المحرر موضوع: لغتنا الكلدانية الجميلة تذبح من قِبَل العربية - الجزء الاول -  (زيارة 3319 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل mouafaq

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 261
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لغتنا الكلدانية الجميلة تذبح من قِبَل العربية

موفق هرمز يوحنا
mouafaq71@yahoo.com


  قرأت قبل اشهر عدة مقالا للشماس مايكل سيبي يخبرنا فيه عن حادثة وقعت معه في كنيسته الحالية في مدينة سدني الأسترالية ، سأحاول بعد أذنه طبعا ان اورد الحادثة مختصرة ، ففي احد الايام همَ الشماس المذكور بقراءة الطلبات الطقسية ( نقوم شبير ) باللغة الكلدانية كما كتبها مؤلفها بوحي من الروح القدس ولكن الشماس اسحق رئيس الشمامسة ( له كل الاحترام والتقدير ) قاطعه طالبا منه قراءتها باللغة المحكية لكي يتسنى للجميع فهمها ، انها مبادرة رائعة من قبل رئيس الشمامسة الحريص على إيصال الصلاة المتلوة من قبل الشمامسة الى الشعب بصورة مبسطة وسلسة ويمكن فهمها لتؤدي الغاية التي تصلى من اجلها كما ان موقف الشماس مايكل والذي فضل قراءتها باللغة التي كتبت بها هو موقف شجاع أيضاً وانا من مؤيديه لأننا لو غيرنا صلواتنا الطقسية من لغتها الاصلية الى لغتنا المحكية تفقد وزنها وقافيتها وحتى لحنها يتغير فيطول تارة ويقصر تارة اخرى وحسب الكلمة المنتقاة بدل الكلمة الاصلية .
  كنت قبل عدة اشهر دعيت من قبل كنيسة المشرق الآشورية في مدينة وندزور الكندية للمشاركة في حفل استقبال مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الآشورية والذي تضمن قداسا إلاهياً وحفل فطور بسيط لابناء الرعية والذي شدني في كافة المراسيم المذكورة انها تمت بلغة واحدة فقط وهي اللغة الآشورية فكافة فقرات القداس والموعظة والطلبات تليت باللغة ذاتها وفي حفل الاستقبال القيت العديد من كلمات الترحيب بغبطته والعديد من الأشعار والتراتيل وجميعا القيت بنفس اللغة دون ان يقحم ضمنها جُملا او كلمات من لغات اخرى كالعربية او الانكليزية ، وقد انبهرت لذلك فعلا .
 ان هذين الموقفين هما الذان شجعاني على كتابة السطور التالية ، فإننا نختلف مع بعضنا البعض على لغتنا الكلدانية الجميلة ونتصارع من اجل الحفاظ عليها بينما البعض من إخوتنا الكلدان يتصارع من اجل القضاء عليها ولا اعلم سبب ذلك وقد يكون بعض من رجال ديننا الأفاضل يساهم بشكل غير متعمد في التشجيع على هذا العمل ، وسأورد أدناه بعض القصص التي منها من يحافظ على اللغة الكلدانية ومنها من يحاول بقصد او بدون قصد ان يزيل هذه اللغة عن الوجود وسأبدأها من الأقدم التى الأحدث :

 -  عندما كنت في الوطن الام كنت اخدم في كنيسة الصعود الكلدانية وقد كان ولا يزال راعيها الاب الفاضل والغيور جميل نيسان يقيم قداسين ايام الاحاد الاول صباحا باللغة الكلدانية والثاني مساءً باللغة العربية وبما اننا في العراق لم يكن يوم الاحد يوم بطالة او يوم عطلة فقد كنا نمارس حياتنا العادية يوم الاحد كباقي ايام الاسبوع اي نذهب صباحا الى مدارسنا او الى أعمالنا او التزاماتنا فبذلك نحرم من حضور القداس الصباحي ( قداس الكلداني ) وكنا مجبرين نحضر القداس الثاني اي قداس العربي وبذلك كان عدد الحضور في قداس العربي أضعاف الحضور في القداس الكلداني ولكن ليس حبا بالعربية من قبل اغلب الحضور بل لملائمة وقته مع وقتهم .

 -  بعد مغادرتي العراق وتوجهي الى الاردن خدمت في كنيسة المصدار وكان ولا يزال راعي الكنيسة الكلدانية في الاردن الاب الفاضل ريمون موصللي ، وهو كاهن كلداني سوري الجنسية من اصول عراقية لا يتكلم الكلدانية ولكن لكونه كاهن غيور على قوميته وارثه الثمين ابى الا ان يتعلم لغة أباءه وأجداده وكان له ذلك في وقت قياسي وبمساعدة بعض الخيرين من ابناء رعيته هناك .

 - قبل عدة ايام اتصلت بشقيقتي التي تسكن ولاية فينيكس وبالتحديد مدينة أريزونا الامريكية ، وبعد الاستفسار عن الأحوال هناك أخبرتني بأنها الان تعمل في احدى المدارس الحكومية هناك ( volunteer ) اي مجانا وتقوم بتدريس اللغة الكلدانية للطلبة الراغبين بذلك فهناك يتم تخير الطلبة لدراسة لغتين اخريتين غير اللغة الاصلية والتي هي الانكليزية ، وهناك الكثير من العوائل الكلدانية ترغب بتعلم أبناءها لغتهم الاصلية اللغة الكلدانية ، حقيقةً سرني هذا الخبر وتمنيت لو فرضت اللغة الكلدانية على جميع الطلبة في جميع الولايات الامريكية رغم استحالة هذه الأمنية .

 - هناك في احدى المدن الالمانية والتي يوجد فيها عدد لابأس به من ابناء جاليتنا الكلدانية يوجد احد الآباء الكهنة يخدم هذه الرعية ، وان امكانيات هذا الكاهن محدودة من حيث اللغة فهو لايجيد التكلم بغير العربية اما الكلدانية فهو لا يجيدها لا قراءةً ولا كتابةً ولا نطقاً فهو مجبر ان يقيم القداس بالعربية وكذلك الكرازة والتوصيات لا بل جميع الطقوس الكنسية الأخرى ، وقد طرق مسامعي بانه وفي الفترة الاخيرة قد تحَصَّل على كتاب الإنجيل الطقسي مكتوب بالكرشوني ( اي بحروف عربية عند قراءتها تكون الكلمة كلدانية المعنى ) وانه يستعين بهذا الكتاب لقراءة الإنجيل الطقسي ايام الاحاد ، انا اعتقد بان المعهد الكهنوتي يقوم بتعليم اللغة الكلدانية بطريقة جيدة جدا لطلاب الدير والذين يتم تهيأتهم على اكمل وجه ليخدموا مذبح الرب . فأذن لابد ان تكون من شروط رسامة اي كاهن ان يجيد اللغة الكلدانية نطقا وقراءة وكتابة كيما يستطيع المرتسم ان يوصل البشارة الحقة الى كافة فئات الشعب المؤمن .

 - قبل عدة اعوام كنت قد نشرت خبر تخرج دورة لتعلم اللغة الكلدانية في كنيسة العائلة المقدسة للكلدان في وندزور ، ومن بين الردود والتهاني التي كتبت على هذا الخبر كانت مداخلة اعتبرتها تافهة من احد الاشخاص والذي بدأ بمعارضتي على كلمة " اللغة الكلدانية " مؤكدا - حسب رأيه - بانه ليس هناك ما يسمى باللغة الكلدانية وان هذا هو تعدي على الحضارة والقوانين الطبيعية للتطور ودخلت معه في نقاش عن طريق الرسائل الالكترونية الخاصة بيني وبينه ولكن اتضح في نهاية الامر بانه من اصحاب العقول المتحجرة التي يصعب التفاهم معها او ان تغير نظرتها للواقع ، فتركته في سعادته التي يعتقد بانها الحقيقة الوحيدة في هذا الكون .

 - غالبا ما نسمع عبارة الكلدان الناطقين بالعربية ، ان هذه العبارة لا تروق لي إطلاقا فما دام كلداني اذا فلغته الكلدانية ، كان هذا جزء من الحوار الذي جرى بيني وبين الزميل والاعلامي ماجد عزيزة قبل عدة ايام خلال دعوته الكريمة لي ولعائلتي لزيارته في منزله ولبيت الدعوة برفقة اثنين من شمامسة تورنتو مع عوائلهم ، المثير في الامر بان الزميل عزيزة ( والناطق بالعربية ) اكد بان لغته الاصلية هي الكلدانية وبان أجداده سكنوا مدينة الموصل فتأثروا - حالهم حال بقية الكلدان - باللغة العربية فاحتلت البيت وطردت لغتهم الاصلية وكان متاسفا لذلك .

- بين الفينة والأخرى احضر قداسا في كنائس الأخوة المارونيين او اللاتين والذين يقيمون طقوسهم باللغة العربية ولكنهم في العديد من فقرات القداس يستعملوا كلمات كلدانية مثل ( قاديشا الاها ) ( امين بارخمار ) ورتبة الكلام الجوهري بالكامل وغيرها ، انه فعلا دليل ثابت على ان لغتهم الاصلية هي الكلدانية وليس العربية .

 هكذا أُنهي الجزء الاول من مقالتي هذه والتي ستثير حفيظة الكثيرين وسوف يشحذوا أقلامهم للكتابة ولكن ارجوا من كل من لديه أية اضافة على الموضوع ان لا يتردد بالكتابة لي على عنواني الالكتروني الذي اوردته اعلاه وساكرره في نهاية هذه السطور واتمنى تزويدي بكل التجارب التي مرت بكل من يقرأ هذه المقالة او اي راي شخصي او مداخلة بناءة او مقترح لأقوم بنشرها في الجزء الثاني والمكمل لهذه السطور .


موفق هرمز يوحنا
كندا
Mouafaq71@yahoo.com