المحرر موضوع: رحيل فنان الكوميديا الاول في العراق وليد حسن جعاز  (زيارة 2026 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل العراقيه

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 144
    • مشاهدة الملف الشخصي
شهيد الحلم والوطن وطفولتنا معاً

فنان هوى راسماً لشعبه الضحكة والأمل قبل المفخخة

عراقي....
 

لاأدري ماذا اقول وأنا استجمع دموعي بآنية الورد من اجل صديق الطفولة والدراسة والذكريات الفنان الشهيد وليد حسن جعاز الذي استشهد غدرا في بغداد التي مافتيء الغدر ينهش في جسدها كما تنهش الذئاب الحمل الوديع . ووليد حسن جعاز كان اكثر وداعة من حلم فراشة نائمة تحت ضوء القمر . ورغم هذا تطاولت سكاكين البنادق وذبحت هذه الفراشة في منطقة اليرموك .

 لعلمها انها تمتلك رسالة شريفة ومؤثرة وتجمع تحت اجفانها امنيات العراقيين جميعا كوطن واحدة لايتناثر كحبات الحنطة في فضاء العبث الارهابي حين يريد الغريب والاجنبي والدكتاتور ان يعبث بهذا الكيان الموحد منذ ازل الكهوف الحجرية الاولى وحتى ازمنة الصبر.

هذه التي يموت فيها المبدعون والشرفاء والفقراء والمغيبون لمجرد إنهم اقرب للخير والحب من الشرير بمليارات السنين الضوئية .

واحد من ضحايا هذا العبث .صديقي واخي وربيب ساعة الدرس والمحلة وايام الفن وليد حسن جعاز ، الفنان الملتزم ، والانسان الخلوق والروح الطيبة حد التوغل في شجن الاخر ليصير حبه ممكنا من اول لحظة .

 

ولاادري كيف لي ان اتخيل انسانا بطيبة وليد حسن جعاز ان يموت رميا بالرصاص ويرمى مضرجاً بدم الفضيحة الارهابية التي باتت لاتعرف اين تسكن رصاصاتها حتى لو في اجساد الدمى . وتلك ستؤرق العراق كله ،إذا بقينا نسمع ونرى كل يوم بموت اطفالنا ودكاترتنا واصدقائنا ومبدعينا وعلمائنا ، وخطباء مساجدنا وائمتنا وشرطتنا وبائعي قدور الباقلاء .عندها من اين سناتي بعراق اخر يأؤي لهفة الحب لوطن ماتعودنا العيش إلا عند ضفافه وقرب صرير نواعيره وعلى ارائك مقاهيه وحدائقه .

هذه معضلة يراد لها الحل السريع . فانا لااريد ان افقد كل يوم زهرة لها عطر وليد ويبقى العابثون والقتلة وحدهم من يعيشون . معضلة تمتلك مفاتحيها الدولة الجديدة والجنرال المحتل والخيرون من الذين يريدون العراق عراقا.لاصحن شوربة تلطع به الغربان السود الآتية من مدن الدنيا كلها لتنشر في ذاكرة العراقي غيوم الوحشة والقتل ، فانا من أين اجيء بمبدع وإعوض به موت مبدع . هل هو سيارة كاديلاك لاصنعه ، هل هو قذيفة هاون لاستورد بدلها الف من مصانع السلاح الممتدة على طول خزينة العراق . هل هو دمية من مطاط لإجيء بواحدة منها من الصين.

هذا مبدع عراقي . ذبح العراق اشواق محبته بمنبر الف ربيع حتى صنعه ليصير شاعرا او عالما او مطربا او فقيها وياتي احدهم بكل بلادة وبرود وحقد ويطلق عليه الرصاص. .

هذه معضلة وجودنا الصعب ، لاتمتلك لها حل في آن تتبارز فيه حناجر الساسة ويشكك فيه حتى بمؤسسات النزاهة ، زمن يخاف فيه حتى القاضي ان يحكم في العدل ورجل المرور بتحرير مخالفة .

لهذا سينحر من المبدعين الكثير . وسنزف لوليد الف وليد قادم .ومع نعوشهم تذكار بأن البلوى إن اتسعت سوف تحيل العراق الى اوراق ، ليكتب عليها التاريخ لوم الاجيال ، إن تبقت . ستدون جزعها مما نفعله الان : الصمت وعدم الحزم القوي إزاء زمر القتل وخناجر التكفير وسراق ثروة البلاد وأمنها .

مات وليد حسن جعاز وفي قلبي الم وذكرى وشلال دموع .

مات وليد حسن جعاز ، الفنان الملتزم والمخرج المبدع ، والانسان المعدم ، والقلب الوردة .

مات ليذكرني بليل الناصرية واحلامنا السومرية ومراهقة شارع الحبوبي وابتسامته الوديعة وخواطره اللامعة .مات وهو يؤدي رسالة الشرف النبيل من اجل شعب يتمنى الضحكة قبل الهجرة ، والامل قبل المفخخة .وتيار النور قبل انهيار السور .

لهذا كان لموته رد فعل غاضب عند عموم شعب ، لان جريمة مثل هذه الطريقة ولهذا الإنسان تعد إشارة واضحة للمبدعين الذين صمدوا في متر البقاء على ارض الوطن ، ليفكروا بالمغادرة حتى وان سكنوا اغتراب المحطات وظيم الغربة ، فأولى بهم ان يحفظوا ديمومة ابداعهم وحياة عوائلهم .

اتمنى على الحكومة ان ترعى عائلة وليد حسن جعاز ، فهو لم يترك لها ســـوى قوت يومـها وامال بحياة أفضل.

واتمنى على قناة الشرقية التي احبها وعمل بها مخرجا وممثلا وعاشقا ان تلتفت الى بيته وتعيد بناءه في مدينة الناصرية حيث اخبرني إن ليس في الدنيا مدينة يتمناها مطافا لبقية العمر سوى الناصرية وعطر زقورتها.

وليد حسن جعاز ...لقد ذهبت الحياة عنك .ليس لانك تحبها بل لان عشقك لها جنون.