الحوار والراي الحر > المنبر الحر

الشهيد والشهادة

(1/1)

abdullah1954:
الشهيد والشهادة

ويقال للشهيد في السريانية (سَهدا) أي الذي أعطى روحه وكل ما يملك ثمنا لإيمانه بقضيته وقربانا مجانا لكي يعيش أهله من بعده أحسن مما عاش هوَ، وتُفسّر المقولة الإنجيلية (الواحد مائة أو ستون أو ثلاثون) بأن الذي يجازيه الرب مائة هو الشهيد أي أنه أعطى وضحى بكل شيء كأنه ضحى 100% وحقوقه عنها أن يجازيه الرب بمائة. والشهادة أنواع؛ منها من أجل الوطن أو الأرض أو العِرض أو المال أو الدين أو ... لكن الشائع في عراقنا المعاصر أكثر من غيره كان شهيد الوطن الذي ذهب ضحية نتيجة أوامر قادته وإخلاصه بتنفيذ الواجب وصولا إلى الشهادة، كما شهد وطننا منذ القِدَم أنواع كثيرة من الشهداء وخاصة شهداء المعتقد الذين نطلق عليهم (المعترفين) وهم تحدّوا أنواع العذابات والسيف والظلم والاضطهاد ومن أجل عقيدتهم، وشهدت القرون الأولى للمسيحية قوافل عديدة من الشهداء، وكانت للامبراطورية الفارسية نصيب كبير منها ومن خلال تسلط الحكام وبطشهم وخلو قلوبهم من أية ذرة للرحمة.

وأرض بابل وآشور أيضا اصطبغت بدماء زكية قدمها شعوبها من أجل بقاء هامة بابل وآشور مرفوعة بين الشعوب ومن أجل ازدهار وثبات مكانتها بين مختلف الأمم والأقوام، وليس بعيدا عنا مطلع القرن الماضي عندما حدثت مجازر مروعة بحق مسيحيي تركيا من الكلدان والآثوريين والسريان والأرمن حيث ذهب عشرات الألوف ضحية الحقد الأعمى لدى من كانوا يحسبونهم أعداء لهم فبطشوا بهم وشبعت أرض هكاري وطور عابدين من دمائهم وبعدها أرض سميل وغيرها من القرى المسيحية التي كان آخرها القرية المشهورة (صورية) أثناء ما يُسمى حرب الشمال حيث تم جمع أهاليها يتقدمهم كاهن رعيتهم وقتلوا جميعا رميا بالرصاص لإرضاء شهوات من يصحّ أطلاق لقب مصاصوا الدماء عليهم. ولازال مسلسل الظلم مستمرا والمسيحيين يُقتلون أو يهجّرون أو تدمر وسائل معيشتهم.

والآن ونحن نعيش زمن الديمقراطية التي ليست سوى بالإسم، والظالم طليق وحرٌّ يعمل ما يشاء دون وازع من ضمير أو مهابة قانون أو حق دولي!!! وكدليل كون شعبنا المسيحي بأطيافه المختلفة في أرض العراق هو واحد بمسميات نختلقها لنُرضي أهوائنا أو أسيادنا المتحكمين بأمرنا لغاية في نفس يعقوب، دمّ كل هؤلاء قد امتزج، ويصرخ عاليا محتجا على من يحاول تجزئة هذا الشعب وبعثرة جهوده نحو الوحدة أو محاولة بيعه لشعوب أخرى كما تم بيع يوسف، تحت ذرائع وحجج شتى لتصبح دماء الشهداء ضائعة منسية وتذهب سدى دون ان تؤدي دورها لدى سعبنا في الوقت الراهن!!

وأيضا نجد في ذات اليوم الذي هو يوم السابع من آب يحتفل جميع أطياف شعبنا؛ أحدهم بيوم الشهيد الآشوري والآخر بيوم الشهيد البابلي وربما الثالث ولا أدري بيوم الشهيد السرياني!!!! أليست هذه أحدى المفارقات المضحكة المبكية التي لا يستطيع من يمثلون شعبنا إيجاد جوابا شافيا لها، فكل عام يجتمعون ويخطبون ويزايدون على دماء الشهداء لكن لا نقبض سوى الريح الذي سرعان ما نعود فور انتهاء الاحتفالية إلى ديدننا العادي وننسى كل شيء لنهيئ أنفسنا للمناسبة القادمة، أما الاجراءات العملية لخلاص الشعب فهي مؤجلة ريثما يتم حسم الصراع على الكراسي وتحقيق أقصى المكاسب ويعرف كل واحد نصيبه من الغنائم حتى أصبحنا نطلق على هذا (قائد) وعلى الآخر (فارس) والثالث ربما (ضرورة) !!!! ولكن الشعب باقٍ مضطهد ليس له من معين أو سند .

فأين نحن الذين نطلق على أنفسنا مثقفي هذا الشعب من كل هذا؟ أليس من واجبنا تسليط حزم من النور في عالم الظلام هذا حول هذا الشعب؟ وخاصة ونحن نحتفل بيوم الشهيد مهما كان اسمه!!!!!!!!! ، إنها مناسبة لكي نأخذ من دماء أولئك الأبطال لنعمل منها دواءً لمعالجة أوجاع هذه الأمة المريضة، من واجبنا ان نصرخ بوجه من يحاول تمزيق الشعب المسيحي في العراق تحت مسميات مقيتة ونقول له كفى، أنتبه وعد إلى رشدك فهذا الشعب لا يهمه ماذا يكون اسمه بل يهمه أن يحصل على السلامة والأمان، يهمه أن يحافظ على كرامته وهويته، إن شعبنا يمقت من يحاول ابتلاع أخيه الآخر، نجد العامة وكيف تتصرف فلا نجد ميزة للآثوري على الكلداني او السرياني، يعيشون معا .. يجلسون ويتسامرون ... لكن من يُفرق هؤلاء، هو المجرم الحقيقي الذي يجعل من تضحيات هذا الشعب سُلّما يصعد بواسطته ويجني المكاسب.

ونحن في هذا المقال لا يسعنا إلا أن نمجد دماء الشهداء الأبطال ونضعها على المذبح أمام مرأى ومسمع أخوتنا مسيحيي العراق أينما هم، علّنا نرد الدين لهم آملين أن يكونوا الآن مع القديسين والأبرار يمجدون الله ويتضرعون من أجل هذا الشعب المبتلى بسياسييه!!!!
ع. هـ . ججو

تصفح

[0] فهرس الرسائل

الذهاب الى النسخة الكاملة