المحرر موضوع: رسائل الى ولدي من زمن ألإستلاب  (زيارة 1586 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Putrus_Halabi

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 23
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رسائل الى ولدي من زمن ألإستلاب
 

 

  من زمن إضطربت فيه موازين القيم ، وإختلفت معايير الأخلاق عند  الأفراد والجماعات ، في ظل نظام البعث العروبي الشمولي ...

                                 بطرس حلبي
 
        لإمتعاض الطفل ، من ثدي تيبس
                                         تحفر الأحزان نهرا دمويا
.....

     يا رحمة الله شدي في مطارفنا
                 قدرا من الرند من حين إلى حين
 .....
     لا شدني سامر أعيا بصحبته
                 يحمر جنباي من لدغ الثعابين
     تنداح يمناه خبثا لا تصدقه
                ويوهن القلب ، من ضعف ومن لين
     لا يعدم الناس خيرا من ضمائرهم
                هذا لعمري سخاء ، غير ممنون
     سيكرم الله من صحت سريرته
                 ويلعن الله ، إخوان السعادين

 

الرسالة الثانية ، ارسلت في 30 10 1993...لوند


 ولدي الحبيب ...
 
 تلقيت رسالتك ، وتدبرت ملاحظاتك عن بعض ما ورد في رسالتي إليك فوددت حقا ، لو أنك قد تجاوزتها، فأعفيت والدك من نوبة خذلان جديد لم أعد أطيقه، فيا ولدي العزيز أرجو أن تدرك مني جيدا بأنني لم أعد أحفل بالآخرين كما لا أريد أن يكون لي أي موقف منهم فتلك مسألة قد أعفيت نفسي منها منذ زمن بعيد، وأسدلت عليها ستارا مع كل مرارات الماضي . فما يهمني ألآن هو أن تعيا بروح رياضية ، كيف يجب أن نبحث عن أسلوب سليم في التعامل مع بعضنا البعض ، أبا وأبناء . ولست أيها الحبيب على إستعداد لمناقشة ألأمر معكم أكثر مما فعلت . لقد وضعت أمامكم الحقيقة التي عليكما  أن تتدبراها بحرص ، إن كنتما حريصين حقا أن نلتقي على طريق الحياة ثانية .
 وأما عن أعمامك فحقا ما قلته فيهم ، إذ أنهم لم ينقلوا إلي الصورة الصحيحة عنكما ، بل دأبوا أن يقولوا كل ما هو جميل ومشرق عنكما وأخفوا عني ما أأخفوه ..... فمن حقك الآن أن تقول عنهم بانهم مزيفو حقائق  ....فيا ولدي العزيز لا أستطيع ولا أريد أن ألزمكما بمحبتكما لهم في الوقت الذي أعجز عن طلبه لنفسي ... هذا شأنكما
 يا ولدي وما أنا بمبتئس عليه أبدا .

 ..........

  فاتحة خطاب إبنتي الي


 ،،، إلى والدي ..كلمة أكتبها دون أن أحس بها ...
 
 بنيتي يا ست الصبايا .. 

    بإسمك تنشق الظلمة عن أقمار
    فوق مدارات الليل ، وأصقاع ألغربة
    تبارك فيض رؤاك ملائكة الرب
    فبين الريح وألأمطار ، خيط واحد ، وعطر الذكرى
    فسلاما ...سلاما أحرق ذاكرتي فوق تشابك الرؤيا
    إذ تنفجر بالألوان في باحاتها
             وتذوب ..تذوب ...تذوب...

  ،،،، إلى والدي ...كلمة أكتبها دون أن أحس بها ...
        ونعانق أفق الشجون
        نغني له أغنيات الوداع
        فتلتقي موجتان
        وتختلف موجتان
        إنها خيل الحياة .....

   ـ هن كثيرات من أترابك ، صبايا جميلات ، يودن لو كنت لهن أبا، يا بنيتي  ، ما بالك تجدين في خلع هذا الثوب الجميل عليك ، إنه ليزهيك يا بنيتي ، فلا يخدعنك أحد عن لؤم فيضللك ليسلبك فتنة الثوب عليك .... أنا والدك الذي تشتهي الملائكة وحوريات الجنة طيبته ونكهة أحاديثه ...فلا يغرنك أو يضللك أحد أيتها الجميلة.
   
     بربك يا صبية ....من قص عليك حتوتة ملاك الرحمة المغتال ....
ومن هي تلك الملهمة الرائعة التي أفنت بياض نهاراتها وسواد لياليها وتحملت ما تحملته من قهر وضيم في حلي وترحالي بين مدن ومحطات الشتات ، من أجل أن تخفف علي من آلآم وأوجاع الغربة وتمسح برقة الملائكة من جبيني المتعب المجهد ، عرق المعاناة وألإجهاد .....الله ما أعظمك ...من روى لك هذه الكذبة الكبرى.

يا إبنتي الصبية ...أصرخ بوجه الريح وأقول ..رفقا بعقول ألأنبياء الصغار وشيئا من ألإنصاف يا شهرزاد قبل أن يدركك الصباح ...

     بنيتي لا تكرهيني وقاك الله  ، على نبش صفحة الماضي الميتة ...
فكفاني منكما إمعانكما في جلدي ...فما أنا براغب مواصلة حديث الطرشان معكما بعد ... لقد وضحت لكما كل الملابسات وأنتما يا ولدي الحبيبين ، حران ، وأريدكما أن تبقيا حرين دائما في ختيار ما يناسبكما ... متمنيا بقلب الأبوة الدافئ كل الفلاح ....
     وبقي أن أهنأ مبغضي اللئام ، بأنهم قد أفلحوا حقا في سلخكما عني ....فهنيئا لهم بمأثرهم ... ولكن لن يكون ذلك الى الأبد .. فللزمن منطقه في تغيير مواقف وأراء وسلوك البشر ...فعليه  أوكل رهاني في رحلة كشف الحقائق ....
   
    إبنتي الجميلة ..عمدي قلبك بماء المحبة ، وإبحثي في أعماقك عن ينابيع النقاء والصفاء التي لم تكدرها بعد ، توافه الحياة ونفاق البشر إن أردت أن تكوني شاعرة بحق ....
فالشعر يا بنيتي ، لحظة توهج  وإشراق وقدرة على تمثل الحقيقة وقول الصدق....
   
    تلك هي يا بنيتي مفارقات الشعر الغامضة ، وسر أسراره المدهشة لا يدركها إلا المتبتلون في حمأة تجلياتهم والمبدعون الحالمون بمجد الكلمة ...
فمن جذوة تلك النار الإلهية وذوبها المقدس ، يوقد الشاعر شموع  رحيله بين مدائن الشوق والحلم الكبير ...
إقرئي كثيرا من شعر أبي تمام والبحتري والمتنبي ومهيار ...وغيرهم من أعلام الشعر العباسي ، وإقرئي للشعراء المعاصرين على إختلاف إتجاهاتهم ، ومن كتب النقد الحديث ما يتيسر لك ...جدي يا بنيتي على هذا الطريق الطويل ، فسوف أكون لك دعما قويا... فليس هناك من هو أجدر وأقدر على هذه المهمة، من والدك ...وكلي رجاء
أن يتحقق حلمه الكبير فيك أيتها الشاعرة الواعدة ..
   
   أتركي اللغة الشعارية وألأسلوب الخطابي  ، فإنهما عدوا الشعر الحقيقي .... وأما عن نفسي ، فأريد أن أكرس بقية عمري بالبحث وألكتابة ، علني أستطيع أن أنجز ما حلمت به ... فهو ألإرث المشرق الذي أستطيع أن أخلفه لكما ... لذا فإني في حاجة إلى هدوء وإستقرار روحي دائمين .

 

                      قبلاتي لكما

وإذا فكرتما أن تكتبا إلي ثانية ، فأكتبا بروح وقلب جديدين .

 
                        والدكمــــــــــا

 

بطرس  حلبي .............السويد