كان المزارع راكباً على ظهر حماره ذاهباً الى مزرعتـــه ..
وبين الفينة والأخرى يضرب حمارهُ بعصى غليظـة على عنقــه !
ويتحدّث مع نفـســهِ قالاً : ( متى اتخلّص مـن هذا الحمــار اللعيـن البليـــد ؟
متى أحصل على مال وفير , كي أقتني سيّارة جديدة
آتي بها بسرعة الى مزرعتـــــي ؟ ! ) ..
والحمــــار يسمع كلّ هـذا وهو صامت ! ولكنــهّ أيضاً كان
يحدّث نفســهُ قائلاً : ( متـى يعتقّ هذا البخيل عبوديّتي ,
ويطلق سراحي كي انطلق الى هذه البساتين برفقـة
حمـــارة تحبّني وأحبّهـــا ! بدلاً من هذه البهدلـة العقيمة التي
آبتليتُ بها ! ماذا اجني من تعبي , غير هذا العلف العتيق المتعفّــن !
وإنّي آكلـهُ غصباً عنّــي !
متى يأتي اليوم الذي اتخلّص من دكتاتوريّــة هذا المزارع الظّالــم ؟ ) ..
وصل المزارع الى مزرعتــه , ربط الحمار الى جذع شجرة برباط
حبل محكـم ! ودخل مزرعتـــه لينجز اعمالـــهُ ,
ومرّت حمارة بالقرب من المزرعــة , فتلوّى الحمار المـاً !
وأخذ ينهق بقـوّة , علّهــا تسمع مناجاتــهِ , شكوى غرامـــه ,
وترى شـكل لوعتــه وهيامــهِ !
فضحكت الحمارة في سرّها قائلة : ( لك العذر ايّهـا الحمار العـزيز ! ..
فإنّكَ تراني طليقة حرّة
ولكني لست كما تظــنّ ! لأنّ صاحبي قد طردني بعد انْ خارت
قوايَ وبتّ عجوز لا أصلح
للخدمــــة , لهـذا تراني هائمــة على وجهي دون هدف محدّد في حياتي ! ) ..
في تلك اللّحظـة اخذ الحمار يفكّر بجديّـة ... بأمر خطير !!
وفي أحد الأيّام كان المزارع عائداً هو والحمار الى البيت ,
فســـلك الحمار طريقاً آخـر , وهذا الطريق يمـرّ بحافــة وادي عميق !
فلكز المزارع الحمار , وأخذ يضربهُ بدون رحمـة حتى يعــدّل من
مساره المعتـــــاد ! ولكـنّ الحمار اسرع به الى حافّــة الوادي
وزمجر ونهق بقوة , ممّـا أدّى ذلك الى وقوع المزارع من على
ظهـــرهِ وســـقط الى بطن الوادي العميق ! وبذلك قضــى نحبــــهُ !
وركض الحمــــار هائمـاً على وجهـــه في تلك البراري والبساتين ,
بحثاً عن الحمارة الحبيبــة , كي يعوّضها ما تبقّى
لهــــا من قســاوة البشـــر !
فيا أيّها الإنسان : لا تنكـر المعروف .. وتذكّر أنّ العبد ,
ربّمـا يتحول الى بطل يوماً مــــا ,
وينتقــم منـــكَ ! ولتتذكّر دومــاً :
أنّ الدّهــر يومــــان ,, يومٌ لكَ ويـومٌ عليـــــكَ !!!
* من كتاباتـــــي *