المحرر موضوع: مار باوي سورو .... قديس من ساندييكو  (زيارة 2041 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوركيس أوراها منصور

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1091
  • الجنس: ذكر
  • الوحدة عنوان القوة
    • مشاهدة الملف الشخصي
مار باوي سورو .... قديس من ساندييكو




كعادته وبطيبته المعهودة والأمل يرتسم على وجهه البشوش، بدأ نيافة المطران مار باوي سورو عظته بعد قداس الأحد الخامس من الدنح وهو اليوم الذي سبق صوم – باعوثا – لهذه السنة، بدأ يشرح فصول الأنجيل المقدس الذي تلاه على المؤمنين في كنيسة مار ميخا للكلدان الكاثوليك في ساندييكو، وركز فيها على محبة الله اللامتناهية لأبناءه من بني البشر الى الدرجة التي وهب فيها ابنه الأوحد يسوع المسيح من اجل خلاصهم وليبين محبته لبني البشر وليفتح قناة اتصال واسعة جدا مع العالم عبر يسوع الملك.
أن طريقة كرازة مار باوي وشرحه لكلام الله وتفسيره السلس لمفردات الأنجيل هي صفات مميزة اخرى تضاف الى صفات اساسية يتمتع بها نيافته من بشاشة وجهه وفصاحة لسانه، وهو الذي يشد المؤمنين اليه وبقوة ليتابعوا كل كلمة وعبارة يتفوه بها وحركة او التفاتة يؤديها، وليعيشوا معه لحظات الأيمان الحقيقي وكأن المؤمن حقا هو في اتصال مباشر مع الله.
الله الغاضب والمنتقم   
يخبرنا الكتاب المقدس في عهده القديم – والكرازة لا زالت لمار باوي – بان الأنسان قبل مجيء المسيح كان يرى في صورة الله بانه الخالق الذي يرعب كل من يخالف وصاياه والمنتقم لكل  يعمل بالضد من تعاليمه، وفعلا كان الله قد غضب من بني البشر وأنذرهم بان انتقامه سيكون شديدا ان لم يرجعوا لصوابهم ويبتعدوا عن الخطيئة التي بلغت ذروتها ووصلت الى ناظريه.
لهذا السبب أرسل الله النبي يونان الى أهل نينوى لينقل لهم غضبه ونيته بتدمير نينوى وكل من فيها، ان لم يرجعوا الى التوبة ويطلبوا الغفران ويتوقفوا عن أفعال الرذيلة وقتل البشر الذي كان سائدا على أيدي ملوكها في الحروب في زمانهم والتوقف عن أضطهاد الناس او حثهم على فعل الموحشات، ولما سمع اهل نينوى كلام الله عن طريق النبي يونان الذي كان جادا في كرازته، قبل اهل نينوى النبي يونان واستمعوا اليه وطلبوا التوبة من قلوبهم حتى غفر لهم الله ومنحهم الخلاص، وحينها عرف الناس ان هنالك قوة خارقة واله خالق يمنح الخلاص لمحبيه، ومنذ ذلك الوقت نحيي ذكرى صوم أهل نينوى لثلاثة ايام وثلاثة ليال ونصوم صوم باعوثا ونكرر نفس الطلبات طلبا للمغفرة.
الله المحب والله الغفور
وأضاف مار باوي قائلا: بعد مجي الرب يسوع يفتح الله معنا عهدا جديدا ويمنحنا محبته اللامتناهية من خلال أبنه الأوحد يسوع الذي يقربنا كثيرا منه ويرسم لنا صورة جميلة لوالده الاب الحنون، وهي صورة الاب المحب والمخلص والفادي والغفور والرحيم.
ان الأنسان بنظر الله الاب - والكرازة لازالت لنيافة المطران – هو أعلى واسمى ما خلق، وهو اي الله لا يفرق بين أنسان واخر- قويما كان او خاطئا - حيث لهما نفس القيمة، ويعطي الفرصة للخاطىء ليتوب اكثر ماهي للمؤمن القويم.
ويقرب مار باوي الصورة اكثر من خلال هذا المثل قائلا: أخي المؤمن وانتي اختي المؤمنة لو كان لكم ورقتان من فئة العشرين دولارا، احداهما متسخة ممزقة وكانها سحبت من تحت مئات الاقدام وصورتها ورائحتها لاتوحيان للقبول، والأخرى نظيفة كتاباتها وارقامها بارزة وواضحة والوانها براقة وتفوح منها رائحة الطبع الجديد، وذهبتم بالورقتين النقديتين عند الدكان لشراء حاجيات بما قيمته اربعين دولارا واعطيت الورقتين لصاحب الدكان فستراه يقبل بكلتاهما دون تفرقة لأن لهما نفس القيمة الشرائية، هكذا هي قيمة الأنسان عند الله الاب أيها الأحبة، وهو يحتضن الخاطىء والمؤمن معا ويمنحهما نفس المحبة والفرصة للتوبة والحياة معا.
علينا ان نكون محبين متحدين في الأيمان والمحبة وعلينا الرجوع الى الله ان كنا خطاة فهو سيستقبلنا وبفرح كبير وسيغفر لنا جميعا، وعلينا ان ننقل هذه المحبة الى عوائلنا وأبنائنا وجيراننا وأخوتنا في الدين والقومية والأنسانية، لأنه بالمحبة وحدها يكمن خلاصنا الأبدي، وكما أحبنا الله وغفر لنا جميعا من الخطيئة الأصلية، علينا ان نحب الاخرين ونغفر لهم وعندها سننال الخلاص الأبدي.
في كرازة المطران مار باوي لمسنا الحب الحقيقي في كلامه النابع من القلب وفي كلامه وتفسيره الذي اعلمنا كم هي محبة الله اللامتناهية لنا نحن البشر، ومع الأسف شعرنا كم نحن البشر ضعفاء عاجزين عن حب وعن مغفرة الاخرين الذين هم فعلا بحاجة الى حبنا ومغفرتنا لهم.
وبناءا على هذه الكرازة المفعمة بكل معاني ودلالات الأيمان الصافي يمكنني القول مجازيا باننا اليوم نرى في وجه مار باوي وجه قديس محب يعيش بين ظهرانينا، الذي في قوة كلامه وكرازته يرينا الحب الحقيقي والقدرة على المغفرة، ونرى في محياه ووجهه البشوش وهو ينطق بهذا الكلام المقدس كاننا امام قديس يرشدنا على طريق الخلاص من خلال زرع معاني ودلالات الحب اللامتناهي في نفوسنا. 
كم اننا اليوم بحاجة الى قديس يعيش بيننا ليرشدنا بقوة ايمانه وليشعرنا بالحب الحقيقي وماهية الأيمان الحق، وأخيرا مبارك على شعبنا المسيحي الكلداني الكاثوليكي صوم باعوثة، متمنين ان يكون هذا الصوم التراثي الديني مناسبة كبيرة للتشجيع وطلب المغفرة له والغفران للاخرين، وليبارككم الله ويشملكم بحبه السرمدي.

كوركيس أوراها منصور
ساندييكو - كاليفورنيا