هل حقّاً عقرت عنكاوا؟!
جنان بولص كوركيسمما لا شك فيه، ان تجنياً شنيعاً فادحاً جرى على عنكاوا، ارضاً و شعباً و ديموغرافياً، كما جرى تلطيخ سمعتها التي كانت نقية كالبلور، بعمليات دنيئة و مخالفة للقوانين دوماً، و التي اجروها في غياهب الظلام و في العلن، لتقطيع اوصالها و نهش لحمها و تدنيس قدسيتها، بمباركة من اهل النفوذ و السلطة، و بمساندة اولي المصالح و المطامع اللامتناهية، و بايدي فئة ضالةٍ من اهلها، اعماها الجشع و الاثراء السريع، فأصبحت اداة طيّعةً تنفذ بامتياز رغبات اسيادها، فئة افرادها ماتت ضمائرهم فتورطوا بملء إرادتهم في ذبح (عنكاوا) و تقطيعها ارباً اربا، ثم بدؤوا بتوزيع اوصال الذبيحة فيما بينهم و بين اسيادهم. و في خضمّ عملهم المشبوه هذا، حاولوا استئصال رحمها المبارك الولود، الذي لطالما انجب اجيالاً من الخيرين الاصلاء، من ذوي الضمائر الحية و العقول النيرة، الذين اشرأبت اليهم أعناق من حولهم و اشاروا اليهم بالبنان، اعجاباً و احتراما، و للأسف الشديد، هذا الرحم نفسه هو الذي انجبهم و آواهم! و لكنهم ركبوا العقوق و خانوا (الرحم ) و اعتنقوا الخسّة و الدناءة.. ثم رفعوا الكؤوس و شربوا نخب اتمام المهمة بنجاح منقطع النظير.. لقد اجهزوا على عقار عنكاوا بكامله ووزعوه فيما بينهم، و شملوا بالغنيمة اهل بيتهم، و احبابهم، و اقربائهم، و حاشيتهم، و الموالين لهم في طغيانهم من الدخلاء و المتملقين.. ووزعوا فتات وليمتهم على (الشبيبة العنكاوية) وفق ضوابط عجيبة غريبة لا تنضوي تحت اي قانون في هذا المضمار.. ثم قالوا لنا باعلى صوتهم: "لم يبق شاب او شابة في عنكاوا لم يحصل على قطعة ارض سكنية"، و غسلوا ايديهم بالماء و الصابون ثم ناموا رغدا.. ظناً منهم انهم (اعقروا) عنكاوا، فلم تعد تلد، بل صارت عاقراً.. و لكنّهم خسئوا! فان العمل الدنيء الذي قاموا به هو الذي عَقُر عقراً فلم ينتج عاقبةً طالما تمنّوها.. و ما لبث ان تبدد ما توهموه و تلاشى.. ها هو اعلان اثلج قلوبنا و قرت به عيوننا.. اعلان صادر عن ( نادي شباب عنكاوا الاجتماعي )، اطلقه شباب و شابات عنكاوا يخزون العين، قامات يافعة علا صوتها للمطالبة بحقها المشروع في قطعة ارض سكنية في ارض الآباء و الاجداد الطيبين، لمناهضة رياح الهجرة الهوجاء، التي لا زالت تهب على بلدتنا بين الحين و الحين، وتحمل معها في كل هبّة لها باقة من شبابنا الاعزاء، لترسو بهم بعيداً في ارض الشتات، تاركةً حضن امهم الكبيرة (عنكاوا) خاوياً بارداً يرنو الى البعيد بعين دامعة و نظرة ملؤها العتاب و الوجع، و لتترك غصّة في حلق كل أمّ انجبتهم ذُخراً مستقبلياً لشيخوختها و املاً واعداً لبلدتها.
هذا الاعلان، يدعو الى حصر اسماء جميع الشباب و الشابات الذين يستحقون امتلاك قطعة ارض في بلدتهم، اسوة باقرانهم ممن سبقوهم و وفق الظوابط التي وضعتها بلدية عنكاوا السابقة، التي تم ازاحتها بموجب حملة الاصلاح التي اطلقها رئيس الاقليم.
اذن.. لقد خاب ظن الذين توهموا بانهم اعقروا عنكاوا، فلم يعد بامكانها انجاب شباب يفضحون ما اقتُرف بحقهم و بحق ارضهم و بلدتهم. ها هو الرحم الشريف الذي طالته سكاكين الجزارين، يتعافى و يستعيد نشاطه و عافيته، و ها هي ثماره المباركة، يعلو صوتها الذي سيكون و قعه كالسياط تجلد ضمائر الجلادين.. اين حقهم؟ و اين حق الاجيال التي ستليهم؟ فالرحم و لودٌ على مر الزمان..
و على من حلّ محل الذين كانت بأيديهم امور عنكاوا من ادارة و بلدية و مسؤولين و احزاب، الاجابة على هذا السؤال المنطقي جداً.. انه حقاً امتحان للضمائر الحية، و سننتظر مع الشباب الاجابة المنصفة.