المحرر موضوع: صوت صارخ في البرية  (زيارة 916 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جورج هسدو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 80
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
صوت صارخ في البرية
« في: 17:48 14/09/2011 »
صوت صارخ في البرية
جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com
مع إزدياد فشل الحكومة في إدارة ملفاتها الداخلية والخارجية وتنامي فساد بعض القائمين عليها، ترتفع الأصوات المنادية بالاصلاح وكشف الملفات (القذرة) لأبطالها الميامين الذين أثبتوا عن جدارة بأنهم أفضل من يحقق للعراق تصدره لقائمة الدول الأكثر فساداً في العالم (بحسب منظمة الشفافية العالمية).. ومع تصاعد الذكاء الأسود للزمرة الفاسدة في كيفية التحايل لسرقة المال العام والنفاذ من قبضة القانون (وغالبا برعاية وحماية الأكبر)، تتشجع أكثر الآراء الرافضة والمتصدية لكشف المستور ومواجهة الفاسدين علانية والمطالبة بالقصاص منهم وتقديمهم للعدالة.. وفي الفترة الأخيرة تعالت تلك الأصوات وإرتفعت لتصل حد الصراخ الذي بات يعبر عن حالة رفضية متطورة لكل ما يسيء إلى سمعة الوطن ومصالح أبنائه، وما يدعو للتفاؤل أكثر هو إنضمام قسم من رجال الدولة (المنتخبين) وأحياناً حتى تقدمهم لصفوف المجاميع (الصارخة) المنادية بوقف الفساد ومحاكمة المفسدين.
فها هو النائب النحيل صاحب العمامة (صباح الساعدي) المعروف بمحاربته ومكافحته للفساد يصرخ بوجه رئيس الوزراء نوري المالكي متهماً إياه بالتستر على الفاسدين من أعوانه، وأن (ضغوطاته) هي التي أدت برئيس هيئة النزاهة رحيم العكيلي لتقديم استقالته، واصفاً حكومته بالفاشلة والفاسدة.. وأنه يبني عرشه (باستغلاله للسلطة) ويمارس الضغط على (النزيهين الشرفاء) هو ومن معه من الأحزاب (المتغانمة على السلطة)، منوهاً إلى لجوء المالكي (لكاتم الصوت) في حالة فشله بالضغط السياسي، مشيراً إلى عملية إغتيال الصحفي هادي المهدي باعتباره مثالاً.. لا بل تجاوز الساعدي ذلك بكثير ليصف ممارسات رئيس الحكومة (بالدكتاتورية) وشبه تصرفاته بتصرفات صدام، وأنه (إختطف) حزب الدعوة وأن العراق اليوم يتجه لإقامة (دكتاتورية شخص)، وأن هناك (دكتاتور صغير) ينمو ويترعرع مع (سكوت الكتل السياسية) والتي لن تكون بمأمن عن بطشه مستقبلاً.
وبغض النظر عما إذا كان النائب صباح الساعدي محقاً في كل ما يقوله أم لا، وبالقفز فوق تفصيلة من يؤمن ويصدق بكلامه أو من يتشكك به ويكذبه، فأنه بصراحته وجرأته المعهودة هذه يؤكد أنه يقف مع ما يعتبره حقاً ولا يخاف في قوله لومة لائم، خاصة وأنه يتحدث من على المنابر الرسمية.. ولم لا، أليس هو النائب المستقل الذي لا يأتمر بتوجيهات رؤساء الكتل والذين غالباً ما يقدمون مصالحهم التحالفية على مصلحة الشعب؟!، أليس هو المعني بكشف الفاسدين من خلال عضويته في لجنة النزاهة البرلمانية والمشهود له بصولاته وجولاته ضدهم؟!، أليس هو المحصن ضد إتهامه بالموالاة للبعثية والانتماء للقاعدة بشفاعة نزاهته (وعمامته البيضاء).. شخصياً لست أعرف ما هو الفرق بين أن تكون العمامة بيضاء أو سوداء، لكني متأكد بأنه حتى العلماني الليبرالي منا يفضل أن يمتلئ مجلس النواب بأهل (العمائم) الشرفاء من أمثال الساعدي على أن يديره المنافقون من أصحاب (البدلات والكرفتات) المزركشة.
وإلى أن (يصح الصحيح) وتكشف الحقيقة لينصف المظلوم ويحاسب المذنب ويأخذ كل ذي حق حقه، وإلى أن يأتينا المخلص، سيظل صراخ (الصادقين) المتعطشين للاصلاح يتعالى في البرية (أعدوا طريق الرب) وستظل مناجاتهم تدعو (اصنعوا سبله مستقيمة).. وسنظل ننتظر من يأتينا بالفرج ويبعد عنا هذه الغمة السوداء التي خلفت شقيتها الأسوأ منها ونافستها على التربع فوق صدورنا لسنوات طوال، عندها سنشكر الله ونشد على أيادي الذين أفرجوا عن هذه الأمة كربها، ولا يشكل فرقاً عندنا أن يكونوا من (الأفندية) أو من (المعممين).