المحرر موضوع: محنة الوزراء  (زيارة 466 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
محنة الوزراء
« في: 16:37 13/11/2012 »
محنة الوزراء

عبدالمنعم الاعسم
 
كشفت قضية البطاقة التموينية عن سلسلة من المفارقات العجيبة، لايمكن لها ان تحدث إلا في بلد (ليزعل من يزعل) سقط توا من مجرة بعيدة، او لفقته الصدف على عجالة.
فان رئيس الوزراء، كما قال اقرب مقربيه، لم يكن راضيا او متحمسا لقرار مجلس الوزراء بالغاء البطاقة التموينية، لكن اتضح لاحقا ان جدول اعمال المجلس كان خاليا من فقرة البطاقة التموينية، وقد اقحمت الفقرة بالغاء البطاقة التي تهم معيشة ما يزيد على عشرين مليونا من العراقيين، وجرى التصويت عليها في غضون دقائق من قبل الجميع باستثناء وزير واحد  وأحد المستشارين.
ثم، بعد ذلك فوجئنا بالتراجع “المنظم” بسلسلة من البيانات والتصريحات تنبذ القرار وتتقاذف المسؤولية عنه، وتهاجم “الشيطان” الذي اغوى اصحاب القرار، وذكرنا ذلك بحديث الرسول، بحسب الصحابي ابي سعيد، إذ قال الشيطان “بعزتك يارب، لا ابرح اغوي عبادك”.. وهو من دون غيره وراء هذه المكيدة  التي عادت الى نحرها بقوله تعالى في سورة النساء “إن كيد الشيطان كان ضعيفا” ثم، جرت عملية قيصرية على القرار تحتفظ  بنصف ماء الوجه، ونصف الفضيحة..
كل هذا وضع على وزراء الحكومة مسؤولية كبيرة، وعلى رئيسها مسؤولية اكبر. وعلى الوزارة متضامنة من زاوية ما. المشكلة انه في كل مرة يُلقى باللوم على الوزراء وحدهم، ويقفون منفردين تحت قذائف النقد والتشهير حتى من كتلهم التي رشحتهم الى مقاعدهم، ومن انصار تلك الكتل ايضا.
جميع الوزراء وافقوا على القرار.. ثم انفسهم تراجعوا عنه.. فمن سيحمل الملايين على الثقة بقرارات ستصدر من هذه المرجعية التنفيذية مستقبلا؟ وماذا تبقى من سمعة الوزير؟
الى هذه الحكاية من مستطرف العلوي (ص69):
حدّث ابو الحسين بن عياش (القرن الرابع) قال: رايت في شارع الخلد ببغداد قردا مدربا يجتمع الناس عليه فيقول له (صاحبه) القراد: تشتهي ان تكون بزازا؟ فيومئ القرد براسه: نعم.
تشتهي ان تكون عطارا؟ القرد: نعم.
تشتهي ان تكون ... ويعدد مجموعة من الصنائع والقرد يومئ بالموافقة.
ثم يسأل القرد:
تشتهي ان تكون وزيرا؟
فيومئ القرد براسه: لا! ويردف بالصياح والركض محاولا الهرب!
 
***
"سيبقى الفشل مرا إذا لم تبتلعه".
انيس منصور