاهرات المطالبة بإصلاح النظام ومشاركته فيها، وانخراطه في الحملة لمكافحة الفساد المالي والإداري في جهاز الدولة .. أي ان التيار، حسب هذه المؤشرات، بدا خلال الدورة البرلمانية والحكومية الجديدة أقوى تأييداً للدولة وأكثر تعويلاً على دورها. ولهذا خمّنتُ بان قيادة التيار تتجه لاستكمال إجرائها الصائب بتجميد نشاطات جيش المهدي العسكرية بحله والإستفادة منه في تقديم خدمات أوسع للمجتمع. ولاح لي ان اختيار مدينة الصدر للاستعراض والإعلان المفترض يهدف الى إعطاء إشارة بان المنظمة الجديدة ستنطلق في نشاطها الإجتماعي من الأحياء والمدن المحرومة.
وفي إطار التخمين أيضاً ظننتُ ان الإستعراض سينتهي بانتشار الشباب المشاركين فيه في أزقة مدينة الصدر وشوارعها لتنظيفها مما يتكدس فيها من قمامة ونفايات وتخليصها مما يتراكم فيها من مياه آسنة، ليقدّم هؤلاء الشباب إمثولة لما يتعين أن يقوم به السكان من واجب المساهمة في نظافة أحيائهم، وليكشفوا لأمانة العاصمة ومجلس محافظة بغداد تقصيرهما الفاضح تجاه عاصمة البلاد على هذا الصعيد.
بيد ان استعراض جيش المهدي أعطى رسالة مختلفة عما كنتُ قد خمّنته، بل ان رسالته اختلفت أيضاً عما كان مقصوداً منها، فالشعارات التي رددتها كراديس المستعرضين تجاوزت كثيراً الهدف المعلن للإستعراض وهو الضغط من أجل عدم إبقاء قوات اميركية قي البلاد بعد نهاية العام الحالي. كما ان ما ورد في الكلمة التي ألقاها السيد حازم الإعرجي في الإستعراض من ان عناصر جيش المهدي هم "قنابل موقوتة بيد الصدر والحوزة" أثار حفيظة الكثير من القوى السياسية والناس العاديين الذين قرأوا فيها رسالة تهديدية أعادت الى الأذهان أجواء  العنف الطائفي البغيض الذي إندلع منذ خمس سنوات وتسبب في مآسي ومحن لم يبرأ الشعب العراقي من آلامها بعد.
أكثر من هذا ان الاستعراض وشعاراته ستعطي دعماً ليس للمطالبة بسحب كل القوات الأميركية في الموعد المحدد وانما بالإبقاء عليها فترة أخرى. ففي ضوء ردود الفعل التي جرى الإفصاح عنها بخصوص الإستعراض، من المتوقع أن تتشجع عدة جهات الى المطالبة بإبقاء قوات أميركية الى ما بعد نهاية العام الحالي، وبذا يكون الاستعراض قد أدى الى نتيجة تخالف ما قُصد منه.
يُضاف الى هذا كله ان الساحة السياسية المُرهقة أصلاً بأسباب الخلاف والصراع بين قوى البرلمان والحكومة، ستُرهق بموضوع جديد يُعقّد المشهد السياسي، وهذا ما ستترتب عليه نتائج سلبية على الناس الذين ينتظرون الوئام والإنسجام بين القوى الحاكمة للوفاء بالتزاماتها تجاه من إنتخبها الى مجلس النواب والى الحكومة.
ومثلما كان سكان مدينة الصدر يوم الإستعراض أحوج الى الخدمات العامة التي تفتقدها مدينتهم وسائر ضواحي وأحياء العاصمة ومختلف مدن العراق، فان الشعب العراقي أحوج الآن ودائماً الى القوانين التي يتعين أن يُشرّعها البرلمان والى الخطط التي يتوجب على الحكومة تنفيذها لتأمين الإحتياجات الكثيرة لشعب تنسحق عظامه وتتحطم روحه تحت وطأة  الفساد المالي والإداري والصراعات المنفلتة من العقال بين من وضعتهم الأقدار النحسة للعراق في قمة المسؤولية عن مصيره.
adnan255@btinternet.com