المحرر موضوع: تصورات متشائل لا يُريد لها النجاح  (زيارة 764 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الدكتور علي الخالدي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 486
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تصورات متشائل لا يُريد لها النجاح
د. علي الخالدي
من اﻷمور التي تقلق المتشائل هو تخيل الوضع الذي سيؤول اليه مصير ابناء شعبه , بعد فشل من فاز باﻷنتخابات ,في إيجاد حلول لمعاناته اليومية المتأتية من موروثات اﻷنظمة السابقة , وما أضيف اليها من هموم ومشاكل بعد سقوط الصنم , أثقلت كاهله , وزادت من قلقه على مستقبل الوطن , ومصيره . ومما يثير فضوله أكثر معرفة أسباب نكوص المسؤولون عن وعودهم , والتخلي عن تعهداتهم بإصلاح ما أفسده النظام الدكتاتوري المقبور . على الصعيد السياسي واﻷقتصادي واﻷجتماعي وما لحق بالبنية اﻷجتماعية العراقية , وعلاقات العراق مع الدول العربية , ودول الجوار  إثر ذلك . هذه المشاكل , تركت بصماتها غلى مسيرة العملية السياسية , منذ بداية انطلاقتها الخاطئة , القائمة على نهج محاصصاتي ,طائفي , إتني , والتي كانت وراء  ولادة ازمات متعددة الجوانب , كان على رأسها أزمة الحكم المزمنة , التي استعصت على الحل , في ظل أجواء تصاعد التجاذبات السياسية  والتراشق الكلامي , الذى وصل الى كيل اﻷتهامات بين الكتل المتنفذة والحاكمة , تمخضت مؤخرا  عن تخبط بإعلان اقاليم بشكل متشنج  ومنفعل  بعيد عن الموضوعية , ومرهمون بالمصلحة الذاتية , كرد فعل لزعل هذا الطرف على ذاك , مما وسع من شقة  العلاقات غير الصحية بين أطراف ما يسمى بحكومة الشراكة الوطنية , الماضية قدما  بتجاهل  اﻷستجابة لمطلب الشعب , وقواه الوطنية التي عانت من ارهاب دكتاتورية , لحل تلك التناقضات الثانوية والتي بدورها ستهدد النسيج الوطني , وتنسف موقومات الوحدة الوطنية , وبالتالي عرقلة المساعي الرامية لبناء المستقبل الزاهر الذي تنشده كل اﻷطراف الوطنية للشعب والوطن , ومما ضاعف من مخاوف اﻷنزلاق الى ما لا يحمد عقباه هو ليس هناك جدية تبذل ﻷيجاد وثيقة تفاهم تحرص على ايجاد حلول عقلانية , تتناسب والظروف الحالية التي تمر بها البلاد, تأخذ بالحسبان المصلحة الوطنية العليا , والتصدي للانفلات اﻷمني المستمر , وللفساد اﻷداري , ونهب ثروات الوطن لا تقابلها إجراءات بحق مسبيبيها . ومع ضياع نية بذل أي جهد ﻷخراج البلاد من الوضع المعقد الذي يمر به الوطن الان , يبقى  أي جهد لا يصاحب جهود القوى الوطنية الحريصة على تأمين , أسس عملية , بناء العراق المدني الديمقراطي اﻷتحادي , ناقصا , وغير فعال ما لم يبنى على مبداء  أن السياسة هي فن الممكن , فإن عدم التسامح ونبذ المواقف المتشددة , وغض النظر عن ما يدور في الساحة السياسية من استحقاقات , بعد رحيل المحتل عن ارض الوطن تعطي انطباع من ان بعض السياسين لا يدركوا ان ، السياسة هي كأي علم يكتسب عمليا في الممارسة و ليس بالقفز والاعتماد على المؤثرات الروحانية , والدعم الخارجي والداخلي الميليشياوي لقيادة البلاد وفرض اسلوب ونمط حياة اجتماعي غريب عن ثقافة الشعب العراقي الموروثة منذ آلاف السنيسن . 

لقد طال انتظار المتشائل , وخاب ظنه , حتى بداا اليأس يزحف ليحتل مخيلته , من أن تنفيذ ما وعدوا الشعب به عند احتياجهم لصوته , اثناء اﻷنتخابات قد طواه النسيان , ومع هذا بقيت تخيلاته , مرتبطة بما سيحصل لبعض مظاهر حياة الناس اليومية وثقافتها الموروثة ,ﻷسلوب حياتها , سيما , وأنهم ينتمون لطوائف دينية وقوميات متعددة شكلت نسيج الشعب العراقي المتماسك منذ آلاف السنين , بحيث عجز   حتى النظام الدكتاتوري أن يشتته ويزحزحه عن مواقعه المتينة , الغارسة في شخصية العراقي منذ نشوء الدولة العراقية , فتعايشت مكونات هذا النسيج بشكل متجانس وفية لتقالديها , ومحافظتا على اسلوب حياتها اﻷجتماعية . إن كثرة ما يطرح في الساحة العراقية من أفكار متضاربة وأحيانا متصارعة , خلقت التخوف المشروع لدى المتشائل , ومراقبين أجانب , من تلبس بعض المكونات ملابس لا تلايق بها , وغير قادرة  على حماية الجسد العراقي من التخلخل وبالتالي بعثرة وحدة ترابه الوطني بانشاء اقاليم تشذ عن رغبة المواطنين وباسلوب يبعدها عن القواعد التي وضعها الدستور مما يعطي اﻷنطباع بأن وراء اﻷقاليم بالشكل المطروح (رغم شرعية ذلك ) تكمن خلفها تنفيذ مآرب ومخططات الدول الطامعة بالعراق , وبثروته , لعرقلة التحول الديمقراطي للدولة المدنية , وتشم منها رائحة تقسيم العراق على غرار تقسيم كعكة الحكم .
كان المتشائل يطمح بالفرح , ويرغب بإدخال المسرة الى نفسه , فعكف على تخصيص وقتا لمشاهدة , قنوات فضائية , عراقية , وبالذات اﻷستماع ﻷخبار ما يدور في الساحة العراقية لعله يسمع من اﻷخبار السارة ما يحقق رغبته , , ذلك لم يتحقق  , إذ اقتصرت اﻷخبار على سرد الخروقات اﻷمنية والقتل بكاتم الصوت , وما وصلت اليه التجاذبات والتراشق الكلامي بين الكتل المتصارعة على السلطة . فضجر  وتحول صوب قناة أخرى و التي بدى له أنها متفقة مع ما قبلها , إذ لم يدخل إذنه ما يفرح به القلب . كان يود أن يسمع حتى خبر صغير  كردم بركة ماء أو نقل نفاية من شارع , أو خبر انجاز محطة كهربائية أو مصفاة ماء , (استغرق الحديث عنها تسع سنوات ) و كان يود سماع تكامل مفردات الحصة التمونية , وغيرها من اﻷخبار التي تسعد المواطن الذين اعتادوا على تصريحات المسؤولين , حتى أن النجاحات التي تحققت لشعبنا الكردي  في هذا المجال في كردستان تٌقابل بتسلكات ومواقف سلبية من قبل البعض , وكأن ذلك التطور اﻷيجابي في الحياة اليومية ﻷخوتنا في كردستان لا ينعكس مردودها عل فئات الشعب في الوسط والجنوب (بالرغم من كون الفساد هناك يكاد يكون متساوي شكلا وعنفا مع بقية مناطق العراق ).
1.   إن المتشائل يشعر مع شعبه باﻷحباط  والخذلان  جراء تصاعد تصاعد وتعاضم معناته . وتجاهل إرادة الجماهير الفقيرة وحقها بالفرح باجواء آمنة مستقرة , فالكبت المتفاقم  قد ينتقل من دواخل النفوس  الى الشوارع  ليتحول الى شرارة تشعل لهيب إحتجاج متصاعد يعبيْ الجماهير الشعبية بتحرك يهز كراسي من لا يبالون بمعانات الناس ويغيبون اﻷجراءات الحازمة ﻷيقاف عجلةأ تدهور أوضاعهم نحو اﻷسوء  , وعند ذلك لا تنفع الجنسية اﻷخرى ولن تستطيع حمايتهم من غضب الجماهير . . إن في اﻷمكان تدارك ذلك  المحضور بالدعوة  لحوار وطني شامل  يدرس امكانية معالجة المشاكل القائمة , بما فيها أجراء انتخابات مبكرة وبإشراك كافة القوى المعنية بوضع العراق في اﻷتجاه الصحيح , الذي يفضي الى سد الطريق أمام تصورات المتشائل  , والسيد  آلان كوريا أﻷمريكي ( كاتب ومؤلف , مؤسس المركز القومي لمعالجة القلق) القاضية من انه ربما يأتي وقت يقال به أنه كان هناك شعب عراقي موحد يقيم على ارض الرافدين , ضيعته مآرب بُنيت على مصالح حزبية , ذاتية وإتنية ضيقة , مهدت السبيل لدول الجوار لتمزقه .