المحرر موضوع: حرامية النهار  (زيارة 1159 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمد علي محيي الدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 637
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حرامية النهار
« في: 15:57 06/08/2011 »
حرامية النهار

محمد علي محيي الدين
 في المجتمعات الريفية وخصوصا في العهد العثماني والاحتلال البريطاني كان الناس يتفاخرون بالسرقة ويعتبرونها من مظاهر الرجولة والبطولة وكثيرا ما دفع الناس أبنائهم للسرقة  والغارة والنهب على طريقة العرب في جاهليتهم وإسلامهم فالغنائم حلال إذا دفع خمسها ولا تعتبر جرما في الأعراف القبلية والاجتماعية بل هي من المهن الحرة التي امتهنها العرب وعدوها من مآثرهم الكبرى التي تعنوا لها الجباه.
 لذلك أطلق الناس على اللص "رجل الليل" أو "زلمة الليل" إذا كان لصا مشهورا يسرق المال ويقتل الناس ولكن بعد جمهورية تموز 1958 وبفضل الوعي الجديد للجماهير انحسرت هذه الممارسات أو ماتت لتعود من جديد بعد انتهاء الحرب بين العراق وإيران وأيام التسعينات بعد الحصار والجوع الذي أحاق بالعراقيين.
وكان للصوص أخلاقهم فاللص لا يسرق جاره أو قريته أو عشيرته أو الموالين لهم والمرتبطين معهم بحلف بل يسرق  من الأماكن البعيدة أو كما يقال "يعبر الشط" أي يسرق من منطقة لا ترتبط بمنطقته بوشيجة وإذا دخل دارا وليس فيها رجل من المعيب سرقتها أو استغلال غياب أهلها وفي حكاياتنا الموروثة إن احدهم ذاق ملح الدار خطأ فانف عن سرقتها لما للملح من تأثير باعتباره قد ذاق طعامهم وأكل زادهم فمن المعيب سرقتهم لذلك فان اللصوص لهم أخلاقهم ومبادئهم التي نفتقر إليها هذه الأيام.
 ما دفعني إلى الخوض في ها الجانب ما نراه من "حرامية " هذه الأيام فبعد أن كان لصوص الماضي حرامية ليل أصبح حرامية العراق الجديد حرامية نهار وبعد أن كان لصوص الأمس لهم أخلاقهم ومثلهم ومبادئهم فقد حرامية اليوم حتى أخلاق اللصوص فلا يتورع احدهم عن سرقة دائرته التي يعمل فيها او نهب بلده الذي يعيش من خيراته بعد أن كان اللص القديم يفتخر ببطولته ويرفع رأس عشيرته أصبح حرامية النهار يتباهون بما يسرقون ولا يخشون في السرقة لوم لائم وعمليات السرقة مفضوحة لا تحتاج الى دليل أو برهان ولا يستطيع احد إنكارها أو التنصل منها ويعلم بها القاصي والداني والحاكم والمحكوم بل إن الهيئات الدينية بقيمته الاعتبارية التي عليها إقامة الحدود تسكت عن ما يجري رغم قدرتها على تغيير الواقع بما تمتلك من إمكانات ولكنها تكتفي بالإشارة إلى السرقة وتشخيص السارق ولا تدعوا لتغييره وتعتبر الغناء أو التمثيل أو الفنون الجميلة الأخرى حرام إلى يوم القيامة ويدعون لمحاسبة ومحاربة ممارسيها في الوقت الذي لا يدعون لمحاسبة السارق والفاسد ويتهم ممثل المرجعية مسؤولي الدولة بالكذب والإهمال والفساد دون أن يدعوا الشعب لمحاسبتهم والثورة عليهم فقد وجه "الشيخ احمد الصافي ممثل المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني في كربلاء انتقادات لاذعة للمسؤولين العراقيين "لعدم مبالاتهم" خصوصا في إيجاد حل لمشكلة الكهرباء، واعتماد "الكذب " في الظروف الصعبة.
وقال الصافي أمام مئات المصلين في صحن الإمام الحسين في مدينة كربلاء  إن "بعض المسؤولين نائمين بمعنى الكلمة وكيانات سياسية لها شعارات فقط".
وتساءل "لماذا لاتؤجل المشاريع غير المهمة في الوزارات الأخرى وتحول أموالها لحل مشكلة الكهرباء؟".
وخاطب المسؤولين الحكوميين قائلا "اين انتم من هذه المشكلة؟ كم عقد وعقد وكم إيفاد وإيفاد ومازالت مشكلة الكهرباء" بدون حل.
ولا تحصل مدن العراق بشكل عام على الكهرباء لأكثر من ثماني ساعات (الحقيقة اربع ساعات متقطعة) على الرغم من موجه الحرارة التي تصل الي خمسين درجة منذ عدة أيام.
واكد الصافي ان "شعور المسؤول بمحبته لبلده وشعبه يجعله يفكر بوسائل تخدم بلده ويتراجع عن مكاسبه الشخصية. كم مرة تكلمنا عن المكاسب الشخصية ولكن بدون أي رد فعل من المسؤولين؟".
وشدد على ان "بعض المسؤولين يبررون الكذب على الشعب بقولهم +نحن في وقت حرج ولابد من الكذب على الناس"، محذرا من انه "عندما تختفي الوطنية من المسؤول ممكن أن يشترى بالمال في الخارج" في اشارة لبحث المسؤولين عن مصالحهم مع دول اخرى.
كما اشار الى قيام مسؤولين بانفاق الاموال في امور بينها تغيير اثاث مكاتبهم عدة مرات في السنة دون حاجة لذلك رغم قضاء اوقاتهم خارج البلاد في سفرات وايفادات، ما يكلف ملايين الدولارت ويعكس ثقافة بان "الاهم راحة المسؤول" ولتذهب اموال البلاد حيث ما تذهب.
وعلى الرغم من ان العراق من الدول الغنية بالنفط يعيش ابناؤه ظروفا قاسية ابرزها البطالة ونقص الخدمات وابرزها الكهرباء."
فيما أتهم حيدر الملا عضو البرلمان العراقي 90 بالمائة من أعضاء مجلس النواب بالفساد لاستلامهم رواتب حماياتهم والذين يقدر عددهم بـ30 عنصرا بينما لا يتم تعيين أكثر من خمسة أفراد فقط.
وأضاف الملا أن "هناك لبسا كبيرا وإشكاليات كثيرة بحاجة إلى تنظيم في مسألة رواتب النواب وحماياتهم"، معتبرا أن "قيام الدائرة المالية بتحويل رواتب حمايات النواب إلى أرصدة النواب مباشرة أمر ينم عن شبهة فساد كبيرة".
وأوضح الملا أن "راتب عضو مجلس النواب بعد الاستقطاع يبلغ نحو 12 مليون دينار، إلا أن إيداع رواتب الحمايات  والتي هي بحدود 22 مليون دينار تعطي انطباعا أن النائب يستلم بحدود 34 مليون دينار"، مبينا أن "كل نائب يسجل أسماء نحو30  عنصر حماية، ليتسلم كل عنصر بحدود 800 ألف دينار فيكون مجموع رواتب الحمايات 22 مليون دينار شهريا".
 ولا أدري هل الملا خرج المجموعة ولا يستلم أسوة بأقرانه هذه الرواتب وبوصفه المتحدث باسم العراقية التي تمتلك اكثر من مائة مقعد ورئيس البرلمان منهم لماذا لا يسعى الى تغيير الواقع، اما انها محاولات للضحك على العراقيين عندما يشخص جميع مسؤولي الدولة من رئيس الوزراء الى اصغر فراش في الدولة العراقية وجود الفساد ولكن لم يسعى لتغييره اي منهم فاذا كانوا هم الحكام ومن يمسكون دفة الامور عاجزين عن استئصال فسادهم فمن هو القادر على تغيير الحال ، وعندما خرجت التظاهرات منددة بالفساد كان رصاص الحكومة يخترق صدور المتظاهرين بسكوت فاضح من جميع الكتل الحاكمة  التيتختلف في كل شيء وتتفق على  قمع التظاهرات والسكوت عن الفساد.
 ان الشعب العراقي يتحمل مسؤولية ما يجري في البلاد من خلل وفساد لانه من جاء بهؤلاء وهو القادر على التغيير فمتى ترتفع الرايات العراقية معلنة عن يوم جديد لعراق جديد خال من فرسان الفساد والتدمير.