المنتدى الثقافي > من ارشيف الادب - إخترنا لكم

لْوثَرْ . .

(1/1)

مروان ياسين:
        لْوثَرْ . .   *

السّماءُ التي حَاكَت  زُرقَتَها مِن صَمتِك َ اتكأتْ عَليكْ
ثم ألقتْ على خطوط ِ كفّيكَ خَريفَ ثيابِها
الخوفُ استفاقَ مبكراًعلى  جَفنيكْ
فيما الناسُ كَانوا تحتَ وطأة ِالنِّسيان نِيامْ  .
.
انتَ البعيدُ ، في فَراغ ٍ موصِليٍّ طَاعِن  ٍهواه
كُنتَ بِه ِمُعتَكِفاً في مِحرابِ وَردِكَ ،
لاهواءَ يأتي مِن شَوارِعه ِ
لاصَوتْ
لا أهلْ
لاصُحبةْ  .
انتَ المُسافِرُ في هوى قِبلَة ٍ ،
ظِلالُها قُبُّراتْ
عَرفْتَ الكَثيرَ غَيرَها
وَلمْ تَعرفْ سِواهَا
فهل نَدِمتَ لمَّا تَرنَّحَ صَوتُكَ  سَاعةَ الوداع   ؟
أَمْ الحَيرَةُ ألقَتْ مَتاريسَ عصيانِها عَليكْ   ؟ 
أَعْلَمُ أنَّكَ مَازِلتَ لاجِئاً في جِلدِها
قاصداً غِبطتَها .
هي ضراوة الحياةِ اللامُتوقَّعَة
على حَجر ٍ نَقَشَها بولص آدمْ
ثم حَمَلها بَعيداً عَن  أسوارِ نينوى   .
هي  الليلُ في  شِارع ِالرّشيدِ من أولِ هَذيانِهِ إلى الآنَ
يَنسابُ قصائدَ عِشق ٍ، مِن بَختِهِ يَكُتبها زُهير البُردى .
هي شَرقٌ تُقشَّرُ الغَازَ وحشَتِه ِ
على بُعدِ خطوةٍ مِنْ كَنيسةِ السّاعة 
قَبلَ أنْ يَتوقفَ مَاهِرُ حَرْبِي في مُنتصف ِالشّارع ِ
مُصَاباً بِالذّهولِ ليتفتادى رصَاصةً 
أخطأتْ  في الوصُول ِإِليهِ  ،
في مَسَاءٍ لافَجرَ لهُ .
 
هو ثَامِنُ يوم ٍ تَلكأ فِيهِ الطِّفلُ آدمُ سَاعة َالقُدّاس
فشَاءَ شَاكر سِيفو إلاّ أنْ  يُبقي السّماءَ عَلى لونِها
والاسماءَ بِنفسِ مَعانِيِها .

هي قَصَصٌ قَصيرة ٌ جداً لهيثم البُرْدَى ،
عن أعرَاب ٍتَكسَّر السّرابُ تَحتَ أقدَامِهِم
على ضِفّةِ نَهرٍ ذي لِحيَة ٍ بَيضَاءَ.
.
هي ضوءٌ يقطفُه ُ رَائد فَرحَانْ 
ليَرسِمَ مِنهُ وَجه َامْرَأة ٍ
تنتظرُ مَسرَّات ٍ قدْ تَهطلُ مِن خَلفِ زُجَاج ِالنّافذة ِ
والثّلج ُيسّاقَط
بَينَ إِطَار ِاللوحَة ِوالشّباكْ  . . .
 
عَلَى بَوَّابَاتِ المَدينةِ  أسئلةٌ   
في عِيون ِالضَّحَايَا أسئلة ٌ
كُلّمَا جَاء صَوتُ خْلِيِفُ مَحْمود ليقولَ لكْ : -
أنا بَاق ٍ هُنا ، فِي خَاصِرة ِ المَصِير التّافه ِ هَذا ،
حتى وإنْ إِكْتَضَّتْ مُدنٌ ومَطَارَات ٌفي جَوازِ سَفَري ،
بَاقٍ بِما يَكفي مِن الحُبْ . 

قَبلَ عَام ٍ  كُنتَ مَعَنا
وَحِيدا ً فِي  شُرفةِ الهَواجِسِ
فَتَكسَّرَت ْ أسئلة ٌعَلى شَفَتيكْ: ـ
هل نَسيَ مُزاحمُ النَّاصريُّ  أنْ يَرسِمَ  وجُوهَنَا ،
مُكتَفِياً بِالعُزلة ِعَلى شَاطِىء ٍ فِي الخَليج ِالعَربي يَموتُ الحَمَامُ مِنْ وحشتِهِ !؟
هل ابتَلعَ الصَّمْتُ عَاصِمَ هَادي تَحتَ صَقيع ِالغُربَةِ فَطَوَاهُ النِّسيانْ ؟   
هل سَتَشِيخُ الرؤى فِينَا ؟
كُنَّا مِنْ غُربَتِنا نَسكُبُ الفَرحَ عَلى الجنفَاصْ .
أينَ نَحنُ ؟
ما عُدْنَا نُداري شحوبَ الرّيِح ِبالالوانْ
لم نَعُد نَحن ُ
هل هؤلاء ِ نحن !
أخَافُ الانَ عَلى  الوَردِ في ألواني
أخافُ عَليهِ في السّواقي ،
في أخْطَائي 
أخَافُ عَلى النِسيانِ مِن النسيانْ  .

ـ كَمْ قَرأُنَا يالوثرسطورَ وحشَتِنا فِي وَجْهِكَ أسئلةً !
وأجْسَادُنَا الغَضَّة ُ في شَاحِناتِ (الِأيفَا)  مِن الضَّيمِ كَانَتْ تَهتزُّ
والأعوامُ فِي لونِ قُمصَانِنا الخَاكي خَبتْ أضْوَاءُهَا
وأنْت َكَما أنْتَ
تَرْصُدُ أزْمِنَةً دَاسَتْ عَلى بَهجَتِنَا 
تَرْصُدُ الآتي .

الكَمائِنُ مِنْ  كُلِّ الجِّهاتِ حَاصَرَتْك َ
يَافِطَاتٌ
وأنَاشِيدٌ 
وخَطَايَا 
ولِانَّ روحَك َغَيمَة ٌ
بِطَعْمِ البَنفْسَج ِ
أزهَرت َ مُدُناً  ، أينَمَا التَفتَنَا 
كُنتَ تَسكُبُهَا وَرْدَاً فَوقَ شحوبِ نَوافِذِنَا 
عَلى طولِ ليلِنَا 
أو على رَصِيف ٍ مِن الأُمْسِيَاتِ مُدهِشَةٍ فِي بَغْدَادَ
أردْنَا أنْ نَعُدَّ النّجومَ فِيها فَأخْطَأنَا فِي العَدِّ مَرّةً وأخْرَى
 أنَا
وأنْت َ
وبولصُ
وريسانُ رشيد
ومُحَمّدُ المَهديُّ
أوعِندَ مُنْحَدرٍ كُلَّ مساءٍ كُنتَ تَحتفي بِهِ
كُلّما شقَّ بِعَجَلاتِهِ قِطارُ الموصلِ صَمْتَ الفَضَا.

كَمْ تَراجَعَت الخَطواتُ سَاعَتَها
شَوقاً لِدجْلة َ
للشَّجَرِ الغَافي فِي الغَابَاتْ
للبَرد ِالقَارِس ِفي كَانون الثّاني
لبَساتينِ الفُستُق ِفي حيِّ الطيرانْ 
للمُذهِل سَالم إِيشو
قَبلَ أنْ يَغيبَ عَنّا مُنتحِراً . .

في جِيوبِنا الفَارِغَة
دَسَستَ أسئلة ً
ثم فَارَقتَنَا : -
هَلْ  سَيُغْسَلُ هَذا الليلُ بِالغناء ْ ؟
هَلْ سَنَحْزِمُ هَامَاتِنا بِزهرَةِ البَيبونْ ؟ .
صَمَتنَا ،
ومَاعَرَفْنَا الأجْوِبَة ْ.

بَينَ كَفَّيكَ كَانت تَرقُدُ مِحنَتُنا
كَمْ سَألنَا أنفُسَنا  : -
مَاذَا أعْطَينَاكَ لِتَبقَى بِكُلِّ الوفَاءِ مَعَنَا ! ؟
أيَّ شَيءٍ كَسِبْتَه ُ مِنّا   !؟
لِماذَا رَحَلتَ قَبل أنْ تُخَاصِمَنَا  !؟
قَبلَ أنْ تَصْرُخَ بِوجْهِنَا ! ؟
قَبلَ أنْ تَشتُمَنا ! 
كنَّا بِحَاجةٍ لِأنْ  تَفضَحَنَا 
لَاَ أنْ تُسَامِحَنَا ،
فَإنْ كُنّا لانَستَحِق ُّ أنْبِياءَنَا
فَهلْ نَستَحِق ُّ أوطَانَنَا  ! ؟  . . .
نَم ْ يالوثَر 
نَم ْ
فبَعْدَك َضَاقَتْ بِنَا الدُّنْيَا
ومَاعَادَتْ هِيَ الدُّنيَا .
هَذَا مَايَقوُلُهُ صَديقُكَ مُحَمّد العُمَر .

نَمْ بِلاَ سُهْد ٍ
ولاألم ٍ
ولاخَوفٍ
ولاقَلقٍ ،
نَمْ هَانئاً
مُطْمَئنّاً
كَمَا لَمْ تَنَم ْ
طَوَالَ عُمْرِك َ .

                                                 مروان ياسين الدليمي/ الموصل
                                                                         ‏نيسان 2012

*كل  الاشخاص الذين وردت  اسمائهم في النص هم  اصدقاء الفنان التشكيلي  لوثر ايشو الذي توفي في قضاء قره قوش بمدينة الموصل بتاريخ 18/6/2011 اثر نوبة قلبية. ولوثر من مواليد 1955 . ويعد من اهم الاسماء المؤثرة  في الفن التشكيلي العراقي  المعاصر، وكان للحداثة حضور طاغٍ في انتاجه الفني .

مــودي:
عاشت الايادي ,,كلمات رائعة ,,تقبل مروري

ولسن البرواري:
رائع .. ومبدع انت يا مروان الدليمي ... لست بحاجة الى كلمات الأطراء لانك اكبر واعمق من كل الكلمات... لحظة صمت واقول..   وداعاً يا صديقنا لوثر ...وداعاً يا نورس كنت تبحر دائما في بحر الالوان ...عام على رحيلك المفاجيء وذكراك ستبقى في ذاكرتنا .. رحيلك ادمى قلوبنا ادمى حتى الحجر ... حتى لوحاتك والوانك نزفت دماً ودمعاً لرحيلك ... لروحك الطاهرة ملكوت السماء ولجميع محبيك الصبر والسلوان..كنت بحق نورس يبحر بين امواج لوحاته.. رحل النورس وبكت اللوحات .... !!!!

                                                                                    ولسن البرواري
                                                                          الولايات المتحدة / كاليفورنيا

أمير بولص أبراهيم:
في نصك الجميل هذا استاذي الرائع مروان أمسكت فرشاةً ورسمت تأريخ لوثر من الألف إلى الياء وحكيت لنا حكاية فنان شعرا ً...
 تحياتي وتقبل ردي المتواضع هذا ....

كريم سليم:
رائع واكثر من رائع

تصفح

[0] فهرس الرسائل

الذهاب الى النسخة الكاملة