المحرر موضوع: مذكرات بيشمركة / 50 خريف كوستة المؤلم  (زيارة 1106 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سعيد الياس شابو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 253
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مذكرات بيشمركة / 50
خريف كوستة المؤلم
سعيد الياس شابو/كامران                                                                                       
2013.2.27                                                                                     
في صيف عام 1980 قدم النصير زمناكو من مقر ناوزنك ليصلح الخطأ الذي لم أجده في حينها لتصليح الخلل في الاتصال اللاسلكي ، وتحمل الرفيق زمناكو عبأ الطريق وعاد مسرعا الى حيث ما قدم .
الخريف كان جميلا في كوستا من حيث الطبيعة الخلابة والجبال الشامخة من كل حدب وصوب والنهر الجاري من المثلث الحدودي العراقي الايراني التركي/الكوردستاني ، والجداول المتنوعة وبناء مقر آخر ليستوعب عدد الرفاق الأنصار المتزايد والتحاق عائلة النصير هزار روستي وأخوته النصيران فاخر ورزكار ، وكانت عائلة هزار متكونة من زوجته آفتاو وولديه الصغار هيرش وشورش ، عائلة محترمة قدمت وتحملت الكثير  وفي ضروف صعبة وفقدان أبسط متطلبات الحياة العائلية .
وكان النصير بولا زينداني قد قدم الى كوستا كمخابر ثاني ، الرفيق بولا زينداني كان في ريعان شبابه ومتحمس للنضال الثوري حاله حال الرفاق الآخرين ، وبعد أسابيع قليلة من قدومه بحيث أصبحت خلافاتنا تبرز بينما نحن ننام في غرفة واحدة وتحت أقدامنا الجهاز اللاسلكي والبطاريات الكبيرة .... وفي ذات يوم أوصلنا الوضع الى مقاطعة الحديث والعصبية وكان الرفيق بولا يصغرني بسنوات عمر وهو شاب في مقتبل العمر لا يتحمل أي كان وهنا لست بصدد سرد بطولات الرفيق بولا وإنما الوضع الأنصاري كان معقدا في الكثير من الحالات ، وفي تأمل والتفاتة ومبادرة طيبة مني ... ابتسمت وحضنت الرفيق بولا مقدما شرحا بسيطا أي اننا يجب أن نتفاهم بيننا وليس من يساعدنا .... وبعد القبلات الصادقة أصبحنا نضحك وأخذ الخاطر .. بحيث صفيت القلوب ووضعنا أيادينا وسواعدنا في خدمة الأنصار والحزب بينما نحن نتغدى ولا نتعشى !!
والعجيب هو البرلمان العراقي اليوم يتفق على أن لا يتفق !!!!!!!!!! البرلمان العراق أو البرلماني العراق يقبض الملايين من الدنانير كراتب شهري ناهيكم عن الهبات والصفقات المتنوعة ولم يداوم ويقبض راتب ولم يتفق على الموازنة العراقية للميزانية وتؤجل الجلسات العديدة لكون المحاصصة والطائفية لم تبلغ حدها القصوى والعراقيين في حيرة من أمرهم ....... ماذا يفعلون ؟ّ!
وإن خرجت عن الموضوع قليلا ... المهم الواقع العراقي مزري !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
استشهاد النصير أبو يوسف ..                                                                                   
..................................                                                                                 
استشهد الرفيق الشاب النصير أبو يوسف نتيجة خطأ بحيث أثر استشهاده بشكل غير مصدق وكان حادث استشهاده يبتعد عن المقر الشتوي بحوالي عشرين دقيقة أي في قرية زولفي ( هردنئ ) ، وكانت الحالة الأولى من أن نرى رفيقا غادرنا قبل ساعة ومن ثم يأتينا خبر استشهاده . وفي تجمع مهيب من قبل أنصار المقر أدينا التحية الأنصارية العسكرية رافعين السلاح في حال التنكب / تنكاااااااااب سلاح ! ومن ثم كل نصير يرمي إطلاقة واحدة حدادا وتقديرا لوداعية النصير الشاب الوسيم المحبوب لدى الجميع أبو يوسف . وداعا أبا يوسف وقد تركت الطيبة والبسمة عند رفاقك ورحلت عنهم وهم كانوا بحاجة ماسة اليك  .
خريف كوستة كان ممطرا وخاصة على الشريط الحدودي وأحيانا كثيرة المثلث الحدودي يمتاز ببرودة الطقس وكثرة الأمطار والثلوج وليس بغريب من أن يسقط الوفر / الثلج الجديد على الثلج الجليدي القديم والذي يشكل جسورا في المنطقة بحيث ترى الرافد المائي والسواقي المتنوعة خريرها لا يقبل من سماع صوت الطيران لتنوع مصادره وكثرة شلالاته ومياهه الباردة ، وفي ذات يوم من شهر 11/1980 كانت قد مطرت كثيرا بحيث نهر كوستا ( روبارى كوسته ) قد زادت نسبته الى أضعاف ما كانت تجري فيه .. وسرعة المياه وكثرتها شكلت عائقا أمام قدوم مفرزة قادمة من مقر بهدينان ، وكان الجسر الخشبي الرابط بين الحدودين قد هدمته الجندرمة التركية ، والرفاق تعبانين بعد قطع تلك المسافة .. رفاق المقر نزلنا الى حيث النهر الذي يبتعد عن المقر حوالي 150 – 200 متر ليس أكثر ، وكان الرفيق أبو حكمت في المقدمة لتجيك الوضع بعد أن شاهدنا رفاق المفرزة ينادون الرفاق في المقر وعبر أصواتهم الجهورة والخافتة أحيانا لكون التعب قد نال القسط الأكبر من طاقاتهم ، نحن في جانب والرفاق في جانب آخر وعلينا أن ننصب ونربط ( بؤسه ، أو بوصة ) كما تسمى ، أي السلك الرابط بين نقطتين أو جانبي النهر وهناك بوصات ثابتة أو مؤقتة وهي متكونة من الأسلاك الحديدية أو حبال متوعة وحسب الموجود .
أراد الرفاق من أن يجتازوا النهر في السباحة .... فلم يكن بمقدورهم ذلك لكون المياه كثيرة مشكلة عائق والخطورة ، الرفيق بولا زنداني وفي ذلك الوقت لم يكن زينداني بلقبه .. حاول تبسيط الأمور وتشجيع الرفاق من عبور النهر ... بحيث قال أنا سأعبر النهر ! وسرعان ما جاوبته ( به بياوان ده كرئ ) يعني فقط الرجال يتمكنون ! فهو مترددا الكلمة  يعني أحنة مو بكدها ؟ المهم تجرد عن ملابسه سوى السروال النصفي اللباس الداخلي .. بحيث عمل الحركات البهلوانية بأياديه وقطع النهر بسرعة البرق وعاد ثانية الينا بأعجوبة !!!! كيف يتمكن المرأ من قطع هذا النهر ذهابا وإيابا بهذه الجرئة وهذه السرعة .. فأستغربنا من الموقف والصورة ، ولكن ما أحد من رفاق المفرزة القادمة قدر من العبور ، فسرعان ما جمعنا موادنا ونصبنا بوسة للعبور وعبر الرفاق فيما بعد والبعض تردد من العبور حتى من البوسة لكون البوسة غير صالحة وغير نظامية وهم محقين بذلك .
برقية عاجلة ...                                                                                               
..........................                                                                                         
في المنتصف الأخير لشهر تشرين الثاني 11/1980 وصلتنا برقية مفادها من تشكيل مفرزة سريعة الحركة وقادرة على التحمل وحمل ما يمكن حمله من البطانيات والمواد الغذائية وخاصة الخبز وإيصال تلك المواد الى القوة القادمة وعبر المثلث ( خواكورك ) المؤلفة من الرفاق الأخوة من الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) بقيادة الشيخ خالد وإدريس بارزاني والقوة متكونة من العشرات البيشمركة والمسؤولين قادمين من مقرات سلفانة ورازان وزيوة متجهين الى مقر كتينا/ميركه سؤر ، وهطول الثلوج الكثيرة في ذلك اليوم مما أدى الى تأخرهم في الطريق الصعب والشاق ، وفعلا تم تشكيل مفرزة من أكثر من عشرة رفاق محملين على ظهورهم المطلوب من البطانيات والمواد الغذائية ، ومن الصباح الباكر جدا خرجت المفرزة متجه نحو المثلث وعبر وادي كوستة الشهير .... ، ولكن متاعب الرفاق ذهبت سدى أي لم يكن بمقدورهم من لقاء الأخوة الرفاق في الحزب الديمقراطي الكوردستاني لكون قوة الديمقراطي سلكت الطريق الآخر والذي يتجه نحو  ( كلي ره ش ) الوادي الأسود ، وكانت الأمور في غاية الصعوبة وقد تجاوزتها قوة البارتي ، وفي الليل من نفس اليوم وصلت الينا البعض من تلك القوة الى مقرنا في كوستا والمتكونة من حوالي خمسون مقاتلا بيشمركة من الرفاق البارتي بقيادة حسو وحاجي ميرخان والمسؤولين الآخرين بحيث أستقبلناهم بكل حفاوة وعمل المواقد النارية للصباح الباكر لكون لم تستوعب قاعتنا الصغير لإيواء الجميع  ، ومن ثم الغذاء وجبة دسمة  كانت قد تناولناها مع البعض وبمناسبة قدوم قوات عمرت المنطقة، فأما وصول رفاقنا في نفس اليوم ولكن في وقت متأخر من الليل مما أصابهم الذهول !! أي كيف بمتاعبنا تذهب سدى والرافاق الضيوف موجودون في مقرنا ، وهكذا أصبحت متاعب الرفاق فرحة وضحكة بوصول مفارز الديمقراطي بسلام دون وقوع خسائر نتيجة الطقس الكارثي ، وكان القياديان كاك إدريس وشيخ خالد قد وصلا مقر كتينا من المعبر الآخر ، حيث كان في استقبالهما الدكتور سعيد بارزاني . وجدير ذكره كانت مع تلك القوات خيول متنوعة وأصيلة وجميلة بشكل بحيث كانت ترعى من قبل خيالة خاصة مهتمة فيها بشكل تستحق تلك الخيول من تقديم ما يمكن تقديمه اليها