المحرر موضوع: "طريق الشعب" – الجريدة المركزية للحزب الشيوعي العراقي - العدد: 49  (زيارة 2060 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مــراقـــــــــب

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 6289
    • مشاهدة الملف الشخصي
"طريق الشعب" – الجريدة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
العدد: 49
التاريخ: 19 تشرين الاول 2006
ماذا جرى في جلسة مجلس النواب يوم(11)الشهر الجاري؟ إجراءات تكوين الاقاليم بين الحقيقة.. والتهويل

كتب المحرر السياسي:
تواصلت في الايام الماضية الحملة السياسية الاعلامية التي انطلقت مع التئام جلسة مجلس النواب يوم الاربعاء 11/ تشرين الاول الجاري، واقراره مشروع قانون اجراءات تكوين الاقاليم. ويلاحظ المتابع لهذه الحملة انها من ضمن امور عديدة :
•   تركز على الايحاء وحتى الادعاء الصريح ان القانون المصادق عليه هو في الواقع قانون لاقامة "اقليم الوسط والجنوب". وان اقراره يعني اطلاق العنان لتقسيم العراق.
•   تتحول اكثر فاكثر الى حملة ضد الفيدرالية كمبدأ وكممارسة بإعتبارها "اصل البلاء" في نظر مهندسي الحملة، ولا يغير من ذلك ان بعض اطراف الحملة يتظاهرون بعدم الاعتراض على فدرالية اقليم كردستان.
•   تكاد تحصر توجيه نارها اعلامياً ضد اربعة محددين من اعضاء مجلس النواب الذين حضروا الجلسة، وضد الحزب الشيوعي العراقي الذي ينتمي اليه اثنان من النواب الاربعة.
تجاهل الحقائق
كذلك يلاحظ التجاهل الذي تتعرض له حقائق يعرفها اصحاب الحملة جيدا ً:
•   الفيدرالية مصادق عليها دستورياً. فالدستور الذي صوتت له اغلبية العراقيين الساحقة في الاستفتاء الذي جرى قبل سنة من الآن، ينص في مادته الاولى على ان العراق دولة اتحادية (فدرالية) واحدة. وتنص مادته (116) على ان النظام الاتحادي في العراق يتكون من عاصمة واقاليم ومحافظات لامركزية وادارات محلية.
•   ان اصدار قانون اجراءات تكوين الاقاليم استحقاق دستوري، فالمادة (118) تنص على ان يسن مجلس النواب في مدة لا تتجاوز ستة اشهر من تاريخ اول جلسة له، قانوناً يحدد الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الاقاليم.
•   ان الكتل الاربعة الرئيسية في مجلس النواب (الائتلاف، التحالف، التوافق، العراقية) التي دخلت في مشاورات حول مشروع القانون غداة طرحه من طرف الائتلاف والتحالف، اتفقت على اقرار القانون وفقاً لتسوية تأخذ في الحسبان اعتراضات المعترضين. وان ممثلي الكتل وقعوا اتفاقات مكتوبة في هذا الخصوص.
لماذا.. وماذا؟
لماذا يا ترى تُهمل هذه الحقائق الاخيرة؟ وماذا تجني البلاد ووحدة البلاد من التخلي عن الحوار واعتماد المقاطعة والمجابهة؟ لكي نتعرف على ما جرى كما جرى، ونقيمه بموضوعية وانصاف، لابد لنا من الرجوع الى البداية. عودة الى الوراء في اواسط ايلول الماضي بادرت كتلتا الائتلاف والتحالف في مجلس النواب الى طرح مشروعهما، قانون الاجراءات التنفيذية لتكوين الاقاليم. وقد استندتا في مبادرتهما الى منطوق المادة (118) آنفة الذكر من الدستور. غير ان المبادرة، رغم كونها جاءت تنفيذاً لاستحقاق دستوري، اصطدمت بمعارضة الكتل البرلمانية الاخرى. فقد رأت هذه الكتل ان الموضوع شائك، وان هناك وجهات نظر متباينة في صدده، وان من شأن طرحه في هذا الوقت بالذات ان يفضي الى توترات وتشنجات هي اخر ما يمكن ان تحتاجه البلاد. خاصة وان ابناءها يتطلعون الى توفير اجواء مواتية لانجاز مشروع المصالحة الوطنية، وفي الصدارة تأكيد نقاط الالتقاء والتوافقات والمشتركات. باختصار: انه ليس الوقت المناسب لطرح المشروع ثم انه ما دامت الاستحقاقات الدستورية واجبة التنفيذ، فلماذا لا ينفذ الاستحقاق الذي تنص عليه المادة (142) بتشكيل لجنة تنظر في التعديلات الدستورية المقترحة وهي اللجنة التي كان مفترضاً ان يشكلها مجلس النواب في مفتتح اعماله، لتقدم حصيلة عملها بعد اربعة شهور..؟
مشاورات الكتل البرلمانية
الا ان اصحاب المشروع تمسكوا به. وفي الوقت ذاته اعلنوا استعدادهم للتداول مع الكتل الاخرى، لتحديد نقاط الاختلاف والسعي الى تجاوزها. وهكذا كان، حيث بدأت لقاءات ومشاورات بين ممثلي الكتل الاربع، جرى فيها بحث موضوع المشروع المطروح وما يتعلق به، وامكان تعديل صيغته لتأتي مرضية للجميع. وتكللت هذه المشاورات الاولى باتفاق الاطراف الاربعة، في اجتماع عقدته يوم 20/ ايلول الماضي، على حزمة من الحلول للمسائل المطروحة، واهمها مسألة مشروع قانون الاقاليم، ومسألة تشكيل لجنة التعديلات الدستورية.
توقيع الاتفاق
وفي 24/ ايلول عقد ممثلو الكتل الاربع اجتماعاً اخر، وقعوا في ختامه وثيقة تنص على: اولا: ان يتم يوم 26/ ايلول تشكيل لجنة لتعديل الدستور حسب المادة (142) منه، واعلان اسماء اعضائها. على ان تنتهي هذه اللجنة انجاز جميع الاجراءات المنصوص عليها في المادة (142) خلال مدة لا تتجاوز السنة من تاريخ تشكيلها. ثانياً: يقرأ مشروع قانون اجراءات تكوين الاقاليم القراءة الاولى في مجلس النواب يوم 26/ ايلول نفسه، ويجري العمل بهذا القانون بعد (18) شهراً من تاريخ إقراره في مجلس النواب.
بدء تنفيذ الاتفاق
وفي الجلسة التي عقدها المجلس يوم 26/ ايلول، تم بالفعل تشكيل لجنة التعديلات الدستورية، وتسمية اعضائها من الكتل المختلفة، لتمثل مكونات الشعب العراقي وفقاً للاستحقاق الانتخابي. كذلك جرت القراءة الاولى لمشروع قانون الاجراءات التنفيذية لتكوين الاقاليم. وقد سبق هذه القراءة الاولى اتفاق الاطراف الاربعة على عدم الاكتفاء بقراءة نص المشروع المقدم من الائتلاف والتحالف، بل كذلك عرض المشاريع الاخرى التي قدمتها كل من كتلتي العراقية والتوافق وحزب الفضيلة، بخصوص الاجراءات التنفيذية. واتفق ممثلوها ايضا على انه في حال اختلفت الاطراف، او عجزت عن التوصل الى صياغة مشتركة تجمع بين مشاريعها، تتم قراءة مقترحات كل منها على حدة، وتعرض للتصويت. وقبل ذلك اتفقوا على اضافة مادة تكون الاخيرة في المشروع الذي يطرح للتصويت، وتتضمن النص على ان المباشرة بتنفيذ القانون تكون بعد انقضاء (18) شهراً من تاريخ المصادقة عليه. وتمت القراءة الاولى بصورة نظامية وبحضور نواب الكتل الاربع. وبعد يومين من ذلك، ووفقاً لما ينص عليه النظام الداخلي لمجلس النواب، جرت القراءة الثانية في اجواء مشابهة. واعقبت هذه القراءة مناقشات تواصلت طويلاً، وجرى تمديدها مرة اخرى، حتى بقي الاستحقاق الاخير، وهو التصويت على المشروع.
مفاوضات اللحظة الاخيرة
في اليوم المحدد لجلسة التصويت، الحادي عشر من تشرين الاول الجاري، فاجأ ممثلو كتلتي التوافق والحوار ومعهم عدد من النواب الاخرين اقرانهم في الكتل الاخرى، بطلب عدم عقد الجلسة. لماذا؟، لاجواب واضح! وعلى الفور تنادى ممثلو الكتل الاربع اياها واجروا اتصالات عاجلة، ليجلسوا بعدها الى مائدة في كافتيتريا مجلس النواب، ويبدأوا محادثات اللحظة الاخيرة. كان هناك الرفيق حميد مجيد موسى والسادة فؤاد معصوم واياد السامرائي وحيدر العبادي وعدنان الدليمي وسعدي البزرنجي وهادي العامري وسليم عبد الله وعبد الكريم العنزي. وتناولت المحادثات مطالب التوافق العراقية، بهدف تأمين مشاركة الجميع في جلسة التصويت، كما هو وارد في الاتفاق الموقع بين ممثلي الاطراف الاربعة يوم 24 ايلول. لذلك طلب المتفاوضون من رئاسة المجلس التريث في افتتاح الجلسة الى حين انتهاء محادثاتهم.
حصيلة المفاوضات
واستغرقت المحادثات وقتا اطول مما كان متوقعا، ما ادى الى تأخير بدء الجلسة. لكنها اسفرت عن موافقة كل من الائتلاف والتحالف على عدد من مطالب التوافق والعراقية. وكان بينها مطلبان اساسيان، هما: اولا: تعديل المادة الاولى من مشروع القانون المقدم من الائتلاف والتحالف، التي تنص على انه “يتكون الاقليم من محافظة او اكثر، او من اقليم او اكثر" لتصبح: “يتكون الاقليم من محافظة او اكثر فقط”، وعلى ان يتم بروح هذا التعديل تغيير النصوص ذات العلاقة حيثما وردت في مواد المشروع اللاحقة. وثانيا: ان تنص المادة المتعلقة بالاستفتاء في المحافظات حول تكوين الاقاليم على وجوب مشاركة ما لايقل عن 50 في المئة من الناخبين المسجلين في التصويت، والا اعتبر الاستفتاء فاشلا. وفتحت الموافقة على هذين المطلبين الاضافيين الهامين الطريق امام مشاركة الكل في جلسة التصويت، تنفيذا للاتفاق المبرم يوم 24 ايلول. الا ان ممثلي التوافق رفضوا من جديد الدخول الى القاعة واصروا على المقاطعة. ومرة اخرى من دون ان يقدموا تفسيرا واضحا لتغييرهم موقفهم، وعدم تنفيذ الاتفاق.
موقف غير منطقي
في ضوء كل ماذكرناه يظهر جليا ان الكتل البرلمانية الاربع ورغم تحفظ بعضها في البداية على توقيت طرح مشروع القانون شاركت جميعا في التهيئة لاقراره من خلال المداولات المستمرة بين ممثليها، وتوقيع اتفاق 24 ايلول، وحضور نوابها قراءتي المشروع في مجلس النواب، ومشاركتهم في مناقشاته حول المشروع.. وعلى ذلك فأن مقاطعة جلسة التصويت جاءت غير منطقية، ومتناقضة مع كل ما سبقها من مقومات.
العراقية وموقفها
شاركت الكتلة العراقية الوطنية كما سبق القول في المداولات جميعا بين الاطراف البرلمانية حول مشروع القانون. وقد مثلها في جولات المحادثات بإستثناء الجولة الاخيرة التي التأمت قبيل عقد جلسة التصويت، النائب اسامة النجيفي الذي حمل اتفاق 24 ايلول توقيعه كذلك ممثلا للعراقية. وفي غضون ذلك واسهاما في الجهد الرامي الى اعداد افضل نص لمشروع القانون طرحت العراقية مشروعها الخاص وسعت الى تضمين المشروع النهائي العديد من افكاره الاساسية. وقبل ذلك، وردا على من حاولوا اتهام العراقية بالتراجع عن تأييد الفدرالية بسبب تحفظها في البداية على طرح الائتلاف والتحالف مشروعهما المشترك لقانون الاقاليم، اصدرت القائمة العراقية بيانا اكدت فيه تمسكها بمبدأ الفدرالية وبينت ان اعتراضها انصب على توقيت طرح المشروع المذكور، فيما البلد يعيش اوضاعا استثنائية عصيبة (انظر جريدة بغداد في 15 ايلول 2006). وفي 9 تشرين الاول الجاري، أي قبل يومين من جلسة التصويت على مشروع القانون عقدت كتلة العراقية اجتماعا حضره 9 من نوابها تم الاتفاق فيه على المشاركة في الجلسة.
المشاركة في الجلسة
في يوم التصويت حضر الى المجلس 14 او 15 من نواب العراقية. وقد توجه بعضهم فورا الى قاعة الاجتماع ، فيما ترك بعض اخر المبنى قبل بدء الجلسة وبقي قسم ثالث في المبنى من دون ان يدخلوا القاعة. وحين انتهت مداولات اللحظة الاخيرة بين ممثلي الكتل الاربع وبدأت التهيئة لعقد الجلسة كان في القاعة (8) من نواب العراقية وهم اكثر من نصف اعضائها الذين حضروا ذلك اليوم الى المجلس(عدد نواب العراقية الذين يحضرون جلسات المجلس لايزيد في العادة على 15 الا نادرا). وعلى الفور عقد الثمانية لقاء جانبيا طرح فيه الرفيق حميد موسى حصيلة المداولات المنتهية للتوصيات والتعديلات الاضافية التي تم الاتفاق عليها. واستحسن الجميع هذه النتيجة واعتبروها ايجابية وبناء على ذلك قرروا المضي قدما في حضور الجلسة وفي التصويت. وقد حضر الجلسة الى جانبهم 7 نواب من خارج كتلتي الائتلاف والتحالف وهم نواب الاتحاد الاسلامي الكردستاني الخمسة، والنائبان مثال الالوسي ويونادم كنا. واتسم حضور نواب العراقية بالحيوية وكان دورهم مؤثرا وحتى حاسما في الحيلولة دون التراجع عن التعديلات الاضافية التي تم الاتفاق عليها قبيل الجلسة وفي تأمين بقاء المادة الاخيرة في مشروع القانون المتعلقة بتأجيل تنفيذ القانون. سنة ونصف السنة بعد اقراره.
ماذا وراء اللغظ والتشويش؟
رغم ذلك كله اثير لغظ وتشويش اعلاميان حول مشاركة نواب العراقية في الجلسة، افتتحته فضائية (الشرقية) مساء يوم التصويت على المشروع وتبعتها جريدة "الزمان" في اليوم التالي، بخبر يركز كما سبقت الاشارة، على اربعة منهم مدعية لاسباب غير مفهومة أنهم حسموا تمرير مشروع القانون وانهم فعلوا ذلك “على نحو مفاجىء”!!. والاخطر من ذلك انها حملتهم ، وهم 4 فقط من اصل 140 حضروا افتتاح الجلسة مسؤولية المصادقة على”اداة لتقسيم العراق واغراقه في الحرب الاهلية” في مواجهة “رفض شعبي عارم لها". وتوجت “الزمان” خبرها بعنوان: “الاربعة الذين غيروا التاريخ” والذي ينطوي، الخبر نفسه، على تأليب مبطن ضدهم يمكن اعتباره في الاجواء السائدة في البلد، تحريضا على اسوأ ما يمكن التحريض عليه. لقد حضر نواب العراقية الثمانية الجلسة انطلاقا من ادراكهم ضرورة الوفاء بالعهود وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة. وهذه الضرورة لاتكمن في مجرد الحاجة الى ادامة اجواء الثقة والتفاهم بين الاطراف المعنية، بل كذلك في كون ذلك يحفظ المناخ السياسي الايجابي، ويضمن المضيء قدما في تهيئة المتلازمات لانجاز مشروع المصالحة الوطنية. اما المقاطعة وردود الفعل الصاخبة التي رافقت عقد الجلسة من خارجها، ففيها افتعال بين ومبالغة لامبرر لها، تسهم في تعميق الازمة السياسية القائمة وتغذي الشكوك والتنافر بين الاطراف المشاركة في العملية السياسية، في الوقت الذي تمس فيه الحاجة الى تعزيز الثقة والتقارب والتعاون كما انها تعكر الاجواء في البرلمان، وهو المطلوب من انجاز الكثير في اطار الشرعية وفي ظل اجواء ايجابية بناءة. ويمكن الاستنتاج في ضوء دلائل عدة، ظهر بعضها واضحا في الحملة الاعلامية التي اعقبت جلسة التصويت، ان بين انشطة الواقفين وراء الدعوة الى مقاطعة الجلسة جهات تعارض الفدرالية اصلا. وقد وجدت في عرض مشروع قانون الاقاليم مناسبة لخوض معركة جديدة ضدها، بعد ان عجزت عن اقرارها ضمن الدستور.
وعن مشروع القانون نفسه
وكان هناك سوء فهم من جهة، وتشويش من جهة ثانية، على حقيقة ما يعنيه القانون المصادق عليه. فهو لايعدو كونه تشريعا يحدد اجراءات واسلوب تشكيل الاقاليم، وهي اجراءات فنية يجري تنظيمها وتشريعها وفقا للاصول القانونية. اما اعتبارها انحيازا او ترجيحا لصيغة ما (طائفية مثلا) او شكل معين من اشكال الاقاليم فأمر غير وارد اطلاقا، وتحميل للقانون ما لا يتحمل! كذلك الخلط بين منطوق القانون والشعارات السياسية التي يطرحها هذا الطرف او ذاك ( فدرالية المحافظة الواحدة، فدرالية المحافظات الثلاث، فدرالية الوسط والجنوب..الخ). فهذه امور سابقة لاوانها والقانون ليس معنيا بحسمها او ترجيح أي منها. وهي متروكة الى حين المباشرة بتنفيذ القانون بعد 18 شهرا وسيتم تحديدها عن طريق الاستبيانات والاستفتاء، فالكلمة الفاصلة في ذلك تبقى لابناء المحافظة المعنية، التي يوجب القانون مشاركة ما لايقل عن خمسين في المئة من الناخبين المسجلين فيها في الاقتراع.
نحن والفدرالية وقانون تكوين الاقاليم
ينطلق موقفنا من الايمان بالفدرالية كحل للقضية القومية من جانب، وكتجسيد للديمقراطية على الصعيد الاداري. وفي يقيننا ان الفدرالية عامل تعزيز لوحدة البلاد، لانها تعبر عن رغبة المواطنين وقناعتهم ومشاركتهم في صياغة الهيكل الاداري للدولة. فالوحدة المبنية على الرضا والقناعة اقوى وامتن بما لا يقاس من الوحدة المظهرية التي تقام بالقسر والقهر. ومعلوم ان حزبنا الشيوعي كان احد اول الاحزاب السياسية في العراق، التي اعتمدت فكرة الفدرالية بإعتبارها تطويرا لمشروع الحكم الذاتي في كردستان وهو يرى فيها ايضا تجسيدا متطورا للامركزية في عموم العراق. وقد ايدنا تبني المعارضة العراقية ايام النضال ضد الدكتاتورية البائدة شعار" العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد " واسهمنا في ذلك، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري ايدنا تبني الفدرالية كحل للقضية القومية والادارية في قانون ادارة الدولة العراقية، ونص القانون على حق اكثر من محافظة في تشكيل اقليم. ونعرف جميعا ان صياغة قانون ادارة الدولة تمت بمشاركة رموز القائمة العراقية من اعضاء مجلس الحكم في حينه : د.اياد علاوي ، د.عدنان الباجه جي ، الشيخ غازي الياور، د.وائل عبد الطيف ، الرفيق حميد مجيد موسى . كما اننا بإتفاق مع اطراف العراقية جميعا، صوتنا بنعم للدستور، الذي ينص في مادته الاولى كما سبق القول على كون العراق دولة اتحادية (فدرالية)، وفي مادته 119 على حق كل محافظة في تكوين اقليم. لذلك نرى في تراجع بعض نواب القائمة العراقية عن الفدرالية وتشكيل الاقاليم، خروجا على الاتفاق بين اطراف العراقية وعلى تكوينها.

لا تراجع عن الالتزامات
ان تصويتنا بنعم للفدرالية ولقانون الاقاليم هو تعبير عن الالتزامات العامة بالدستور وامام المعارضة العراقية السابقة وامام حزبنا. وليس بإمكاننا التخلي او التراجع عن ذلك رضوخا لضغوط او رغبات اطراف سياسية اخرى، يحق لها دون ريب ان تعتقد ما تعتقد، وتبشر بما تراه مناسبا، ولكن ليس من حقها ان تفرض وجهة نظرها على الاخرين او تحرمهم من حق التعبير عن ارائهم وقناعاتهم. ونحن نؤمن من جانب اخر، بأن التحالفات الانتخابية لاتعني ذوبان الاحزاب والشخصيات المؤتلفة في بوتقة فكرية واحدة، او انضباط تنظيمي بلا حدود. فالاتفاق السياسي (الانتخابي) لا يلغي بحال الاستقلالية الفكرية والتنظيمية لاطرافه المؤتلفة، وحق كل منها في اتخاذ القرار المناسب المنسجم مع قناعاته. من هنا نعتقد بسلامة وصواب موقفنا في المشاركة بجلسة التصويت، وفي التصويت بنعم لمشروع الاقاليم بصيغته التي اسهمنا في تعديلها. وهذا يعني اننا نحرص على تشكيل الاقاليم بما ينسجم مع ارادة الشعب وخياره الديمقراطي بما يضمن توفر الشروط الموضوعية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية...الخ. لتكوين الاقاليم وبعيدا عن أي صيغة طائفية.
لنتذكر شعارات العراقية!
ولابد من التذكير هنا، ان القائمة العراقية ظهرت اصلا كتيار يعُلي مبدأ المواطنة وينبذ الاستقطاب الطائفي، ويعتمد خطا وسطا يتمسك بالديمقراطية، ويرفض التعصب والعنف ويسعى الى البناء السليم للمؤسسات، واحترام القانون وتفعيل الحوار. لذلك يتوجب ان نكون منتبهين دائما، ونحاذر الانزلاق بوعي او من دونه في لعبة الاستقطاب الطائفي ، لنجد انفسنا نهاية الشوط في صف احد طرفيه.
لا انحياز لطرف ضد اخر
ان علينا النأي بانفسنا (وبالقائمة العراقية الوطنية) عن التورط في أي صراع يؤذي العملية الديمقراطية ويؤذي نهج التسامح والمصالحة من خلال الانحياز الى هذا وذاك من طرفي الصراع المدمر. كما ان علينا الحرص الشديد على استقلاليتنا، التي كان اسهامنا في جلسة مجلس النواب تجسيدا واضحا لها. فقد دخلنا القاعة وشاركنا في الجلسة بملء ارادتنا وعن قناعة بوجوب المشاركة لاننا رأينا فيها الصواب عينه في تلك اللحظة. [/b] [/size] [/font]