المحرر موضوع: رد الى السيد بولص ملك خوشابا : ........ في جنيف كانت البداية  (زيارة 2636 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فاروق كيوركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 311
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد الى السيد بولص ملك خوشابا : ......... في جنيف كانت البداية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (( في الوقت الذي نقدر عاليا بطولات وشجاعة كافة رجال الدين و رؤساء العشائر الاشورية  وتضحياتهم في سبيل الدفاع حتى الاستشهاد عن  ابناء الامة الاشورية في اصعب الظروف التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، فأننا نلفت عناية القراء الى ان الغاية من هذا الرد ليست للنيل من هذه الشخصية او تلك بقدر كونها رؤية مختصرة لخيارات شعبنا ما بين الامس واليوم من اجل نيل حقوقه القومية المشروعة  )).
بين فترة واخرى ، يطالعنا السيد بولص ملك خوشابا ببعض المقالات التي تتطرق الى التاريخ الاشوري الحديث  ، وتحديدا الحقبة التاريخية الممتدة من الحرب العالمية الاولى ولغاية عام 1933 .
المتابع لهذه المقالات سيلاحظ بلا شك انها تتركز على تحميل البطريرك الراحل مار ايشاي شمعون وعائلته وسورما خانم  بالتحديد  ( نور السموات عليهم ) ، مسؤولية الاحداث والمآسي التي حلت بالشعب الاشوري وخاصة  مذبحة  سميل عام 1933 ، يقابلها  مديح وتمجيد للملك خوشابا يوسف والقائد اغا بطرس ( رحمهما الله ) لدورهم  في تجنيب الشعب الاشوري لكارثة اكبر حسب زعمه  ، وبالتالي حاول او يحاول الكاتب السيد بولص يوسف ملك خوشابا من خلال هذه المقالات ( او من مقالات اخرى تم حذفها من قبله او من قبل موقع عنكاوة كوم )  ان يضعنا كأشوريين ، أمام خيارين تبلورت ملامحهما منذ التاريخ اعلاه والى يومنا هذا .
 الخيار الاول كان بقيادة  البطريرك  مار ايشاي شمعون الداعي الى النضال والكفاح  في سبيل الاعتراف بالشعب الاشوري وحقه في ادارة كيان قومي متجانس خاص به   تحت السلطة الروحية والقومية للبطريرك مع الرفض المطلق لمشاريع وخطط الحكومة العراقية  الهادفة الى  اسكان الاشوريين في مناطق مبعثرة وبما معناه ( حسب رؤية البطريرك ) بقائهم  تحت رحمة السيطرة الكردية و العربية مستقبلا ، والايمان بضرورة نقل المطالب الاشورية والقضية الاشورية الى عصبة الامم في جنيف بسبب عدم الثقة بالحكومة العراقية ، فكان ذلك  بمثابة الحجر الاساس لبداية القضية الاشورية .
اما الخيار الثاني ، فقد كان  بقيادة  الملك خوشابا يوسف والاخرين مثل المطران زيا سركيس  والداعي الى تاييد الحكومة العراقية والتفاوض والتعاون معها والقبول بمشاريع الاسكان في دشتازي وغيرها ، فكان ذلك ايذانا ببداية مرحلة الخضوع للسلطة العراقية  والقبول بكافة التشريعات والقوانين التي تصدرها ومن دون  الالتفات الى الخصوصية القومية للاشوريين .
 وقد استغلت الحكومة هذا الطرف لأضعاف موقف البطريرك  في جنيف من خلال قيام الحكومة العراقية بجمع تواقيع وعرضها في وسائل الاعلام  ( على اساس انها تواقيع اشوريين معارضين للبطريرك ) .
ومن الجدير بالذكر  ان الملك خوشابا والمطران سركيس كانوا ضمن الرؤساء الاشوريين الموقعين على مساندة البطريرك في تشرين الاول 1931 ، اما الجنرال اغا بطرس فقد كان غائبا عن مسرح الاحداث في سنة 1932وسنة 1933.
لذلك يمكننا ربط وقائع واحداث تلك الفترة بوضعنا الاشوري القائم هذا اليوم في العراق والمهاجر :
ـــ  فالاحزاب السياسية الاشورية بقيادة الحركة الديمقراطية الاشورية في العراق ، راهنت وتراهن على نيل حقوق الشعب الاشوري من الحكومة العراقية ومن حكومة الاقليم بالاستناد الى دستور العراق ودستور الاقليم ، وتباينت هذه الحقوق من الادارة المحلية  فالحكم الذاتي واخيرا محافظة مع المكونات في سهل نينوى ، لكن على الرغم من سقوط النظام عام 2003 واستقرار الاقليم منذ 1991 فانه من الناحية العملية وعلى ارض الواقع لم يتحقق اي شي من تلك الحقوق  للشعب الاشوري .
ــ بالمقابل اخذت في المهجر تتبلور طروحات  وافكار قومية بقيادة حركات سياسية اشورية  وشخصيات مستقلة من المثقفين الاشوريين تؤمن بضرورة تدويل القضية الاشورية ونقلها الى المحافل الدولية لاستحصال قرارات من الامم المتحدة تلزم الحكومة العراقية بمنح  الحقوق المشروعة للشعب الاشوري التي تتلخص بالمطالبة باقليم اشوري  او منطقة امنة او الاقرار بحقوق الشعب  على اساس كونه من الشعوب الاصيلة  ، وبالرغم من عدم تمكنها من العمل ضمن اطار موحد ، الا ان القاسم المشترك بينها هو تدويل القضية الاشورية .
لذلك وبعد مرور اكثر من تسعين سنة على تاسيس الدولة العراقية والقاء نظرة على اوضاع الشعب الاشوري يمكننا ان نستنتج بان عقلية التفرقة العنصرية وذهنية الاقصاء والتهميش والغاء الشعب الاشوري من الخارطة العراقية مازالت مسيطرة  على عقول الساسة في العراق ، ولا يمكننا ان نلمس في ارض الواقع  اي ممارسة عملية تثبت  مصداقية وحسن نوايا جميع الحكومات العراقية المتعاقبة على السلطة تجاه مسالة الحقوق الاشورية سوى التحايل والمراوغة والتسويف وشراء ذمم  النفوس الضعيفة واغرائها بالمناصب والاموال  من اجل التضليل والتآمر وزرع الشقاق بين ابناء شعبنا الاشوري ، فكان من ابرز نتائج  المراهنة على ، الحكومات العراقية  والموالين لهذه الحكومات ، تهميش واقصاء شعبنا من كافة التشريعات والقوانين الفعلية التي تضمن مسواته مع العرب والاكراد او تضمن حقوقه القومية المشروعة في الارض واللغة والثقافة والدين وغيرها ، ومن الناحية العملية فان المذابح  والابادة والارهاب واجباره على الهجرة كان العنوان الاكبر المميز للتاريخ الاشوري الحديث في ظل الحكومات العراقية كافة ، ناهيك عن تقسيم شعبنا كنسيا ومذهبيا والتلاعب بهويته وتسميته القومية بغية تحويله الى طائفة سريانية او مسيحية ، وحتى لو تذكرنا بعض القوانين او التشريعات التي كانت تصب في مصلحة شعبنا برغم عدم ارتقائها الى مستوى الطموح فانها كانت تفرغ من محتواها عند التطبيق لتصبح حبرا على ورق ، او انها كانت لغرض الاستهلاك الاعلامي  لا غير .
من  جانب اخر واذا ما عدنا بذاكرتنا الى الماضي القريب سوف نجد ان بريطانيا هي التي قامت بتاسيس الدولة العراقية عام 1921 وقامت بتنصيب الملك فيصل الاول من الحجاز ملكا على العراق  ، وفي عام 1991 وبعد  حرب الكويت فأنه بفضل الولايات المتحدة والقرارات الدولية  حصل الاكراد  على المنطقة الامنة في شمال العراق ، وفي عام 2003 فان وصول الاغلبية الشيعية  الى الحكم وحصول الاكراد على اقليم فيدرالي  كان ايضا بفضل الولايات المتحدة  والتحالف الدولي في اعقاب سقوط النظام الصدامي .
لذلك  فان تجربة التسعة عقود من المآسي والويلات التي حلت بالشعب الاشوري ستكون بالتأكيد مبررا كافيا لفقدان  الثقة بالحكومة ومشاريعها ودساتيرها تجاه مسألة الحقوق الاشورية ، بحيث تترسخ اليوم  القناعة التامة بصواب النهج الذي سار عليه البطريرك مار ايشاي شمعون  ، الذي لم يثق بالحكومة العراقية ولا بمشاريعها المشبوهة ، عندما قرر وباسناد كل الزعماء الاشوريين التوجه الى جنيف لنقل المشكلة الاشورية  الى عصبة الامم  والمحافل الدولية .
نحن نعلم ان اثار مذبحة سميل وتداعياتها قد القت بضلالها على  شعبنا في العراق وسوريا والمهجر لسنوات عديدة بحيث لم يتمكمن هذا الشعب من اكمال المسيرة التي بداها البطريرك ، ولكن اليوم وبفضل الوعي القومي المتنامي والايمان بالقضية الاشورية ، نجد ان الامل بدأ ينبثق في المهاجر مجددا بجهود الاوفياء والمخلصين من اجل احياء قضيتنا ونقلها الى المحافل الدولبة والامم المتحدة لاستحصال القرارات التي تعيد لنا حقوقنا وكرامتنا على ارضنا الاشورية التاريخية .
ختاما يمكنني ان اقول ، ان النهج الذي سار عليه البطريرك مار ايشاي شمعون بالامس  لنقل القضية الاشورية  الى عصبة الامم ، والنهج الذي يسير عليه ابناء الامة الاشورية اليوم  لتدويل قضيتهم ، فيه شيئا من الحكمة التي تقول .... ( البلبل  لا يبني عشا في قفصه ، حتى لا يورث العبودية لفراخه ) .