المحرر موضوع: تحية للنائبة العراقية حنان الفتلاوي  (زيارة 2033 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند محمد الحسيني

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 21
    • مشاهدة الملف الشخصي
تحية للنائبة العراقية حنان الفتلاوي

بقلم : مهند الحسيني
 
ربما ان الكثير من العراقيين قد شاهد وتابع جلسة استجواب السيد فرج الحيدري رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بشأن الإستفسار عن قضايا فساد إداري ومالي، إضافة إلى إلاستغلال الوظيفي من قبل رئيس واعضاء المفوضية في تعيين عدد كبير من اقاربهم دون الاعتماد على معايير التعيين الوظيفي والنظر للكفاءة الذاتية (ومن ضمنهم ابناء الحيدري الثلاثة بالرغم من عدم وجودهم في العراق !) ، حيث قدمت النائبة حنان الفتلاوي صاحبة طلب الاستجواب عدة استفسارات مدعمة بوثائق تبين مدى الجهد الذي بذلته لجمعها وتبيان الحقيقة امام الشعب العراقي وبشكل واضح وموضوعي لا يقبل اللبس ، وكم أعجبتني هذه النائبة العراقية وهي تحرج من يقف امامها وبدون اي اسفافات وتسقيطات كما حصل في سابق الاستجوابات  والتي كانت تقف وراءها دوافع سياسية ، واذكر منها كيف ان عضو البرلمان السابق عن كتلة الفضيلة تقدم بالسؤال للسيد حسين الشهرستاني في جلسة استجوابه( حين كان وزيرا للنفط) قائلا له " سيادة الوزير .. - يقال - انكم فعلتم كذا وكذا " !! ، وهنا نجد الفرق كبير بين من يستجوب المسؤول وهو يملك الدليل الدامغ وبين من يعتمد على الـ ( قيل والقال) وما يقال من هنا ومن هناك لا لشيئ إلا للتسقيط الشخصي ، وإلا أين كتلة الفضيلة والشيخ صباح الساعدي من كل هذا الفساد ام انه بالنسبة لهم  فيه الوان ودرجات !!.

إمرأة بالف رجل !!


ومع هذا الموقف الشجاع والجريء للسيدة الفتلاوي إلا انني  لن اقول ما يقوله البعض حين يحاول مدح (إمراة) لموقف ما بانها بألف رجل وبإن موقفها خير من مواقف كثير من الرجال وألخ ألخ ، لأنه انتقاص صريح من شخصية وكيان ( المراة) ،على إعتبار ان مثل هذا الكلام يقر ضمنا بأن المواقف الايجابية والشجاعة هي محصورة في دائرة ( الرجولة) !، وحقيقة استغرب كيف ان الكثير - وحتى منهم من يدعي بحقوق المراة وشرعية وجودها في المجتمع كطرف فاعل ومؤثر-  يقع في مثل هذا الخطا الشائع والخطير في نفس الوقت لانه يعبر عن العقل الجمعي اللاواعي !.
نعم .. موقف السيدة الفتلاوي إثبت للجميع بان المراة فاعلة وتمارس واجباتها وبكل مهنية وكفاءة، وهي ليست فقط مجرد تابع للرجل ، كما هو الحال في بعض الكتل الأصولية المتشددة ( التي تريد ان تحكم البلد وفق الحلال والحرام!) ولا حتى في غيرها من الكتل التي  تدعي الوطنية والليبرالية والتي غالبا ما تكون فيها المراة مثل الذي اسمه في الحصاد ومنجله مكسور، فما يحكم بين الرجل والمراة هو مدى الكفاءة في تأدية الواجبات والمهام الملقاة على عاتقهم  وفي اي مجال من المجالات الحياتية .

مابين الطائفية الأديولوجية والمذهبية

في هذا الصدد أود ان أذكر بأني يوم امس وخلال مكالمة مع احد الاصدقاء إثنيت على ما فعلته النائبة حنان الفتلاوي وجراتها وشجاعتها وكيف انها وفقت في احراج رئيس المفوضية من خلال الوثائق التي قدمتها ومن خلال رصانتها وقوة حجتها ، المفارقة العجيبة هي  أن صاحبي قد تفاجأ من ثنائي عليها  كونها وبحسب وصفه (محجبة) ومحسوبة على تيار اسلامي وكوني ليبرالي يدعو للدولة المدنية وأرفض مبدأ تسييس الدين وتدين السياسة، لذا هو أعتبر موقفي نوعا من الإزدواجية (!) ، وحقيقة استغربت من هذا المنطق الممجوج والذي ينم عن عنصرية فكرية واديولوجية مثلها مثل العنصريات المذهبية والقومية ، وللاسف هذه العنصرية والطائفية الاديولوجية قد رأيتها بوجهها القبيح لدى البعض ممن يسمون انفسهم ( مثقفين) حين انتقدت موقف السيدة هناء إدور في مقال سابق، فالبعض حكم على الحدث وعلى شخصي من خلال خلفية ادور اليسارية وخلفية المالكي الاسلامية ، حيث انهم ومن مبدأ (الثنائية المطلقة) أفترضوا بأنني حين انتقدت السيدة هناء (اليسارية) فيقينا أنه جاء كدفاع عن المالكي ( الإسلامي) !، متناسين ان هناك مساحة كبيرة ما بين هذه الثنائية وهي الموضوعية ونقد من يستحق النقد بحسب موقفه لا بحسب خلفياته الإنتمائية.
وأقولها بصراحة : كمواطن عراقي لا تهمني توجهات ولا عقائد من يمثل الشعب ويسير شؤونه بقدر ما تهمني مواقفه الوطنية المخلصة والتي تصب في مصلحة المواطن ، فيفترض أن هذه التوجهات تندرج ضمن حرية الإعتقاد والتي للأسف يحاول البعض رفعها كمجرد شعار بائس لا يؤمن به بشكل فعلي، فالاجدر بنا ان نحكم على الاخرين بحسب مواقفهم وبحسب عطائهم ، مقدرين في الوقت نفسه حجم الضغوطات والعراقيل التي تقف بوجه الكثير من النجاحات التي ننتظرها كشعب عانى حروب وثقافة اقصائية دموية.
ومن يقود البلد بشكل صحيح ويبذل الجهود الحثيثة لإيصاله لبر الامان والإستقرار ولو بالحد الادنى (نتيجة الظروف والتركة الثقيلة التي خلفتها لنا الثقافة البعثية ) من واجبي الأخلاقي ان إثني على جهوده وإفعاله طالما انه لا يحاول ان يصبغ المجتمع صبغة طائفية او عنصرية ، وحين يحدث مثل هذا الامر بشكل ملحوظ وسافر سأكون اول من يهاجم وينتقد مثل هذه السلوكيات المرفوضة (كما انتقدنا سابقا قرارات وتصرفات مجلس محافظة بغداد التي ذكرتنا بقرارات مجلس قيادة الثورة الإرتجالية) وربما أن انتقادنا يصل حتى أكثر من القلم والقرطاس .

عودا على ذي بدء

وبما يخص إستجواب (مفوضية) السيد الحيدري ألذي ربما كان  يعتقد انه فوق القانون وخارج عن سلطة المساءلة وذلك من خلال تصريحاته العجيبة والغريبة والتي تبين مدى ثقته بعدم مساءلته في الكثير من قضايا الفساد ، حيث قال في احدى تصريحاته  :"لا توجد أسباب قانونية لحل المفوضية ما عدا في حال اتفقت الأطراف السياسية فيما بينها على حلها " !.
وفي تصريح أخر يقول :"إن رئيسَ الجمهورية لم ينتقد المفوضيةَ لكنه دعا إلى أن يكون عملُها مستقلاً و غيرَ منحازٍ لأي طرف" !.
نعم .. ما قاله السيد فرج الحيدري من الناحية الفنية هو امر صحيح ولا غبار عليه ، على إعتبار أن المفوضية هي مؤسسة عليا مستقلة عن المؤسسات التنفيذية الحكومية، ولكن حين تبرز قضايا فساد مالي وإداري على سطح هذه المؤسسة (مثلها مثل غيرها من المؤسسات) فعلى الجهات الرقابية ذات العلاقة مثل البرلمان وهيئة النزاهة ان ترسل دعاويها للقضاء العراقي المستقل وهو يبت ويحسم مثل هذه الدعاوي ، فالمحاصصة التي اتت به وبزملاءه الاخرين لم تعطهم الحصانة من المثول امام السياقات القانونية ومحاسبتهم وفقها ، و ماقاله السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني لا يعتبر صك غفران لكل حالات الفساد الواضحة بقدر ما هو تأكيد طبيعي لإستقلالية عملها وهذه لا تحتاج لفتوى او لتفسير.

ملخص الإستجواب

ساحاول أن أبين النقاط التي اوردتها النائبة حنان الفتلاوي  لكل من لم يتابع وقائع جلسة يوم امس الخميس 30/6/2011 .. وبشكل مختصر :
-   استفسارها عن السند القانوني لقيام عضو المفوضية اسامة العاني باستئجار منزل بمبلغ 33 مليون دينار خارج المنطقة الدولية ، مع وجود خروقات قانونية بخصوص عقد الايجار من بينها عدم تصديقه بالمحكمة هذا بالإضافة لتخصيص مبلغ مالي لتأثيث الدار (على الرغم من كونها مستأجرة مؤثثة) ، وأوضحت السيدة النائبة الفتلاوي بعدم وجود سند قانوني لتاثيث دور المفوضين اضافة لمدى قانونية شراء مولدات للمفوضين فضلا عن صرف اجور زيت الكاز لها وتفاوت اسعار صرف هذه المادة من عضو لاخر !!.
-   تساءلت النائب حنان الفتلاوي عن الاليات المعتمدة لمنح الاجازات في المفوضية خاصة ان السيد فرج الحيدري حصل على 206 ايام اجازة بينما حصل المفوض السيد سعد الراوي على213 يوم اجازة .
-   طالبت النائبة حنان الفتلاوي بمعرفة الاجراءات القانونية المتخذة بحق وكيل السيد قاسم العبودي الذي جمع مابين وظيفتين علاوة لإستفسارها عن معرفة كيفية التعامل مع الحريق الذي اندلع في بناية المفوضية وادى الى خسائر تقدر بمليوني دولار وما أفضت إليه نتائج التحقيق .
-   معرفة اسباب معاقبة رئيس قسم العقود من قبل لجنة تحقيقية مشكلة من قبل مجلس المفوضين والتي قررت تخفيض درجته بسبب تسليمه مناقصة في خارج دائرة المفوضية وبشكل مباشر دون مراعاة الاصول القانونية ،اضافة لقيامه بحظر التعامل مع مطبعة بعينها بشكل شخصي وبدون الرجوع للسياقات القانونية ، وسؤالها عن سبب  قبوله لعروض عالية الكلفة في الوقت الذي اهمل فيه عروض واطئة الكلفة تحمل نفس المواصفات ( بفرق يصل حوالي 80 مليون دينار ) .
-   واستفسرت عن السبب الذي تم فيه الغاء قرار اللجنة التي شكلتها المفوضية نفسها ، حيث تمت اعادته الى درجته الوظيفية وتسليمه مستحقاته المالية عن فترة العقوبة وبأثر رجعي  !.
وبالطبع ان النائبة الفتلاوي لم تقدم هذه الاستفسارات بشكل عشوائي ومبهم بل قامت بارفاق العديد من الوثائق الرسمية التي لا تقبل الشك وحتى التاويل وتثبت إلخروقات القانونية للأشخاص المومأ اليهم، مما جعلت رئيس المفوضية  السيد الحيدري في حيرة من إمره ولا يعرف بماذا يجيب ، وهذا كان واضحاً من خلال تلكؤه في الاجابة لدرجة انه بعد ان واجهته السيدة الفتلاوي بالوثائق الدامغة (بعد ان تصور بانه بإمكانه التملص ) قال بالحرف الواحد " لا يوجد لدي تعليق" ، وهو نفسه من طالب  النائبة المستجوبة حنان الفتلاوي في وقت سابق بأن تقدم ما لديها من وثائق تثبت فيها وجود الفساد في المفوضية، حيث قال الحيدري مصرحا لإحدى الوكالات الإخبارية وبكل ثقة  : "سنجيب على اسئلة المستوجبة حسب ما وصلت الينا قبل موعد جلسة الاستجواب" مقللا من اهمية ما ورد في الاستفسارات معتبرا إنها لا ترتقي الى الاتهام بالفساد مطالبا في الوقت نفسه بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في هذه الاتهامات! .
وأقول : ان السيدة الفتلاوي قد أوفت بما عليها من حيث تقديم الادلة التي طلبها السيد الحيدري والتي تثبت تقصيره في اداء واجبه ، ولكن السؤال هل قدم لنا الاخير اجابات مقنعة وبحجم الادلة المقدمة ؟!!.
وأذا كانت كل هذه النقاط لا ترقى لان تكون فسادا واهدارا للمال العام فكيف يكون شكل الفساد ياسادتي المفوضين الأكارم؟!!
وأذا طالب مجلس المفوضين ( عن طريق قاسم العبودي أحد مدراء المفوضية ) بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق فالسؤال الذي يطرح نفسه  :ترى ماهو دور البرلمان العراقي ولجنته القانونية واللجنة المختصة بالنزاهة  ،ولماذا انتخب الشعب ممثلين عنه اذا كانت ابسط تفصيلة متعلقة بالفساد تخضع للجان المجاملات و(تبويس اللحى) بزعم المحاصصات السياسية  ؟؟!!.

متاهات الدعاوى القضائية


قد يكون الكثير من العراقيين لا يعلمون  بان السيد فرج الحيدري مدير مفوضية الانتخابات قد قام باكثر من مناسبة برفع قضايا ضد كل من اتهم المفوضية بسوء الادارة والفساد المالي ، فلقد قام السيد الحيدري برفع دعوى قضائية ضد عميد كلية الإعلام هاشم حسن بصفته الصحافية على خلفية نشر الأخير مقالا تحت عنوان (كشف المستور) والذي أشاد فيه الدكتور حسن باستجواب النائبة حنان الفتلاوي لاعضاء مفوضية الانتخابات في مجلس النواب العراقي ، حيث أعتبرت المفوضية المقال هو "تشهيرا" بها مطالبا الدكتور حسن  هاشم بتعويض قدره مليار دينار عراقي (!).
 ولا اعرف حقيقة هل هؤلاء حقا لا يميزون بين إبراز الحقائق وأسماء المتورطين بالفساد وبين كشف للمستور (كما جاء في عنوان مقال الدكتور هاشم حسن) كواجب وطني ومهني .
حيث لم يكتف السيد فرج من دعوته ضد الدكتور هاشم حسن بل قام برفع دعوى أخرى ضد النائبة السيدة حنان الفتلاوي بمزاعم غير مبررة مطالبا اياها بتعويض قدره مئة مليون دينار ( لااعرف لماذا رأف الحيدري بحال النائبة ولم يرأف بحال الدكتور هاشم حسن من حيث مبلغ التعويض!)، ولعدم قانونية الدعوى وانتفاء مسوغها الشرعي تم الغائها (!) .
 وربما ان القصد من هذه الدعوى ضد الفتلاوي من قبل السيد فرج الحيدري هو  الضغط والتأثير عليها لسحب إستجواب رئيس المفوضية في البرلمان العراقي ، وشخصيا أعتبر ان مثل هذه القضايا بحد ذاتها هي إهدار للمال العام وتضييع وقت المحاكم العراقية بقضايا اقل ما أصفها بالسخيفة ( وعذرا للكلمة)، على إعتبار ان من حقه كطرف متضرر ان يلجأ بالرد الموضوعي الموثق بدلا من الدخول في دهاليز القضاء وإلجام الاصوات المنتقدة للفساد المستشري في هذه المفوضية ، ولا اعرف هل ساتعرض انا الاخر بتهمة التشهير بالمفوضية ام ان السيد الحيدري وعى الدرس بعد ان اصبحت الامور على صفيح ساخن وبعد ان انكشفت الكثير من الامور أمام الرأي العام العراقي؟! .

كلمة اخيرة

ختاما وبعد كل هذا الجهد والوثائق الدامغة في كشف هذه الامور الخطيرة  ..هل سيتم مقاضاة من اثبتت الوثائق والوقائع فساده واهداره للمال العام وفق السياقات القانونية وعبر القضاء المستقل، ام سيتم الإكتفاء فقط باقالته من منصبه مثله مثل  باقي السراق والحرامية الذين سرعان ما غادروا  العراق وعلى اسرع طائرة ولأقرب بلد ليتنعموا بعدها بأموال العراقيين (ضحايا الفساد والإرهاب) ، لأن مثل هذه المحاباة والمجاملات السياسية قد ولدت الإحباط بالنسبة للمواطن البسيط وهو يجد ان القطط السمان تُترك بدون محاسبة ، وفي نفس الوقت لا يوجد ردع حاسم بالنسبة للمفسدين يجعلهم يفكرون الف مرة قبل ان يرتكبوا سرقاتهم ، فكما قيل قديما "من أمن العقاب ساء الادب " .
واتمنى هذه المرة ان يخيب المسؤولين ظني بهم وان يجعلوا من هذه القضية بمثابة الخطوة الاولى للقضاء على آفة الفساد والمحسوبية وان ينزعوا عنهم رداء الطائفية السياسية المقيتة ، وان يشيروا للخطأ ايا كان مصدره ،ويتناسوا خلافاتهم السياسية ويدعوها جانبا بعد ان يضعوا المصلحة الوطنية فوق اي اعتبار .... وإنتماء .

مهند الحسيني
muhannadalhusynni710@gmail.com
1/7/2011