المحرر موضوع: سوريا: بين النخوة العربية والصولة التركية..!؟  (زيارة 1372 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
سوريا: بين النخوة العربية والصولة التركية..!؟

باقر الفضلي

 طالعتنا صحيفة الشرق الأوسط السعودية في السابع من إكتوبر الجاري، وهي تحمل على صفحاتها مقالة الإعلامي السعودي المعروف الأستاذ عبد الرحمن الراشد الموسومة" تركيا بين الكلام والفعل"، وجرياً مع مسيرة الدول الخليجية المشهود لها بالنخوات العربية عند الملمات، مثل قطر والسعودية، ظهر الأستاذ الراشد في مقالته المذكورة، أشد حمية وأكثر تحرقاً وإستعجالاً لنصرة الشعب السوري وتخليصه من محنته الخانقة، التي فرضها عليه التحالف الأمريكي الغربي التركي، وبنخوة الدولتين الخليجيتين، فدفعته نخوته العربية الحميمية هو الآخر، الى الإستنجاد بالصولة التركية المشهود لها "العرفان بالجميل" للسيد أوردغان في مواقفه من القضايا العربية وفي مقدمتها؛ "نصرته لفك الحصار عن مدينة غزة الفلسطينية المحاصرة" المعروفة من خلال تداعياتها للجميع..!؟(1)


نعم.....؛ "إن لتركيا مع سوريا حدوداً مباشرة بخلاف السعودية ومصر"،  كما يقول الأستاذ الراشد "وبالتالي مصالحها أكبر في تغيير النظام بما يرضي غالبية الشعب السوري وبما يؤمن إستقرار المنطقة" على حد قوله، ولكن أمراً آخر ربما نسيه الأستاذ الراشد أو تناساه؛ بأن هناك شعبين جارين، منذ أن وجدا نفسيهما متجاورين على هذه الأرض، وإعتادا العيش بسلام وطمأنينة، باتت تربطهما الكثير من روابط الإحترام المتبادل وحسن الجوار، ومن العلاقات الإقتصادية والإجتماعية المشتركة لسنين خلت، فهل سيكون حقاً بمقدور الأستاذ الراشد أن يفسر عملية تغيير النظام في سوريا بما "يرضي غالبية الشعب السوري ويؤمن إستقرار المنطقة"، وهل هو حقاً يمتلك تلك العصا السحرية لتنفيذ هذا التغيير، إن لم يكن قد قصد بها السيد أوردوغان نفسه، وهذا ما تفضحه مدلولات المقالة بكل تفاصيلها ومضامينها التي لا تخفى على القاريء اللبيب، الذي يكفيه ما ينطوي عليه عنوان المقالة وحده من قصد ومعنى..!؟


 فما الذي يتوقعه المرء من وراء ما يأمله الأستاذ الراشد أن تفعله تركيا وعلى وجه السرعة، والذي من إجله يندفع من خلال تلميع صورة السيد أوردغان ودفعه بهذا الإتجاه، وذلك نيابة عن مصر والسعودية لعدم إمتلاكهما لحدود مشتركة مع سوريا، وكأن لسان حاله يقول : [[ نحن لها لو كانت لنا مثل تلك الحدود، فلا ينقصنا المال ولا الرجال.]]، ولكن يبدو وكأنه قد تناسى أو فاته بأن السيد أوردغان ليس في حاجة الى مثل هذا الدفع والإستنهاض، وكل هذا التلميع والتشجيع، مع ظني بأن الإستاذ الراشد لن يتناسى، ولكن وكما يبدو، لم يعد الوقت مناسباً بعد، للتغريد خارج السرب، فالظفر لا يخرج من اللحم، كما يقول المثل العربي،  أما السيد أوردغان فيكفيه كونه رأس رمح حلف الناتو في المنطقة، ولا يبدو بحاجة الى "نخوة عربية"، إن إقتضت "حاجة الحلف" لتلبية النداء..!؟

 
ولكن وبلغة المفهوم المعاكس، فإن ما يمكن إستخلاصه من كل ما إنطوت عليه المقالة، ومنها نخوة إستدراج الصولة التركية ضد سوريا، هو ما يفسره الفشل الذي حاق بخطط التحالف الأمريكي الغربي الخليجي التركي، في تحقيق مشروعهم الإستراتيجي، فيما هو معد من قبلهم الى سوريا حتى الآن، وفي إطار ما يدعونه  ب "الربيع العربي"؛  فليس غريباً والحال أن يكون التضليل الإعلامي أحد الوسائل الرئيسة في التغطية على مثل ذلك الفشل، وأن تنبري الماكنة الإعلامية والخليجية منها بالذات، الموضوعة في خدمة الهدف المرسوم ضد سوريا، الى طمس الحقيقة والتضليل عليها، حتى لو كان في ذلك تدمير سوريا، ليأتي بعده "الربيعُ المنشود" في النهاية؛ "ربيعاً" لأصحابه ولِمَنْ خططوا له  وصوروه، وأسهموا في تنفيذه..!!؟


إن كل ما يمكن قوله بهذا الشأن، هو التساؤل عن المصلحة التي ستجنيها الدولة التركية في حالة إندفاعها بإتجاه العمل على إسقاط النظام السوري، أوكما يفترضها ويتوقعها باليقين، الإستاذ الراشد وبصيغة الجمع والتحفيز:[[ إنما نحن نعرف إن مصلحة تركيا العليا أصبحت مرتبطة بسقوط النظام السوري..]]،   ليجد السيد أوردغان  نفسه في النهاية، متورطاً في أسوء الإحتمالات المعلنة ضد جاره التأريخي، الا وهي خيار الحرب المدمرة، التي لا تبقي ولا تذر، مدفوعاً بحافز، إن ما يحقق المصلحة العليا لتركيا ، هو ما  "يؤمن إستقرار المنطقة"، وكما تصوره المقالة، هذا في وقت لا يغيب فيه عن بال المرء، حقيقة كون التدخل التركي في الشأن السوري، بات أمراً مفضوحاً وفي طريقه للتصعيد يوماً بعد آخر، ولا يمكن التستر عليه..!؟(2)


ومع ذلك، يتسائل المرء، فيما إذا كان من المناسب وبدلاً من الإستنهاض والتحريض المبطن، الذي يلجأ اليه البعض، أن تجري دعوة الطرفين، الى إلتزام ضبط النفس وعدم اللجوء الى  التصعيد العسكري كما يحدث الآن، والوقوف مع دعوة  الأمم المتحدة ومجلس الأمن في التعامل مع الإحتكاك والإشتباك الحدودي بين البلدين الجارين بالهدوء وضبط النفس وعدم اللجوء للتصعيد العسكري؛ أوعلى أقل تقدير، الترويج لمبدأ الحوار بين الأطراف السورية المتصارعة، بما يعمل على لجم الدعاية والتحريض على الإقتتال، ويساعد في وقف نزيف دم الأبرياء، ويقطع الطريق على التدخل الأجنبي العسكري في الشأن السوري بما فيه التدخل التركي، فهذا وفي الغالب الأعم، سيكون أصدق ما يمكن أن تمثله (النخوة العربية) الحقيقية، إن حسنت النوايا، ويعكس من جانب آخر، الدعم الحقيقي للشعب السوري ومساندته في الخلاص من أزمته الحالية؛ أما دفع الجار ضد جاره، لما يمكن أن يجره ذلك الى ما لا تحمد عقباه على الطرفين، فوحده ما يشكل خروجاً على مباديء الشرعية الدولية والشرائع السماوية، ويمثل تهديداً غير مباشر للسلم والأمن الدوليين، مهما كانت الطرق والوسائل والذرائع التي يسلكها القارعون..!


ولكن وعلى العكس من ذلك، وكما يرى الأستاذ الراشد بأنه : [[ لا يزال هناك أمل كبير أن يكون لتركيا تحت حكم أوردغان دور كبير في سوريا، بإنقاذ الشعب السوري، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من إستعجال وحركة.]] ودعما لما يأمله ويتمناه الأستاذ الراشد يضيف مقتنعاً وواثقاً بأن: [[ تركيا أقوى عسكريا، من كل الدول العربية، ولها حدود مباشرة مع سوريا بخلاف السعودية ومصر، وبالتالي مصالحها أكبر في تغيير النظام بما يرضي غالبية الشعب السوري وبما يؤمن إستقرار المنطقة، ويحمي تركيا.]]، أما في الإطار العام للمقالة، كما وفي جوهرها، فإن الهدف من مناجاة السيد أوردغان، لا يكتفي أن تكون التصريحات التركية التهديدية لسوريا مجرد أقوال، بل أن تقرن بالفعل على الأرض، وبمعنى آخر،  فإن الكتاب يعرف من عنوانه..!!؟؟(3) 


ومع خلاصة ما يقال اليوم وما سبق أن قيل، فإنه: [[ رغم كل ما يدور في المشهد السوري من أحداث، بما فيها التي فرضت نتيجة التدخل الأجنبي والإقليمي، يظل الشأن السوري شأناً داخلياً في كل تفاصيله وجزئياته ومكوناته؛ وإن الشعب السوري بقواه الوطنية، وحده كفيل بإيجاد الحلول المناسبة للخروج من أزمته الحالية، رغم كل ما يحاك في الدهاليز المظلمة، والشوارع الخلفية من خطط وتكتيكات تهدف الى تقويض وحدته وتماسكه الوطني، الأمرالذي سبق وأن جرى تناوله في أكثر من مقال..!؟]](*)
7/10/2012
(1)  http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=698567&issueno=12367
(2)   http://arabic.cnn.com/2012/middle_east/10/10/turkey.syria_plane/index.html
                                        (3)  http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE8990B720121010
                                        (*)  http://www.ahewar.org/m.asp?i=1189