المحرر موضوع: مُُغالطات يعكوب أبونا - إشكالية تسميات الكلدان والآشوريين الشماس كوركيس مردو  (زيارة 1559 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل kaldanaia

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 871
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 مُُغالطات يعكوب أبونا  -  إشكالية تسميات الكلدان والآشوريين
      الشماس كوركيس مردو               

 

أ – بناءً الى طلب السيد رعد كبوتة الذي نقل مقال السيد يعكوب أبونا المُعنوَن أعلاه مِن موقع صوت العراق الى موقع باقوفا ، وبالرغم مِن عزوفنا عَن خوض حرب التسميات ثانية ، تلك التي دارت رحاها لأكثر مِن ثلاث سنوات مَضت ، تَمَّ خلالها فضحُ إدِّعاءات وأكاذيب ناكري أصلهم منتحلي التسمية الآشورية الاسطورة الويكرامية الانكليكانية . ولكن نزولاً عند رغبة السيد كبوتة المُتعاطف القوي معهم بدليل وصفه لمقالي  "  القائدُ الثابتُ المُستقيم  " بالمُتَشَنِّج ،  وأنا واثقٌ لو أن أحداً مِن مُنتحلي الآشورية مُزَوِّري التاريخ أو مِمَّن يتخَندق معهم مِن أبناء الكلدان المُغَرَّر بهم قد كَتَبَ مقالاً ينتقص فيه مِن الكلدان ، لَصَفَّقَ له وهَلهَلَ وعَقَّبَ عليه بعِبارات الثناء والإطراء ، أقول سنَرُدُّ ونُفنِّدُ للمرة الثانية  مُغالطاتِهم وتحريفاتِهم المُبتكرة مُجَدَّداً ، بدلائل ووثائق عِلمية وتاريخية منسوبة الى مصادر نزيهة وموثوقة .

 

ب – وفي تعقيبٍ آخر يقول السيد كبوتة أنه مِن خلال قراءَتِه لمقالات الجانبين ويعني( الكلدان ومُنتحلي الآشورية ) لم يَجِد الدليل الحقيقي أن تسميتَه أصلية ، وتَمُتُّ بصلةٍ الى الشعوب القديمة التي استوطنت العراق . ويُضيف ما الدليل التاريخي الموثوق والمُوَثَّق ، بأن الكلدان الآن هم أنفُسُهم الكلدان أصحاب الحضارة المعروفة ، وليست سوى تسمية اطلقت عليهم يوماً ما ولغَرَضٍ ما ، حالهم حال الآثوريين . أقول للعزيز رعد، إنكَ بالتأكيد لم تقرأ مقالات الكُتّاب والباحثين الكلدان بإمعانٍ جيد ، لو كُنتَ قد فعلت لوَجَدتَّ الكثير مِن الدلائل بأن كلدان اليوم هم سليلو كلدان الأمس ، و مِن تلك الدلائل أذكر لكَ دليلاً واحداً على سبيل المِثال هو ما قاله المُثلَِث الرحمات المطران يعقوب اوجين مَنا في قاموسِه الشهير ( دليل الراغبين . . . القاموس الكلداني العربي ) لدى تعريفه للكلدان في الصفحة  رقم  338 :  < الكلدان ܟܠܕܝܐ ܐالكلدانيون :العلماء وأرباب الدولة مِن أهل بابل وأطرافها جيلٌ مِن الشعوب القديمة كانوا أشهر أهل زمانِهم في سطوة المُلك والعلوم وخاصةً عِلم الفلك  ولُغتُهم كانت الفصحى بين اللغات الآرامية وبلادُهم الأصلية بابل وآثور والجزيرة أي ما بين نهري دجلة والفرات وهم جدود السِريان المشارقة الذين يُسَمّون اليوم بِكُلِّ صَوابٍ كلداناً

 

قبل البدءِ بالرد على ما نشره السيد يعكوب ابونا بتاريخ 21 / 1 2007 في موقع صوت العراق الالكتروني تحت العنوان أعلاه ،  وبدأه كما هو منقول مِن قبل السيد رعد كبوتة الى موقع باقوفا : الآشوريون كلدان . . . ؟ ؟ الجزء الأول . . . . والموضوع ذاتُه  منشور في موقعَي تللسقف والقوش.دي  بعِنوان  مُختلف هو :    ( هل الكلدان آشوريون . . . ؟ ؟ أم الآشوريون كلدان . . . ؟؟ ) أوَدُّ التنويه بأن الاستاذَين يعكوب وابن عمَّه هرمز أبونا يحمِلان حِقداً دفيناً مُتوارَثاً للكلدان وتاريخهم المجيد وحضارتهم التي طغت على كُلِّ الحضارات التي ظهرت على أرض بلاد الرافدَين ، وقد توَلَّدَ لديهما هذا الحِقد مشوباً بالكُره الشديد بسبب قيام شريحة ضخمة مِن الكلدان الأماجد أبناء كنيسة المشرق في مُنتصف القرن السادس عشر ، بحركةٍ إصلاحية أقدَمَت مِن خلالها على سحب البساط مِن تحت أقدام المُتسلَّطين مِن عشيرة آل أبونا على مقاليد الامور في كنيسة المشرق حيث كانوا قد جعلوا المنصبَ البطريركي حَكراً بأبناءِ عشيرتِهم عن طريق الوراثة مُلغين بذلك التقليد الكنسي الانتخابي المعمول به منذ إنشاء الرئاسة الكنسية العُليا لكنيسة المشرق ،  وانطلاقاً مِن شعورهما المُعادي للكلدان بسبب تلك الحركة التقويمية ، آلا على نفسيهِما أن لا يألوا جُهداً في التَجَنّي على الكلدان وتزوير كُلِّ ما هو كلداني مِن تاريخ ومُنجزات ونسبِها الى الآشوريين ،  ولكن هيهات فإن الغُيارى مِن أبناءِ الكلدان لهما ولكُلِّ المُنحرفين الذين على شاكلتهما  بالمِرصاد لدَحضِ كُلَّ التحريفات والإبتزازات ، فضلاً عَن أن كافة الكلدان ذوي الإعتزاز الكبير بقوميتهم الكلدانية وحُبِّهم لها ، لا يُعيرون بالاً  لِهذيان هؤلاء ، ومَن يقرأ كتاب هرمز أبونا ( صفحات مطوية مِن تاريخ الكنيسة الكلدانية) سيَصْعَقُ لِهَول ما قد ورد فيه مِن إفتراءٍوتشويهٍ وتحريفٍ للوقائع التاريخية وتحوير لأقوال المؤَرخين ، يَشهدُ عليها التناقضُ الصارخ  في أقواله . وسيكون الكتابُ موضعَ انتقادي وتفنيدي لِمَ حَشَرَ فيه مِن عِبارات التحامل والتجريح بحقِّ الكنيسة الكلدانية النسطورية سابقاً والكنيسة الكلدانية الكثوليكية لاحقاً .

 

يَبدأ السيد يعكوب أبونا قائلاً : أولاً – الكلدان آشوريون  <  يذهب دعاة الآشورية الى القول ، أن الكلدان الحاليين ليسوا إلا جزءاً مِن الآشوريين ، ولا علاقة لهم بِمَن سُمّوا كلداناً في حقبةٍ زمنية مِن تاريخ بلاد الرافدَين الذين حَكموا بابل بين الأعوام 625 – 539 ق . م . . . ويُشار الى هذه الفترة تاريخياً بفترة حُكم سُلالة بابل الحادية عشر أو "  العصر البابلي الحديث  " >  .  وأنا أقول لكَ يا أخ أبونا عَكسَ ما يَدَّعيه  زوراً الذين دَعَوتَهم  وبصوابٍ دُعاة الآشورية ،  بأن هؤلاء الأدعياء هم جزء مِن أبناء كنيسة المشرق الكلدانية التي اضطرَّت الى تغيير مذهبِها الكاثوليكي  مذهب الكنيسة الجامعة الام التي كانت هي الجزء المُهم المُكَمِّل لها ، بالمَذهب النسطوري مُرغَمةً  في الجيل الخامس تحت ضغط  عوامل داخلية وخارجية قاسية ، ثمَّ استعادته نُخبة كبيرة مؤمنة ومُثَقَّفة مِن أبنائها في مُنتصف الجيل السادس عشر، ولكن قِلةً  جاهلة ضئيلة  تشبَّثت  بالبِدعَة النسطورية  نكايةً بإخوتِها ،  وهؤلاء الأدعياء هم أحفاد تلك القِلّة المُتمَرِّدة ولا علاقة لهم البتة بالآشوريين القدماء إطلاقاً لا عِرقياً ولا تاريخياً ،  وسأُبَرهنُ على ذلك بدلائل عِلمية وتاريخية .

 

يقول الآثاري( نيكولاس بوستكَيت) في كتابه ( حضارة العراق وآثارُه ص . 122 ، لم يكن الإنحطاط السياسي لدولة

آشور مُتوقعاً بهذا الشكل السريع ، كما لم يكن سقوطُها مفاجئاً ،  ولكن اختفاءَها التام كان لُغزاً مُحَيِّراً . لقد ظهرت

امبراطوريات مماثلة وانهارت كالمملكة الحِثِّية العظيمة ، بيدَ أنها لم تختفِ اختفاءً كاملاً مثل ما حَدَثَ للدولة

الآشورية  ، والشيءَ ذاته يُؤكِّدُهُ المؤرخ ( سِدني سمِث )  <  إن زَوالَ الشعبِ الآشوري سيبقى دائماً ظاهِرةً فريدةً ومُلفتةً للنَظَر في التاريخ القديم ، ممالك وامبراطوريات مُماثلة قد تِوارَت حَقاً ، ولكن الشعبَ استمَرَّ في الوجود . . .

لم يُسلَب ويُنهَب أيَُ بلدٍ آخر على ما يبدو بالصورة الكاملة كما حصل لِبلاد آشور >

 

ويقول البروفيسور سيمو باربولا / جامعة هلسنكي( بعد حَربٍ أهليةٍ مُطوَّلة استطاع البابليون أي الكلدان والميديون المُخضَعون سابقاً لبِلادِ آشور أن يَقهَروا ويُدَمِّروا نينوى عاصمة الامبراطورية الآشورية في العهد الآشوري الحديث ،

وتلاشت المدينة العظيمة في لَهيبٍ من النيران ، ولم تَستَعِد مَنزِلتَها السابقة أبداً . وبعد ذلك بثلاث سنوات  قامَ نفسُ المُتمَردين ثانيةً  بتَدمير العاصِمة الآشورية الغربية " حَرّان " ساحقين بذلك آخر خَندق للمُقاومة لملك بلاد آشور

الأخير < آشور اوبليط الثاني > هذا الحدَث خَتَمَ مصيرَ الامبراطورية الآشورية ، وهنا ينتهي عادةً عَهدُ الآشوريين في الكُتُب التاريخية ) ويُضيفُ باربولا ( أولاً : قلَّما لَمِسَ  عُلماءُ الآشوريات هذه المسألة ، حيث يبدو أن أغلبَهم وبدون الإدلاء عَلناً عَن الفكرة القائلة  بأن الآشوريين قد اُبيدوا عن بِكرة أبيهِم كما ذَكر من قبل المؤرخ سِدني سمِث . ثانياً : على خِلاف وَفرَةِ المعلومات عن فترة الامبراطورية ، فإن المعلومات عن بلاد آشور ذاتِها  يبدو مؤازراً لفِكرة

الإبادة الجماعية  والتي تبدو أيضاً  مُعَزَّزة  بإفادات  شهود العَيان القُدَماء . )  وقد  تَحَدّى المؤَرخ الأب ألبير أبونا  في مقالتِهِ المنشورة  في موقع عَنكاوا.كوم  الالكتروني  < البحث عن القومية > كُلَّ  أدعياء  الآشورية المُعاصرين المُتزَمتين  وبعض المُنجرفين  وراءَهم من الكلدان المُغَرَّر بهم إن كان بإمكانِهِم إثبات عدم انقراض الآشوريين النهائي بأدِلَّةٍ علمية وتاريخية بعيداً عن الدَجَل السياسي المبني على التزوير والتحريف .

 

إذا كان الآشوريون قد انتهوا الى الفناء الأبدي على أيدي الكلدان ، كيف يكونُ كلدانُ اليوم جُزءاً مِن الآشوريين وليس سليلي الكلدان مُحَطِّمي الآشوريين ؟ هل هنالك أغبى مِن مُرَوَّجي هذا الدَجَل المفضوح ! فكلدانُ اليوم إذاً هم الأحفاد الحقيقيون لأولئك الذين استطاعوا في النهاية أن يبسطوا سُلطانَهم ليس على كامل بلاد ما بين النهرين فحسب، بل على منطقة الشرق الأوسط بأكملها ، وهم الشعبُ الوحيد مِن بين شعوب بلاد ما بين النهرين الأصليين الذي استَمَرَّ في الوجود ومارسَ نشاطه الحياتي رغم سقوط سُلطانه وخضوعه لأنواع النفوذ الأجنبي .

 

إن  أشهر مَن كَتبَ  عن تاريخ  الامة الكلدانية  والدولة  الآشورية مِن بني الكلدان  بعد المؤرخين القدماء والمؤرخين  والكُتاب الاوروبيين  الذين ألفوا كُتُبَهم  منذ مطلع الجيل التاسع عشر ،  كان العلامة الشهيد  المطران أدي شير  مدفوعاً مِن شعوره القومي والوطني  مشوباً بالأسف والاستغراب لانعدام الشعور القومي  لدى أبناء امته الكلدانية المعاصرين الذين  يجهلون أنهم مُنحدرون مِن صُلب شعبٍ  نبيل فاقَ  شعوبَ العالَم  كُلِّه  في بأسه  وآدابه  وصنائعه  فحَملَته  غيرتُه  القومية كما قال ليُتحفَ  أبناء  وطنه  بكتابه  الذي عَنونه (  تاريخ كلدو وآثور )  والذي يقع في مُصَنَّفَين ،يتحَدَّث بالمُصنَّف الأول عن الامة الكلدانية والدولة الآشورية  قبل الميلاد ، وفي المُصنف الثاني عن الكنيسة الكلدانية التي سُمِّيت ( كنيسة المَشرق ) منذ  تأسيسها  في القرن الميلادي الأول  وحتى أوائل القرن العشرين  دون أن يُغَيِّر التسمية المُركبة التي وضعها لعِنوان الكتاب التي تتطابق مع ما أورده في المُصَنَّف الأول فقط  ،  مُنطلقاً مِن اعتقادِه  الديني  بهدفِ جَعل المسيحيين شعباً واحداً  وليس قوماً واحداً كما يعتقد البعض خطأً ، وأوضح دليل على ذلك هي الأدلة الوافية التي قَدَّمها  والمصادر العديدة التي اعتمدها والتي  تؤيِّدُ  مِصداقية الأحداث التي سردها ، والتي تُعطي  فهماً دقيقاً  للقاريء  بعدم  تطابق عنوان الكتاب مع مُحتواه لأن كُلَّ ما ورد فيه يؤَكِّد  ويُثبت  بشكل  قاطع  بأن الكلدان قومية مُستقلة لامةٍ عظيمة ،  تَحدَّت  الأهوالَ والمصائبَ  التي تَعَرَّضت لها قبل الميلاد ومُنذ اعتناقِها المسيحية في مطلع القرن الميلادي الأول .

 

كانت  اللغة التي  يتحدَّث  بها  مُبَشِّرو  بشارة الخلاص المسيحية هي اللغة الآرامية  الكلدانية التي كان اليهودُ  قد  تَعَلَّموها  خلال  فترة السبي البابلي  وتوارثتها  أجيالُهم  اللاحقة  ومنهم  الرُسُل المُبَشِّرون وتلاميذهم  ،  وهي ذات لغة سُكّان بلاد ما بين النهرين الكلدان ذوي العدد الديمُغرافي الأكبر في البلاد كُلِّها ،  فكانت العامل المُساعد الرئيسي المُهِم لِتَقبُّلهم البشارة الخلاصية  بِيُسر وسهولة ورغبة غامرة .

 

لقد كانت اللغة والثقافة الكلدانيتان سائدتين وقتَ دخول التبشير الخلاصي الى أرض بلاد الرافدَين بفضل الروح الوطنية العالية لدى الكلدان ،  بيدَ أن الأخمينيين غاصبي البلاد وبهدف تحطيم تلك الروح ، عَمدوا الى  تشويه  سُمعة الاسم الكلداني، ناسجين حوله وحول بابل ستاراً ثخيناً مِن الأساطيرالإتهامية والتحريفية  لِكُلِّ ما خَصَّ به الكتاب المُقدس/ العهد القديم /  بابلَ وأبناءَها الكلدان، مِما جعل الكلدان أن يُهمِلوا إسمهم القومي  بعد اعتناقهم المسيحية واستبداله بالاسم الديني ،  حيث سَمّوا أنفسَهم ( مشارقة ) وأطلقوا على  كنيستهم اسم ( كنيسة المشرق )  وكانت  تُسَمّى أيضاً ( كنيسة فارس ) لوقوعها في المملكة الفارسية وكذلك ( الكنيسة الكاثوليكية ) وهذا ما يُؤَكِّد بأن كنيسة المشرق كانت ً

كلدانية قلباً وقالباً ، غَيرَ أن الكلدان لم يشأوا أن تبقى حكراً عليهم فجعلوا بابَها مفتوحاً على مِصراعيه لإنضمام الأقوام الاخرى إليها ، فانضمَّ إليها الفرسُ والعَربُ والهنودُ وغيرهم .

 

ولكن الأجيال الكلدانية اللاحقة انتبَهتْ الى الخطأ الجسيم الذي وقع فيه آباؤهم المسيحيون الأوائل بإهمالهم لإسمهم القومي  فوَطدوا العزمَ على استرداده ، حيث يقول العَلامة المطران أدي شير <  بعد فتوحات العرب تلاشى الكلدانُ الوثنيون المُنجِّمون مِن هذه الديار ، وسُمّوا مُسلمين لإعتناقهم الديانة الإسلامية . فعاد أجدادُنا الكلدان المسيحيون واسترجعوا الاسم الكلداني . وقد استشهد على ذلك بأقوال المؤَرخين ومِنهم :إبن العِبري في كتابه المُسمّى ( مْعَلثا ) حين تَكَلَّمَ عَن الامة الكلدانية النسطورية بقوله : < الشرقيون العجيبون أولاد الكلدان القدماء > وفي كتابه ( تاريخ الدُوَل ) في مِحوَر بحثه عن فروع اللغة الآرامية ، سَمَّى لُغة أهل جبال آثور وسواد العراق ( الكلدانية النُبطية ) وكثير مِن المصادر الاخرى كصاحب كتاب ( طبقات الامم ) وكتاب ( القوانين السنهادوسية ) .

 

ويسترسلُ أدي شير قائلاً < إن أجدادَنا الكلدان المسيحيين اشتهروا هم أيضاً نظير آبائهم الكلدان الوثنيين ، فإنه كما أن الصنائع والمعارف بلغت عند الكلدان والآثوريين الى أسمى درجة ، ومِنهم اقتبسها اليونان والفرس وغيرهم مِن الشعوب القديمة ، وامتدَّت فتوحاتُهم حتى جزيرة قبرص ومصر غرباً والى بحر قزوين والبحر الأسود شمالاً وحتى بلاد ماداي وعيلام شرقاً والى جزيرة العرب جنوباً ، كذلك الكلدان النساطرة بفتوحاتهم الدينية عَظُمَت شُهرتُهم وخَلَّدوا لهم ذِكراً جميلاً مؤَبَّداً ، إذ إنهم كأجدادِهم افتتحوا بلاد فارس وماداي والعرب وأرمينيا وسوريا وقبرص ومصر حتى بلاد الهند والصين وتُركستان وغيرها مِن البلاد التي لم يقدر أجدادُهم الوثنيون أن يفتحوها بقوة أسلحتهم القاطعة >

 

تَجَنُّباً للإطالة أكتفي بهذا الغيض مِن فيض المصادر التي تؤَكَّدُ انقراضَ الآشوريين وتُثبتُ في ذات الوقت استمرار وجود الامة الكلدانية ودورها الريادي في تأسيس كنيستها المشرقية العِملاقة التي كانت الجزءَ المُكَمِّل للكنيسة الام الكاثوليكية الجامعة حتى أواخر القرن الخامس ، أما كيف تَخَلَّت الكنيسة المشرقية عَن مذهب الكنيسة الجامعة الام وتَبَنَّت المذهب النسطوري ، فيعود الامرُ الى عوامل قسرية لم تقوَ على مُجابهتِها، مِنها كنسية خاصة وكنسية عامة واخرى سياسية داخلية ودُوَلية ، وكانت بِِدعَتا نسطور واوطاخي اللتين ظهرتا في أواسط القرن الخامس قد عصفتا بالكيان الكنسي المُتلاحِم كالبُنيان المَرصوص القائم  بين كافة الكنائس ، والمُستند على العقيدة الايمانية الكاثوليكية    ( الجامعة) . لم تكن غاية مُبتَدِعَي البِدعَتَين وأنصارهما إلا اللَّهثَ وراء الشُهرة والمجد الدُنيويَين يدفعُهم حُبُّ التسلُّط المشوب بالكبرياء لِفَرض آرائهم المُريبة قسراً وبتعابير غريبة ذات مساس بعقائد ايمانية( كالثالوث والتَجَسُّد والفداء) أملَتها عليهم الظروف الثقافية المُرتبطة بالمصالح السياسية الدَوَلية ، وكانت مِن القوة بحيث أنها نَجَحَت في تمزيق الجَسَد الكنسي الواحد (الكيان الكنسي المُنَظَّم) فانسلخت بعض أعضائه وابتعدت عَن الأصل واستَمرأت القطيعة ، ولما امتَدَّ زَمَنُ القطيعة كثيراً إعتبرتها وَضعاً مألوفاً بل طبيعياً لا بأس مِنه .

 

كان موقعُ كنيسة المشرق بعيداً عَن مَنبَع البِدعَتَين ، ورغم ذلك إكتَوَت بنارهما فانشطرت الى شطرَين ، حيث تَبَنّى القسمُ الأعظم مِن أبنائها المذهب النسطوري فسُمّوا( نساطرة )  وكنيستهم ( الكنيسة النسطورية ) والقسم الضئيل المذهب الاوطاخي ( المونوفيزي )الذي تَمَّ تغييرُه الى ما يُقارب العشرين اسماً  حتى استقرَّ على التسمية اليعقوبية زمناً ثمَّ الارثوذكسية أخيراً . إذاً النسطرة شمَلَت جميع أبناء كنيسة المشرق الكلدان وعُرفوا بالنساطرة أينما وُجِدوا

و هنا السؤال يطرح نفسه : هل يُعتبَر استرداد النساطرة لمذهب آبائهم الحق المذهب الكاثوليكي تحت اسمهم القومي انقلابا على المذهب الذي فُرضَ على آبائهم عَنوَةً أم أنه هِداية وتصحيح للخطأ ؟ بالتأكيد هو الصواب بعينه ! وهذا ما أقدم على فعله نساطرة قبرص عام 1445 م.

 

إن ما أقدم عليه نساطرة قبرص كان  بإرادتهم الحُرة التي تَجَلَّت في نَصِّ وثيقة الإتحاد مع روما عام 1445 م التي قدَّمها مطرانُهم طيماثيووس ووَقَّعَها هو ومطران الموارنة وكان نَصُّها  " أنا طيماثيووس رئيس أساقفة تَرشيش على الكلدان ومطران الذين هم مِنهم في قبرص ، أصالةً عَن نفسي وباسم كافة الجموع الموجودة في قبرص ، أُعلنُ وأُقِرُّ  وأعِدُ أمام الله الخالد الآب والإبن والروح القدس وأمامَكَ أيها الأب الأقدس والطوباوي البابا اوجين الرابع وأمام هذا المجمع ( اللاتراني) المُقدس ، بأنني سأبقى دوماً تحت طاعتِكَ وطاعة خُلفائكَ وطاعة الكنيسة الرومانية المُقدسة ، على أنها الام والرأس لكافة الكنائس " ( شموئيل جميل/ كتاب العلاقات 1902 ص.10 ) .

 

وبعد إبرام الوثيقة أصدر البابا اوجين الرابع في السابع مِن شهر آب لعام 1445 م المرسوم البابوي التالي :

" وطيماثيووس نفسه ، أمامنا في المجمع اللاتراني المسكوني وفي جَلسته العامة ، أعلن بإحترام وتقوى صيغة ايمانِه وتعليمِه بلغتِه الكلدانية أولاً ، ثمَّ تُرجِمَت الى اليونانية ومِنها الى اللاتينية " وبناءً الى هذا الإعلان الوحدوي ، فإن اوجين الرابع بمَرسومه الآنف الذكر يَمنعُ أن يُسَمِّيَ أحدٌ الكلدانَ نساطرة ، كما يمنعُ في الموضوع ذاتِه أن يُسَمِّيَ الموارنة هراطقة ،ومِن ثَمَّ يتساوى الكلدان والموارنة بالحقوق والإمتيازات الدينية مع كافة الكاثوليك (جميل ص.11)

 

للمُغرضين المُتشَبِّثين بالهرطقة النسطورية أقول : أليس واضحاً وضوحَ الشمس في رابعة النهار ، بأن البابا اوجين الرابع في مرسومه قد استَنَدَ الى ما أقَرَّ به المطران طيماثيووس ذاته علناً ، بلُغتِه الكلدانية وبصياغتِه وقراءَته الذاتية وعلى ضوئها بعد ترجمتها الى اليونانية ثم اللاتينية  أصدر مَرسومه ، ولم يَكُن الامرُ أبداً إنعاماً بإسباغ هوية جديدة ، لأن الهوية الكلدانية كانت موجودة قبل وجود البابا اوجين بآلاف السنين وأن أبناء الهوية الكلدانية  هم الذين قاموا  بتأسيس الكنيسة المشرقية  بدون مُنازع  ولا زالوا صامدين ومُحافظين على هويتهم القومية الكلدانية حتىاليوم رغم كُلِّ ما عانوه مِن المِحَن والأهوال التي تَعَرَّضوا لها عِبر الزمَن ،  وسيبقون أمينين عليها وصَونها مِن كُلَّ الدسائس والمؤامرات الخبيثة التي تُحاك للنيل مِنها في الخفية والعَلَن مِن قبل المارقين الخارجين مِن صُلبِها  . كما أن مُساواة البابا  للكلدان  والموارنة  مع كافة الكاثوليك  منحَتهم الإعفاءَ  مِن ضريبة الإقامة التي كانت  تُفرضُ على الأجانب والهراطقة القادمين الى قبرص .  وإني أطرحُ السؤال لدُعاة الآشورية  لماذا  لم يُقدِّم المطران  طيماثيووس نفسه بأنه مطران الآشوريين ؟ أتدرون لماذا ؟ لأنه لم يَكُن وجودٌ للآشوريين بسبب انقراضهم قبل الميلاد بستمائة عام.

 

ولن يكونَ بعيداً اليومُ الذي سيظهر فيه أبناءٌ حُكماء مِن بين صفوف أبناء السِريان المشارقة الكلدان الباقين في ظلام الضلالة النسطورية على غِرار الذين ظهروا في قبرص سنة 1445 م والذين ظهروا في الموصل في مُنتصف القرن السادس عشر ، ليُقِرّوا بتَخَلُّفِ آبائهم وأجدادِهم ردحاً طويلاً مِن الزمَن في نبذ ضلالتهم ، وعليهم أن يُبادروا وبدون إبطاء الى تنوير شعبهم بالحقيقة المُغَيَّبة عنه ويُعِدّوهُ تدريجياً للهِداية واستعادة المذهب الحق المذهب الكاثوليكي الذي هَجَرَه آباؤهم  وأجدادُهم الأقدمون مُرغَمين ،  وبذلك يعودون الى أحضان امتهم الكلدانية  والى الإتحاد الايماني  مع روما أي مع الكنيسة الجامعة الكاثوليكية المُقدسة .

 ويسترسل العلامة أدي شير قائلاً <  إن أجدادَنا الكلدان المسيحيين اشتهروا هم أيضاً نظير آبائهم الكلدان الوثنيين . فانه كما أن الصنائع  والمعارف بلغت عند  الكلدان الآثوريين الى أسمى درجة ومنهم اقتبسها اليونان والفُرس وغيرهم من الشعوب القديمة. وامتدَّت  فتوحاتهم حتى جزيرة قبرص ومصر غرباً والى بحر قزوين والبحر الآسود شمالاً وحتى بلاد ماداي وعيلام شرقاً والى جزيرة العرب جنوباً . كذلك الكلدان النساطرة بفتوحاتهم الدينية عَظُمَت شُهرتُهم وخلَّدوا لهم ذِكراً جميلاً مؤبَّداً . إذ إنهم كأجدادهم افتتحوا بلاد فارس وماداي والعرب وأرمينيا وسوريا وقبرص ومصر حتى بلاد الهند والصين وتركستان وغيرها من البلاد التي لم يقدر أجدادُهم الوثنيون أن يفتحوها بقوة أسلحتهم القاطعة . >

 

 

أ – بناءً الى طلب السيد رعد كبوتة الذي نقل مقال السيد يعكوب أبونا المُعنوَن أعلاه مِن موقع صوت العراق الى موقع باقوفا ، وبالرغم مِن عزوفنا عَن خوض حرب التسميات ثانية ، تلك التي دارت رحاها لأكثر مِن ثلاث سنوات مَضت ، تَمَّ خلالها فضحُ إدِّعاءات وأكاذيب ناكري أصلهم منتحلي التسمية الآشورية الاسطورة الويكرامية الانكليكانية . ولكن نزولاً عند رغبة السيد كبوتة المُتعاطف القوي معهم بدليل وصفه لمقالي  "  القائدُ الثابتُ المُستقيم  " بالمُتَشَنِّج ،  وأنا واثقٌ لو أن أحداً مِن مُنتحلي الآشورية مُزَوِّري التاريخ أو مِمَّن يتخَندق معهم مِن أبناء الكلدان المُغَرَّر بهم قد كَتَبَ مقالاً ينتقص فيه مِن الكلدان ، لَصَفَّقَ له وهَلهَلَ وعَقَّبَ عليه بعِبارات الثناء والإطراء ، أقول سنَرُدُّ ونُفنِّدُ للمرة الثانية  مُغالطاتِهم وتحريفاتِهم المُبتكرة مُجَدَّداً ، بدلائل ووثائق عِلمية وتاريخية منسوبة الى مصادر نزيهة وموثوقة .

 

ب – وفي تعقيبٍ آخر يقول السيد كبوتة أنه مِن خلال قراءَتِه لمقالات الجانبين ويعني( الكلدان ومُنتحلي الآشورية ) لم يَجِد الدليل الحقيقي أن تسميتَه أصلية ، وتَمُتُّ بصلةٍ الى الشعوب القديمة التي استوطنت العراق . ويُضيف ما الدليل التاريخي الموثوق والمُوَثَّق ، بأن الكلدان الآن هم أنفُسُهم الكلدان أصحاب الحضارة المعروفة ، وليست سوى تسمية اطلقت عليهم يوماً ما ولغَرَضٍ ما ، حالهم حال الآثوريين . أقول للعزيز رعد، إنكَ بالتأكيد لم تقرأ مقالات الكُتّاب والباحثين الكلدان بإمعانٍ جيد ، لو كُنتَ قد فعلت لوَجَدتَّ الكثير مِن الدلائل بأن كلدان اليوم هم سليلو كلدان الأمس ، و مِن تلك الدلائل أذكر لكَ دليلاً واحداً على سبيل المِثال هو ما قاله المُثلَِث الرحمات المطران يعقوب اوجين مَنا في قاموسِه الشهير ( دليل الراغبين . . . القاموس الكلداني العربي ) لدى تعريفه للكلدان في الصفحة  رقم  338 :  < الكلدان ܟܠܕܝܐ ܐالكلدانيون :العلماء وأرباب الدولة مِن أهل بابل وأطرافها جيلٌ مِن الشعوب القديمة كانوا أشهر أهل زمانِهم في سطوة المُلك والعلوم وخاصةً عِلم الفلك  ولُغتُهم كانت الفصحى بين اللغات الآرامية وبلادُهم الأصلية بابل وآثور والجزيرة أي ما بين نهري دجلة والفرات وهم جدود السِريان المشارقة الذين يُسَمّون اليوم بِكُلِّ صَوابٍ كلداناً

 

قبل البدءِ بالرد على ما نشره السيد يعكوب ابونا بتاريخ 21 / 1 2007 في موقع صوت العراق الالكتروني تحت العنوان أعلاه ،  وبدأه كما هو منقول مِن قبل السيد رعد كبوتة الى موقع باقوفا : الآشوريون كلدان . . . ؟ ؟ الجزء الأول . . . . والموضوع ذاتُه  منشور في موقعَي تللسقف والقوش.دي  بعِنوان  مُختلف هو :    ( هل الكلدان آشوريون . . . ؟ ؟ أم الآشوريون كلدان . . . ؟؟ ) أوَدُّ التنويه بأن الاستاذَين يعكوب وابن عمَّه هرمز أبونا يحمِلان حِقداً دفيناً مُتوارَثاً للكلدان وتاريخهم المجيد وحضارتهم التي طغت على كُلِّ الحضارات التي ظهرت على أرض بلاد الرافدَين ، وقد توَلَّدَ لديهما هذا الحِقد مشوباً بالكُره الشديد بسبب قيام شريحة ضخمة مِن الكلدان الأماجد أبناء كنيسة المشرق في مُنتصف القرن السادس عشر ، بحركةٍ إصلاحية أقدَمَت مِن خلالها على سحب البساط مِن تحت أقدام المُتسلَّطين مِن عشيرة آل أبونا على مقاليد الامور في كنيسة المشرق حيث كانوا قد جعلوا المنصبَ البطريركي حَكراً بأبناءِ عشيرتِهم عن طريق الوراثة مُلغين بذلك التقليد الكنسي الانتخابي المعمول به منذ إنشاء الرئاسة الكنسية العُليا لكنيسة المشرق ،  وانطلاقاً مِن شعورهما المُعادي للكلدان بسبب تلك الحركة التقويمية ، آلا على نفسيهِما أن لا يألوا جُهداً في التَجَنّي على الكلدان وتزوير كُلِّ ما هو كلداني مِن تاريخ ومُنجزات ونسبِها الى الآشوريين ،  ولكن هيهات فإن الغُيارى مِن أبناءِ الكلدان لهما ولكُلِّ المُنحرفين الذين على شاكلتهما  بالمِرصاد لدَحضِ كُلَّ التحريفات والإبتزازات ، فضلاً عَن أن كافة الكلدان ذوي الإعتزاز الكبير بقوميتهم الكلدانية وحُبِّهم لها ، لا يُعيرون بالاً  لِهذيان هؤلاء ، ومَن يقرأ كتاب هرمز أبونا ( صفحات مطوية مِن تاريخ الكنيسة الكلدانية) سيَصْعَقُ لِهَول ما قد ورد فيه مِن إفتراءٍوتشويهٍ وتحريفٍ للوقائع التاريخية وتحوير لأقوال المؤَرخين ، يَشهدُ عليها التناقضُ الصارخ  في أقواله . وسيكون الكتابُ موضعَ انتقادي وتفنيدي لِمَ حَشَرَ فيه مِن عِبارات التحامل والتجريح بحقِّ الكنيسة الكلدانية النسطورية سابقاً والكنيسة الكلدانية الكثوليكية لاحقاً .

 

يَبدأ السيد يعكوب أبونا قائلاً : أولاً – الكلدان آشوريون  <  يذهب دعاة الآشورية الى القول ، أن الكلدان الحاليين ليسوا إلا جزءاً مِن الآشوريين ، ولا علاقة لهم بِمَن سُمّوا كلداناً في حقبةٍ زمنية مِن تاريخ بلاد الرافدَين الذين حَكموا بابل بين الأعوام 625 – 539 ق . م . . . ويُشار الى هذه الفترة تاريخياً بفترة حُكم سُلالة بابل الحادية عشر أو "  العصر البابلي الحديث  " >  .  وأنا أقول لكَ يا أخ أبونا عَكسَ ما يَدَّعيه  زوراً الذين دَعَوتَهم  وبصوابٍ دُعاة الآشورية ،  بأن هؤلاء الأدعياء هم جزء مِن أبناء كنيسة المشرق الكلدانية التي اضطرَّت الى تغيير مذهبِها الكاثوليكي  مذهب الكنيسة الجامعة الام التي كانت هي الجزء المُهم المُكَمِّل لها ، بالمَذهب النسطوري مُرغَمةً  في الجيل الخامس تحت ضغط  عوامل داخلية وخارجية قاسية ، ثمَّ استعادته نُخبة كبيرة مؤمنة ومُثَقَّفة مِن أبنائها في مُنتصف الجيل السادس عشر، ولكن قِلةً  جاهلة ضئيلة  تشبَّثت  بالبِدعَة النسطورية  نكايةً بإخوتِها ،  وهؤلاء الأدعياء هم أحفاد تلك القِلّة المُتمَرِّدة ولا علاقة لهم البتة بالآشوريين القدماء إطلاقاً لا عِرقياً ولا تاريخياً ،  وسأُبَرهنُ على ذلك بدلائل عِلمية وتاريخية .

 

يقول الآثاري( نيكولاس بوستكَيت) في كتابه ( حضارة العراق وآثارُه ص . 122 ، لم يكن الإنحطاط السياسي لدولة

آشور مُتوقعاً بهذا الشكل السريع ، كما لم يكن سقوطُها مفاجئاً ،  ولكن اختفاءَها التام كان لُغزاً مُحَيِّراً . لقد ظهرت

امبراطوريات مماثلة وانهارت كالمملكة الحِثِّية العظيمة ، بيدَ أنها لم تختفِ اختفاءً كاملاً مثل ما حَدَثَ للدولة

الآشورية  ، والشيءَ ذاته يُؤكِّدُهُ المؤرخ ( سِدني سمِث )  <  إن زَوالَ الشعبِ الآشوري سيبقى دائماً ظاهِرةً فريدةً ومُلفتةً للنَظَر في التاريخ القديم ، ممالك وامبراطوريات مُماثلة قد تِوارَت حَقاً ، ولكن الشعبَ استمَرَّ في الوجود . . .

لم يُسلَب ويُنهَب أيَُ بلدٍ آخر على ما يبدو بالصورة الكاملة كما حصل لِبلاد آشور >

 

ويقول البروفيسور سيمو باربولا / جامعة هلسنكي( بعد حَربٍ أهليةٍ مُطوَّلة استطاع البابليون أي الكلدان والميديون المُخضَعون سابقاً لبِلادِ آشور أن يَقهَروا ويُدَمِّروا نينوى عاصمة الامبراطورية الآشورية في العهد الآشوري الحديث ،

وتلاشت المدينة العظيمة في لَهيبٍ من النيران ، ولم تَستَعِد مَنزِلتَها السابقة أبداً . وبعد ذلك بثلاث سنوات  قامَ نفسُ المُتمَردين ثانيةً  بتَدمير العاصِمة الآشورية الغربية " حَرّان " ساحقين بذلك آخر خَندق للمُقاومة لملك بلاد آشور

الأخير < آشور اوبليط الثاني > هذا الحدَث خَتَمَ مصيرَ الامبراطورية الآشورية ، وهنا ينتهي عادةً عَهدُ الآشوريين في الكُتُب التاريخية ) ويُضيفُ باربولا ( أولاً : قلَّما لَمِسَ  عُلماءُ الآشوريات هذه المسألة ، حيث يبدو أن أغلبَهم وبدون الإدلاء عَلناً عَن الفكرة القائلة  بأن الآشوريين قد اُبيدوا عن بِكرة أبيهِم كما ذَكر من قبل المؤرخ سِدني سمِث . ثانياً : على خِلاف وَفرَةِ المعلومات عن فترة الامبراطورية ، فإن المعلومات عن بلاد آشور ذاتِها  يبدو مؤازراً لفِكرة

الإبادة الجماعية  والتي تبدو أيضاً  مُعَزَّزة  بإفادات  شهود العَيان القُدَماء . )  وقد  تَحَدّى المؤَرخ الأب ألبير أبونا  في مقالتِهِ المنشورة  في موقع عَنكاوا.كوم  الالكتروني  < البحث عن القومية > كُلَّ  أدعياء  الآشورية المُعاصرين المُتزَمتين  وبعض المُنجرفين  وراءَهم من الكلدان المُغَرَّر بهم إن كان بإمكانِهِم إثبات عدم انقراض الآشوريين النهائي بأدِلَّةٍ علمية وتاريخية بعيداً عن الدَجَل السياسي المبني على التزوير والتحريف .

 

إذا كان الآشوريون قد انتهوا الى الفناء الأبدي على أيدي الكلدان ، كيف يكونُ كلدانُ اليوم جُزءاً مِن الآشوريين وليس سليلي الكلدان مُحَطِّمي الآشوريين ؟ هل هنالك أغبى مِن مُرَوَّجي هذا الدَجَل المفضوح ! فكلدانُ اليوم إذاً هم الأحفاد الحقيقيون لأولئك الذين استطاعوا في النهاية أن يبسطوا سُلطانَهم ليس على كامل بلاد ما بين النهرين فحسب، بل على منطقة الشرق الأوسط بأكملها ، وهم الشعبُ الوحيد مِن بين شعوب بلاد ما بين النهرين الأصليين الذي استَمَرَّ في الوجود ومارسَ نشاطه الحياتي رغم سقوط سُلطانه وخضوعه لأنواع النفوذ الأجنبي .

 

إن  أشهر مَن كَتبَ  عن تاريخ  الامة الكلدانية  والدولة  الآشورية مِن بني الكلدان  بعد المؤرخين القدماء والمؤرخين  والكُتاب الاوروبيين  الذين ألفوا كُتُبَهم  منذ مطلع الجيل التاسع عشر ،  كان العلامة الشهيد  المطران أدي شير  مدفوعاً مِن شعوره القومي والوطني  مشوباً بالأسف والاستغراب لانعدام الشعور القومي  لدى أبناء امته الكلدانية المعاصرين الذين  يجهلون أنهم مُنحدرون مِن صُلب شعبٍ  نبيل فاقَ  شعوبَ العالَم  كُلِّه  في بأسه  وآدابه  وصنائعه  فحَملَته  غيرتُه  القومية كما قال ليُتحفَ  أبناء  وطنه  بكتابه  الذي عَنونه (  تاريخ كلدو وآثور )  والذي يقع في مُصَنَّفَين ،يتحَدَّث بالمُصنَّف الأول عن الامة الكلدانية والدولة الآشورية  قبل الميلاد ، وفي المُصنف الثاني عن الكنيسة الكلدانية التي سُمِّيت ( كنيسة المَشرق ) منذ  تأسيسها  في القرن الميلادي الأول  وحتى أوائل القرن العشرين  دون أن يُغَيِّر التسمية المُركبة التي وضعها لعِنوان الكتاب التي تتطابق مع ما أورده في المُصَنَّف الأول فقط  ،  مُنطلقاً مِن اعتقادِه  الديني  بهدفِ جَعل المسيحيين شعباً واحداً  وليس قوماً واحداً كما يعتقد البعض خطأً ، وأوضح دليل على ذلك هي الأدلة الوافية التي قَدَّمها  والمصادر العديدة التي اعتمدها والتي  تؤيِّدُ  مِصداقية الأحداث التي سردها ، والتي تُعطي  فهماً دقيقاً  للقاريء  بعدم  تطابق عنوان الكتاب مع مُحتواه لأن كُلَّ ما ورد فيه يؤَكِّد  ويُثبت  بشكل  قاطع  بأن الكلدان قومية مُستقلة لامةٍ عظيمة ،  تَحدَّت  الأهوالَ والمصائبَ  التي تَعَرَّضت لها قبل الميلاد ومُنذ اعتناقِها المسيحية في مطلع القرن الميلادي الأول .

 

كانت  اللغة التي  يتحدَّث  بها  مُبَشِّرو  بشارة الخلاص المسيحية هي اللغة الآرامية  الكلدانية التي كان اليهودُ  قد  تَعَلَّموها  خلال  فترة السبي البابلي  وتوارثتها  أجيالُهم  اللاحقة  ومنهم  الرُسُل المُبَشِّرون وتلاميذهم  ،  وهي ذات لغة سُكّان بلاد ما بين النهرين الكلدان ذوي العدد الديمُغرافي الأكبر في البلاد كُلِّها ،  فكانت العامل المُساعد الرئيسي المُهِم لِتَقبُّلهم البشارة الخلاصية  بِيُسر وسهولة ورغبة غامرة .

 

لقد كانت اللغة والثقافة الكلدانيتان سائدتين وقتَ دخول التبشير الخلاصي الى أرض بلاد الرافدَين بفضل الروح الوطنية العالية لدى الكلدان ،  بيدَ أن الأخمينيين غاصبي البلاد وبهدف تحطيم تلك الروح ، عَمدوا الى  تشويه  سُمعة الاسم الكلداني، ناسجين حوله وحول بابل ستاراً ثخيناً مِن الأساطيرالإتهامية والتحريفية  لِكُلِّ ما خَصَّ به الكتاب المُقدس/ العهد القديم /  بابلَ وأبناءَها الكلدان، مِما جعل الكلدان أن يُهمِلوا إسمهم القومي  بعد اعتناقهم المسيحية واستبداله بالاسم الديني ،  حيث سَمّوا أنفسَهم ( مشارقة ) وأطلقوا على  كنيستهم اسم ( كنيسة المشرق )  وكانت  تُسَمّى أيضاً ( كنيسة فارس ) لوقوعها في المملكة الفارسية وكذلك ( الكنيسة الكاثوليكية ) وهذا ما يُؤَكِّد بأن كنيسة المشرق كانت ً

كلدانية قلباً وقالباً ، غَيرَ أن الكلدان لم يشأوا أن تبقى حكراً عليهم فجعلوا بابَها مفتوحاً على مِصراعيه لإنضمام الأقوام الاخرى إليها ، فانضمَّ إليها الفرسُ والعَربُ والهنودُ وغيرهم .

 

ولكن الأجيال الكلدانية اللاحقة انتبَهتْ الى الخطأ الجسيم الذي وقع فيه آباؤهم المسيحيون الأوائل بإهمالهم لإسمهم القومي  فوَطدوا العزمَ على استرداده ، حيث يقول العَلامة المطران أدي شير <  بعد فتوحات العرب تلاشى الكلدانُ الوثنيون المُنجِّمون مِن هذه الديار ، وسُمّوا مُسلمين لإعتناقهم الديانة الإسلامية . فعاد أجدادُنا الكلدان المسيحيون واسترجعوا الاسم الكلداني . وقد استشهد على ذلك بأقوال المؤَرخين ومِنهم :إبن العِبري في كتابه المُسمّى ( مْعَلثا ) حين تَكَلَّمَ عَن الامة الكلدانية النسطورية بقوله : < الشرقيون العجيبون أولاد الكلدان القدماء > وفي كتابه ( تاريخ الدُوَل ) في مِحوَر بحثه عن فروع اللغة الآرامية ، سَمَّى لُغة أهل جبال آثور وسواد العراق ( الكلدانية النُبطية ) وكثير مِن المصادر الاخرى كصاحب كتاب ( طبقات الامم ) وكتاب ( القوانين السنهادوسية ) .

 

ويسترسلُ أدي شير قائلاً < إن أجدادَنا الكلدان المسيحيين اشتهروا هم أيضاً نظير آبائهم الكلدان الوثنيين ، فإنه كما أن الصنائع والمعارف بلغت عند الكلدان والآثوريين الى أسمى درجة ، ومِنهم اقتبسها اليونان والفرس وغيرهم مِن الشعوب القديمة ، وامتدَّت فتوحاتُهم حتى جزيرة قبرص ومصر غرباً والى بحر قزوين والبحر الأسود شمالاً وحتى بلاد ماداي وعيلام شرقاً والى جزيرة العرب جنوباً ، كذلك الكلدان النساطرة بفتوحاتهم الدينية عَظُمَت شُهرتُهم وخَلَّدوا لهم ذِكراً جميلاً مؤَبَّداً ، إذ إنهم كأجدادِهم افتتحوا بلاد فارس وماداي والعرب وأرمينيا وسوريا وقبرص ومصر حتى بلاد الهند والصين وتُركستان وغيرها مِن البلاد التي لم يقدر أجدادُهم الوثنيون أن يفتحوها بقوة أسلحتهم القاطعة >

 

تَجَنُّباً للإطالة أكتفي بهذا الغيض مِن فيض المصادر التي تؤَكَّدُ انقراضَ الآشوريين وتُثبتُ في ذات الوقت استمرار وجود الامة الكلدانية ودورها الريادي في تأسيس كنيستها المشرقية العِملاقة التي كانت الجزءَ المُكَمِّل للكنيسة الام الكاثوليكية الجامعة حتى أواخر القرن الخامس ، أما كيف تَخَلَّت الكنيسة المشرقية عَن مذهب الكنيسة الجامعة الام وتَبَنَّت المذهب النسطوري ، فيعود الامرُ الى عوامل قسرية لم تقوَ على مُجابهتِها، مِنها كنسية خاصة وكنسية عامة واخرى سياسية داخلية ودُوَلية ، وكانت بِِدعَتا نسطور واوطاخي اللتين ظهرتا في أواسط القرن الخامس قد عصفتا بالكيان الكنسي المُتلاحِم كالبُنيان المَرصوص القائم  بين كافة الكنائس ، والمُستند على العقيدة الايمانية الكاثوليكية    ( الجامعة) . لم تكن غاية مُبتَدِعَي البِدعَتَين وأنصارهما إلا اللَّهثَ وراء الشُهرة والمجد الدُنيويَين يدفعُهم حُبُّ التسلُّط المشوب بالكبرياء لِفَرض آرائهم المُريبة قسراً وبتعابير غريبة ذات مساس بعقائد ايمانية( كالثالوث والتَجَسُّد والفداء) أملَتها عليهم الظروف الثقافية المُرتبطة بالمصالح السياسية الدَوَلية ، وكانت مِن القوة بحيث أنها نَجَحَت في تمزيق الجَسَد الكنسي الواحد (الكيان الكنسي المُنَظَّم) فانسلخت بعض أعضائه وابتعدت عَن الأصل واستَمرأت القطيعة ، ولما امتَدَّ زَمَنُ القطيعة كثيراً إعتبرتها وَضعاً مألوفاً بل طبيعياً لا بأس مِنه .

 

كان موقعُ كنيسة المشرق بعيداً عَن مَنبَع البِدعَتَين ، ورغم ذلك إكتَوَت بنارهما فانشطرت الى شطرَين ، حيث تَبَنّى القسمُ الأعظم مِن أبنائها المذهب النسطوري فسُمّوا( نساطرة )  وكنيستهم ( الكنيسة النسطورية ) والقسم الضئيل المذهب الاوطاخي ( المونوفيزي )الذي تَمَّ تغييرُه الى ما يُقارب العشرين اسماً  حتى استقرَّ على التسمية اليعقوبية زمناً ثمَّ الارثوذكسية أخيراً . إذاً النسطرة شمَلَت جميع أبناء كنيسة المشرق الكلدان وعُرفوا بالنساطرة أينما وُجِدوا

و هنا السؤال يطرح نفسه : هل يُعتبَر استرداد النساطرة لمذهب آبائهم الحق المذهب الكاثوليكي تحت اسمهم القومي انقلابا على المذهب الذي فُرضَ على آبائهم عَنوَةً أم أنه هِداية وتصحيح للخطأ ؟ بالتأكيد هو الصواب بعينه ! وهذا ما أقدم على فعله نساطرة قبرص عام 1445 م.

 

إن ما أقدم عليه نساطرة قبرص كان  بإرادتهم الحُرة التي تَجَلَّت في نَصِّ وثيقة الإتحاد مع روما عام 1445 م التي قدَّمها مطرانُهم طيماثيووس ووَقَّعَها هو ومطران الموارنة وكان نَصُّها  " أنا طيماثيووس رئيس أساقفة تَرشيش على الكلدان ومطران الذين هم مِنهم في قبرص ، أصالةً عَن نفسي وباسم كافة الجموع الموجودة في قبرص ، أُعلنُ وأُقِرُّ  وأعِدُ أمام الله الخالد الآب والإبن والروح القدس وأمامَكَ أيها الأب الأقدس والطوباوي البابا اوجين الرابع وأمام هذا المجمع ( اللاتراني) المُقدس ، بأنني سأبقى دوماً تحت طاعتِكَ وطاعة خُلفائكَ وطاعة الكنيسة الرومانية المُقدسة ، على أنها الام والرأس لكافة الكنائس " ( شموئيل جميل/ كتاب العلاقات 1902 ص.10 ) .

 

وبعد إبرام الوثيقة أصدر البابا اوجين الرابع في السابع مِن شهر آب لعام 1445 م المرسوم البابوي التالي :

" وطيماثيووس نفسه ، أمامنا في المجمع اللاتراني المسكوني وفي جَلسته العامة ، أعلن بإحترام وتقوى صيغة ايمانِه وتعليمِه بلغتِه الكلدانية أولاً ، ثمَّ تُرجِمَت الى اليونانية ومِنها الى اللاتينية " وبناءً الى هذا الإعلان الوحدوي ، فإن اوجين الرابع بمَرسومه الآنف الذكر يَمنعُ أن يُسَمِّيَ أحدٌ الكلدانَ نساطرة ، كما يمنعُ في الموضوع ذاتِه أن يُسَمِّيَ الموارنة هراطقة ،ومِن ثَمَّ يتساوى الكلدان والموارنة بالحقوق والإمتيازات الدينية مع كافة الكاثوليك (جميل ص.11)

 

للمُغرضين المُتشَبِّثين بالهرطقة النسطورية أقول : أليس واضحاً وضوحَ الشمس في رابعة النهار ، بأن البابا اوجين الرابع في مرسومه قد استَنَدَ الى ما أقَرَّ به المطران طيماثيووس ذاته علناً ، بلُغتِه الكلدانية وبصياغتِه وقراءَته الذاتية وعلى ضوئها بعد ترجمتها الى اليونانية ثم اللاتينية  أصدر مَرسومه ، ولم يَكُن الامرُ أبداً إنعاماً بإسباغ هوية جديدة ، لأن الهوية الكلدانية كانت موجودة قبل وجود البابا اوجين بآلاف السنين وأن أبناء الهوية الكلدانية  هم الذين قاموا  بتأسيس الكنيسة المشرقية  بدون مُنازع  ولا زالوا صامدين ومُحافظين على هويتهم القومية الكلدانية حتىاليوم رغم كُلِّ ما عانوه مِن المِحَن والأهوال التي تَعَرَّضوا لها عِبر الزمَن ،  وسيبقون أمينين عليها وصَونها مِن كُلَّ الدسائس والمؤامرات الخبيثة التي تُحاك للنيل مِنها في الخفية والعَلَن مِن قبل المارقين الخارجين مِن صُلبِها  . كما أن مُساواة البابا  للكلدان  والموارنة  مع كافة الكاثوليك  منحَتهم الإعفاءَ  مِن ضريبة الإقامة التي كانت  تُفرضُ على الأجانب والهراطقة القادمين الى قبرص .  وإني أطرحُ السؤال لدُعاة الآشورية  لماذا  لم يُقدِّم المطران  طيماثيووس نفسه بأنه مطران الآشوريين ؟ أتدرون لماذا ؟ لأنه لم يَكُن وجودٌ للآشوريين بسبب انقراضهم قبل الميلاد بستمائة عام.

 

ولن يكونَ بعيداً اليومُ الذي سيظهر فيه أبناءٌ حُكماء مِن بين صفوف أبناء السِريان المشارقة الكلدان الباقين في ظلام الضلالة النسطورية على غِرار الذين ظهروا في قبرص سنة 1445 م والذين ظهروا في الموصل في مُنتصف القرن السادس عشر ، ليُقِرّوا بتَخَلُّفِ آبائهم وأجدادِهم ردحاً طويلاً مِن الزمَن في نبذ ضلالتهم ، وعليهم أن يُبادروا وبدون إبطاء الى تنوير شعبهم بالحقيقة المُغَيَّبة عنه ويُعِدّوهُ تدريجياً للهِداية واستعادة المذهب الحق المذهب الكاثوليكي الذي هَجَرَه آباؤهم  وأجدادُهم الأقدمون مُرغَمين ،  وبذلك يعودون الى أحضان امتهم الكلدانية  والى الإتحاد الايماني  مع روما أي مع الكنيسة الجامعة الكاثوليكية المُقدسة .

 ويسترسل العلامة أدي شير قائلاً <  إن أجدادَنا الكلدان المسيحيين اشتهروا هم أيضاً نظير آبائهم الكلدان الوثنيين . فانه كما أن الصنائع  والمعارف بلغت عند  الكلدان الآثوريين الى أسمى درجة ومنهم اقتبسها اليونان والفُرس وغيرهم من الشعوب القديمة. وامتدَّت  فتوحاتهم حتى جزيرة قبرص ومصر غرباً والى بحر قزوين والبحر الآسود شمالاً وحتى بلاد ماداي وعيلام شرقاً والى جزيرة العرب جنوباً . كذلك الكلدان النساطرة بفتوحاتهم الدينية عَظُمَت شُهرتُهم وخلَّدوا لهم ذِكراً جميلاً مؤبَّداً . إذ إنهم كأجدادهم افتتحوا بلاد فارس وماداي والعرب وأرمينيا وسوريا وقبرص ومصر حتى بلاد الهند والصين وتركستان وغيرها من البلاد التي لم يقدر أجدادُهم الوثنيون أن يفتحوها بقوة أسلحتهم القاطعة . >