المحرر موضوع: هل حقاً نعيش الديمقراطية في العراق؟!  (زيارة 1400 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صفاءجميل الجميل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 164
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل حقاً نعيش الديمقراطية في العراق؟!

صفاء جميل الجميل

        حين غزا الامريكان العراق لأسقاط نظام صدام الجاثم على صدور الشعب لأكثر من ربع قرن، فأندحر الى غير رجعة، وفرح أكثر الناس لأنهم توقعوا خيراً كثيراً بعد أن زال الظلام وأشرقت ملامح أنوار الحرية، وحسبوا أنهم سينعمون بخيرات وطنهم التي لا يمكن تقديرها بأيّ رقم أو كمية أو نوعية.. هذه وتلك التي كانت تصرف للاسلحة ورخامات القصور وملذات القائد الأوحد وحاشيته الضيّقة.. الاّ أنّ الصورة سرعان ما تجلّت امامنا نحن العراقيين بغير ما أعتقدوا (فأنخدعنا)، وهذه حقيقة، لأنّ الملامح الاولية للوضع الجديد كانت توحي بقليل من النور، فزالت بعد أيام وأشهر قليلة جداً، لتظهر الصورة القاتمة السواد.. ذهبت أحلامنا سدىً كالبخار الذي يظهر ثم يضمحل..في عهد الحاكم السابق المستبد كنا نعرف من هو عدونا !! كان من أحدى أجهزته القمعية.. كنا نلتزم الصمت ولا نبوح بكلمة واحدة كي لا يكتب تقريرا عنّا وتكون العواقب وخيمة {يشهد ألله على ما أقول، أنا تهجّمت على شخصية صدام حسين وأعترفت بذلك، وكتبت تقريرا ادين فيه نفسي.. واستمرت التحقيقات معي ولم يضعوني ولو للحظة في السجن، لكنهم قبل سقوط النظام هددوني بالفصل من وظيفتي ففصلهم الله من وظائفهم على يد الامريكان.. وبعد السقوط اقتحم بيتي أناس وأخرجوني شبه عريان بعد أن غطّوا رأسي ووجهي بكيس نايلون أسود، وشهروا أسلحتهم بوجه زوجتي وأطفالي، بسبب كلمات قلتها وكانت حقيقة، وأبناء قره قوش يعرفون هذا جيدا.. المهم، أننا ونحن في الحرب كنا نعرف أن عدونا أمامنا، فكنّا على حذر منه، وكنا نراوغه ونتستر بالسواتر الترابية والخنادق لنحافظ على ارواحنا من الرصاصات التي يطلقها صوبنا... أما ما حدث في العراق بعد 9 / 4 / 2003، فلم يكن متوقعا البتة.. منها أن الفرد لا يستطيع تشخيص عدوه، وفي أي مكان هو !.. فالعدو محيط به من جميع الجوانب، فحلّت مصيبة أكبر من المصيبة الصدامية.. عندما كان يقتل ألفرد سابقاً، كانت تسلم جثته الى ذويه ولا يُسمح لهم بأقامة شعائر الدفن.. واليوم لا توجد جثة بعد قتلها !! لأنها تلقى في النهر.. أما أذا كان القتل بالانفجار، فتتلاشى الجثة لأنها تطايرت أشلاءاً في الهواء وأختلطت بغيرها من الجثث ولا يمكن معرفتها أو جمعها..وهذه المفخخات هي وليدة الديمقراطية الحديثة.. كنا نتأمّل أن نستنشق ولو قليلا من عبق الحرية الحقيقية، لكن بدا أن القادة العراقيين الذين كانوا خارج الوطن لم يفهموا التجارب الأنسانية للآخرين الذين عاشوا معهم سنين عديدة، فلم يتعلّموا الانفتاح على الآخرين ليبنوا مجتمعاً ووطناً ودولةً للجميع دون محاصصة دينية أو قومية أو حزبية، بل بانت عقولهم متسخة أكثر من فكر القائد الضرورة ! ولا بد أن يقلّدوه متى حانت ساعة العودة، ليسيروا على منواله.. فمن يقول أن في العراق اليوم ديمقراطية، هو في سبات !! وقد تكون الخمر أسكرته !! عليه أن يفيق... أن حاولت اليوم أن تنتقد شخصا مسؤولاً وتبين مساوئه، فقبل أن تنهي حديثك سيلقى القبض عليك ويجعلوك جثة مجهولة !! حتى لا يتعرف عليها الآخرون بعد ان كانت معروفة للجميع.. فما هو الفرق بين هؤلاء وصدام ؟.. وهناك أمور كثيرة لو كتبنا عنها لأحتجنا الى آلاف الاوراق والمجلدات.. وسأذكر حالتين فقط تبينان زيف الديمقراطية المسلفنة التي جاءوا بها على ظهور الدبابات الامريكية !.. الديمقراطية منتشرة بين أكثر الشعوب المتحضرة، وأعتقد بأنه لا يمكن ان توجد ديمقراطية في البلدان العربية لأن قادتها لا يفهمون سوى التسلط كونهم ينتمون الى ثقافة البدو التي كانت تغزو وتقتل ولا تسمح لأحد أن يقول لماذا ؟ والدولة في منظورهم قرية أو ضيعة صغيرة عليها رئيس عشيرة يتصرّف بها كما يشاء.. وهذا المفهوم نراه في الحكام العرب المتمسكين بالسلطة ولا يتخلوا عنها حتى ان تطلّب الامر قتل أقرب المقربين اليهم.. والتاريخ القديم والحديث مليء بمثل هذه القصص.. في مفهوم هؤلاء الحكام يعتبر الناس عبيداً لا يحق لهم أن يقولوا له هذا خطأ، فهذا قد يكلّفه قطع رأسه، وعليه ان يردّد كلمة (نعم)، حتى أن كان حاكمه مخطئاً.. ويبقى هذا الحكم موروثاً لا يسلمه الا في حالة الموت أو متى ما هاجمته قوة أكثر فتكاً منه لأزاحته، وهذا ما شاهدناه واقعاً على صدام والقذافي.. غالبية العراقيين كانوا يظنون أن صدام باقٍ لا يزول الاّ بالموت المقدّر، وكانت هناك مزحة تقول: رؤساء وملوك الدول حين قابلوا الله، قام ليصافحهم !! لكنه حين صافح صدام جلس !! فقيل له: لماذا يا الله ؟ قال: أخشى أن يجلس مكاني !!.. أم هل استطاع ثوار ليبيا، الذين يفتقرون الى الأسلحة وأبسط مستلزمات الجندي المحارب، أن يزيحوا القذافي لولا دعم وتدخّل قوات الناتو ؟!.. واليكم الحالتين :-
1-   في كل بلدان العالم، عندما تعلن نتائج الانتخابات يكون أول من يعارضها ويطعن بمصداقيتها فريق المعارضة الخاسرين.. أما في العراق فقد حدث العكس، فأول  المعارضين كان رئيس الوزراء.. كيف يُعقل هذا ؟!.. فهنا حكم الشخص على نفسه بأنه غير قادر على ادارة دفة البلد، وتطاول في امور أخرى، وكانت النتيجة أعادة فرز اوراق التصويت يدوياً، وفشل الرجل.. ولكن تمّ تأويل النصوص القانونية ليقبضوا ثمن تفسير الكتلة الاكبر.. وكانت القائمة العراقية أكبر معين لهم، والتي بعد مناداتها بحقها صمتت بمنحها مناصب انيطت بها على حساب من انتخبوها.. ثم أدعت انها غير شريكة في الحكومة، فكان هذا نفاقاً سياسياً كبيراً، ومع ذلك فمازالت مستمرة في عملها...
2-   فيما مضى كنا معزولين عن العالم الخارجي بسبب سياسة النظام السابق من أجل ان نبقى ضمن ما الدائرة الضيّقة التي يمليها علينا.. وبعد زواله استطعنا التوصل، عبر ما وصل الينا من اجهزة الانترنت والموبايل وتعدد القنوات التلفزيونية الفضائية، الى معرفة ما يحدث من حولنا، فأخذنا نشاهد ونسمع أن الوزير الفلاني استقال من منصبه بسبب خروج القطار عن سكتّه وتأديته الى مقتل احد المواطنين وجرح آخر !.. وذلك رئيس الوزاراء يقدم استقالته أيضاً بسبب عجزه عن دفع ديون دولته.. وأستقالات وأقالات كثيرة في العالم لعدم النجاح أو الكفاءة في خدمة شعوبهم من خلال مناصبهم المكرّسة أساساً لخدمة وبناء وحماية الشعوب وأوطانها.. أمّا في العراق فتقع المصائب والويلات على الشعب المغلوب على أمره وتزهق أرواح أبرياء كثيرين نتيجة التخبّط السياسي لقادة الاحزاب الذين زرعوا الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد، والأهم من كل هذا أنه لا يوجد من يقدم استقالته بسبب ما يحدث !!! بل على العكس ما زالوا مقلّدي سيوفهم ليقطعوا رقاب من يقول انهم مقصرين في مسؤلياتهم، فلا يهمهم شيء سوى (الكرسي الزائل يوماً)، حتى وأن مات أكثر من نصف الشعب..
       ولو لم أكن تلقيت الأذى الكثير من نظام صدام، وأستشهد شقيقي، كما ضحّوا سدىً بقية أبناء شعبي العراقي المسكين نتيجة قراراته الجائرة عندما مزق الاتفاقية مع ايران، ثم رجع اليها بعد حين، لكن بعد أن احرق النسل والحرث، رجع كما ترجع الخنزيرة الى قيئها.. وكذلك الذين ذهبوا ضحية دخوله الى الكويت بدون حق، وكذلك أخواننا الاكراد الذين لقوا حتفهم بالاسلحة الكيمياوية.. لكنت لأقول اليوم رحمك ألله يا أبا عداي !! وأنا مؤمن بأن ألمسيح أقام الموتى، لطلبت منه أن يقيمك كي تعود الى الحكم لأنك في بعض الاحيان كنت تنصف الفقير !!.. ولكن لا أطلب هذا أحتراما لأرواح الابرياء ودمائهم لكي لا تصب غضبها من العلياء... فهل اليوم حقا توجد الحرية عندنا ؟ وهل تنجح بوجود زمر لا يهمها الا مصالحها الشخصية ؟... 
الخميس 29 / 12 / 2011
[/size]