المحرر موضوع: ماذا يعني في رأيي كوني آشورية  (زيارة 4891 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Edison Haidow

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 651
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بقلم : آبي ميخا
ترجمة :  يوآرش هيدو
 ( عن الانكليزية )


*تنويه : المقالة منشورة في مجلة " نينوى" مجلد 34  عدد 1: الربع الاول – 2011   التي تصدر بلغتين الانكليزية والآشورية .  لو أمعنا النظر في  صورة الكاتبة آبي ( Abbey ) ; المنشورة مع المقالة لأدركنا انها فتاة في مقتبل العمر .  ولدت آبي ونشأت وترعرعت  في هذا البلد الحر وتثقفت بثقافته . ومع ذلك فهي لم تفقد هويتها الأصلية وتعتز بانتمائها الى أمة كانت يوماً ذات شأن عظيم .  
أنا بدوري وتعبيراً عن إعجابي بهذه الفتاة التي تفتخر بأجدادها العظام   وبالافكار ألتي تطرحها في مقالتها الجميلة التي تجسد فيها حبها العميق لبني جلدتها  قررتُ ترجمة المقالة الى العربية عسى أن يطّلع عليها أولئك "المؤرخون" الذين يزعمون " أن الآشوريين قد انقرضوا وانقرضت معهم لغتهم  فيشعرون ولو بقليل من الخجل !!

المقالة :
 شلاما أو شلومو: أحييكم بلهجة أبي بلهجة أمي بلهجة النهرين التوأمين والجبال التي كان يحيّيها شعبي مع إشراقة شمس الصباح في ألازمنة الموغلة في القدّم .

 أن أفكر وأحيا وأشعر من الأعماق بانني آشورية  ليست مجرد ذكرى تخطر على بالي بين ألفينة وألفينة .  إنها عاطفة قوية وواجب وجزء لا يتجزأ من كياني ووجودي .  صحيح أننا جميعاً كائنات بشرية  بغض النظر عن أصلنا ومهما كان إنتماؤنا القومي .  وصحيح أيضاً باننا ينبغي أن نكون مواطنين مخلصين  ممتنين وشاكرين للبلدان التي إحتضنتنا ومنحتنا إمتياز المواطنة وحق السعي لبناء حياة  جديدة وأن نحلم بالسعادة .  لكننا كآشوريين لا يسعنا إلا أن نحمل معنا حيثما نحلّ أو نرتحل الأغنية التي ترنّم بها أجدادنا بلغتنا العريقة  وذكرى ماضينا المفقود والاعتزاز بذلك الماضي المجيد الذي أبقانا أحياء الى يومنا هذا .

 إن نقطة الانعطاف في حياتي كآشورية كانت يوم أدركتُ الحقيقة المهولة ألا وهي ضآلة ما يعرفه العالم الخارجي عن شعبنا وعن ماضيه المتألق المجيد .  لقد أدهشتني حقاً غريزة حب البقاء لدى شعبي وصراع ثقافة أصيلة وعريقة تحدّت  حكم أجانب محتلين قروناً عديدة وإستطاعت الصمود رافضة الاستسلام.  لقد أحسستُ بعمق بفداحة الظلم وألجور المسلطين على شعبي.  وبكيتُ بمرارة وألم من أجل كل الآشوريين الذين تعرضوا في القرنين الماضيين الى عمليات إبادة جماعية ومحاولات إستئصالهم من جذورهم وإرغامهم على ترك وطنهم ليهيموا على وجوههم في المنافي البعيدة .  لقد عانوا كثيراً من الاهوال والمصائب في وطنهم وهم السكان الاصليون¡ على أيدي أقوام قساة.  كل ذلك لانهم كانوا آشوريين يختلفون عن المحتلين في لغتهم ودينهم وثقافتهم.  إنني لأفتخر باولئك الآشوريين الأماجد الذين سعوا في ظروف بالغة الصعوبة وهم محاطون بأمم معادية للحصول على نوع من الحكم الذاتي في وطنهم آشور .

 لقد شعرتُ بالغضب الشديد عندما علمتُ أن القوى العظمى وعلى رأسها بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى قطعت وعوداً كبيرة للآشوريين كحليف قدّم  تضحيات جسيمة ولكنها نكثت بتلك العهود وخذلت الآشوريين .  ثم أدركتُ الحقيقة المرة وهي أن لا أحد في العالم يهتم بمعاناة الآشوريين قيد أنملة وبأننا نحن الآشوريين من جيل الشباب ينبغي أن نسير على خطى أجدادنا ¡ وان نناضل بفخر من أجل حقوقنا وخلافاً لذلك فاننا سنضيع هويتنا القومية .

 منذ نعومة أظافري شعرتُ بالفخر المقترن بتراثنا الآشوري وكلما كبرتُ كلما إزداد ذلك الشعور قوة وإزددتُ حكمة وأدركتُ مدى أهمية أن أحمل إسم شعبي وأحافظ عليه.  أن أكون آشورية يعني أن أكون متآلفة مع أبناء أمتي ومنسجمة مع نفسي .

 أنني فخورة جداً بكوني آشورية تمتلك تراثاً من ألقوش ومن جيلو وطور عبدين على حد سواء.  وهذا هو واحد من الأسباب التي تجعل صديقاتي يسمينني  "أمة آشور الموحدة ".  هنالك آصرة وجدانية قوية لا تنفصم عروتها بيني وبين أمتي.  أنا أقبل جميع أبناء أمتي حتى أولئك الذين ليسوا واعين تماماً لتأريخنا وتراثنا أحب كل الآشوريين بغض النظر عن مكان إقامتهم  أغني أغاني آشورية بلهجتينا الشرقية والغربية على حد سواء متنقلة عبر الزمان والفضاء من الرقم الطينية في مكتبة العاهل الآشوري العظيم آشور بانيبال الى الاديرة القديمة فوق قمم الجبال  مفعمة بالفخر بكوني بنت أمة عظيمة أقامت أول حضارة في تاريخ البشرية .

  اليوم أتذكر أولئك الآشوريين الذين هجّروا من وطنهم قسراً  أتخيل صورة والد جدي الذي سار على القدمين في رحلته الشاقة الطويلة من تركيا الى كييف فروسيا !! هناك خيط لا ينقطع يشدنا الى بعضنا نحن الآشوريين الذين حالف الحظ أجدادهم  في النجاة من سيف الجلادين في الأبادة الجماعية فضلاً عن التاريخ المشترك  الدين  الثقافة واللغة والمعاناة المشتركة ونضالنا  من أجل البقاء ورجائنا في مستقبل مشرق .

 لقد كانت نقطة التحول في حياتي كآشورية يوم أدركتُ بان شعبي الذي أسهم إسهاماً مجيداً في بناء الحضارة وقدّم للعالم الشئ الكثير  قد نسيهُ العالم.  ومنذ ذلك اليوم شعرتُ برغبة قوية في أن أثبت للعالم بان الآشوريين ما زالوا موجودين حتى اليوم  وأن كاتبة هذه السطور هي واحدة منهم .

 ذات يوم قال أحد أساتذتي وهو يدرّس التأريخ  بأن الآشوريين قد أنقرضوا وليس هناك اليوم أمة آشورية.  وأردف قائلاً: " إن الآشوريين القدامى قد إندمجوا في ثقافات أخرى ولم يعد لهم وجود."
    لقد آلمني ذلك كثيراً .  لقد أدركتُ أن أستاذي كان مخطئاً تماماً.  ومنذ ذلك اليوم إزددتُ تعلقاً بهويتي وثقافتي الآشوريتين.  لقد أيقنتُ أن ليس كل ما هو مكتوب في كتب التأريخ صحيحاً  وخصوصاً ما كتب عن شعبي. كما أدركتُ أن الحقائق نسبية  وباننا  - نحن الآشوريين- إن لم ندافع بقوة عن حقيقة مَن نحنُ ونقاوم الافكار المضلّة فان حقيقتنا ستظل مجهولة .
  
 أنا أؤمن من أعماق قلبي بانني وُلدتُ آشورية وأنا فخورة بذلك.  إن واحدة من تسلياتي المفضلة هي أن أشاطر الثقافة الآشورية مع أناس ليسوا من خلفيتنا فأحدثهم عن الأكلات التي علمتني أمي كيف أطبخها عن الأغاني والترانيم التي نلهح بها في لغتنا عن قصص الماضي السحيقlعن ملحمة كلكامش  عن قصة الخلق عن نزول عشتار الى العالم السفلي  قصص الملوك والرعاة  ذكريات المجد التليد وعن معاناة وعذابات الحاضر. أنا فخورة بماضي أمتي وبحاضرها وبكونني سليلة أولئك الأجداد النبلاء ولن أدع أحداً  كائناً من كان  أن ينكرني حقي في أن أسمي نفسي آشورية وأن أجلّ أجدادي وأقدر أحلامهم .

 أن أكون آشورية في نظري لا يعني أن أتحدى الزمن فحسب بل أن أتحدى كلِّ مَن ينكر أن أمتي الآشورية لها وجود.  أن تكون آشورياً هو أن تشعر بالانتماء الى هذه الامة بغض النظر عن الكنيسة التي تنتمي اليها.  إن إنتماءَنا الى هذه الكنيسة أو تلك لا يغير من الامر شيئاً.  فنحن أمة واحدة وشعب واحد يتكلم لغة واحدة  اللغة التي تكلم بها يسوع المسيح .

 أن تكون آشورياً يعني أن نجعل كل فرد ينتمي الى هذه الأمة يساهم في بناء بيتنا  بيت مشيّد على أساس قوي هو (خويادا) أو (حويودو)الاتحاد.  إن إختلاف أماكن تواجدنا كآشوريين واختلاف لهجاتنا هي أمور ثانوية تعزى الى الظروف المعقدة التي مرّ بها شعبنا عبر تاريخه الطويل.  فبدلاً من أن نتخاصم علينا أن نتآلف وأن يقبل بعضنا بعضاً لان بمقدور كل واحد منا أن يقدّم شيئاً لبيتنا الآشوري والأمة الآشورية .

 أن ما ينبغي أن نفعله من أجل الحفاظ على هويتنا الآشورية هو أن نسعى جاهدين لتثقيف أنفسنا لمعرفة من كان أجدادنا في الأزمنة القديمة فضلاً عن معرفة من نحن اليوم وماذا يتعين علينا فعله من أجل ضمان بقائنا في المستقبل.  إن الهوية يمكن الأحتفاظ بها من خلال القلب فحسب  أي أن يكون الناس على صلة بما يريدون الأحتفاظ به. ويتقاسمون جميعاً الحب الحقيقي لأمتهم .

  عندما يكون هناك حب حقيقي فان الرغبة بالاحتفاظ بالثقافة والهوية القومية تصير شيئاً طبيعياً حتى لدى الآشوريين  الذين لم يسكنوا في وطنهم قط  ولم ينشأوا ويترعرعوا بين ظهراني  أبناء جلدتهم .  كيف يكون بمقدوري ألا أشعر بالفخر بانتمائي الى شعب إستطاع أن يحافظ على وجوده رغم كل أعمال القسوة والاضطهاد والمذابح التي تعرض لها طيلة قرون عديدة وصمد وما زال الى يومنا هذا على قيد الحياة ويتنفس على ظهر البسيطة.  أجل نحن الآشوريون باقون وسيكون هناك آشوريون في هذا العالم حتى نهاية الأزمنة.  كلما أناقش مع مواطنيّ وضع الآشوريين اليوم يشير بعضهم الى النظرية القائلة بان العيش في الشتات سيؤدي الى انقراض أو ذوبان الآشوريين خلال أجيال قليلة ومعهم ستتلاشى لغتهم وثقافتهم وتراثهم .

 إن ردّي على مثل هذه الآراء هو الآن وسيبقى كذلك دوماً كالاتي:  " أنا لم أولد في الوطن الام ولم أنشاً وأترعرع بين الآشوريين او في منطقة الشرق الأوسط  فان كان ثمة شخص كان يتحتم عليه أن يفقد هويته هو أنا لكن هذا لم يحدث.  وفي الوقت ذاته إن كان ثمة مَن اكتشف هويته وعقد العزم على صونها فان ذلك الشخص هو أنا أيضاً.  وهذا إن دلّ على شئ فانه يدل على أن أبناء آشور سيجدون طريقهم ذات يوم الى موطن آبائهم وأجدادهم وإنهم لن ينسوا أبداً مَن هم ومِن أين أتوا " .

وللأستماع ألى ألمقالة بأللغة ألأنكَليزية بصوت ألكاتبة تجدونها على ألرابط ألتالي من موقع أليوتيوب .
 http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=9tyi31u6PkU#!