المحرر موضوع: هل الازمة ذكرأ.. أم انثى؟  (زيارة 597 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل الازمة ذكرأ.. أم انثى؟
« في: 11:59 24/07/2012 »

هل الازمة ذكرأ..
أم انثى؟

عبدالمنعم الاعسم

لحسن الحظ، ولسوئه في ذات الوقت، ان اللغة تتكفل احيانا تهريبنا من موقف الحرج، وانها تقدم لنا وجبة دسمة من الخداع في اللحظة التي نحتاج فيها الى من يخدعنا.. وقدرة اللغة في ذلك هي قدرة الساحر الذي يأخذنا الى النهر ونحن عطاشى ويعيدنا الى مكاننا من غير ان نشرب الماء.
ويشاء الجدل حول الازمة السياسية المتفاقمة في البلاد ان يكتشف معبرا سريا الى رطانة جديدة حول ما إذا هي ازمة، ام صراع سياسي، ام احتقان سياسي، ام استعصاء، مشكل، معركة، تعاضض، حرب اهلية، سوء فهم، مخاشنات، أم هي لا هذا ولا ذاك، حيث لا تعدو عن خلافات  عادية بين اهل البيت، او سحابة عابرة سرعان ما تنقشع، ولا يحتاج الامر سوى استبدال عبارات التهديد والتخوين والتشكيك والطعن بعبارات اخرى خالية من التشنج والتعصب والغل، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
من جانب آخر، فان الازمة هي الازمة، مهما حُشرت في اسم  ناعم، او دُسّت في رداء مخادع. او جرى ترحيلها من خانة الاحتقان الى الاستعصاء الى الخلاف العائلي. الصفة، مهما كانت رشيقة وشفافة وانيقة، لا تخفي بشاعة الخطايا التي ترتكب بموصوفها، ولا يهم اسم الخطيئة بعد ذلك ان تكون ذكرا ام انثى، كما لايهم ان يكون ضحاياها قد قتلوا بالتفجيرات او كواتم الصوت او بالامراض الفتاكة، فان احدا لا ينكر بان ما حدث من انشقاق سياسي (سمّه ما شئت) قد دفع ثمنه المواطن الذي لم يكن معنيا بمن هو على حق ومن هو على باطل في الموقف من اداء الحكومة او إداء مناهضيها.
بل ان الازمات السياسية  تعرف جيدا” افضل منا” سبل التصرف بمصائرنا، انها الى ذلك ”لا تـُدجن” بحسب نوع المعلف الذي نعده لها. الازمات قوانين تتحرك في مسارات قد لا تثير رضانا، لسبب بسيط هو اننا لم نضع تلك القوانين انما وضعتها سلسلة من العمليات والارادات والافرازات ثم خرجت من الانضباط.
اذا كنتم، حقا، ترغبون عبور الازمة (سموها ما شئتم) فلاتمروا من تحت جسورها، فان ذلك لايفكك مخاطرها، ولا ينزع فتيلها. اعبروا من فوق الجسور ترون الازمة على حقيقتها, البلد ينزف من جروحه، انظروا الى التفجيرات والاغتيالات والمذابح التي تنظم لسكان الاحياء الفقيرة. انها من النتائج العضوية والمباشرة والكارثية لهذه الازمة. امسكوا ا لازمة من هنا، ثم بعد ذلك سموها ما شئتم.
ذكرا ام انثى.
 ***
“ أشد الناس حماقة أقواهم اعتقاداً في فضل نفسه”.
ابو حامد الغزالي