المحرر موضوع: كنيسة في عين العاصفة  (زيارة 1267 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كنيسة في عين العاصفة
« في: 01:41 31/08/2006 »
كنيسة في عين العاصفة
الكنيسة كمؤسسة وكاكليروس وكقوانين وكفلسفة ايمانية ليست خارج اطار النقد والبحث والتطوير، فالكنيسة ليست جدران وان كانت لكانت ايضا بحاجة الى تحديث، ولان الكنيسة هي من الناس ولهم، ولانها بلا شك تقدم خدمة لاناس يشعرون بحاجتهم الى هذه الخدمة، فهي يجب ان تتطور وتتقدم وتحدث خطابها واسلوب توجهها الى الناس بحسب اعمارهم وثقافاتهم، ولان الكنيسة تلعب دورا مؤثرا في حياتنا فمن حقنا ان نوجه لها كمؤسسة وكاكليروس انتقاداتنا ونحاول طرح البدائل.
المشكلة في الكنيسة ان ما تقرره وبحسب الايمان هو امر مقدس، اي ان ما يقرره المجمع السنهاديقي هو امر مقدس لانه بحسب الايمان جاء من روح القدس ولذا حدث الاتفاق بشأنه، وان لم نؤمن بهذا الامر فان ايماننا يجب ان يتغير او ان تقوم الكنيسة بتصحيح المفهوم وتطويره لكي يلائم ما توصل اليه الانسان في العصر الحالي والذي لا يعطي العصمة لاي كان.
ولكن التطوير والتغير اللذان نعتقد بمشروعيتهما وبضرورتهما ليس في الكنيسة بل في كل مؤسساتنا الاجتماعية والسياسية والثقافية وحتى في اصغر خلية في المجتمع التي هي الاسرة يجب ان تتطور وتتغير لكي تساير العصر ومتطلباته، اقول ولكن كل هذا لا يبيح ان نقول ام او، اي ان لا يكون امام الكل الا خيارين لا ثالث لهما، ان الوصول الى حالة الخيارين والذي لا ثالث لهما يعني ان الامور لم تكون مطروحة لاجل الاصلاح بقدر ما هي فرض ارادة بقوة متخيلة وليس بحوار منسق ومتطور، فالتغير في مثل هذه المؤسسات لا يحدث جذريا بل يأتي سلسا وبخطوات حذرة ويمكن اتخاذها دون احداث انقسامات وتجاذبات مؤلمة تقدم الكنيسة فيها تضحيات كبيرة كما حدث عام 1963، وعملية اما او تعني سلسلة انقسامات لا نهاية لها والمنطق يقول ان التغيير او صاحب مشروع التغيير يجب ان يقنع الاخرين به لكي يتمكن من تنفيذه، وليس فرضه لانه لا يستقيم مع اي قيمة وحتى مع قيم العصر، والكنيسة لا يمكن تن تسير بالثورات والانقلابات و لا بالمؤامرات.
فالكنيسة قد اتخذت بعض الخطوات والتي تقبلها المؤمنون لانه كان مهيئا لها مثل الخروج من قاعدة ناطر كورسي واليوم ان غالبية الاساقفة والمطارنة وحتى البطريرك هم من خارج هذه القاعدة والتي ندرك ان اتباعها لم يكن برغبة ولكن الظروف فرضت على الكنيسة او ما تبقى منها اتخاذ هذه الخطوة في ذلك الحين اي بعد المذابح التي اقترفها تمورلنك بنا والتدمير الذي الحقه ببنية الكنيسة، كما ان الكنيس تضم الان اساقفة شبان اغلبهم من حملة شهادة البكلوريوس او ما يعادلها، وهذا افض مما كان سابقا، وبالطبع نحن نتمنى ويجب ان يعمل الجميع على تحقيق الاكثر وليس الاكتفاء بما تحقق.
ومنذ انبثاق كنيسة المسيح او كنيسة المشرق على ارض النهرين كانت كنيسة الشهداء، فسلسلة شهداءها لا تنتهي بل تضم الملايين من المؤمنين والمؤمنات منهم الاطفال والشيوخ ورجال الدين بمختلف رتبهم، الا ان الكنيسة استطاعت تجاوز المذابح الاربعينية والتي اقترفها شابور الثاني لكي تتوسع وتنتشر وتخدم مؤمنيها وكل الذين كانوا يحتاجون لمساعدتها سواء بالطبابة او بالمساعدات العينية مثل الاغذية والالبسة، ورغم ان الاسلام قد احتل كل المناطق التي كانت الكنيسة تنتشر فيها، الا ان الكنيسة في القرنين الاولين من الحكم الاسلامي كانت تدار بقدرات وامكانيات هائلة واغلب التقدم العلمي والثقافي والتجاري الذي اتسمت به هذه الحقبة يعود الى رجال الكنيسة او من تخرج من مدارسها سبب هذا التقدم الهائل كان الاستقرار الذي تمتعت به المنطقة والكنيسة لقرابة اكثر من ثلاثة قرون.
ولكن الحروب المستمرة والضرائب الطائلة مثل الجزية وغيرها جعلت الناس تختار في اكثر الاحيان اعتناق دين الحكام للتخلص من اللا مساواة والاذلال والفقر المدقع الذي كان يتركهم فيه استحصال الجزية، وهنا فمعتنقو الاسلام من المسيحيين كانوا اكثر وبالا على اخوتهم السابقين لكي يتماهوا مع دينهم الجديد، فكانووا معهم قساة مستمدين القوة من كونهم مسلمين. ولكن كل هذات والحروب والمذابح التي رافقت الموجات البربرية والتاتارية وخصوصا بعد اعتناق المغول التاتار الاسلام في مناطق غرب اسيا ، جعلت مناطق واسعة من العراق وايران وحتى الصين وتركيا تخلوا من ابناء كنيسة المشرق، ان عملية انكفاء دور الكنيسة كان متدرجاولكنه مستمر بخطوات متسارعة، ففي القرن السابع عشر على سبيل المثال لا الحصر ذكرت صحيفة كيهان باحد اعدادها عام 1963 ان اذربيجان الغربية الحالية كانت تضم ما يقار الستمائة الف نسمة من الاشوريين، فاذا كانوا كذالك فمن المنطقي انهم الان بعشرات الملايين، ولكن الوقاع يرينا عشرات الالاف، النتيجة هي القتل والسلب والتدمير واعتناق الاسلام، كنيسة كان هذا حال اتباعها ماذا يمكنها ان تقدم لهولاء الاتباع، وخصوصا انها جزء منهم تسطلي بنفس النيران التي يسطلي بها المؤمنون.
كنيسة المشرق عانت من مذابح كبيرة في منتصف القرن التاسع عشر ومنها مذابح مير محمد كور امير راوندوز وبدرخان بك ومن انشاق كنسي بداء ياخذ مداه الكبير في نفس الفترة الا وهو انشاق الكنيسة والتحاق المنشقين بكنيسة روما، امام كل هول المصائب لم تتمكن الكنيسة الا من لملمة جراحاتها والبقاء مستمرة مهما كانت هذه الاستمرارية، ولم يمر على المذابح الكبيرة تلك الا اقل من سبعون سنة واندلعت الحرب الكونية الاولى، وكان مصير الارمن وابناء الكنيسة والكنائس الشقيقة مثل الكنسية الارثوذكسية السريانية والكلدانية في تركيا، حيث تعرضوا للمذابح الشنيعة والفضيعة والمخزية ماثلا امام اعين الجميع، اي قرار كان على الكنيسة اتخاذه، اي قرار كان على قيادة المجتمع اتخاذه، هذه القيادة التي كلنا نعرف قدراتها وامكانياتها لان هذه القدرات والامكانيات كانت من نفس المجتمع ولم ينزل القادة من كوكب اخر علي الشعب، فاخوتهم يقتلون والمصير اتي والتاريخ شاهد، فكل خسارة تكبدتها الدولة العثمانية في اوربا اخذت بثأرها من مواطنيها المسيحيين، الذين عملت فيهم السيف، الذين كانت كرامتهم مهانة على الدوام، فعشائر حكاري الشبه مستقلة فقدت هذا الاستقلال بعد اجتياحات بدرخان بك، اذا ماذا كان القرار المتوقع ان يتخذ، حيث لم يعارض القرار الا ال نمرود وهم لم يقدموا بديلا واقعيا، الا ترك النفس لكي يأتي قاتلها ويعمل السيف في الرقاب، هذا ما كانت تقوله تجارب الشعب مع العثمانيين والعشائر المحيطة، ولم يكن هناك اي بارقة امل او بديل واقعي ممكن الركون اليه. لقد اتخذ قرار الالتحاق بالقوات الروسية لان الشعب كان محاصرا من كل الجوانب ولذا فخروج الشعب اعتبر معجزة وقد خرج فارا هاربا. اما مصير ال نمرود والذي يراد طرحه في كل خلاف كنسي، هو مصير قرره الرسل المرسلين من قبل القيادة لابلاغهم بالقرار ولان ال نمرود رفضوا، فواقع ومكانة البطريرك الذي ما كان احد من المؤمنين حينذاك يعصي اوامره ويعتبر عصيان الامر مروقا من الدين، دفع الرسل لارتكاب الجريمة النكراء، ولكن المفارقة في كل هذا هو تحميل الجريمة للكنيسة، فاذا كان وهو ليس بكذالك ان الجريمة ارتكبت بامر مار بنيامين فلماذ يعاد التذكير بها والبطريرك الحالي ليس من عائلة مار بنيامين هذا اذا كان صحيحا تحميل الخف ما عمله السلف، الا اذا كان المقصود هو وصم الكنيسة كلها بالجريمة ودلالة التذكير هي هذه بالضبط وليست امر اخر، اي تحميل الجريمة للموؤسسة المستمر وقيادتها مهما كانت.
والامر الاخر ان بعض كتابنا عند اي خلاف مع الكنيسة او قيادات دينية يتهم الكنيسة بانها سبب المذابح التي جرت اعوام 1915 _1917 ويبرر للحكومة العثمكانية والعشائر الكردية فعلتها بسبب انحياز قيادة الكنيسة ورؤساء العشائر الى الحلفاء (العرب كانوا منحازلين الى الحلفاء ايضا)، وتستمر عملية الانتقام من البطريرك الحالي ورجال الكنيسة الحالية الغير المرغوب فيهم لدى النقاد، بتحميل مذبحة سميل لاخطاء سرما خانم ومار ايشاي شمعون وحدهم وهم كانوا جزء من القيادة فقوتهم كانت من قوة العشائر ليس الا.
ان محاكمة التاريخ بمعاير اليوم، وبامكانيات اليوم وتحويله الى مرتع للصراعات الايديولوجية او العشائرية او المذهبية امر مدمر وليس بناء باي شكل من الاشكال، فتاريخنا مأساوي حقا، فقد تكالب على  المؤمنين بهذه الكنيسة الاعداء من كل جانب، فحتى اخوتهم حاولوا تقطيعهم لكي يسلبوا البعض منهم الى صفهم وكم اذى ذلك وكم دمر وكم جعل هذا الامر البعض يتحول الى دين الحكام املا بالراحة واشمئزازا بالمقترف من من يؤمن بنفس ما تؤمن.
لم يكن شعبنا وبالاخص المؤمنين بكنيسة المشرق متهئين للدخول الى القرن العشرين وبما جلبه من التطورات الفكرية والتكنولجية، فقد بقوا لقرون منغلقين لاجل الحفاظ على معتقدهم، هل كانوا محقين في ذلك ام لا فهذا كان اعتقادهم وعلينا احترامه، ولكن ان نطالب كنيسة كانت دوما في عين العاصفة، ولم تتمكن من ان تستقر لكي تعيد الحيوية الى كيانها وتعيد بناء مجدها، فهاي سميل تقسم الشعب والمؤمنين ورجال الدين، فمن استقر في سوريا ومن استقر الحال به في القبرص ومن ثم لندن واخيرا في سان فرانسيسكو، ومن بقى في العراق بقى بلا قيادة، وقبل ان يشعر الناس بعودتهم للاهتمام بشؤونهم وتطوير قدراتهم، اكملت نتائج ثورة ايلول البقية الباقية من النفس، فهاي القرى تحرق من قبل قوات الفرسان او ما اصطلح على تسميته بقوات الجحوش، والناس تهرب الى المدن والكنيسة تلحق بالمؤمني اينما ذهبوا رحلت معهم، وهنا ايضا بداء كل شئ من الصفر، الكنائس والاكليروس وقبل اي استقرار حصل انقسام اخر في عام 1963 بسبب التقويم، او اعطي السبب، والجراح لم تلملم بعد حصلت الهجرة السبعينيات وتلتها الحرب العراقية الايرانية، والبقية معروف للجميع، كنيسة ترحل خلف مؤمنيها، وكل جيل تبداء من الصفر كما هو شأن المؤمنين، فكيف لها ان تتقدم وتتطور وتنافس الكنائس الاخرى المستقرة بمؤمنيها، هل يمكن بناء مدرسة او جامعة او التفرغ للدراسات اللاهوتية وغيرها من الدراسات الضرورية لتطوير الكنيسة؟
من الصعب اليوم تقبل القاء اللوم كله على رجال الكنيسة الذين هم جزء من هذه الامة، لا بل ان استذكار التاريخ في كل خلاف يحدث في الكنيسة حتى لو كانت اسبابه انية، يعني اتهام المؤسسة بان بناءها ومسيرتها كانت خاطئة منذ امد طويل ولا تشمل الفترة الحالية فقط، اننا يمكننا تفهم دراسة تاريخ الكنيسة، وتوجه الاتهامات او النقد لهذا الموقف او ذاك، ولكن الغير المفهوم اسقاط الخطاء المزعوم على الواقع الحالي او اسقاط المعرفة والقدرات الحالية على الماضي بكل تفاصيلة المعروفة للجميع، والخطاء الاكبر يبقى منح التبرير لمن ذبح شعبنا ومؤمنينا بعلة خطاء البطريرك او المطران الفلاني.
مرة اخرى نود التاكيد ان كل مؤسسة مطالبة بمراجعة ذاتها على الدوام، لكي تتمكن من الاستمرار، ولكن مراجعة الذات وطرح الافكار للتطوير، لا تعني فرض الذات ولا تعني اما او، اللتان لا تستقيمان مع الكنيسة والمبادئ التي تسترشد بها.
نحن اعضاء الاحزاب نقول بالاقلية والاكثرية، فالاقلية تقول رأيها ويحترم الرأي ولكن الذي ينفذ في النهاية رأي الاكثرية، وهذا ما يجعل المؤسسة تسير كموسسة وليس كتوجهات فردية تصدم احداها مع الاخرى.
 اليوم لا زالت كنيسة المشرق والمؤمنين بها في عين العاصفة، وهي لن تخرج من هذه العاصفة الا باستقرار المؤمنين بها وتمكنهم من بناء قاعدتم الاقتصادية والعلمية والفكرية، والتي سترفد الكنيسة بكل الافكار والامكانيات لتسير مسيرتها نحو التقدم والتطور، فالازمات التي تعاني منها اغلبها كان نتيجة هذا الوضع الغير المستقر والذي لم تصنعه الكنيسة ولا قيادتها بل فرض عليها لانها كانت تعيش في قوس الازمات والمرير انها لم تمتلك صديقا، فالكل كان يطمع بسلب جزء منها.[/size][/font][/b]
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ