المحرر موضوع: الكتابة ليست فعل انتقام، اراء عن السورث  (زيارة 1137 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الكتابة ليست فعل انتقام، اراء عن السورث


 


تيري بطرس
bebedematy@web.de
 
لنتحاور في الاختلاف، فما شئ في الحياة يمكن الاتفاق بشأنه مائة بالمائة. الكاتب اي كاتب يقوم بابداء رائ حول مسالة ما، وهذا حق مقدس، مالم يجرح الاخر. في النقاشات التي حدثت مؤخرا واشعلها الاستاذ اخيقر يوخنا بنشره ما ورد في كتاب الدكتور احمد سوسة، وما شعرت شخصيا انه تايد لما في الكتاب من قبل الدكتور ليون برخو، ولايماني ان ما ورد في الكتاب المذكور والمنشور لاول مرة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ليس صحيحا او لا يصمد امام المسالة العقلية، شاركت في الحوار مبينا وجهة نظري وشارك ايضا الاستاذ ابرم شبيرا. لتحقيق غايات ومصالح  سياسية وان كانت نبيلة من تبني مسالة ما، مسالة فيها وجهة نظر، اي انني اشعر ان موقف طرف ما في السياسية الدولية قوي وصوته مسموع، ممكن العمل على تقوية الاواصر معه، لكي اقوي من مواقفي وازيد من من دعم طموحاتي بمحاولة ايجاد مصالح سياسية حقيقية. ولكن الاعتقاد ان مؤازرة طرح الدكتور سوسة قد يمنحنا دعم من طرف ما، اعتقد انه موقف غير سليم، لان الطرف الذي نعتقد انه يمكن ان يدعمنا لهذا الامر، يعرف ان الامر لا حقيقة له. وهذا الطرف معروف عنه تاييده لما يحقق مصالحه اولا واخيرا وهذا لا يعاب عليه. ولكن يعاب علينا الاتكال على شئ معروف حقيقته وعدم جديته، لدرجة التشكيك باسس قضيتنا القومية. ليس حقيقيا اننا كلنا من صلب اشور وكلدو، ولكن بنفس صحة ما قلته ليس حقيقيا وبدرجة كبيرة اننا كشعب احفاد الاسباط العشرة. ولكن الاصح اننا ورثنا لغة وعادات وتقاليد كلدو واشور.
هنا لا اود ان اطرح نفسي معلما او مانحا لاي كان صفة الانتماء الصميمي او الخيانة، فهذا ليس من واجبي وليس من حقي، ولكن الاعتراض على طرح ليس اتهاما، بل هو حقا مشروعا لي كما كان حقا مشروعا، لمن طرح اولا.
لا يمكن الاعتراض ابدا على ان اللغة هي احد تجليات الانتماء القومي، فاللغة المحكية هي التي تميز، هذه الجهة عن الاخرى في الوهلة الاولى، هذا الطرف عن الاخر، هذه الامة عن غيرها، وبسماع اللغة المحكية يمكن تصنيف الناس قوميا، كان يقال هذا كوردي لانه يتكلم اللغة الكوردية في البيت او لان لغته الام كوردية، او هذا عربي لان لغته الام عربية، او هذا كلداني او سرياني او اشوري لان لغته الام سورث.
هنا نختلف عن الاخرين بتواجد ثلاثة اسماء لها بعد قومي، بغض النظر عن مدى تايدنا او رفضنا، ونتفق مع اسرائيل في ان لها شعب اسرائيل والامة اليهودية واللغة العبرية، اي تختلف تسميتها اللغوية عن تسميتها القومية التي يغلب عليها التسمية اليهودية. (اليهودية بالاصل دين، الا انه يتم منحها بعدا قوميا، لان الاسرائيلية مواطنة لدولة اسرائيل تضم اليهود والعرب والدروز،وكلمة العبري تاريخيا لها بعد قومي الا انها اليوم تستعمل لتعني اللغة). وكلمة السورث التي صاغها شعبنا  اسما للغته وكل من يسمع هذه الكلمة السورث يدرك بلا مواربة اننا نتكلم عن لغة، ولسنا بحاجة لان نقول لغة السورث كاللغة الكوردية او اللغة العربية او اللغة الاشورية او اللغة الكلدانية، فالسورث مدلولها لغوي اساسا.
ولكن حقا من اين اتت السورث؟ سؤال منطقي من حق الجميع سؤاله والبحث عن الاجابة عليه، ومهما تكون الاجابة، باعتقادي، وبعد البعد التاريخي لحركتنا القومية تحت التسمية الاشورية، ولما حققته ولما لها من ملفات سياسية في اروقة المحافل الدولية، فقضية الاجابة على هذا السؤال، من اين اتت السورث، ستكون نتيجة دراسة اكاديمية لن تلحق الضرر بقضيتنا القومية، ان لم تدعم هذه القضية، وتحت اي تسمية سارت. السورث ستستمر وبتحقيق حقوقنا القومية ستدعم وستتطور، وكلما تحقق انجازسياسيا ما لشعبنا، سيكون حضور السورث اكبر واكبر.
من الواضح ان السورث لم تأتي من الفضاء الخارجي، وعلمت لشعبنا، في لحظة قصيرة او تم تعليمها من خلال اعطاء ابناء شعبنا دواء ما او زرقه بابرة ما فتعلم الشعب السورث، السورث، لغة تعايش معها شعبنا منذ مئات السنين ان لم يكن منذ الاف السنين. المؤسف ان اقدم ما وصلنا من السورث هي قصائد من القوش (قرات عنها ولم اشاهدها)، لكاتب من بيت اسرائيل (عائلة القوشية قديمة) تعود للقرن السابع عشر. في منتصف القرن التاسع عشر تم نشر اول صحيفة بلغة السورث من قبل المبشرين الامريكان تحت تسمية زهريرا دبهرا، ومن ثم توالت الاصدارات الصحفية والادبية والفكرية والتاريخية  بهذه اللغة. اللغة المصطلح تسميتها سورث سبريتا او سورث عتيقتا هي كما هو معروف لهجة اهل اورهي، وبقت هذه اللهجة لانه تم كتابتها ووضعت لها القواعد وتطورت خطوط الكتابة المختلفة من الاسطرنجيلي الى الشرقي او كما يسميه البعض النسطوري والخط الغربي. فيما بقى الخط المندائي على حالته القديمة ولم يتطور لانه لم يستعمل كثيرا في الكتابة اليومية، كما حدث للخط الاسترنجيلي. تبقى اللغة المكتوبة اكثر قابلية للاستمرار والصفاء من اللغة المحكية، لان للغة المكتوبة حراسها من الكتبة وضوابطها من القواعد وفي لغتنا تم اضافة القداسة على اللغة، وقد تكون الصفة الاخيرة هي لعنة من لعنات ما اصابنا. ورغم كل ذلك نجد في اللغة الادبية او السورث عتيقتا الالاف من الكلمات اليونانية وخصوصا في مجالي العلوم واللاهوت، وقد نجد كلمات فارسية ايضا،وهما اللغتين الاكثر تاثيرا في شعبنا قبل ظهور العربية.
اما اللغة المحكية فتتطور بلا ضوابط، وكل شخص يتكلمها بحسب المؤثرات التي دخلت عليه، وفي لغتنا السورث المحكية نجد المؤثرات تتوزع جغرافيا، فالمناطق الواقعة في سهل نينوى، نر بوضوح التاثير العربي، حتى من خلال لحن الكلمة، اما في الوسط مثل منطقة صبنا وبروار وزيبار وسندي وكولاي فنجد التاثير الكوردي في لغتنا، وفي حكاري والمناطق المجاورة نجد تاثير الكلمات الكوردية و التركية. رغم ان مناطق حكاري كانت مستقلة وشبه حصينة من دخول الغرباء. وفي الشرق في منطقة اورميا نجد التاثير التركي والفارسي ويميل لحن الكلمة الى الفارسية من الاطالة الممنوحة  لنطق الكلمة، وهذا يعني ايضا ان السورث اثرت في المتكلمين بهذه اللغات ايضا. ما ذكرته حدث من خلال مئات السنين، ولم يحدث في ليلة وضحاها كما بينت اعلاه، وحدث خصوصا بعد ان كان تاثير الاقوام الاخرى علينا هو الغالب، لانهم صاروا اقوى منا في امور كثيرة. اذا تطورت السورث المحكية بلا ضوابط، واللغة اي لغة تتعدد فيها اللهجات وهو امر طبيعي في السورث المحكية، التي قد تكون لهجة من لهجات شعبنا كما كانت لهجة اورهي، وتطورت واستحوذت على مساحة واسعة، نتيجة لعوامل سهولة الاستعمال. او انها خليط من لهجات مختلفة تطورت بلا ضوابط لحين وضع قواعد لها في منتصف القرن التاسع عشر وتطوير هذه القواعد في خلال القرن العشرين.
من خلال ملاحظة الكلمات نجد انه لو اخرجنا الدخيل الغريب الذي اتى بتاثير من الجوار، فان ابناء شعبنا يتكلمون لغة واحدة. لا يمكن بتاتا نسب هذه اللغة الى الاقوام التي اتت مناطقنا، سؤاء كمهاجرين مثل الاراميين او اليهود، ولاسباب شرحناها سابقا، ونختصرها، ان المهاجر يتعلم لغة البلد القادم اليها وهو الامر الطبيعي، وخصوصا ان الهجرة وان كانت جماعية فهي تحدث بشكل موجات صغيرة تتوغل وتتوزع بين السكان الاصليين لكي تتمكن من ان تعيش، وخصوصا ان المنطقة لم تحتل من قبل الاراميين واليهود، فكلا الطرفين جاء اما مهاجرا او مجلوبا كاسير هذا طبعا ان اتفقنا ان الاراميين والاشوريين شعبين مختلفيين كليا. ولكن المنطقة احتلت من قبل الفرس والماديين واليونان، فلماذا لم ياخذ شعبنا لغتهم في الكلام اليومي، رغم ان المرحلة اليونانية لم تكن قصيرة او الفارسية الميدية وكانت لهم الغلبة والتمكن الحضاري ؟
هناك ملاحظات يمكن قولها عن ان اللهجات المختلفة اتخذت احيانا مرادفات خاصة بها لمعنى معين، فكلمة ܨܵܠܹܐ وܢܵܚܸܬ وܫܵܦܸܥ لها مدلول واحد هو النزول، اي هي مترادفات لمعنى واحد، الا اننا نرى بان ابناء شعبنا من سلامس واورميا والى صبنا يستعملون الكلمة الاولى وفي مناطق زاخو وما جاورها يستعملون الكلمة الثالثة، اما في مناطق سهل نينوى وعنكاوا فيستعملون كلمة الثانية، ولكنها قاموسيا تعود للغة واحدة. وهذا هو الحال مع كلمة ܚܵܐܸܪ ܘ ܓܲܫܸܩ ܘܚܵܙܹܐ واذا بحثنا في قاموسنا اللغوي سنجد من امثال هذه المرادفات التي اختصت بها لهجة من لهجات شعبنا عن الاخرى.
في مفارقات لغتنا المحكية، نجد كامثلة غريبة وغير مفهومة، ان تصريف فعل المضارع المستمر هو واحد في لهجة القوش وما جاورها واورميا وما جاورها مع اختلاف ان حرف الكاف الذي يسبق تصريف الفعل يكون في لهجة اورمي ممدا بحركة الزلامي الطويلة وفي لهجة القوش يكون بلا حركة مع تسكين الالف بحركة الفتحة، اما لهجة تياري ومنطقة بروار وصبنا فلا وجود لحرف كاف في التصريف بل هناك حرف الياء .
كمثال ܟܹܐ ܐܵܟ̣ܠܸܢ لهجة اورمي ܟܐܲܟ̣ܠܸܢ لهجة القوش ܝܐܵܟ̣ܠܸܢ المفارقة اننا هنا لا نخضع لتراتبية جغرافية معينة، في تغيير نطق الفعل، كما هو واضح خضوعنا لهذه التراتبية في لفظ حرف ܚ خاء او حاء، حيث ان مناطق طور عابدين تنطق كل ܚ حاء الا في ما ندر من الكلمات، ولو اتجهنا شرقا وجنوبا فاننا سنجد ان ܚ تقلب خاء مرة وحاء مرة اخرة وكامثلة ܚܡܪܐ ܚܒ̣ܠܐ ܚܬܐ ܐܚܘܢܐ ܚܡܐ ܚܡܝܪܐ ܚܘܫܒ̣ܐ ܚܠܡܐ ܚܙܝܐ ܡܫܝܚܐ ܡܫܚܐ  ܚܕܘܬܐ ܘܫܪ اما في كلمات اخرى واغلبها معنوي فتنقل الى حاء مثل ܚܘܒܐ ܫܘܒ̣ܚܐ ولو اتجهنا الى الشرق والشمال الشرقي فانه يندر استعمال ܚ كحرف حاء الا في اسم حنا المذكر ولكن في المؤنث يبقى خنا. كما اننا لا نخضع لتراتبية جغرافية مثلا في لفظ حرف التاو سينا حيث يلفظه كذلك المركايي من منطقة التياري او حكاري وابناء شعبنا في منطقة عقرة (عقرايي) وابناء شعبنا في منطقة سنندج (سينايي) حيث يلفظون كلمات مثل بيتا او كتيتا بيسا كسيسا الخ، كما نخضع لهذه التراتيبية في لفظ حرف التاء ثاء حيث يشيع التاء في منطقة سلامس واورمية وكاور وتركاو ويكاد حرف التاوي يلغى في لهجة باز وجيلو ولكنه يعود في بعض لهجات تياري ويتحول الى شين ومن ثم ليعود يصورة ثاو في لهجات تيارية ومنطقة بروار وصبنا والى سهل نينوى بشكل ثاو. (الثاء هو تحوير للحرف التاء في لغتنا السورث السوادية ويكون بوضع نقطة تحت حرف التاء) اما الشين والسين فهما حرفان اصيلان. في اللغة السبريتا يكاد يكون كل حرف تاء ثاء لان القاعدة تقول بتركيخ كل احرف ال بيت وكمل ودالت وكاب وتاو(ܒ، ܓ، ܕ، ܟ، ܬ݂،) ان وقعت بعد احرف البدول اي البا والدل والواو واللمت.
اللغة التي ورغم كل الماسي التي مر بها شعبنا ورغم تباعد مناطق سكناه، ورغم ان الفراغات بين هذه المناطق كانت مسكونة بشعوب اقوى، ويعتنقون دينا يمنح لمعتنقه ميزة التحكم والسيادة، فقد بقى ابناء شعبنا يتكلمون بها، وهذا يعبر عن اصالتها وعن اهميتها، واحدى مفارقات لغتنا ان من بدل دينه من المسيحية الى الاسلام فقد غير لغته ايضا، اما الى الكوردية او العربية.
من خلال استقراء الواقع وراي الكثير من اللغويين، اعتقد ان السورث، هي لغة شعبنا منذ تواجدنا على هذه الارض، مع اخذ التطورات بعين الاعتبار وخصوصا انها لم تكتب، واعتقد ان شعبنا قد عانى من ازدواجية اللغة الادبية واللغة المحكية منذ ذلك الزمن، فالشعب كان يتكلم لغته التي تختلف عن اللغة الموروثة عن الاكديين، او بالاصح كانت لغة اللشعب قد تطورت وتغيرت لانها لغة محكية ولم تكن مكتوبة، فيما اللغة الاكدية بقيت لانها كتبت بالخط المسماري، والظاهر ان تاثيرها كان قليلا على الناس لان القلة النادرة كانت تعرف القراءة والكتابة في ذلك الزمن. اقول هذا استنتاجا، وليس نتيجة لدراسة اكاديمية او رجوعا لمصادر معينة. فنحن حقا شعب خضع لاستنتاجات الاخرين، ممن فرض ان شعبنا غير لغته في القرن السابع قبل الميلاد باللغة الارامية، وهذا الاستنتاج اخذ بعده كحقيقة ثابتة، ولكنها غير مثبتة، بل هو ترديد لاقوال اللاحق عن السابق دون عناء البحث عن حقيقة الامر، لانه من المستحيل الايمان بان شعبا اميا وموزعا على مساحة واسعة مع اخذ صعوبة وسائل الاتصالات والمواصلات في ذلك الزمن بالاعتبارقد غير لغته خلال فترة قصيرة، كالتي تقال لنا اي خلال فترة محددة ودون اي مغريات مثل الوظيفة او الفرض او الجبر.
كما كنا نعتبر اللغة الادبية سبريتا لغة مقدسة مع منحها بعدا بانها لغة السيد المسيح، كان الامر نفسه هو مع اللغة الموروثة عن الاكدية، فهي كانت لغة الهيكل ولغة الادب ولغة الكتابة اللغة المقدسة. التي يعرفها القلة، والتي لا تفسد بلسان العامة من الناس، فهي محفوظة من مئات السنين، يعلمها الادب للابن ويرثها الكاهن ممن سبقه ويتعلمها الملوك وابناءهم لكي تزداد معارفهم.
لغة السورث المحكية هي لغة من الاكدية ولكن مع الاعتراف انها اخذت دورها في التغيير والتطور اللامحدود بفعل انها لم تكتب، دائما كان لشعبنا لغة اخرى للكتابة، هذه حفظت وبقت ثابتة، فيما اللغة المحكية تطورت بلا حدود. لا يوجد اليوم من يتكلم لغتنا الا ابناء شعبنا، ومن يتكلم الارامية في قرى قرب دمشق، هي نوع اخر لا صلة له بلغتنا السورث الا في كلمات محدودة. ان ماكان ابن نينوى وبابل يتكلمونه في الشارع لم يبقى كما كان ولكنه وصلنا بهذه الحالة، التي نتكلمها اليوم. ولندرك جميعا اننا نتكلم عن فترة زمنية نقارب الاربعة الاف سنة من التغيير المستمر.
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ