المحرر موضوع: ذكريات من الماضي العراقي القريب (16)  (زيارة 1226 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ذكريات من الماضي العراقي القريب (16)
نعم فإن المواقف الصحيحة والنبيلة للشعب العراقي وتكاتفهم مع بعض كانت هي الضمانة الأكيدة لهذا الوطن الذي كان مهدا للحضارات ومنه بدأ أبراهيم أبو الانبياء رحلته بالخطوة الأولى من أور الكلدانيين كي يعلن بدأ مخطط الله لخلاص البشر من العبودية وقيود الخطيئة وكي يعرف الناس أنه هو الإله الصمد خالق السماوات والأرض وخالق الناس شعوبا وقبائل كي يتعارفوا ويتعاونوا ويَصِلوا الأرحام مع بعضها ويعلموا فيما بينهم بأن أكرمهم عند ربهم هو أتقاهم لا الأكثر أثارة للمشاكل. وكذلك بين الأكرمين من يعمل بجد وأخلاص من أجل أخوته وبالتالي من أجل وطنه.
فقد تكلمنا كثيرا عن الكهرباء ومشاكله والانقطاعات المتكررة والتجهيز الشحيح به للمواطنين، ومؤخرا نشرت شبكة أصوات العراق نقلا عن البرلمانية (سوزان السعد) والتي هي عضوة في لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي قولها وهي تتهم وزارة الكهرباء بالفساد المفضوح في استخدامها للمحطات الغازية، مبينة أن هذا الفساد مثبت بالأرقام، مؤكدة ان استخدام هذه المحطات يمثل هدرا للمال العام. وقالت ان "استخدام المحطات الغازية لا يتلاءم مع البيئة الصحراوية السائدة في العراق وحتى في أوربا فهي محطات ساندة للمحطات النووية والكهرومائية ولا توجد دولة في العالم تعتمد على المحطات الغازية كمحطات أساسية باستثناء العراق".
وقالت أيضا ان "هناك محددات للمحطات الغازية فهي لا تصمد امام العواصف الترابية الامر الذي يتطلب اضافة منظومات وهذه المنظومات ترفع كلفة المحطة، كما ان المحطات الغازية مصممة حسب المواصفة الحرارية الاوربية فهي مصممة للعمل على درجة حرارة مثلى تتراوح مابين 15-25 درجة مئوية وهي تنطفيء كليا بدرجة حرارة 45 مئوي (وصلت الحرارة هذا الصيف لسنة 2012 أكثر من 50 درجة حتى أعلن أحد الأيام عطلة رسمية في العراق بسبب ارتفاع الحرارة) وهذا يعني انها لا تعمل في اجواء العراق في اشهر الصيف ولتجاوز ذلك نحتاج الى اضافة منظومات تبريد و هذه تكلف مبالغ طائلة و ترفع سعر الكلفة الكلية لانتاج المحطة الى اكثر من 6ر1 مليون دولار للميغاواط". واضافت ان "عدم توفر الغاز في العراق في الوقت الحاضر وعدم توفر شبكة انابيب لنقل الغاز لهذه المحطات يجبر وزارة الكهرباء على تشغيل هذه المحطات بالنفط الخام او الوقود الثقيل (النفط الاسود) مع اضافة مواد كيمياوية للوقود كمحسنات وهذه تكلف مبالغ طائلة، ويرفع كلفة انتاج الميغاواط الى اسعار خيالية رغم ان العراق دولة نفطية، ناهيك عن ان تشغيل هذه المحطات بوقود النفط الخام او الوقود الثقيل سيؤثر على العمر التصميمي للمحطات ويخفضه الى النصف فضلا عن خفض الطاقة الانتاجية الى النصف، وإلى الهدر بالوقود".
وأشارت الى انه "بحساب جدوى العملية الانتاجية للطاقة الكهربائية في مثل هذه المحطات نجد ان محطة بطاقة 750 ميغاواط تستهلك 33 الف برميل وقود في اليوم: وهذا يعني بالأرقام 33000 برميل. والسنة فيها 365 يوم. فعملية حسابية بسيطة وكما يلي: 100 دولار للبرميل = يكون الناتج بالكلفة هو 204ر1 مليار دولار اي ان كلفة انتاج الكيلواط/ ساعة = 3ر18 سنتا في حين ان الكلفة الحقيقية للكيلواط يجب ان لا تتجاوز 4 سنتات". وذكرت النائبة ان كلفة انتاج الكيلواط /ساعة والتي هي 3ر18 سنت، يضاف لها كلفة محسنات الوقود وأيضا كلف تشغيلية من رواتب المشغلين و ادوات احتياطية وعمليات ادامة، ويجب ان تضاف كلفة انشاء المحطة وانبوب الوقود الناقل فضلا عن انخفاض الطاقة الانتاجية الى النصف ويضاف الى ذلك انخفاض العمر التصميمي للمحطة الى ما دون النصف لتصل الكلفة الى حوالي 0.5 سنت اضافية للكيلو واط و هو رقم خيالي لا يوجد مثيل له في العام.
واشارت الى انه وفق حسابات الهدر فان محطة انتاجها 750 ميغاواط تستهلك يوميا 33 الف برميل اي ما يعادل 44 برميلا في اليوم للميغاواط الواحد والمحطات التي تعاقدت عليها وزارة الكهراء مع شركة (جنرال الكترك الامريكية ) 7000 ميغاواط و محطات شركة (سيمنس الالمانية ) 3500 ميغاواط أي ما مجموعه 10500 ميغاواط والواحد من هذه يستهلك 44 برميلا مما يعني أن الاستهلاك الكلي لهاتين المحطتين سيكون 10500 ميغاواط = 462000 برميل /يوم = 2ر46 مليون دولار /يوم = 86ر16 مليار دولار في العام وهذه كلفة الوقود فقط و ليست الكلفة التشغيلية.
وخلصت النائبة في البرلمان إلى القول: لذلك ينبغي ان تعتمد وزارة الكهرباء بدلا من ذلك محطات تعمل بوقود ارخص مثل الوقود الثقيل ( النفط الاسود) اذ ان سعر الطن 70 دولارا (وهو سعر شراء وزارة الكهرباء من وزارة النفط) .
ومن تصريحات هذه النائبة نجد العلة الرئيسية في مسألة الكهرباء التي عانينا منها كثيرا ولا زلنا وأهلنا إلى اليوم، والأمر المثير للاستغراب أن لدى العراق مبالغ من عائداته النفطية تفوق كثيرا ما لدى دول أقل غنى من العراق وتلك الدول لديها الكهرباء على مدار الساعة وربما فائض تقوم بتصديره عبر ربط شبكتها بالدول التي تجاورها، والكهرباء هو واحد من المجالات التي تسلب العراقي مدخراته وتجعله يعيش على اللالة والمهفة ويعاني من الحر والبرد ولا يتحرك جفن لمسؤولي هذه الوزارة رغم تبديل وزيرها وتعاقب وزراء آخرين لكن الواقع لم يتغير كثيرا وكان في الأيام الأولى ما بعد السقوط عمل المجاميع المسلحة عذرا لهذه الوزارة بالتلكوء كون الأبراج الناقلة للطاقة يتم تدميرها بشكل مستمر، ولازال هذا العذر مستمر إلى اليوم.
وأليكم هذا الخبر الذي نُشر مؤخرا حول الموضوع في يوم 12 حزيران 2012 حيث أفاد مصدر في شرطة محافظة ديالى، الأربعاء، بأن سبعة أبراج لنقل الطاقة الكهربائية شمال بعقوبة دمرت بتفجيرها بعدد من العبوات الناسفة، فيما اعترفت وزارة الكهرباء باستهداف ثلاثة. وقال المصدر في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "مسلحين مجهولين فجروا، صباح اليوم، عدداً من العبوات الناسفة استهدفت سبعة أبراج لنقل الطاقة في أطراف ناحية العظيم (60 كم شمال بعقوبة)، مما أسفر عن تدميرها بالكامل". وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "قوات من الشرطة طوقت أماكن التفجيرات وفتحت تحقيقاً لمعرفة الجهة التي تقف وراءه".
في المقابل، أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس لـ"السومرية نيوز" أن "التفجيرات أسفرت عن استهداف ثلاثة أبراج فقط في منطقة انجانة بناحية العظيم في ديالى"، مبيناً أنها "أبراج للضغط الفائق 400 كي في وتنقل الطاقة الكهربائية من بيجي إلى بغداد". وأضاف المدرس أن "برجين دمرا بشكل كامل ويحملان الأرقام 198 و204، أما الثالث فقد تضرر بشكل جزئي ويحمل الرقم 197"، مؤكداً أن "الملاكات الفنية للمديرية العامة لنقل الفرات الأعلى التابعة لوزارة الكهرباء باشرت بأعمال التصليح وتحويل الخطوط إلى أبراج الطوارئ". وأشار المدرس إلى أن "أعمال التصليح ستستغرق يومين، كما سيتم نصب أبراج دائمية خلال أكثر من أسبوع"، مشدداً على أن "هذه التفجيرات لن تؤثر على الطاقة الكهربائية في بغداد أو باقي المحافظات، خصوصاً أنه يمكننا المناورة بنقل الطاقة عبر خطوط بديلة".وتشير مصادر أمنية في ديالى ومركزها مدينة بعقوبة، 55 كم شمال شرق بغداد، إلى أن العام الجاري شهد خمسة هجمات استهدفت أبراج الطاقة الكهربائية في المحافظة. وهذا مسلسل لا ينتهي إذا جمعناه مع ما صرحت به النائبة نستطيع القول بأن في ظل هذا الوضع وهذه التصرفات سيبقى العراق يعاني لسنوات طويلة من مشكلة الكهرباء فهنيئا لأصحاب المولدات الأهلية كون رزقهم سيستمر إلى حين طويل فلا تخافوا، وشؤما لنا نحن العراقيين لأن استنزاف جيوبنا وجهدنا وعيشنا في ظروف صعبة مستمر ولا أمل في الأفق.
وهكذا أوضاع سببت الكثير للنفسية العراقية وكانت السبب في زيادة التوتر والعصبية لدى الأفراد وهذه جعلت أمر الإلفة والمحبة والتسامح في قلق خاصة وإن المشاكل محيطة بنا من كل صوب وقد لا تعرف جارك ومن هو ومن أين ولماذا أتى وسكن بجوارك خاصة وإن التحولات في المنازل تحدث بكثرة بيعا أو إيجارا، فالمبالغ التي تم الاستيلاء عليها أبان أعمال السلب والنهب بدأت تظهر، وأزدهر سوق الشراء والبناء لوجود سيولة رهيبة لدى الناس وطبعا ليسوا كلهم بل اناس معينين.
فبيت كان بجوار البيت الذي كنت أسكن به وفي منطقة مهمة من بغداد، هذا البيت كان قد بناه صاحبه الذي كان مهندسا معماريا مرموقا، بناه لنفسه، وللقاريء التصور كيف سيكون البناء خصوصا إذا تذكرنا المثل القائل (طبلجي والعرس لإبنه)، هذا المهندس اضطر لبيع بيته بعد أن جعلته الأوضاع يعيش في الاغتراب ومن أشتراه قام (بتفليشه) إلى الأرض وحوله إلى أنقاض رمى بها بعيدا لكي يعيد البناء مجددا والبناء الذي بناه لم يكن طبيعيا كونه لم يقم بحفر الأسس للبيت وإنما أتى بالسبيس وحدل طبقة بحدود نصف متر فوق سطح الأرض ثم وضع قالبا من الخشب وسلحه بالحديد وصب الأسس ومن ثم دفن الأسس وهكذا فالعملية يعرفها الكبار جيدا لأننا جميعا مررنا بها أيام العز فأصبحت البتلو بارتفاع متر أعلى من البيوت التي بجوار ذلك البيت وهكذا كان صب الطابق الأرضي مع ستارة البيوت المجاورة!!! أي أن خلاصة القول أنه قام فقط بالتبذير لوجود مال كثير لديه، لأن حتى العاملين في عملية بناء ذلك البيت الذين كنت اتحدث معهم أثناء عملية البناء كانوا مستغربين ذلك لأن البناء القديم لم يكن بحاجة أصلا للتفليش!!!
ومبادئنا السماوية توصينا باحترام الجار لأنه فعلا يكون في بعض الأحيان أقرب من الأخ لأنني هنا أيضا أتذكر جاري في منطقة الدورة الذي دخل لصا إلى بيته يوما وجميع من في البيت كانوا نياما ولكنهم أحسوا به فضرب بسلاحه صاحب البيت طلقة جاءت بمعدته وأمعائه وكنت انا وولدي الذين نقلناه إلى مستشفى اليرموك فجر أحد الأيام وعملنا له اللازم وأدخلناه غرفة العمليات قبل أن يصل أخوته ويكملوا المهمة، هكذا يكون الجار أقرب من الأخ في مثل هكذا حالات فيجب على الإنسان أن لا يستغني أبدا عن جاره ويتواصل معه لكن ضروفنا في العراق جعلتنا نقطع الصلة مع الجار أو نجعلها أقل ما يمكن خوفا من حدوث ما لا يحمد عقباه، أقول ذلك لأنني أتذكر عادات أهلنا في السابق الذي إذا جاء ضيفا عندهم لا يعرفونه فإنهم يقومون بواجب الضيافة ولا يسألونه عن حاجته إلا بعد مضي ثلاثة أيام على ضيافته كي يكون الضيف مرتاحا ولا يشعر بالضيق وكأنهم يقولون له يا ضيفنا إن زرتنا فأنت رب البيت ونحن الضيوف!!! فأين أصبح بنا الدهر وأين وكيف أضعنا هذا الموروث العظيم وبدلا من تلك الرحمة والمودة أدخلنا أنفسنا وأهلنا أنفاقا مظلمة ومن سأم هذه الأوضاع لملم أوراقه ورحل بعيدا وأصبح يجر الحسرات باستمرار وهو يراقب الأحداث التي تمر يوميا على العراق وتحمّل من أجل الوصول لهدفه الكثير من الأزمات والمعاناة لأن الكثيرين الذين يستقلون القوارب للوصول إلى دولة ما يكون مصيرهم الغرق وتبتلعهم مياه البحار ويكونوا ضحية للمهربين فهم كانوا يبحثون عن حلم والحلم الذي بان لهم لم يكن سوى سراب بعينه لم يصلوا إليه وهلكوا عوضا عن الحرية التي كانوا يأملون الحصول عليها.
إن العراقيين اليوم يخافون حتى التزاور فيما بينهم لأن هذا يتطلب منهم التحرك والخروج إلى الشارع والأماكن العامة و و و ، وهذه كلها تحمل الكثير من المخاطر وقد يصاب الانسان بأذى شخصي من عبوة أو طلق ناري أو إنفجار أو حتى من الأشرار الذين يتربصون بالأناس الطيبين، فكم من سيارة تم سرقتها وأحيانا امام اعين أصحابها ودوائر المرور لا تستطيع فعل شيء ورغم التبليغ وتأشير السرقة في كومبيوتر المرور لكن لم نسمع في أحيانا كثيرة أن الشرطة استطاعت أعادة السيارة المسروقة إلا إذا كانت قديمة وسارقها هو الذي يقضي بها حاجته ثم يتركها مركونة في مكان ما فيتم التبليغ عن سيارة متروكة وتاتي الشرطة كي تجدها، وهذا موضوع به الكثير من الذكريات والشجون الأمر الذي سنستمر بالكتابة عنه في الحلقة القادمة.

... وللذكريات بقية
عبدالله النوفلي
2012
Abdullah_naufali@yahoo.com