المحرر موضوع: المحافـظة المسيحـية بـين مَـد الراغـبـين وجـزر الرافـضين  (زيارة 903 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5207
    • مشاهدة الملف الشخصي
المحافـظة المسيحـية بـين مَـد الراغـبـين وجـزر الرافـضين

بقـلم : مايكل سـيـﭙـي / سـدني

منـذ سـقـوط الإمبراطورية الكـلدانية قـبل حـولي ألفـين وخـمسمائة سنة في بـيث نهـرين العـراق فإن شعـبها القـومي الأصيل لا يزال حـياً وبعـد إيمانه بالرسالة المسيحـية بقي وإلى اليوم حـياً رغـم العـوامل العـديدة المعـروفة والتي أدّتْ إلى إنكـماشه ( هـذا المكـوّن القـومي الأصيل والذي يُعـرف بالمسيحي عامة نـظراً لإعـتـناقه الديانة المسيحـية منذ وصولها إلى أرضه ) ورغـم تـقـلصه خلال هـذه المدة الطويلة فإنه لم يُطالب بالإنـزواء أو التـقـوقع أو الإنسحاب إلى بقعة معـينة مميَّـزة مسماة بإسمه بل كان موزعاً عـلى كل المساحة العـراقـية بكـثافات متباينة تِـبعاً للظروف المساعـدة . نعـم مرّت فـترة كانت كثافـته في شمال العـراق أكـثر من جهاته الأخـرى ولكـن بعـد تراخي الشد عـليه صار ينـزح ويتـوزع ويعـيد بناء ذاته بمرور الزمن ويستقـر ويعـمّـر في وطـنه العـراق . وبعـد تـنامي القـوى القـومية العـربـية الناشطة في المنطقة في القـرن الماضي رأى نـفـسه ضعـيفاً فـتحـفـز البعـض منه إلى المغادرة حـيث أرض الله الواسعة وحـتى اليوم ولكـنه بقي في تـواصله مع الوطن الأم وشعـبه الذي لا تـزال أعـداده في تـناقـص . واليوم بعـد التغـيرات التي حـصلت إثـر سـقـوط نظام صدام إزدادت الهجـمة عـليه دون معالجة من الحـكـومة التي تملك القـوة الرادعة الوحـيدة . إن القـوى المهيمنة اليوم عـلى أرض العـراق وجـيرانه ليس في أجـندتها ولا في تـفـكـيرها بل ترفـض أن تخـصص مساحة محـددة معـينة لقـسم من الشعـب لتسمى بإسم خاص سبق وأن كان هـذا الإسم سبـباً في محاربته منذ أربعة عـشر قـرناً . إن إصطباغ الأنـظمة بالديمقـراطية والتـعـددية في منـطـقـتـنا لا يعـني إستـعـدادها منح مطالب ينادي بها البعـض من تـنـظيماتـنا لأن هـناك دوافع أو سـمِّـها مبادىء أساسية عـند الدولة والمتمثلة بالأكـثرية من شعـبها الحاكم تـفـوق هـذه المصطلحات العـصرية وبالتالي لا تـقـبل بأي مطلب من هـذا النوع . أما اللجـوء إلى فـقـرات من الدستـور فـهـذا لا تـوافـق عـليه الدولة أو القـوى المهيمنة ما لم يكـن لديها أهـداف وفـوائـد أخـرى لا يمكـنـنا تـحـديدها اليوم بدقة . إن تجـربة حـرب 1991 والآثار التي تركـتها في نـفـوسنا نحـن المسيحـيّـين الذين لم نكـن سبـبها ، وردود فـعـل العـراقـيّـين الأكـثرية النابعة من طبـيعـتهم يجـب أن نـتعـلم منها درساً ولا نزج أنـفـسنا في معـتـرك ليس لنا حـصة الفـوز فـيه عـلى المدى البعـيد ، ولا تـغـرّنا شكـليات مؤقـتة منمقة . إن غالبـية شعـبنا المسيحي ليس منـدفـعاً لهـذا المشروع بالإضافة إلى قادته الروحانيّـين الذين عـبَّـروا في أكـثر من مناسبة أنهم لا يريدون لشعـبنا قـفـصاً . إذن ماذا يمكـن أن نـطلب ؟ إذا كانـت النيات صافـية يجـب إيجاد حـل جـذري في نـفـوس الغالبـية من الشعـب وذلك بتـوعـيته منذ طـفـولته في البـيت ثم بالمناهج الدراسية في مدرسته ثم في الوسائل الإعلامية للدولة مع سن قـوانين تـكـرّس هـذه التـطـلعات وبذلك نخـلق شعـباً ذو عـقـل متـفـتح يقـبل الآخـر عـن قـناعة فـنـكون قـد خـطـونا خـطـوة نحـو الدولة المدنية العـصرية فـنـتـمتع بالحـياة أسوة بـبقـية الشعـوب التي ليست أفـضل منا .