فرحة لم تكتمل ...فمن يتحمل المسؤولية !؟ (1)
الياس متي منصور تطل علينا ذكرى مرور اربعون عاما على صدور قرار مجلس قيادة الثورة العراقي المنحل المرقم (251 ) في 16 نيسان 1972 . ثم ما لبثت ان اصدرت حكومة البعث العديد من القرارات الخاصة بأبناء شعبنا في نفس السنة.
وعلى ضوء القرار انطلقت صباح يوم 28/4/1972 اول مسيرة راجلة لابناء شعبنا في بغداد من ساحة الطيران ـ الباب الشرقي ـ االى وزارة الداخلية في الكرخ .
لقد جاء في كتاب (منح الحقوق الثقافية ) الصادر بالمناسبة للمرحومين(جميل روفائيل، وابلحد بنيامين) ما يلي: "ولقد كان لصدورهذا القرار اصداء فرح وابتهاج لايوصف في نفوس المواطنين الناطقين باللغة السريانية الذين ثمنوا بمئات البرقيات والتصريحات لمندوبي الصحافة هذه الخطوة التاريخية منها تصريح، غبطة بولص شيخو بطريرك بابل على الكلدان، وبرقية المطران يوسف حنا يشوع وكيل بطريرك الكنيسة الشرقية النسطورية والرئيس الاعلى للطائفة الاثورية في العراق وبرقية رئيس واعضاء مجلس الكنيسة الاثورية الانجلية (البروتستانتية) وبرقية المطران يوحنا باكوس مطران الطائفة السريانية في العراق، وبرقية المطران زكا عيواص رئيس طائفة السريان الارثذوكس في بغداد والبصرة".
ويكتبان في مكان اخر من نفس الصفحة: "كما اقيمت احتفالات شعبية في بغداد ونينوى وانحاء اخرى من القطر وغمرت الفرحة معالم الابتهاج نفوس المواطنين جميعا". وقد نظم ابناء الاقليات السريانية مسيرة شعبية ضخمة في بغداد احتفالا بهذا القرار اشتركت فيها الجماهير الناطقة بالسريانية كافة مع نواديها وجمعياتها".
وادناه نص القرار:
"قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتاريخ 16 /4 /1972
1 – منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين باللغة السريانية من الاثوريين والكلدان والسريان وفقا لما يلى :
أ – تكون اللغة السريانية لغة التعليم في كافة المدارس الابتدائية التي غالبية تلاميذها من الناطقين بهذه اللغة ويعتبر تعليم اللغة العربية الزاميا" في هذه المدارس.
ب – تدرس اللغة السريانية في المدارس المتوسطة والثانوية التي غالبية تلاميذها من الناطقين بهذه اللغة وتعتبر اللغة العربية لغة التعليم في هذه المدارس.
ج – تدرس اللغة السريانية في كلية الاداب بجامعة بغداد كاحدى اللغات القديمة .
د – استحداث برامج خاصة بالسريانية في اذاعة الجمهورية العراقية ومحطتي تلفزيون كركوك ونينوى.
ه – اصدار مجلة شهرية باللغة السريانية من قبل وزارة الاعلام.
و – انشاء جمعية الادباء والكتاب الناطقين باللغة السريانية وضمان تمثيلهم في الاتحادات والجمعيات الادبية والثقافية في القطر.
ز – مساعدة المؤلفين والكتاب والمترجمين الناطقين باللغة السريانية ماديا" ومعنويا" ونشر انتاجهم الثقافي والادبي.
ح – تمكين الموظفين الناطقين باللغة السريانية من فتح النوادي الثقافية والفنية وتشكيل الفرق الفنية والمسرحية لاحياء وتطوير التراث والفنون الشعبية.
2 – ينفذ هذا القرار من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ويتولى الوزراء تنفيذ احكامه."
أحمد حسن البكر
رئيس مجلس قيادة الثورة
بالرغم من كل الانتقادات والاعتراضات (انذاك) والان ايضا على صيغة القرار ونواياه. الا انه يبقى ذلك القرار من اهم المحطات التاريخية في حياة ابناء شعبنا. واهم الانتقادات كانت على كلمة (منح ) والمطالبة في (حينها) بابدالها بكلمة (اقرار) لتصبح العبارة (اقرارالحقوق الثقافية) بدلا من(منح الحقوق الثقافية) ( حيث لايوجد شعب في العالم بدون ثقافة. بل من غير الممكن، منح او فرض ثقافة على شعب، او سلب ثقافته مهما كانت ثقافته بدائية، او راقية لان ثقافات الشعوب متجذرة لديها). فما بالك اذا كان هذا الشعب او هذه الامة امتنا وتتمتع: (بثقافة عمقها بعمق الانسانية، ولم تتمكن كل الويلات التي عصفت بها ان تخرجها عن مسارها الطبيعي بل بقيت تتدفق حبا وايمانا ...!!!؟؟؟). رغم ذلك يشرع قرار من اعلى سلطة تشريعية في الوطن الام ينص على منحه الثقافة) وكان الاعتراض ايضا: على كلمة (الناطقين) حيث جاء في نص القرار: "منح الحقوق الثقافية للناطقين باللغة بالسريانية". كون اللغة السريانية هي (اللغة الام) لابناء شعبنا، ومن غير المنطق والانصاف ان يقال لنا: (الناطقين باللغة السريانية). كما يقال لبعض الشعوب الافريقية والاسيوية والامريكية (الناطقين بالفرنسية) وهذا (صحيح)لان اللغة الفرنسية ليست (اللغة الام) لتلك الشعوب .
اما التخوفات من النوايا (السياسية) لحكومة البعث من اصدار (القرار) كانت تتمثل في نية الحكومة ضرب حالتي التاخي والنضال المشترك بين ابناء شعبنا والشعب الكوردي. وعلى ضوء القرار تم وفي نفس السنة عام 1972 تم اصدار العديد من القرارات الاخرى من قبل الحكومة والخاصة بابناء شعبنا .
+ بتاريخ 25 /6 /1972 تم اصدار قانون تاسيس مجمع اللغة السريانية.
بموجب القانون رقم (110) لسنة 1972 المتخذ بتاريخ بتاريخ 11 /9/1972 اعتبار يوم راس السنة الميلادية عطلة رسمية لكافة دوائر الدولة الى جانب العطلات الدينية والوطنية الاخرى.
+ بناء على اقتراح رئيس الجمهورية قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتاريخ 13-9-1972: (اعادة تخطيط الحدود داخل الوحدات الادارية او فيما بين الوحدات الادارية المتجاورة في مناطق سكن الاقليات القومية بما يضمن تجمع كل اقلية في وحدة ادارية او وحدات ادارية قومية).
+استنادا الى احكام الفقرة (أ)من المادة الثانية والاربعين من الدستور المؤقت قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقد بتاريخ 25-12-1972 مايلي:
1-يعفى عفوا عاما من كافة الجرائم المرتكبة من قبل الاثوريين المرتبطين بالحركة الاثورية سنة 1933
(مجزرة سميل التي راح ضحيتها الالاف الشهداء الابرياء من ابناء شعبنا) وتعاد الجنسية العراقية لمن اسقطت عنه من الاثوريين المشاركين في تلك الحركة.
2- تتخذ السلطات المختصة كافة الاجراءات المقتضية لتسهيل عودة من يرغب من الاثوريين المشار اليهم في الفقرة (أ) اعلاه بالعودة الى العراق.
على ضوء القرار
تم توجيه دعوة رسمية لمارشمعون، ومالك ياقو، للعودة الى العراق. وقد زار مارشمعون العراق مرتين وعاد ثانية الى امريكا. اما مالك ياقو لم يعود، وتوفي في العراق عام 1974 .
ما اشبه اليوم بالبارحة
لقد مضى ، 40 سنة، على صدور القرار ونفس المشكلة كانت ولا تزال قائمة لحد اليوم، مشكلة (صراع التسميات) وبسببها اطلق علينا (انذاك) ومع الاسف الشديد: "الناطقين بالسريانية". وما عدا صراع التسميات، (الصراعات المذهبية). وكان هنالك صراع اخر اشد وهو ( الصراع السياسي) بين الاعضاء، من ابناء شعبنا المنتمين الى الاحزاب الرئيسية الثلاث (انذاك) الشيوعي العراقي، البعثي العربي، والديمقراطي الكوردستاني. اي بصورة اوضح كان هنالك صراع بين الشيوعيين والبعثيين وآخر بين البارتيين والبعثيين. هذا الصراع كان يحصل داخل المؤسسات الثقافية والاجتماعية لابناء شعبنا، حيث وصل عدد تلك المؤسسات الى (27 ) مؤسسة حين ذاك.
وتم تشكيل تنظيم ثقافي (انذاك) لتلك المؤسسات اطلق عليه (لجنة التنسيق الثقافي بين اندية وجمعيات الناطقين بالسريانية). قارن عزيزي القارىء بينه وبين تنظيم اليوم اي (تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الاشورية). والموضوع المطروح للحوار والمناقشة هو:
1 – ما هي اسباب عدم تطبيق
اهم فقرات القرار, اي فقرتي (أ) و(ب) من القرار اعلاه والمتعلقتين بتعليم اللغة السريانية في المدارس الرسمية للدولة. وللمراحل الدراسية. الابتدائية ,المتوسطة والاعدادية.
2 – ما هي اسباب
اخفاق معظم مؤسسات ابناء شعبنا (جمعيات واندية) بعد سنوات من تاسيسها؟
3 – لماذ تم
غلق (مجمع اللغة السريانية) اهم تلك المؤسسات وتحويله الى (هيئة اللغة السريانية) تابعة للمجمع العلمي العراقي؟
4 – لماذا تم
غلق اتحاد الادباء والكتاب الناطقين بالسريانية والجمعية الثقافية للناطقين بالسرينية وفتح بدليهما، المكتب الثقافي السرياني الذي كان تابعا لللاتحاد العام للادباء والكتاب في القطر العراقي.
5 – لماذا تم
غلق مجلتي الصوت السرياني (قالا سريايا) و (المثقف الاثوري).
6 – لماذا تم
دمج كل اثنان او ثلاث من انديتنا في نادي واحد ؟ ولم يبقى من(21 ) نادي سوى خمسة او ستة اندية.
7 لماذا تم
دمج جمعية الفنانين الناطقين بالسريانية مع جمعية الامهات للكنيسة الاشورية الانجلية . وتأسيس بديليهما.
(جمعية اشور بانيبال، الثقافية، الفنية،الاجتماعية) ...!!!؟؟؟.
8 واخيرا" لماذ لم يتم
تخصيص لنا ساعة في تلفزيون الجمهورية العراقية اسوة بالاخوة التركمان؟
لقد اخفقنا في الوصول الى الاهداف المرجوة من مثل هذا القرار وهنالك اسباب يجب علينا التوصل اليها ومحاولة تجنب الاخفاقات في تجارب حالية او مستقبلية.
فهل من الصحيح ان نجعل من حكومة البعث شماعة نعلق عليها كل اخفاقاتنا ام اننا ايضا لم نفعل كل ما بامكاننا للاستفادة من القرار لا بل شاركنا في هذا الاخفاق؟
ام كانت معظم الاسباب تكمن في ما يلي:
أ- الصراعات الدائرة بين الشيوعيين والبعثيين من جانب، والبارتيين والبعثيين من جانب اخر، من ابناء شعبنا المنتسبين او الموالين لتلك الاحزاب، والاعضاء في الهيئات الادارية والهيئات العامة لمؤسسات ابناء شعبنا (انذاك) ؟.
ب - هل كان دور الكنيسة سلبي من القرار وخاصة من اهم القرارات، فقرتي (أ ) و(ب) وهي اي الكنيسة المؤسسة الاكبر لابناء شعبنا بل كانت المؤسسة الوحيدة قبل صدور القرار.. !!!؟؟؟ خاصة اذا ما علمنا ان تطبيق الفقرتين اعلاه، كان قد اصبح، قاب قوسين اوادني، حيث كان قد تم طبع عشرين الف نسخة (20000) من كتاب الصف الاول الابتدائي (القراء الخلدونية) باللغة السريانية بخطي (الشرقي،والغربي) من قبل وزارة التربية عام 1974 لولا الالتفاف على القرار من خلال جمع تواقع من اهالي التلاميذ يرفضون من خلالها تعليم ابنائهم اللغة الام (السريانية). ولماذا لم تحرك الكنائس ساكنا وتكرز من على منابرها لتوعية الناس باهمية الموافقة على تعليم ابنائهم اللغة الام.
ج- هل كان السبب الرئيسي هو هجرة الكثير من الكوادر المثقفة الى خارج العراق وانزواء اخرون بعيدا عن ساحة العمل والتحاق اخرون وخاصة الشوعيين والبارتيين والقوميين من ابناء شعبنا مع المعارضة العراقية في كوردستان وخارج العراق ؟
د- هل كان اهم الاسباب هو تمكن البعثيين والمواليين للبعث من الاستلاء على الهيئات الادارية لمعظم المؤسسات واخراجها عن مسارها الصحيح وتسخيرها لمصالحهم الخاصة بعد تحويلها الى اماكن لشرب الخمور ولعبة الدمبلة لجني الارباح المادية منها على حساب النشاطات الثقافية والاجتماعية والرياضية .
ام هنالك اسباب اخرى لم نذكرها ..؟ والاهم من كل هذا وذاك، هو هل يمكننا ان نستفيد من تلك التجارب كي تكون لنا دروسا وعبر الان وفي المستقبل!؟ملاحظة هامة : للفائدة، الرجاء قبل المشاركة في الحوار والمناقشة تصفح الارشيف ادناه:
مع الشكر والتقدير
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,570253.0.html