المحرر موضوع: الفنان يوسف عزيز في ملبورن الاسترالية حول الاغنيه السريانيه و تأثيرها المهمل على الفن الغنائي الشرقي  (زيارة 1825 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سالم يوخــنا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 503
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاغنيه السريانيه و تأثيرها المهمل على الفن الغنائي الشرقي

                                         محاضره للاستاذ الفنان يوسف عزيز


في مدينة ملبورن الاستراليه و ضمن نشاطات الجاليه الثقافيه تم توجيه الدعوه الى الاستاذ الفنان يوسف عزيز من قبل ملتقى الثلاثاء الثقافي و الذي يشرف عليه و يشارك فيه نخبه من مثقفي ابناء شعبنا ,لالقاء محاضرة علميه ثقافيه في اطار اختصاصه الموسيقي .و قد لبى الفنان يوسف عزيز الدعوه و اختار موضوع (الاغنيه السريانيه و تأثيرها المهمل على الفن الغنائي الشرقي) عنوانا" لمحاضرته و لما كان من صدى و قبول لمحاضرته تلك اسلوبا" و موضوعا" و اعجابا" بالماده المطروحه و اداءه الاكاديمي  البارع  في طرح موضوعه ,تكررت الدعوه من قبل اخوية مريم العذراء حافظة الزروع في ملبورن /استراليا لالقاء نفس المحاضره ,فكان صداها قويا" و وقعها مؤثرا" لما حملته المحاضره من مواد دسمه و بالاختصاص الدقيق مقدمة" باسلوب سلس و مشوق ,موضحة الدور و التأثير الموغل في مجتمعاتنا بمجالات الفن و الشعر و الموسيقى التي انتجتها الشعوب التي قطنت وادي الرافدين و ما نهلت منها الشعوب المجاوره لها و على مدى القرنين الاخيرين ..
الفنان يوسف عزيز غني عن التعريف فهو احد  ابرز نجوم الغناء على المستوى العراقي و العربي  فهو يغني باللغه العربيه و اللغه السريانيه كما انه  يعزف على آلتي العود و الساز باحترافيه عاليه ...يكتب الشعر الغنائي ,يلحن ..يقوم بالتوزيع الموسيقي لمعظم اعماله ..حاصل على شهادة الماجستير في علم موسيقى الشعوب و بدرجة امتياز من اكاديمية الفنون الجميله /جامعة بغداد ...عمل في مجال الاعلام كرئيس لقسم المنوعات في فضائية عشتار و خلال عمله قام باعداد و تنفيذ  العديد من البرامج الفنيه كما كان معدا" و مقدما"  لبرنامج القيثاره  و الذي كان له صدى واسع بين ابناء شعبنا في الوطن و المهجر ...شارك في العديد من المهرجانات الفنيه و كان اخرها ادارته لمهرجان شيرا الثقافي الذي اقامه نادي بابل الثقافي في ملبورن استراليا ,كتب و لحن العشرات من الاغاني لمطربين عرب و سريان ,كما ان لديه العشرات من الالحان التي هي قيد التنفيذ .

كانت  المحاضره قيمه بالمعلومات التي جمعها المحاضر والنتائج التي خرج بها و الامثله التي ساقها لدعم كلامه بالاضافه الى الحرفيه و الامكانيه العاليه في طرح المعلومه بشكل اكاديمي  مبسط  لضمان وصولها الى المتلقي بسلاسه  و ذلك لتنوع الحضور و اختلاف اهتماماتهم الثقافيه خصوصا" ان الموضوع موسيقي بحت  ...و هنا تجدر الاشاره الى الجهود الجباره التي بذلها المحاضر  لتنوع المصادر و دقتها من حيث المعلومه  و تاريخها مع الاخذ بنظر الاعتبار التسلسل الزمني لتطور الموسيقى في كل عصر و لدى كل شعب على حدا و من ثم مقارنتها بتاريخ تطور الاغنيه او الموسيقى بشكل عام لدى السريان او الناطقين بالسريانيه  كما يحلو للمحاضر  ان يسميهم .و هنا نقتطف بعضا" من الجوانب المهمه التي جاءت في المحاضره .
استهل الفنان يوسف عزيز محاضرته بتعريف الفن الغنائي او الاغنيه بشكل عام و قال ان الاغنيه هي كلام ملحن و مموسق باشكال و قوالب مختلفه و تؤدي ايضا" وظائف مختلفه يحددها نوع الشعر ,اي  انها موسقة او تنغيم كلام شعري موزون و مقفى , و الموسقه هنا تعني وضع ايقاع او ضرب زمني مع نغم او مجموعة انغام متداخله بتناسق حرفي يسمو بالشعر و يجعل وقعه اقوى على المتلقي بحسب موضوع الاغنيه  ( دينيه,حربيه,غراميه ,تعليميه ,نقديه ساخره,للمدح او الهجاء ,مناسبات الفرح او الحزن و ركز هنا على الاغنيه الدينيه في انها تقدست بقدسية النصوص التي لحنت فحفظت عبر العصور و ما دونها تلاشى فاصبحت هي المصدر الوحيد لما لحنه و غناه الاجداد  , و مع تطور الزمن ظهرت الاغاني الخاصه بالاعلانات التجاريه و الاغاني الكوميديه ,كما ان هناك اغاني ايمائيه _ جنس ...يوغا ...علاج_وووووووووووو...الخ  ) .
اما عن  الاغنيه السريانيه  قال انه لا يوجد لدينا اي توثيق مهما كان نوعه  حتى و لو كان ذلك التوثيق متناقل شفاهيا"ولحين اختراع التسجيل الصوتي ما عدا ما هو موجود من الحان الطقس السرياني الذي هو ايضا" حكم  عليه  بالتجمــيد و ذلك  لصدور اوامر من رئاســـات كنســـيه  ( سينهادوس الكنيسه السريانيه) في القرن الثامن عشر منعت تحديثه او ادخال اي جديد عليه تحت حجج و اسباب مختلفه و بذلك اقفل هذا الباب تماما".
اما عن الغناء الدنيوي الذي يخرج عن الاطر الدينيه ,فلا يوجد ما يشير الى ان هناك غناء سرياني على مدى ال (200) سنه الاخيره و نقصد بالغناء هنا ,قاعده فنيه كبيره يؤسسها شعب او امة و ينميها من خلال  مؤسسات خاصه لهذا الغرض ,ما عدا القليل من الاعمال الخجوله التي انتجها  البعض و التي لم تدر عليهم سوى الخساره الماديه و الجهد الضائع هباءا"...و كان ذلك كله بتأثير رجالات من الكنيسه قاموا بتفسير قرارات تخص الجانب العقائدي كما يفهموه او تحليلهم لقرارات كنسيه بما يتناسب و ميولهم  ...فكانوا يعتقدون ان اللغه السريانيه هي لغه مقدسه بمفهوم قدسية النص الديني و لا يمكن  استخدامها في مواضيع دنيويه بعيده عن الدين كالغزل والحب و وصف مفاتن المرأه و غيرها ...
باعتقادي الشخصي ( و الكلام للمحاضر ) و كنتيجه لتلك الممارسات ادى ذلك الى ركود كبير في النتاج الفني الغنائي و الاستهانه به باللاوعي لدى الاجيال المتعاقبه من السريان او الناطقين بالسريانيه بحيث اصبح ذلك من اهم اسباب تصدير الالحان السريانيه الى اقوام اخرى و هي بدورها  تتقبلها بفرح واندفاع كبير  و ذلك لافتقارها الى مثل هذا النوع من الفنون ...فماذا يفعل من لديه موهبه  و بنفس الوقت ليس لديه متنفس للبوح بفنه و الحانه عن طريق لغته السريانيه ...اليس من الطبيعي ان يلجأ الى لغة اخرى يتقنها ( عربيه...تركيه...فارسيه ...قبطيه ) ليضع فيها الحانه  السريانيه ...و مع مرور الوقت اصبحت هذه الالحان تنسب الى اللغات التي استخدمها الفنانون السريان فاصبحت تسمى الحان تركيه او فارسيه او عربيه و هي بالاصل الحان سريانيه .و هنا تجدر الاشاره الى ان استخدام لفظة السريانيه هي لاننا متأكدون تماما" ان ارثنا الموسيقي و الغنائي و المتمثل بالطقس هو طقسا" سريانيا" خالصا" من دون اي شك و هو مستخدم لدى الكنائس الشرقيه سواءا" كانت اشوريه ام كلدانيه ام سريانيه من دون الخوض في الجذور القوميه  لاي من الناطقين بالسريانيه و التي هي من اسوأ ما قد يواجهه شعبنا .
كاستنتاج لما جاء انفا" حول الارث السرياني الذي بين ايدينا فان الاكتشافات و اللقى الاثاريه و الاشعار المنحوته على الصخور  او المنقوشه على الالواح الطينيه و الفخاريه تؤكد لنا  النهضه الموسيقيه في بلاد ما بين النهرين و لكن للاسف لا يوجد اية تسجيلات و مدونات موسيقيه للانشطه الفنيه في مجال الغناء و التلحين سوى ما موجود من تراتيل الكنيسه السريانيه و التي وصلتنا نقلا" شفاهيا" و هي الوحيده الصالحه للدراسه و ما دون ذلك هو مضيعة للوقت .
تطرق المحاضر الى مؤسسي الغناء السرياني ( الكنسي ) و قال... رغم انقسام الكنيسه الواحده الى طوائف متعدده واطلاق تسميات مختلفه على الطقس ...كمثال على ذلك ,طقس الكنيسه  الكلدانيه او طقس الكنيسه المشرقيه او طقس الكنيسه السريانيه ( هذا فيما يخص بلاد ما بين النهرين ) ,الا ان الاساس بقي واحدا" و الدليل على ذلك التقارب الكبير بين الطقس المستعمل في كل الكنائس و السبب في ذلك هو وحدة المصدر ( الكنيسه السريانيه ).
ان اول من ادخل الغناء الى الكنيسه السريانيه بعد ان اخذت قالب اداري معين هو الفيلسوف و الشاعر و الموسيقي و الفلكي  برديصان  ( 154م ---222م  ) حيث كتب و لحن اكثر من (150) اغنيه دينيه على طريقة مزامير داود و لقنها للشباب الرهاوي لتنتشر بعدها و تلقى رواجا" كبيرا" بل و تترسخ و تصبح عاده و تقليد .
درس برديصان الموسيقى في روما و بلاطات ملوكها  فغدا  فطحلا" في العلوم و الفنون الموسيقيه و اصبح المعلم و الفنان الشامل و بنفس الوقت خادما" امينا" للكنيسه .جاء بعده ابنه هرمونيوس الذي  سار على نهج ابيه فجمع كل اعماله و نشرها بقوه و لكن الخلافات العقائديه التي ظهرت بين رجال الكنيسه انذاك و الفيلسوف برديصان  ادت الى منعه و ابعاد افكاره و اغانيه عن الكنيسه بسبب بعضا" من اشعاره فعم ذلك على كل نتاجاته و ابداعه ( و هذا حال المبدعين دائما" ).
بعد برديصان بحوالي ( 150 ) سنه جاء مار افرام النصيبيني ( 306م ---- 373م ) و هو الشاعر الفذ الذي اغنى الفن الغنائي الكنسي باشعاره الخلابه و التي مازالت ترنم و تؤثر و تترجم الى لغات اخرى .
عندما بدأ مار افرام يتحمل مسؤوليته تجاه العقيده وجد اعمال برديصان التي سبق و ان رفضتها الكنيسه كانت لا تزال منتشره و يرددها الناس بعشق و لانه لم يرد ان يستخدم نفس اسلوب الرئاسات الكنسيه في محاربة اعمال برديصان فقرر ان يحارب الفن بالفن فبدأ يلحن اشعارا" تصحح بحسب مفهومه افكار برديصان  ...و لكن براعة الحان برديصان و عشق الناس لها و تربيهم عليها جعلت الامر صعبا" عليه حتى فشل في ذلك ,فلجأ الى اسلوب اخر و هو اخذ الحان برديصان و تركيب  اشعاره  الموافقه للايمان بحسب مفهوم الكنيسه انذاك عليها فكان عبقريا" في ارضاء كل الاطراف .كما قام مار افرام بانشاء جوقات تضم الفتيان والفتيات العذارى .
يستنتج المحاضر مما سبق ... ان لمار افرام الفضل في الحفاظ على ارث موسيقي تغنى به شعب لمائه و خمسون سنه او اكثر ( و هي الفتره التي كانت غنيه باعمال برديصان ) ...فلولا عبقرية برديصان الموسيقيه التي فاقت موهبة مار افرام ..و بنفس الوقت موهبة مار افرام الشعريه العظيمه و ذكاءه الخارق في استخدامه لتلك الالحان لتخدم المراحل اللاحقه بل و تقليده لها في مراحل متقدمه بعد ان اثبت للناس مقدرته تلك عبر مدرستي الرها و نصيبين و استخدامه لجوقات من الفتيات العذارى و التي كان  لها بالغ التأثير على الاجيال اللاحقه في نشر ذلك الفن و العقيده و تقديم نماذج متطوره من الفن .
و نوه المحاضرهنا الى  استمرار الامر بعد مار افرام بواسطة عظماء اخرين ساروا على نفس النهج في روح التلحين و من بين هؤلاء يعقوب السروجي , مار بالاي , ماروثا  و مار رابولا و اخرين حتى بلغ عددهم ما يقارب (37) بين سريان غربيين و شرقيين ,كما نوه المحاضر الى ان الهدف من طرح  الموضوع , علمي بحت و لا يمثل استصغارا" و تقليلا" من شأن احد كما ان المعلومات التاريخيه الوارده في هذه المحاضره هي مسنده و محققه علميا" .اما النتائج التي خرج بها جاءت بتحليل و ربط المعطيات .
للاحاطه بالمنطقه الجغرافيه التي قطنها السريان و طبيعة الشعوب القاطنه لها و اصولها و تاريخها الغنائي للوصول الى الاصل في التأثير قدم بايجاز دراسه تضمنت سردا" تاريخيا" و نماذج و استنتاجات كما يلي .
الموسيقى عند العرب

تحدث الاستاذ الفنان يوسف عزيز عن الموسيقى عند العرب قبل الاسلام و ذكر ان الدراسات تقول عن الموسيقى  قبل الاسلام لم تكن سوى ترنيم ساذج بنوعه يصوغه المؤدي انيا" تبعا" لذوقه و مزاجه و انفعالاته او ما يريده من تأثير بحسب الموقف و رتبة الشخص الذي يؤدي امامه و المناسبه التي تخصه . و ميزة الغناء او كل قاعدته تتوقف على جمال صوته بحسب ذوق فردي و ذبذبته و علوه او خفته و الشعور الذي يجعل الصوت مستمرا" او متموجا" ...اما الموسيقى المصاحبه فكانت تقتصر على الدفوف و الطبول و ربما في بعض الاحيان الصنوج و الاجراس و بعض الاستخدامات البسيطه للمزمار ( الصفاره ) , و الالحان كانت لا تتعدى النغمه الواحده او النغمتين فكان اقرب الى ( الريستاتيف ) الكلام المنغم اي لم يكن هناك مساحه لحنيه او تنويع نغمي او ايقاعي ,واما المؤدين او المغنين اذا صح التعبير كانوا من النساء ( الاماء و الجواري منهم تحديدا" ) و بعضا" من الرجال من امثال عدي بن ربيعه الذي عرف بصوته الجهوري فلقب بالمهلهل ....اما النسوه اللائي كانوا يغنون فاطلقت عليهم تسمية القيان او القينات و هذه التسميه مشتقه من كلمة قيناثا  السريانية الاصل و التي تعني اللحن او اللحون.
و يذكر التاريخ بعضا" من النساء من علية القوم اللائي لا يتعدى عددهن  اصابع اليد الواحده ,كن يغنين .و لكن الغناء هنا للتسليه الشخصيه و لاظهار اضافات شرفيه بحسب اعتقادهن و لا نعرف مقدار المجامله من المحيطه بهن ..فلا يدخل ذلك ضمن القاعده او الاحترافيه .
مما ورد اعلاه يتبين لنا ان الموسيقى عند العرب كانت احادية النغمه ( ريستاتيف )  , ولا وجود للسلم الموسيقي لديهم بالاضافه الى عدم وجود اية اوزان ايقاعيه بل كانت ضربات عشوائيه ,و كانت غالبا" ما تؤدى من قبل الاماء و العبيد على اعتبار ان هذه المهنه  تحط من قدر محترفها و الغرض منها ارضاء المالك و الاسترزاق .  و ذكربالادله ان  الموسيقى كانت محرمه في عهد الخلفاء الراشدين لتعارضها مع القيم الدينيه بحسب تفسيرهم للدين انذاك و بما يناسب المرحله البنائيه و التثبيتيه للدين الجديد  .
اما عند السريان فكانت الموسيقى تشتمل على نغمات طويله و قصيره ,صاعده و هابطه و قد عرفوا المقامات الكامله منذ ذلك الحين ( السلالم الموسيقيه ).اما الايقاع المستعمل فكان يشمل توقيتات زمنيه ثابته او متغيره و بشكل مدروس و منتظم ...وكان للموسيقى بشكل عام قدسيه عاليه و خصوصا" في الكنائس و الاديره و كانت الاغاني تؤدى من قبل طبقات رفيعة المستوى من الناس و الغرض منها الخدمه الدينيه و رفع المستوى الروحي للمتلقي كما انه يتم تدريسها و تأديتها بقاعدتها اللحنيه و قاعدتها الادائيه الثابته  .
يستنتج المحاضر مما ورد اعلاه ان السريان هم اسبق من العرب في مجال الموسيقى و الغناء و هم اصحاب المبادره الاولى و بمئات من السنين و بالتالي الموسيقى العربيه هي المتأثره بما قبلها و هي الموسيقى السريانيه و هناك اشارات واضحه في قسم من المصادر العربيه و بجمل صريحه تقول ما نصه ( ان العرب غنوا فيما بعد كما يغني النصارى  ) اشارة" الى الغناء الديني في  الكنيسه .و قد اعطى المحاضر امثله من الطقس السرياني و ما يشبهه من الالحان التي يستخدمها الاخوه المسلمين مثل تكبيرة العيد  و التي  تشبه الى حد  كبير صلاة  قديشا الاها  و ايضا  بداية الاذان ( الله اكبر ) والتي تشبه  ( بشليا هواو  وشلاو ) التي يقولها الشماس قبل قراءة الانجيل .اضافة" الى التشابه الكبير في الغرض من كل من تلك النماذج و وظائفها ...و هنا الحديث عن الجانب الموسيقي فقط .
المصادر تقول بان الموسيقى  العربيه تطورت مع بداية العصر الاموي (662 م -----750 م ) في سوريا و ينسب ذلك الى الموسيقى الفارسيه و هذا خطأ فادح لان سوريا في ذلك العصر كانت مركزا" سريانيا" فنيا" ثقافيا" كبيرا" .

الموسيقى عند الاتراك
الاتراك هم قبائل كانوا يسمون بقبائل الغز و كانوا يعيشون في منطقة ما وراء النهر و التي تسمى اليوم ( تركمانستان ) و قد نزحوا الى اسيا الصغرى ( تركيا الحاليه ) و التي كانت تعتبر موطن انتشار الثقافه السريانيه هربا" من المغول او بحثا" عن حياة افضل و مراعي اوفر لماشيتهم .و كان ذلك حوالي سنة 1229 م .
استمر الاتراك بالتحالفات الحربيه التي ابرمها قادته مع السلاجقه و غيرهم الى ان استقرت الامور على يد ارطغرل و من بعده ابنه عثمان الذي اسس الامبراطوريه العثمانيه سنة 1299 .
تقول المصادر ان الموسيقى التركيه بدأت مع العصر العثماني و ان سلاطين الدوله العثمانيه اهتموا بها و شجعوها ...و كانوا يعرفون الموسيقى التركيه بانها خليط من الموسيقى البيزنطيه و العربيه و الفارسيه ,اما الالات الموسيقيه التي استخدمها الاتراك فكانت مبتكره في اسيا الصغرى مثل الساز و الكمنجه و اخرى ابتكرها العرب مثل العود و التنبور و القانون و الناي .
كاستنتاج لما سبق يقول المحاضر بان مدرسة الرها و نصيبين بدأت بالفيلسوف برديصان الذي توفي سنة 222 م و من بعده مار افرام المتوفي سنة 373 م ...و اما الاتراك اسسوا دولتهم على الحروب سنة 1299  اي ان هناك فارق زمني يمتد الى اكثر من الف سنه  ما بين نشأة الفن السرياني و قيام الدوله العثمانيه و مسبقا" فقد اثبت المحاضر ان العرب هم المتأثرين بالسريان فكيف لهم ان يؤثروا بالاتراك الا بما اخذوا من السريان ,و بذلك يمكن الجزم بان السريان هم الاساس في مجال الموسيقى و الفن و الاتراك هم الذين تعلموا منهم .

الموسيقى عند الفرس
الفرس هم قبائل آريه عديده و هي الماديين اي الميديين والفرثيين اي الاشكانيين و البارسين اي الفرس , و القبيله الاخيره كانت هي الاوفر حظا" و الجميع ينتمون الى العرق الابيض و هم اقوام هندواوروبيه جاءت على شكل دفعات  من اسيا الوسطى و بعضهم من منطقة بين بحر الخزر و البحر الاسود .من اهم الممالك التي نشأت لديهم كانت الامبراطوريه الميديه و الاخمينيه و السلوقيه و البارثيه و الساسانيه , و كل هذه الممالك لم تعر اهتماما" بالفن و بناء قاعدة له ما عدا الامبراطوريه الساسانيه ( 205 م ) و كانت هناك نهضه شامله على كافة الاصعده سميت بالعصر الذهبي ( 309 م ___ 379 م ).
البعض من المصادر تقول بان اصل الفرس من اسيا الصغرى  اي انهم جاوؤا من منطقه غنيه و مزدهره بالفن السرياني  ففي الفتره التي قامت فيها الامبراطوريه الساسانيه و التي كانت قد اولت للفن اهتماما" بالغا" كان برديصان قد امضى شوطا" كبيرا" في التاليف و التلحين بالاعتماد على ارث شعبه ( السرياني ) الراسخ و منذ ذلك الوقت .....فالدليل واضح هنا بان الفرس قد اخذوا من السريان  الكثير الكثير في مجال الموسيقى و ليس العكس كما هو شائع .
و قبل ان يختم الاستاذ يوسف عزيز محاضرته اعطى بعضا" من الامثله الحيه التي تؤكد صحة استنتاجاته .وقد  فوجيء الجميع بالتشابه الدقيق بين ما هو مستعمل من مصطلحات و تسميات موسيقيه  و بين مرادفاتها عند السريان و فيما يلي بعضا" منها
الموشح ... الذي هو بالاساس ضرب من ضروب الشعر و قد اخذ قالبا" موسيقيا" اصله من كلمة ( مشوحتو ) السريانيه اي القصيده .
المعنى ...ضرب من ضروب الغناء المنتشر في بلاد الشام و لبنان و فلسطين  اصله  من كلمة ( عونيثا و جمعها عونياثا  ) السريانيه .
التجويد ...و هي تجويد الكلام و جعل وقعه اجود اي بمعنى الجوده و هذه ايضا" مأخوذه من الاصل ( جودا  او  كودا ) و هذا ما نجده عند تقسيم  الشمامسه  الى فريقين و يقال  بالسريانيه ( تري كودي ) و ذلك للحصول على اداء اجمل .
و عن المقامات و مدى تشابه اسماءها بتسميات سريانيه كانت للمحاضر امثله حيه ايضا كالبيات الذي معناه بالسريانيه  عزا نتشديد الزاء اي بمعنى قدم التعزيه او سلى بتشديد اللام و هذا المعنى اقرب الى الصحه من كلمة بيات التي تعني بالعربيه بات او نزل او ادركه الليل وهذه التسميات ليس لها علاقه بالموسيقى ....و عن مقام الصبا التي تعني بالعربيه النسيم الشمالي الرقيق ,اما المعنى السرياني لهذه الكلمه هو( صبيا ) اي بمعنى الصافي ...اما مقام الحجاز كان  يكتب مقام الحجا و اضيفت اليه الزاي في العهد العثماني تيمنا" بارض الحجاز , و معناه بالسريانيه هو حاجو  لما في المقام من تصوف .
اما الايقاعات فكان لها نصيب في ختام المحاضره حيث بين المحاضر  اهميتها في الطقس السرياني  حيث ان معظم الايقاعات التي تنسب الى الموسيقى العربيه هي سريانية الاصل و بدون ادنى شك ,فمثلا"  
ايقاع الجورجينا ...مثال ...   كولخون عمي قوشكبا
السماعي ثقيل  بوزن 10/8 ...مثال ... في  ماران ايشوع ملكا زغيذا
الربع ...مثال ... شبح زديقي لمريا  و بريخ برطاوا  و حادا نوشا دعوداخ
السماعي الدارج ...مثال ...  ازعق عيتا
المقسوم ...مثال ... لاخو مارا  دخولا مودينان و قديشا الاها
الايوبي ...مثال ... ماحابيوي دمشكنيك مريا حيلثانا
و هناك ايضا بعضا" من الصلوات  فيها تنوع ايقاعي  اي اكثر من ايقاع واحد مثل  كولان بذحلثا و ايقارا  و هذه دلاله على رقي الفن الموسيقى لدى اباءنا السريان و معرفه منهم  بالتأثير الادائي المصاحب او المرتبط بالتغيير الايقاعي على المتلقي .
ختاما" و مما تقدم يتأكد لدينا و بدون ادنى شك  ان الموسيقى السريانيه كان لها تأثير كبير على موسيقى الشعوب المجاوره كالاتراك و الفرس و العرب  و ان هذه الشعوب قد اخذت من الفن السرياني  و لا ينكر ان هذه الشعوب قد طورت تلك الموسيقى و اولتها اهتماما" بالغا" و على مدى قرون طويله بحيث ان موسيقى السريان صارت  تسمى باسماء العرب و الاتراك و الفرس و هذا امر طبيعي و لاي شعب او امة الحق في الاخذ من غيرها و اضفاء هويته عليها على ان يصون حقوق الشعوب التي اخذ منها  بالتالي فان  الموسيقى  السريانيه هي الاصل و هي الاسبق و بادله واضحه و جليه  قدم المحاضر بعضا منها في هذه المحاضره .
في ختام المحاضره كان هناك سيل كبير من الاسئله التي وجهها الحاضرون للاستاذ الفنان يوسف عزيز و قد اجاب عليها مشكورا" و تمنى الموفقيه للجميع  .