لنتحد جميعآ قبل فوات الأوان !!
قبل سقوط نظام صدام حسين كان معظم العراقيين المعارضين له بكافة تياراتهم السياسية و الفكرية متفقين من حيث المبدأ على رفض نموذجي الطالباني و الأيراني كأنظمة حكم في عراق ما بعد صدام حسين على أعتبار ان الشعب العراقي شعب متعدد الحظارات و الأقوام و الأعراق و لا يصلح لنا غير نظام حكم ديمقراطي علماني , و كنا ولا نزال نفتخر أمام العالم بأننا ننبذ الطائفية ونكره العنصرية و لا نريد أحد أن يقارننا مع الدول المتخلفة و البدائية التي لا تستطيع أن تواكب مسيرة التطور بسبب التخلف و الفقر و التعصب الطائفي الأعمى الذي يسبب في كثير من الأحيان حروب داخلية أهلية طاحنة كما حدث في لبنان و أفغانستان و الهند و رواندا وكثير من دول العالم الأخرى , ولهذا نجد بأن الدول المستقرة سياسيآ هي التي تتمسك شعوبها بثوابتها الوطنية و تنبذ الطائفية و التعصب القومي الأعمى و تتحد عند الشدائد و تضع خلافاتها جانبآ عندما تتعرض الى مخاطر خارجية تهدد أمنها و سلامتها , هكذا تتصرف الشعوب الحية , فما الذي حدث لنا نحن العراقيين و أين ذهبت ثوابتنا الوطنية بعد سقوط نظام صدام حسين و ماذا فعلنا لأنقاذ وطننا من الضياع و التشتت و المستقبل المجهول ؟؟ أما السؤال الكبير الذي يفرض نفسه على ارض الواقع هو : أين دور القوى الوطنية العراقية و خاصة العلمانية منها من عملية التغيير السياسي الذي يشهده العراق منذ سقوط نظام صدام حسين ؟؟ عليهم أن يتذكروا بأنهم كانوا في طليعة المعارضة الوطنية في فترة النضال ضد دكتاتورية البعث و وجهها الناصع و المشرق , فما الذي حدث ولماذا هذا الصمت العجيب !!
إن تقاعس القوى الديمقراطية و العلمانية في عراق ما بعد صدام حسين في أن يكون لها تأثير على الشارع السياسي العراقي و في عدم مبادرتها في لملمة الصفوف و الأتحاد في جبهة ديمقراطية عريضة تضم كل القوى الوطنية العلمانية و التي تؤمن حقيقة بالديمقراطية السياسية , كانت لها نتائج سلبية وخيمة منها أنتعاش بقايا مرتزقة صدام حسين و ظهورهم على الواجهة مجددآ و بروز الفاشية الدينية بشقيها السني و الشيعي حيث أتحدتا لمواصلة نهج النظام السابق في محاربة القوى الوطنية المخلصة للعراق الجديد تحت يافطة مقاومة المحتل , حيث أغرقوا العراق في بحر من الدماء و هم خارج السلطة , فما الذي سيفعلونه عندما يعودون مجددآ الى السلطة !!!
إن عدم جدية الحكومات التي تشكلت بعد سقوط صدام بدءآ بمجلس الحكم العراقي المؤقت , مرورآ بحكومة علاوي و أنتهاءآ بحكومة الجعفري الحالية في أزالة أثار دكتاتورية البعث و عدم تطبيقها لقانون أجتثاث البعث قد أفقد مصداقيتها أمام الشعب العراقي و كانت لها نتائج مدمرة على الحياة السياسية العراقية التي تلت سقوط النظام الصدامي , حيث كانت من نتائجها بروز ظاهرة ( ألطائفية السياسية ) التي تجلت بوضوح شديد في تشكيلة الحكومة العراقية الحالية و في المحاصصات الوزارية التي تمت على أساس طائفي بحت ضاربين عرض الحائط أمال و تطلعات الشعب العراقي في بناء حكم ديمقراطي حقيقي , هذا الطموح الذي ناضل من أجله خيرة العراقيين و دفعوا دماءآ غالية ثمنآ له , و بدلآ من أن يقوم ممثلي القوائم التي فازت في ألأنتخابات الأخيرة بتحسين سياستهم الوطنية أمام الشعب بأبعاد شبهة الطائفية عنها و أثبات وطنية سياسييهم , أوقعوا أنفسهم في فخها عندما قاموا بتشكيل الحقائب الوزارية على أساس الولاءات الطائفية و ليس على أساس الكفاءة و النزاهة , أو على أساس قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب المتبعة في أغلب الدول المتطورة و المتحضرة في عالم اليوم , حتى غدت الحكومة الحالية و كأنها ملك من أملاك الجعفري و جماعته , ولعل السمة البارزة الأخرى في هذه الحكومة هي ضعف تمثيل ما تسمى بالأقليات القومية فيها كالكلدان و السريان و الأرمن و التركمان و اليزيديين , و لو أخذنا الكلدان على سبيل المثال على أعتبارهم يمثلون غالبية أبناء شعبنا المسيحي في بلاد الرافدين , فسنرى عدم وجود أي تمثيل حقيقي يناسب حجمهم و كثافتهم السكانية و يعكس دورهم في أغناء العراق و تطويره في كافة المجالات , أفلا يستحق سكان العراق الأصليين أكثر من وزير ؟؟؟؟
على الجعفري و أعضاء حكومته أن يعلموا جيدآ بأن فوز قائمتهم في الأنتخابات لا يعني تفويضهم من قبل الشعب العراقي تفويضآ ( إلاهيآ ) , للتحكم بالعراق كيفما يشاؤون و لا يعطي لهم الحق في التفرد في رسم خارطة العراق السياسية على أساس طائفي ضيق , فالملايين من العراقيات و العراقيين اللذين شاركوا في الأنتخابات متحدين آلة القتل الأرهابية لم يصوتوا لشخص معين أو قائمة بعينها بل أرادوا أن يقولوا للعالم أجمع بأن الشعب العراقي شعب تواق الى نظام حكم ديمقراطي يأتي على أنقاض الحكم الدكتاتوري عبر صناديق الأقتراع و ليس على فوهة البنادق أو من على ظهور الدبابات , و أرادوا أن يرسموا خطآ فاصلآ بين عراق الأمس و عراق اليوم , فليتحد جميع العراقيين الأخيار من أجل عراق ديمقراطي موحد قبل أن يتحول الى أمارات طالبانية أو فارسية , و عليهم أن يتذكروا جيدآ بأن عراق اليوم ليس العراق الذي تمناه العراقيين قبل سقوط نظام صدام حسين ..