المحرر موضوع: قاموس آشوري لجامعة شيكاغو قفزة نوعية في علم الآشوريات  (زيارة 6356 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 395
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قاموس آشوري  لجامعة شيكاغو
قفزة نوعية في علم الآشوريات

أبرم شبيرا
يمكن تسمية عام 2011 بعام علم الآشوريات في حقل الآثار وتاريخ حضارة بلاد مابين النهرين، لا بل حتى في تاريخ الحضارة الإنسانية. فبعد أن كتبنا عن معرض روائع حضارة بلاد الرافدين الذي أقيم في أبو ظبي وأثار إهتمام المختصين وغير المختصين وأظهروا أعجابهم به  كما عكس مدى حضارية وإنسانية هذا البلد الصغير الحديث على الخارطة السياسية، البلد الذي يثير تطوره وتقدمه السياسي والإجتماعي والإقتصادي حقد وكراهية وحسد الكثير من العاجزين عن التقدم خطوة واحدة نحو مستويات يمكن أن تساعد شعوبهم المقهورة للدنو من الرفاهية والإستقرار السياسي والإجتماعي، يأتي إصدار جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة ألأمريكية للقاموس الآشوري كقفزة نوعية في علم الأشوريات ويثير أهتمام الكثير من المختصلين وغير المختصين وأنا واحد من هؤلاء غير المختصين في هذا الحقل ولكن أثار أهتمامي بشكل كبير ومثير لأنه يأتي صدور هذا القاموس من جامعة في دولة تبعد ألاف الأميال عن موطن الشعوب التي تكلمت بلغة هذا القاموس، دولة تعتبر في نظر البعض "الشيطان الأكبر" لا بل تأتي الأهمية القصوى لصدور هذا القاموس بالنسبة لي ولغيري من أبناء بلاد مابين النهرين في كونه قاموس لغة تعتبر لغة أباؤنا وإجدادنا العظام الذين بنوا أعظم وأول حضارة في التاريخ القديم.   


تجلت أهمية صدور هذا القاموس من خلال تداول الصحف المختلفة والمواقع الألكترونية خبر صدوره. فقد وصلني أكثر من رسالة ألكترونية عن هذا الخبر وبعض من المقالات والبحوث التي كتبت عنه وكان أهمها المقالة التي كتبها جون نوبل ولفورد تحت عنوان (قاموس آشوري – شيكاغو – مع 28,000 كلمة: أنه نافذة ميسرة لحضارة بلاد الرافدين) وقد نشر في جريدة نيويورك تايمز نيوز سيرفس باللغة الإنكليزية وإعادت جريدة (كلف نيوز – Gulf News) نشره في في عددها المؤرخ في 15 تموز 2011 ، كما نشر على الموقع الألكتروني لجامعة شيكاغو. ونظراً للأهمية القصوى لهذا القاموس في علم الاشوريات فإنني، رغم كوني من غير المختصين في هذا العلم كما ذكرت، إلا أنه بسبب أهميته الخاصة وهو علم يخص أجدادنا وأرض أباؤنا بلاد مابين النهرين، أرتأيت أن أكتب بعض السطور لتكون فائدة بسيطة للقراء من جهة ولغرض تعميم الفائدة والمعرفة بهذا القاموس الذي أعتبره العلماء مدخلاً كبيراً لفهم حضارة بلاد الرافدين كما ويأتي إستكمالاً للموضوع السابق الذي كتبته عن معرض روائع حضارة الرافدين والذي سبق وأن نشر في هذا الموقع الألكتروني، وكلا الموضوعين يعكسان مدى أهتمام دول، كالولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية المتحدة بالحضارة الإنسانية ومساهمتهم في تطويرها، ومنها حضارة بلاد الرافدين.

لا أريد أن أعيد كل ما كتب عن هذا القاموسي فالغرض من هذا الموضوع هو بيان بعض النقاط التي تهمنا معرفتها والتي سأتي على ذكرها ولكن مع هذا فبعض السطور عن ما كتب عن هذا القاموس يفيد القارئ الكريم خاصة الذي لم يطلع على ما كتب عنه هذا. أستهل العمل بمشروع هذا القاموس في عام 1921 من قبل جميس هنيري بريستيد، مؤسس المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو والذي عمل أيضا على قاموس برلين للمصريين القدماء. وأول جزء أنتهى منه كان في عام 1956 وتناوب وساهم في إنجازه بحدود 90 عالم وباحث ومؤرخ وآثاري حتى المجلد 21 الأخير في هذا العام فأصبح القاموس يجمع 28,000 مفردة.

يقول ولفورد في مقاله السابق الذكر، تسعون سنة مضت على تنظيم قاموس ذو 21 مجلداً لللغة القديمة لبلاد الرافدين ولهجتيها البابلية والآشورية والتي هي لغة غير محكية خلال 2000 سنة الماضية ولكن بقيت محفوظة على ألواح طينية ومنقوشات صخرية تم فك شفيرتها خلال القرنين الماضيين والتي أكتملت أخيرا على أيدي علماء من جامعة شيكاغو. هذه كانت لغة سركون الكبير، ملك أكد في الرابع والعشرين قبل الميلاد، تكلم بها وحكم أمبراطورية أعتبرت أول من نوعها كما هي لغة حمورابي أستعملت في حدود 1700 سنة قبل الميلاد لينشر ما عرف بأول تشريع قانوني في التاريخ كما أن مفردات هذه اللغة أستخدمت في ملحمة كلكامش والتي تعتبر أول تحفة من الأدب العالمي. ومن المفترض أن نبوخدنصر (الملك الكلداني البابلي) قد أستخدم هذه اللغة لإسترضاء زوجته المتشوقة للعودة إلى بلدها الجبلي وبناء لها الجنائن المعلقة في بابل.


صورة يظهر فيها مارثا روث عميدة كلية العلوم الإنسانية في جامعة شيكاغو ورئيسة تحرير القاموس الآشوري  مع جيل ستيان مدير المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو يبحثان في أحدى المدونات الآشورية من المتحف البريطاني. (الصورة منقولة من الموقع الألكتروني لنيويورك تايمز)
=================================================

الملاحظات التي يهمنا أن تذكر في سياق صدور هذا القاموس، يمكن إيجازها بما يلي:

1.   لماذا التسمية الآشورية للقاموس؟: على الرغم من التسمية الآشورية للقاموس إلا أنه من الواضح والمبين والمؤكد من قبل جميع علماء الآشوريات واللغات القديمة بأن لغة القاموس هي اللغة الأكدية وأن اللغة التي تكلم بها الآشوريون هي لهجة تابعة لهذه اللغة والتي تكلم بها البابليون أيضا لهذا سميت علمياً باللغة البابلية الآشورية. فالقاموس يركز على الشكل الجديد لللغة الآشورية وهي لغة أمبراطورية عظيمة تمثلت عظمتها ليس في قوتها العسكرية فحسب بل أيضا في تطورها الثقافي والعلمي وأنعكس ذلك بشكل كبير وواضح في محتويات مكتبة الملك الآشوري آشور بانيبال والتي كانت هذه المحتويات موضوع دراسة لأكمال القاموس الآشوري لجامعة شيكاغو. ويؤكد العلماء بأنه من المحتمل بأن هذه اللغة كانت أول نظام لغوي عرفه الإنسان وأن النظام السياسي الذي كان قائماً في بلاد الرافدين على أساس (دولة - مدينة) يمثل أول نظام حضري للإنسانية. ويذكر ولفورد في مقاله السابق الذكر بأنه عندما بدأ بريستيد بمشروع هذا القاموس في عام 1921 كانت معظم المدونات المكتوبة تخص حكام الآشوريين وأيضا فأن المراجع التوراتية تركت تأثيراً بأن المصطلح الآشوري كانت متناغماً مع معظم اللغات السامية في العصور القديمة.
إن موضوع نعت القاموس بالآشوري يمكن أن يكون قد تأثر بالعلم الذي أطلق عليه بعلم الآشوريات التي وضع أسسه الأولى العلامة الآثاري السير هنري رولنصن الذي ولد في أكسفورد عام 1810. حيث يذكر أي. رويست بايك في كتابه المعنون (قصة الآثار الآشورية) ترجمه يوسف داود عبد القادر طبع بمطبعة أسعد في بغداد – مودع في المكتبة الوطنية عام 1972، بأن رولنصن كان قد سمع الشيء الكثير عن الكتابات والنحوت الموجودة على واجهة أحدى الصخور في (بهستون) التي تقع غرب مدينة كرمنشاه الإيرانية فتوجه إليها حيث أستطاع إستنساخ الكتابات الموجودة عليها والتي كانت مدونة بثلاث لغات هي البابلية والفارسية القديمة والسوسية (العيلامية) ... فقد تمكن رولنصن من التوصل إلى حل رموز الكتابات المدونة على واجهة الصخرة وبعد أن تسنى له الوقوف على جميع الكتابات المسمارية المكتشفة في ذلك الوقت قاده إلى معرفة ثلاثة أسماء للشخصيات الملكية وهم داريوس و هستاسب وزوركسز وتلك كانت أولى الخطوات المهمة التي تلتها خطوات أخرى (ص123).  وفي عام 1847 تمكن من أن يقوم بترجمة كاملة للنص الفارسي مع وضع شروح وملاحظات نحوي وأبجدية كاملة وبعد ذلك تمكن من ترجمة النصوص الأخرى بمساعدة عدد من العلماء الآخرين. غير أن الشكوك أثيرت حول صحة هذه التراجم لذلك أستدع الأمر إلى فحصها وتدقيقها للتأكد من صحتها. ففي عام 1856 أفترح فوكس تالبوث والذي أشتهر بكونه أو رائد عمل في حقل إختراع التصوير الفوتوغرافي، أقترح أن تقوم الجمعية الأسيوية في لندن بدعوة ثلاثة من علماء المسماريات ليقوم كل واحد منهم على إنفراد بترجمة مقطع طويل من الكتابات الآشورية، وأن توضع كل ترجمة في ظرف مختوم وترسل إلى سكرتير الجمعية، وأقترح كذلك أن تولف لجنة تتولى فتح هذه الظروف ومقارنة التراجم مع بعضها وإعلان النتيجة، وأن تتم جميع هذه الإجراءات بجو من العلنية. وكانت الكتابات التي أختيرت لهذا الغرض هي المواد المدونة على منشور من الطين المفخور يعود إلى الملك الآشوري (تكلات – بلاصر) الذي سبق وأن أكتشف في مدينة آشور وتم تكليف كل من فوكس تالبوت و رولنصن وإدورد هنكس ( 1829 – 1866 وهو عالم آثاري أيرلندي ساهم في حل رموز الكتابات الهيروغليفية كما شارك مع رولنصن في حل رموز الكتابات المسمارية) وجوليس أوبرت (1825 – 1905 وهو عالم آثاري ألماني وضع ملفات عديدة أهمها النحو الآشوري و بابل والبابليون ودراسات سومرية) للقيام بترجمة هذه المدونة حيث أرسل كل منهم ترجمته بغلاف مختوم إلى الجمعية الأسيوية الملكية، وبعد مقارنتها وجدت متفقة مع بعضها إتفاقاً تاماً بحيث لم يعد ثم شك بأن علماء الآشوريات يفهمون ما يقرأونه فهماً تماماً. ثم أرتأى (أبو الآشوريات)، وهو اللقب الذي الذي أستحقه رولنصن عن جدارة، بأن الوقت قد حان لترجمة نصوص الوثائق الآشورية التي كانت متوفرة آنذاك نتيجة التنقيبات التي جرت في نينوى وأطرافها (ص124) وبذلك نشأ علم جديد عرف بعلم الآشوريات وأعتمد عليه في دراسة حضارة بلاد ما بين النهرين. من هذا نؤكد القول بأن تسمية القاموس بالآشوري لا يمكن أن يفهم إلا من خلال هذا العلم الذي توفرت له المراجع الأساسية من منحونات ومدونات آشورية عديدة خاصة التي حفظت في مكتبة الملك آشور بانيبال.

2.   أنسكلوبيدية القاموس الآشوري: هذا القاموس ليس مجرد سرد لكلمات ومعانيها بل هو إنسكلوبيديا بحق وحقيقة. فهو يتناول تاريخ ومجال إستعمالات كل كلمة فهو بكل معنى الكلمة إنسكلوبيديا ثقافية لشعوب بلاد مابين النهرين. يقول جيل ٍستيان المدير في المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو (نشر على الموقع الألكتروني لهذه الجامعة) بأن هذا القاموس الفريد من نوعه هو في الجوهر إنسيكلوبيديا ثقافية لتاريخ ومجتمع وأدب وقانون ودين بلاد ما بين النهرين وأنه أداة لا غنى عنه في البحث العلمي للباحثين في إي مكان والذين يرغبون إماطة اللثام عن المدونيات المكتوبة لحضارة بلاد مابين النهرين. ويذكر سامي بدرو على أحدى المواقع الألكترونية بالقول بأن هذا القاموس هو دراسة تمخضت عن نصوص عمرها أكثر من 2500 سنة تحتوى على وثائق ذات صلة علمية أو طبية أو قانونية وأدب ملحمي وتضرعات إلى الآلهة، بل وحتى رسائل حب. فالعلماء والآثاريون لم يكن بإمكانهم قراءة النقوش والكتابات الكثيرة التي كتبت على الجدران أو على الألواح الطينية وفك رموزها ولكن الآن بفضل هذا القاموس فأنهم يستطيعون قراءة كلمات الشعراء والفلاسفة والسحرة وعلماء الفلك. وتقول السيدة مارثا روث، رئيسة تحرير هذا القاموس بأن المثير هو ليس الفروقات بين مفردات الحياة قديماً وحديثاً، بل التشابه بينهما... فبدلاً من أن نواجه عالماً غريباً عنا، ترانا نأنس بعالم مألوف جداً حيث إهتمام الناس بأمور يومية، فنرى الناس قديماً، كما هم حديثاً، يهتمون بقضايا العلاقات الشخصية والحب والعواطف والسلطة وأمور أخرى كالري وطرق إستغلال الأراضي ... وتضيف وتقول أن كثيراً من التفاصيل التاريخية التي أصبحت في متناولنا تخبرنا أن النقلة النوعية للإنسان حينئذ من كونه بشراً فقط إلى كونه كائناً متحضراً حديث في بلاد ما بين النهرين إذ يعتقد بأن بذور التقدم الهائل في مختلف مجالات الحياة زرعت أول مرة في تلك الأصقاع كما يعتقد بأن بلاد ما بين النهرين هي واحدة من ثلاثة أو أربعة بلدان في العالم حيث وجدت أول كتابة وإن الأحرف المسمارية التي كتبت بها كل من الآشورية والبابلية .... هي أقدم مخطوطة في العالم وكانت المهلم لنظيرتها الكتابة الهيروغليفية ... (نقله سامي بدرو).  وعلى العموم يمكن القول بأن هذه الإستكشافات العظيمة أثبت بأن حضارة بلاد الرافدين لم تكن ثقافة حصراً بالملوك والملكات وحاشيتهم بل كانت ثقافة حقيقية لحياة الشعوب اليومية أيضاً.

3.   القاموس بين لغة الأمس واليوم
:  كما ذكرنا في أعلاه القاموس ليس مجر سرد للكلمات فقط بل أنه يعطي لكل كلمة عدة معاني مرتبطة وبوثاق كبير بالتاريخ والحياة اليومية في ذلك الزمان. يأخذ ولفورد على سبيل المثال لا الحصر كلمة يومو (umu) حيث خصص لشرحها 17 صفحة والتي تعني (يوم) . وهناك أيضا كلمة كالو أو كاليه (Kalu) والتي تعني عدة معاني باللغة البابلية الآشورية لهذا القاموس فهي تعني حجز أو تأخر أو بقاء أو حجز في الموقف وهكذا.  ثم هناك كلمة أخرى مثل داي نو (di nu) والتي تعني القضية أو قضية قانونية أو قرار حكم وإدانة. ومن الملاحظ والمثير للإنتباه إن جميع هذه المفردات وغيرها هي تقريبا نفسها التي يستخدمها أبناء شعبنا "الكلداني السرياني الآشوري" في أدبياته وحياته اليومية ولكن بإختلاف بسيط في اللفظ وهو الإختلاف المقبول جداً فيما إذا إدركنا موضوع تطور اللغات عبر قرون طويلة من الزمن. وقد يثير عند البعض مثل هذا الإرتباط الوثيق بين لغة أبناء شعبنا في هذا اليوم مع لغة أجدادهم من الأكديين والبابلين والآشوريين والكلدانيين القدماء الذين تفصلهم عنهم أكثر من 2500 سنة شيئاً من الإستغراب والتعجب لا بل والرفض لمثل هذه الصلة بين الحاضر والماضي،  فإنني أنصح هؤلاء بزيارة المكتبة البريطانية في لندن (والتي أنفصلت عن المتحف البريطاني قبل عدة سنوات) ومعاينة كتابات وليم شكسبير(1564 – 1616) الأصلية المعروضة ليروا الفرق الكبير بين إنكليزية كتابات شكسبير ولغة الإنكليز وكتاباتهم في هذا العصر. فكلما زرت المكتبة البريطانية والتي لا تبعد إلا بضعة أميال عن منزلي في لندن أجد صعوب بالغة جداً في قراءتها لا بل عرفت من الإنكليز نفسهم بأنهم لا يفهمون لغة كتابات شكسبير الأصلية إلا ما يقارب نصفها ولكن مع هذا هي لغة إنكليزية يعتز بها الإنكليز كلغة قومية وجميع المتكلمين بها ويعتبرونها لغة كتب بها أروع أدبيات العالم وترجمت إلى اللغة الإنكليزية المعاصرة لكي يفهمها القراء.  فإذا كان الفرق الزمني بين لغة شكسبير ولغة الإنكليز في هذا اليوم ما يزيد بقليل عن 400 سنة فكيف والحال مع اللغة الأكدية (البابلية الآشورية) التي تبتعد بما يزيد عن 2500 سنة عن لغة أبناء شعبنا "الكلداني السرياني الآشوري". إن اللذين لا يعيرون للتاريخ أو للزمان أو للماضي أهمية في تأثيره على الحياة العامة للناس وعلى ثقافتهم وحضارتهم فهم أناس لا أهمية لهم في الزمن الحاضر.         

وأخيراً، لم يعد شيء أن يذكر إلا أن نؤكد مرة أخرى مدى أهتمام الشعوب والبلدان الآخرى بحضارة بلاد الرافين وتاريخها بينما أهل هذا البلاد الذي أعتبر مهداً للبشرية لا بل حكام هذا البلد ينكرون هذه الحضارة ويتجاهلون تاريخها ولا نستغرب أبداً بأن لا يستطيعون حكام اليوم في بلاد ما بين النهرين من  توفير 1995 دولار أمريكي وهو سعر القاموس الآشوري بجميع مجلداته لشراءه ولا أدري فيما إذا كانوا قد سمعوا أصلاً عن صدور هذا القاموس لأنهم جداً مشغولين في سرقة أموال الشعب وملئ جيوبهم ولا وقت لديهم للتفكير أو القراءة عن هذا القاموس. وأخير لا نستغرب أبداٍ مثل هذه المواقف المشينة تجاه حضارة الأباء والأجداد عندما نعرف بأن المتحكمين في مصير العراق في هذا اليوم يتصارعون حول الحقائب الوزارية السيادية التي تضمن سرقات أكثر فأكثر بينما لا أحد يرغب في وزارة الثقافة لأنها وزارة ليس لها تخصيصات ضخمة حتى تتخم البطون الفاسدة. عيب والله عيب.