المحرر موضوع: عندما يقع الثور ... !!!  (زيارة 883 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وحيد كوريال ياقو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 177
    • مشاهدة الملف الشخصي
عندما يقع الثور ... !!!
« في: 11:16 21/12/2012 »
                       عندما يقع الثور ... !!!

ملاحظة :- كتب هذا المقال لمجلة السنبلة التي تصدرها جمعية ما ميخا الخيرية في ولاية مشيكن الاميركية قبل ما يقارب السنة

وحيد كوريال ياقو
       مشيكن

من منا لم يسمع بالكثير من الحكم والامثال التي قالها الأولون والتي يرددها الناس في كل زمان ومكان ؟
ومن منا لا يعرف ان هذه الحكم والامثال المتوارثة عبر الاجيال المتعاقبة والمنقولة عبر الازمان المتتالية من الاباء والاجداد الى الابناء والاحفاد شفاها ، انما هي دروس مختصرة وعِبر مكثفة لنا لتقويم سلوكنا وارشادنا وتوجيهنا في حياتنا ؟   
ومن من لم يسمع بهذا المثل الشعبي الذي يقول ( عندما يقع الثور تكثر السكاكين ) والذي اردت ان يكون عنوانا لهذا المقال حيث يعرفه الناس جميعا وهم يعرفون جيدا لماذا يستعمل ومتى يقال ولمن يضرب ؟ ..
هذا المثل الذي سمعته منذ ان كنت لا اعرف ماذا تعني الامثال ، ومنذ ان كنت لا اعرف ما في الحكم من احكام ولا ما في الاقوال من اِقوام ، كان ذلك منذ ايام الطفولة المبكرة حيث كان اهل قريتي البسطاء اكثر الناس استعمالا لهذا المثل الشعبي  حيث كانوا يملكون الكثير من الثيران ...
ولكن الغريب ان اهل قريتي المعروف عنهم انهم كانوا يلتزمون كثيرا بالامثال التي يرددونها ويتمسكون بالحكم التي يعرفونها ويأمنون ايمانا مطلقا بكل ما قاله الاولون ، كانوا لا يطبقون هذا المثل على ثيرانهم او لنقل انهم كانوا اقل الناس تطبيقا لهذا المثل الذي نحن بصدده فيما يخص الثور بالذات !!! .
أتعرفون لماذا ؟؟؟
لأن ثيران اهل قريتي وبأختصار شديد كانت وديعة ومفيدة ونافعة ، وبصراحة فقد كانت اغلى ما كانوا يملكونه ثمنا واكبرها حجما واكثرها عملا واقواها تحملا ، فهي التي كانت تجر لهم محاريثهم لتشق لهم الارض طولا وعرضا وهي التي كانت تسويها لهم بحسب ما يرغبون وكما يشاؤون لكي يزرعونها بما يريدونه وما يحتاجونه لتنبت لهم فيما بعد من المحصول كل ما لذ وطاب لهم ، وثيرانهم هذه هي التي كانت تصفي لهم البيدر الذي كان يملأ عنابر بيوتهم بما وهب الله لهم من الخير والخيرات الوفيرة ، واما هي ( الثيران ) فلم يكن لها سوى التبن والقشور وكل ما لا ينفع ..
هكذا كانت ثيران اهل قريتي ، ولهذا كان اهل قريتي يحبون ثيرانهم كثيرا ولا ابالغ اذا ما قلت انهم كانوا يهتمون بها اكثر مما يهتمون بأنفسهم او حتى بأولادهم ، فكانوا يسرحونها في احسن المراعي في النهار ويجلبون لها اطيب الحشائش في المساء ومن ثم يأوونها في ادفأ الاماكن في الليل ويتباهون بها عندما كانت تسمن اكثر وتقوى اكثر لانهم كانوا يعرفون ان ذلك سيعود بالفائدة اليهم ، ولهذا فعندما كان يقع احد ثيرانهم فقد كان الجميع يسرع لأيقافه والكل يهرع لأنقاذه واخراجه من الوحل الذي وقع فيه ، فلم يكونوا ابدا يفكرون بذبحه ، ولم يكونوا ابدا يكثروا له السكاكين ، ولم يكونوا اطلاقا يطبقوا على ثيرانهم هذا المثل الذي نحن بصدده ( عندما يقع الثور تكثر السكاكين ) ... 
ان ما جعلني اتذكر هذه الذكريات القديمة عن قريتي الصغيرة واتذكر هذا المثل الذي كان اهلها البسطاء يرددونه كثيرا بمناسبة وبغير مناسبة لبعضهم البعض من دون ان يطبقونه على ثيرانهم ، هو  بالحقيقة ما نسمعه وما نشاهده هذه الايام عن الثيران الكبيرة التي تقع في العراق ، هذه الثيران التي سمنت كثيرا من علف العراق العالي الدسم ،  هذه الثيران التي كان من المفروض عليها ان تجر محاريث ابناء العراق لتشق لهم تلك الارض الطيبة المليئة بالخير والخيرات الوفيرة والكثيرة ، وهي التي كان المعول عليها ان تصفي لأهل العراق بيدرهم المليء بكل ما انعم الله على ارضهم الطيبة كما كانت تفعل ثيران اهل قريتي ، ولكن  الغريب العجيب ان حال وقوع احد هذه الثيران ، يبدأ الكلام عنه من كل حدب وصوب ، وتوجه له كل التهم الخطيرة وتُلقى عليه كل الاخطاء الكبيرة والصغيرة سواءً كان قد فعلها او لم يفعلها ، فالكل يكثر له السكاكين والكل يريد التخلص منه وانهائه تطبيقا لهذا المثل الذي نحن بصدده ..
أتعرفون لماذا ؟؟؟   
ليس لأن اهل قريتي يختلفون عن اهل العراق ، لا ابدا لأن اهل قريتي هم حتما من اهل العراق الاصلاء ، وان اهل العراق هم ايضا مثل اهل قريتي اوفياء ، ولكن على ما يبدو ان ثيران العراق تختلف كثيرا عن ثيران اهل قريتي ، او انها بعكس ثيران اهل قريتي تماما ، فهي ثيران غير نافعة وغير مفيدة وهي ليست وديعة ايضا ، فهي تسرح وتمرح في المنطقة الخضراء في النهار وتأكل وتشرب من خيرات العراق من الصباح حتى المساء واما في  الليل فهي تنهب حتى طعام الفقراء والمساكين ، فهي لا تعمل شيئا لأبناء العراق ابدا ولا تخدم اهل العراق اطلاقا ..
ولهذ فثيران العراق هذه عندما تقع تكثر لها السكاكين تماما كما جاء في هذا المثل الذي نحن بصدده ( عندما يقع الثور تكثر السكاكين ) او تطبيقا له ..
والله يكون في عون اهل العراق من الثيران التي لم تقع بعد ...