المحرر موضوع: ((الدين لله وحده ، و الوطن للجميع )) كوردستان وطن الجميع  (زيارة 1140 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل آنو جوهر عبدوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 378
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
((الدين لله وحده ، و الوطن  للجميع))
كوردستان وطن الجميع
[/color] [/size] [/font]

كنت قد اشتركت في السنة السابقة ببرنامج تبادل ثقافي لطلاب من كوردستان و العراق في الولايات المتحدة الاميركية ، حضرت حقائبي و مستلزمات السفر و بعد ذلك قلت لاحد اصدقائي الاعزاء هيا بنا نذهب الى ( قةلا – سوق اربيل باللهجة العنكاوية ) و انطلقنا انا و هو و ذهبنا الى سوق الخياطين بالقرب من قلعة اربيل التاريخية و هنالك طلبت من احد الخياطين ان يخيط لي علم كوردستان الحبيبة بقماش حريري و بحجم كبير ، لانني و ان كنت احمل معي جواز سفري و الذي هو الوثيقة الرسمية لأي مواطن ، و لكني كان و لا بد من ان احمل معي هويتي الوطنية الحقيقية الأ و هي اني كوردستاني مسيحي.

وضعت علم كوردستان العزيز في حقيبة اليد و توجهت مع زملائي الى مطار هولير الدولي و من هناك سافرنا الى عمان و من هناك سافرنا الى نيويورك و من بعدها ذهبنا مباشرة الى العاصمة واشنطن . في واشنطن كنت احمل علمي معي و كنا نرفعه مع زملائي في جميع المواقع التي زرناها في اميركا ، مسلمين و مسيحين مؤكدين على شراكتنا و افتخارنا بوطننا الام كوردستان  الذي يجمعنا ( كما تجمع الدجاجة فراخها ) مفتخرين بكوردستاننا التي تسودها حياة المحبة و التسامح و الانفتاح على الآخر منذ القدم.

كمواطن كلدواشوري مسيحي من ابناء كوردستان اقلقني لوهلة  ما شهدته من احداث مؤلمة في منطقة بهدينان         ( دهوك و زاخو ) ، حيث قام البعض من المغرر بهم و من منطلق لا يمت بصلة الى حقيقة سلوكيات الشعب الكوردستاني الى احراق و تدمير مصادر الرزق لمئات العوائل الآمنة التي عاشت و عايشت التجربة الكوردستانية الفتية بمسراتها و اتراحها.

العديد من ابناء جلدتي صدموا بهذه السلوكيات و في خضم الصدمة المفاجئة شهدنا تصريحات متوترة هنا و هناك ، و لكني منذ البداية تيقنت بأن هذه الواقعة ليست الأ حدث عرضي شاذ و سرعان ما سيزول كما تموت الجرثومة في جسد الانسان بعدما يحاربها الجهاز المناعي سرعان ما يتيقن بأنها جسم دخيل غير مرغوب فيه و هكذا حصل لجسد كوردستان العزيزة الذي لطالما تعافى و بسرعة من الجرثومات الدخيلة ، و كيف لا يتعافى هذا الجسد الفتي و على رأسه قيادة حكيمة و محبة متمثلة بالرئيس مسعود بارزاني سليل عائلة اختلط دمها و عرقها بتراب هذه الارض الطيبة ، انسان كوردستاني  ، و اب محب لجميع الكوردستانيين ينظر اليهم بنظرة ابوية خالصة ، لا يفرق بين هذا و ذاك و لا يحب هذا اكثر من ذاك ، لا و بل عادة الاب يرأف و يدلل اكثر ابنائه صغرا ، هنا اقصد بها نحن القوميات الصغيرة من ناحية العدد كالكلدواشوريين المسيحيين و الكورد الأزيديين و الأرمن و التركمان ، و اقولها بفم مليان هنيئا لنا بك أبا محبا و حنونا.

كلما يحل عيد الفطر المبارك او عيد الميلاد و رأس السنة المجيدة او عيد الاضحى المبارك او عيد القيامة المجيدة ، تصلني العشرات ، لا بل المئات من رسائل التهنئة في اعياد الاخوة المسلمين و المسيحيين على حد سواء من اصدقائي و معارفي المسلمين و المسيحيين ، اي ان اصدقائي المسلمين يباركونني بعيد الاضحى و الفطر المباركيين كما يباركون اعيادي المسيحية ، هذا هو فعل الانتماء لكوردستان و حياة العيش المشترك ، فكيف يظن البعض بأنهم يستطيعوا تعكير هذا الجو الصافي و الدافيء بغيومهم و شتائهم السريعين الزوال ؟

كورستان الحبيبة اليوم مقبلة على تطور ملحوض يشار اليه بالبنان في كل العالم المتمدن و علينا جميعا بيد واحدة ان نعمل تحت شعار واحد ( الدين لله ، و كوردستان للجميع ). دماء ابائنا و اجدادنا الزكية التي خضبت ارض كوردستان العزيزة امتزجت مع بعضها البعض حيث انعجن تراب كوردستان بدماء كوردية و كلدواشورية و تركمانية و ارمنية ، بدماء مسلمة و مسيحية و أيزيدية و كاكية ، فكيف يفكر البعض بأن بمقدرته الغاء هذا ؟ انها محاولة فاشلة لأن ارضنا و تاريخنا المشترك يرفض هذا نهائيا.

انا ككلدواشوري مسيحي كوردستاني من عنكاوا يهمني امر اخي الكوردي المسلم من بحركه و كوران عنكاوا اكثر بكثير مما يهمني امر مسيحي اوروبي او غيره و ان كان من نفس الدين ، لأنني ابن هذا البلد و تربيت و تعلمت و عملت مع اخي الكوردي المسلم و عانينا معا و فرحنا معا و حزنا معا ، معا تحملنا سياط النظام المقبور و معا صرخت حناجرنا فرحا بيوم الانتفاضة ، حينما ننظر انا و اخي الكوردي المسلم الى العلم الكوردستاني ، ننظر بنفس الحنين و الانتماء الى كوردستان حرة متطورة مستقلة ، يسودها العدل و الديمقراطية ، ان كان هنالك ربيع هنا و هناك في غير البلاد ،  فهنيئا لهم بربيعهم ، و لكننا في كوردستان لا يجب ان نقبل ان يحول ربيع البعض ، ربيعنا الكوردستاني الدائم الى خريف ، فشتان ما بين كوردستان و غير البلاد .

اذن اين المشكلة ؟ المشكلة برأيي الخاص هي في البناء الثقافي للجيل الجديد في كوردستان ، الجيل القديم يعرف بعضه بعضا اكثر منا اليوم ، ابناء الجيل القديم قاتلوا جنبا الى جنب كبيشمركه في جبال كوردستان و تعرفوا الى بعض البعض و دمائهم تسيل في سبيل كوردستان اليوم التي نتنعم فيها ، اذن ما العمل ؟ الحل يكمن في المرحلة الاساسية و الاعدادية للتعليم الاساسي ، تغيير مناهج التعليم ووضع مناهج تحكي قصة ابائنا و اجدادنا و حياة العيش المشترك ضرورية ، وضع مناهج تشرح للطالب الكوردستاني من هو الآخر و ما يؤمن به الآخر مهمة جدا ، سفرات مدرسية الى المساجد و الكنائس و الاديرة و المعابد المختلفة من شأنها ان توضح للجيل الجديد حقيقة الآخر في كوردستان العزيزة.
الملابس الكوردية و الكلدواشورية و الأرمنية و التركمانية  دائما ما تزخر بألوان مختلفة  و جميلة عاكسة التنوع الموزاييكي لشعب كوردستان ، فكيف يريد البعض و بعد الآف السنين من التاريخ المشترك ان يصبغ هذه الملابس بلون واحد او ان يغطيها بالسواد ، اقولها لكل من يريد ان يعيث بكوردستاننا فسادا ، انتظر نوروز و اكيتو و سترى كم انت ضعيف و غريب في هذه الارض ، فمن المستحسن ان تشد رحالك الى شعوب تشبهك بقباحتك ، قبل ان تموت حسرة و قهرا في كوردستان الحبيبة التي ترفضك و ترفض شذوذك القذر ، شد رحالك قبل ان يتهشم رأسك و مبدأك تحت جبال المحبة و التآخي و العيش المشترك في كوردستان الحبيبة.

آنو جوهر عبدالمسيح
اعلامي كوردستاني / عنكاوا
خريج العلوم السياسية و العلاقات الدولية / جامعة كوردستان