المحرر موضوع: من هم السريان  (زيارة 3187 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل bentsahelnenava

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 100
    • مشاهدة الملف الشخصي
من هم السريان
« في: 17:27 21/11/2006 »
من هم السريان 

                                                                                              سليم مطر


الحديث عن السريان يرتبط بالحديث عن تاريخ منطقة الهلال الخصيب التي تمتد من خليج البصرة حتى غزة حدود سيناء .
منذ الالف الاول قبل الميلاد بدات تسود المنطقة لهجة سامية جديدة سميت  بـ "الارمية " نسبة الى قبائل شمال الرافدين القاطنة في المناطق المرتفعة .
يعتقد ان اسم "الارميين " هذا مشتق من "اور رمثا " أي الارض المرتفعة .
مثلما اطلق على سكان الصحراء وبادية الشام اسم " عرب " أي سكان  "عربا او غربا " وهي الصحراء التي تقع "غرب " الفرات ومنطقة  "غروب " الشمس لسكان الرافدين .
مثلت اللغة الارمية خلاصة تمازج اللغتين العراقية والشامية ,أي الاموية  (البابلية ـ الاشورية ـ الكنعانية ) لهذا فانها تمكنت ان تسود "المشرق " واصبحت لغة الثقافة الاولى وصار جميع سكان المنطقة يتسمون بالارميين  (مثلما فعلت اللغة العربية فبما بعد بتمثلها جميع اللغات والحضارات السامية  السابقة وصار جميع الناطقتين بها يتسمون عربا ) .لقد فرضت اللغة الارامية ثقافتها وابجديتها الكنعانية "الفينيقية " حتى على الامبراطوريات الايرانية والاغريقية التي بدات تنبثق بعد القرن الخامس قبل الميلاد .ثم انها كانت لغة  السيد المسيح والمسيحيين الاوائل علما ان اللغة العبرية تعتبر بالحقيقة لهجة ارامية ـ كنعانية .
بعد القرن الاول الميلادي تحولت منطقة الرها ونصيبين في شمال الرافدين  (خاضعة حاليا لتركيا ) الى مركز ثقافي وروحي لنشر المسيحية يبدو ان لهجة  هذه المنطقة الارامية . تمكنت من فرض نفسها على اللغة والام (مثلما تمكنت  فيما بعد لهجة قريشان تصبح هي اللغة العربية الفصحي بفضل القران والاسلام ) اذن تمكنت لهجة الرها ونصيبين هذه من فرض نفسها وصارت تعرف بـ "اللغة السريانية " ان هذه التسمية اشتقت من "اشوريا " نسبة الى الاشورية التي كانت سائدة سابقا الى المنطقة . وعندما اتى الاغريق اطلقوا على هذه اللغة تسمية  " سريانيا " وكذلك اطلقوا على جميع منطقة المشرق تسمية "سوريا " بما فيها القسم الشرقي منها الذي سمي ايضا بـ "ميزويوتاميا ـ بين النهرين او الرافدين " علما ان دولة الاشوريين قد سقطت عام 612 ق . م وكانت عاصمتهم نينوى (شمال الرافدين) وهم مزيج من القبائل العراقية القاطنة منذ القدم في المنطقة وتسموا بالاشوريين نسبة الى مدينتهم المقدسة "اشور " مقر "اله الثور المجنح " رمز القوة والخصب وعاصمتهم "نينوى " وهي "الموصل " الحالية .
ان هذه اللغة السريانية قد حلت محل الارامية وصارت اللغة الفصحي لجميع  الكنائس المسيحية والمانوية البابلية في جميع منطقة المشرق من خليج البصرة حتى سيناء بل ان هذه اللغة كانت ايضا لغة كانت ايضا لغة القبائل العربية التي اعتنقت المسيحية واستقرت في "الحيرة ـ أي الحارة " قرب الكوفة . وفي الحضر وبصرى وتدمر ثم انها كانت لغة كنيسة نجران في جنوب الجزيرة العربية وكذلك  انتشرت في منطقة الخليج المعروفة بـ "البحرين " و "قطرايا " أي قطر الحالية . وتمكنت هذه اللغة ان تصبح لغة الثقافة الاولى في الامبراطورية الايرانية الساسانية  ومنحت ابجديتها الى اللغة البهلوية الايرانية ان الثقافة السريانية انتشرت مع النسطورية والمانوية البابلية في الكثير من المناطق اسيا حتى حدود الصين ولا زالت حتى الان بقايا الطائفة النسطورية في الهند ولا زال مسيحيو الصين محتفظين بوثايقهم الدينية السريانية لقد اشتق التركمان كتابتهم الاولى "الاغورية "من ةالسريانية بفضل المبشرين المسيحيين والمانويين ويعتقد ان السبب الاول لتعلق القبائل التركمانية و( المغولية ) بالقدوم الى منطقة المشرق وارض الرافدين يرجع الى علاقتهم القديمة وتاثرهم بالثقافة السريانية "النسطورية والمانوية " وهذا  ايضا يفسر (سهولة انتشار الاسلام فيما بعد بين تلك الشعوب ) بعد الفتح العربي الاسلامي اخذ السكان السريان يتخلون بالتدريج عن مسيحيتهم ويعتنقون الاسلام ويمتزجون بالقبائل العربية الفاتحة ويحملون اسماءها ويتبنون لغتها خصوصا ان القرابة العرقية بين العرب والسريان لعبت دورا اساسيا في تسهيل هذه العملية وكانت عملية الاسلمة والتعريب تحدث اولا في المدن والحواضر بينما بقيت الكثير من ارياف العراق والشام على"نبطيتها "حتى العصر العثماني وشكلت المناطق المرتفعة وشبه الجبلية مانعا طبيعيا امام الاسلام والتعريب فتحولت هذه الموانع الى ملجا للسريان والجماعات العربية المسيحية والشيعية والخارجية المتمردة على مراكز الخلافة في دمشق وبغداد : جبال لبنان والعلفوية والدرزية وغيرها لكن اكثر المناطق التي تمكن فيها السريان من الحفاظ على مسيحيتهم هي منطقة " شمال الرافدين ـ أي الجزيرة " بسبب طبيعتها شبه الجبلية ومحاذاتها للمناطق الجبلية ىمن كردستان وارمينيا وطوروس "الاناضول " رغم انتشار العربية فان السريانية بقيت نشيطة في المشرق حتى القرن الثالث عشر وازدهرت خصوصا في العصر العباسي لكن شعلتها بدات تنطفئ بعد الغزو المغولي للعراق والمشرق وسقوط بغداد ثم قضية عليها تقريبا في الفترة العثمانية رغم بقائها حية في بعض كنائس المشرق وكذلك في الكثير من المنلطق الرافدين وبلدان الشام .بدات نهضة جديدة للثقافة السريانية في اواخر القرن الماضي ومن معالمها صدور الصحف الناطقة بالسريانية وبواكيرها الاولى صحيفة "مرشد الاشوريين "وصدرت في الجزيرة 1908 ثم صحيفة "كوكب الشرق " عام 1910 في ديار بكر للمناضل المعروف نعوم فائق ولا زال الاهتمام بهذه اللغة ينمو ويجذب الكثير من المؤسسات  الرسمية والعلمية العربية والاجنبية .......