العمل القومي "الكلداني السرياني الآشوري"
نظرة مقارنة بين الوطن والمهجر
أبرم شبيرا
أولا : توطئة:إيفاءاً بالوعد الذي قطعته لقراءنا الأعزاء في مناسبة سابقة في الكتابة عن موضوع العمل القومي السياسي لأبناء أمتنا، أكتب هذا الموضوع الذي يقوم على مقارنة العمل القومي بين الوطن والمهجر من خلال الحقائق القائمة في كلا المجتمعين وأسلوب عمل كل منهما والمحاور الأساسية المكونة لهما، أي جوهر الأهداف والحوافز التي تدفع المؤسسات والأفراد المهتمين بشؤون الأمة إلى الانخراط في العمل القومي. ولما كان هذا الموضوع مستمد مادته من الواقع المقارن بين المجتمعين، في الوطن والمهجر، ومنظور إلى هذا الواقع بنظرة شخصية خاصة لذلك فمن المؤكد أن تتعدد النظرات والأفكار والآراء حوله، ويفسح المجال واسعاً للتحليل والنقد والإضافات والتعليقات، وهو الهدف المتوخى من طرحه لأبناء مجتمعنا "الكلداني السرياني الآشوري"، وتحديداً المثقفين منهم والمهتمين بالشؤون القومية والسياسية، بهدف الوصول إلى نتائج متقاربة أو تحقيق الفائدة المرجوة منه في فهم حقيقة العمل القومي الآشوري الذي يعاني الكثير من العثرات والتراجع خاصة فيما يتعلق بمسألة التنسيق بين التنظيمات القومية الناشطة في الوطن وتلك العاملة في المهجر. لقد سبق وأن عالجنا هذا الموضوع وبشكل مفصل في كتابي المعنون (محطات فكرية على طريق العمل القومي الآشوري- نظرة مقارنة بين الوطن والمهجر، مطبعة ألفا غرافيك، شيكاغو – الولايات المتحدة الأمريكية، 2000) وأجرينا عليه بعض التعديلات والإضافات ليتلائم مع وقعنا القومي السياسي القائم.
المفهوم السياسي للعمل القومي :ليس القصد بالسياسة هنا، تعريفها الأكاديمي وطبقاً لمعايير علم السياسة الذي يدرس في الجامعات، وإنما المراد بالسياسة هنا هو مفهومها الفلسفي القائم على الواقع والحقيقية ومن ثم على الممارسة التي لا يمكن للسياسة أن تقوم قائمة ما لم تكن هناك ممارسة. أي السياسة ليست علم أو أفكار فحسب وإنما يستوجبها فن وممارسة أيضا، لهذا قيل عن السياسة بأنها علم وفن، أو أفكار وعمل. أن أكثر المفاهيم شيوعاً عن هذا المعنى للسياسة هي اثنان:
السياسة هي فن الممكن : المقصود بالممكن هنا هو الحقيقة أو الموضوع الموجود في الواقع الممكن تلمسه وتحسسه فيزيائياً وماديا، أي بهذا المقصد فأن الأرض أو بقعة جغرافية أو الوطن هو جوهر هذا الوجود في السياسة. فلا وجود للسياسة ما لم تكن هناك حقيقة ملموسة وموجودة على واقع الأرض فالأفكار وحدها لا تكفي هنا لاكتمال مفهوم السياسة. أما المقصود بالفن هنا فالمراد به هو قدرة التعامل مع هذا الواقع وبمدى توفر الإمكانية لتحقيق الأهداف على أرض الواقع. أي بعبارة أخرى، الأهداف لا تتحقق في الهواء والخيال وإنما يتطلب ذلك وجود واقع تقوم عليه وتتحقق فيه. فبالنسبة للعمل القومي "الكلداني السرياني الآشوري" في المهجر، إذا كان موضوعه أو واقعه كائن في "آشور" (لقد أخذنا آشور كوطن جغرافي لكل مكونات أمتنا "الكلدانية السريانية الآشورية" وسنستمر إستخدامه لاحقاً لكونه أكثر شيوعاً في الفكر السياسي القومي) والتعامل لا يتم معه وإنما في واقع آخر بعيد عنه، حينذاك نكون إزاء عمل لا يمكن أن نطلق عليه واقعياً بالعمل السياسي طالما هو عمل عقيم لا يملك مقومات إنتاج نتائج أو تحقيق أهداف على الواقع البعيد عنه.
السياسة هي ديموغرافيا على جغرافيا: المقصود بالديموغرافيا هو الشعب أو السكان أو مجموعة أفراد تربطهم صلة معينة، وعلى الغالب تكون صلة قومية أو وطنية، أما الجغرافيا فنقصد بها الأرض وتحديداً الوطن بالمفهوم السياسي والقانوني. ومن المنطق جداً أن الإنسان لا يتواجد على الأرض أو في الوطن بحالة استاتيكة جامدة ميتة وإنما يمارس نشاطات معينة فيه تخص الوطن أو الواقع الذي ينتمي إليه ويرتبط به ويدخل في علاقات اجتماعية أو سياسية مع غيره من أفراد مجموعته. لهذا فالمقصود بـ "على" هو فوق، أي وجود الإنسان فوق الأرض بكل ما يعنيه هذا الوجود من نشاطات مختلفة الجوانب ومتعددة الأهداف. فوفق هذا المفهوم للسياسة نقول طالما الشعب أو السكان، أي "الكلدان السريان الآشوريين" المتواجدون في المهجر، هم على أرض غير أرض "آشور" وأن هذا الأخير في مكان يبتعد عنهم بمئات أو آلاف الأميال ويشكل في الحقيقة محوراً روحياً أساسياً لنشاطهم الذي يمارس على أرض أخرى غير الأرض المستهدفة من نشاطهم، فأن كل نشاطاتهم بهذا الخصوص تبقى بالدرجة الأولى وبشكلها العام غير واقعية في هذا السياق، أي لا يمكن التحقق منها ولا تستطيع تحقيق حتى الحد الأدنى من أهدافها المتمحورة حول "آشور". لهذا السبب تظل المؤسسات السياسية من أحزاب ومنظمات تدور في دائرة مفرغة لا طائل أو نتيجة حقيقية تفيد "آشور" من العويل والصراخ ورفع الشعارات البراقة ومن ثم انسراح العمل القومي في عالم الخيال والرومانسية.
على العكس مما تقدم ، فلو أتخذ "الكلدان السريان الآشوريون" في المهجر من واقعهم محوراً حقيقيا وماديا لعملهم القومي وحافظوا على "آشور" محوراً روحياً في مكانه مستلهما لهم ولمعنوياتهم وأفكارهم ومن دون سحب هذا المحور ونقله إلى واقع عملهم، والذي يعتبر أمراً مستحيلاً، لتحول نشاطهم القومي إلى سياسة حقيقية مثمرة قابلة لتحقيق أهداف على الواقع الذي يمارس هذا النشاط فيه. وبشكل أوضح أقول، فبدلا من انشغال هذه الأحزاب والمنظمات وتضيع جهودها وأموالها في "تحرير آشور" أو المطالبة بالحكم الذاتي للآشوريين في وطنهم التاريخي عليهم توجيه كل هذه النشاطات والجهود إلى واقعهم في المهجر واستهداف أمراض المجتمع وتقوية مقومات وجوده، وهي الأهداف التي يمكن تحقيقها وبيسر فيما لو تم تقويم العمل القومي ووضع ومورس في واقعه الحقيقي. وهذا أيضاً هو الذي يجعل من العمل القومي في المهجر أن لا يكون قاصراً على السياسة فحسب بل يشمل وبدرجة أكثر أهمية الجوانب الأخرى من اجتماعية وثقافية وفكرية وحتى اقتصادية ودينية، وهو السبب الذي يجعل الأندية الاجتماعية والمؤسسات غير "السياسية" والكنائس واللجان التابعة لها أكثر نشاطاً وتحقيقاً لأهدافها من الأحزاب والمؤسسات السياسية في بلدان المهجر.
مفهوم السياسة بين الوطن والمهجر:هناك مسألة مهمة أخرى تجعل من العمل القومي أن يكون سياسياً في الوطن وأن لا يكون سياسياً في المهجر مأخوذاً من زاوية اختلاف طبيعة الأنظمة السياسية في كل من الوطن والمهجر. ففي المهجر السياسة هو كل نشاط متعلق بالسلطة السياسية أو مؤسساتها الحكومية بشكل مباشر أو غير مباشر. أي بعبارة أخرى السلطة السياسية لا تتدخل، أو لا يعنيها الكثير من الأمور التي تخص المحكومين إلا بقدر ما يعزز مكانة الحزب الحاكم أو يخدم سياسته، خاصة أثناء فترة الحملة الانتخابية. إضافة إلى ذلك فأن الأحزاب السياسية "الكلدانية السريانية الاشورية" في المهجر غير متسقة أو مندمجة أو لها دور في النظام الحزبي والسياسي للدولة ولا علاقة لها بموضوع السلطة أو الحكومة، لذلك لا يمكن اعتبار نشاطها كنشاط سياسي بالمفهوم الشائع عن السياسة في هذه البلدان. في حين على العكس من هذا ففي بلدان الشرق الأوسط، خاصة موطن "الكلدان السريان الآشوريين" الأصلي، الحياة كلها مسيسة وتتدخل السياسة حتى في أصغر الأمور وأبسطها، خاصة عندما تكون هذه الأمور في تعارض أو تناقض مع فكر أو سياسة الحزب أو الفئة المسيطرة على السلطة السياسية. ويزداد أمر تسيس كل جوانب الحياة أكثر بالنسبة للمجموعات التي لا تعبر السلطة السياسية عن إرادتها، أو الشعوب التي لم تكون بعد دولتها أو كيانها السياسي المستقل. وبقدر تعلق الأمر بأبناء أمتنا، فأن بمجرد تدريس لغة الأم أو إصدار نشرة أو مجلة أو إقامة مهرجان شعري أو إلقاء محاضرة أو حتى إقامة سفرة جماعية أو احتفال بمناسبة تراثية أو غناء أغنية تراثية وقومية، لا بل وحتى تسمية الأطفال بأسماء تراثية قومية، كانت مسائل سياسية مرفوضة بالنسبة لحزب البعث الحاكم في العراق لأن مثل هذه المسائل التي تعزز من ترسيخ المقومات القومية الخاصة لأبناء أمتنا، هي مسائل كانت تتعارض مع أيديولوجيته الداعية إلى صهر الأقليات في القومية العربية، وإن كان في بعض الأحيان، ولأسباب تكتيكية بحتة، قد يسمح بممارسة بعضها ولكن عندما تصل مثل هذه النشاطات إلى الخطوط الحمراء التي رسمها حولها يجهض عليها بلحظة واحدة. واليوم في العراق يكفي أن يتكلم أبناء أمتنا بلغتهم القومية السريانية لا بل يكفي أن يكونوا مسيحيين لكي يعاملهم البعض كنعصر سياسي يستوجب إمحاء وجودهم التاريخي في الوطن سواء بالتهجير أو بقطع الرؤوس. أما في دول المهجر فأن مثل هذه النشاطات لا تتخذ أية صفة سياسية ولا تتعارض مع فكر الحزب الحاكم لأن الوضع القومي "للكلدان السريان الآشوريين" لا يهمه أكثر مما يهم تعزيز مكانته في السلطة السياسية. وانطلاقاً من هذا المفهوم السياسي للعمل القومي، نرى بأن إمكانية ممارسته في المهجر، من خلال النشاطات التي مر ذكرها، هي أكثر بكثير من إمكانية ممارسته في أرض الوطن، التي يجب أن تستغل هذه الفرص من قبل المؤسسات والأحزاب السياسية في المهجر لتحقيق رسوخ مقومات الأمة وصيانتها من الإنصار والضياع.
الاغتراب ورومانسية العمل القومي في المهجر: مفهوم الاغتراب الوارد في هذا الموضوع ليس القصد منه ترك الوطن والهجرة إلى الخارج فحسب بل يعني النتائج التي تترتب من جراء هذه الهجرة على مستويات اجتماعية وفكرية وثقافية ونفسية. أي بعبارة أخرى أن مفهوم الاغتراب لا يتناول مسألة انتقال جسم الإنسان، إن صح التعبير، من مكان إلى مكان آخر مختلف وإنما يتطرق إلى الحالة العقلية التي ترتبت من جراء هذا الانتقال، وهو موضوع فلسفي عميق لا نريد الإسهاب فيه أكثر مما يفيد بعض تطبيقاته على الواقع أمتنا في المهجر وتأثيراته على مناهج وطرق العمل القومي. أن ترك الوطن والهجرة إلى الخارج يعني تجرد الفرد واقعياً وموضوعياً من الرابطة اليومية والحياتية التي كانت تربطه بالوطن ويعني أيضاً الكف عن العيش في العالم الواقعي لهذا الوطن والبدء بالانتقال إلى واقع أخر بعيد عنه يصبح هو عالمه الواقعي الذي يعيش ويمارس نشاطه فيه. أي بهذا المعنى أصبح له واقع جديد آخر بل وطن آخر بكل ما تعنيه هذه الكلمة من التزامات قانونية وسياسية وحقوق وواجبات، يختلف كلياً أو جزئياً عن الواقع أو الوطن السابق من نواحي عديدة ومختلفة، فهذا هو المهجر الذي له صفة دائمة ويختلف عن المنفى الذي له صفة مؤقتة. أن الذي يهمنا هنا هو القول بأنه ومن خلال استقراء بسيط للحالة الفكرية لأبناء أمتنا في المهجر يتأكد لدينا وبشكل قاطع بأن الوطن أو "آشور" يشكل وبدون استثناء الجوهر الأساسي لمضمون العمل القومي في المهجر، سواء أكان المهتمون بهذا العمل أفراد أو منظمات سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو علمية أو حتى فنية أو دينية، أو سواء أكانوا من العراق أو من سوريا أو تركيا أو إيران أو لبنان، فللكل يشكل الوطن "آشور" أساس وجوهر عملهم القومي، لا بل ومصدر انتماؤهم القومي أيضاً. أي يصبح الوطن "آشور" أكثر وجوداً في عقلهم ووجدانهم مما كان عليه في السابق. أنه موضوع فخر واعتزاز لنا جميعاً أن نرى بعض الأجيال التي ولدت في المهجر لا تزال تعترف وتعتز بانتماءها القومي رغم عدم قدرتها على إثبات هذا الانتماء ببراهين واقعية وقانونية كحال بقية الشعوب التي هاجرت أوطانها، ولكن المشكلة الأخرى هي أن هؤلاء الأقوام المهاجرة يختلفون عن "الكلدان السريان الآشوريين" لأن لهم كيانات سياسية وقانونية تشكل مصدراً سياسياً وإطاراً قانونيا وواقعياً أيضاً لانتمائهم القومي وتحصنهم من الضياع والذوبان في بلدان المهجر. المهم هنا هو التأكيد مرة أخرى بأنه رغم بقاء "آشور" دائماً وأبداً مصدراً للانتماء القومي كظاهرة إيجابية ويستوجب ترسيخها في نفوس أبناء امتنا صغاراً وكباراً، فأن هذا يؤكد في بقاء "آشور" أيضا كمحور أساسي لمعظم نشاطات الآشوريين المختلفة في المهجر، خاصة السياسية منها التي تعنينا في هذا الموضوع. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: أين موقع "آشور" بالنسبة لهم من الحقيقة السياسية الموضوعية، باعتبار أن السياسة تتعامل مع الحقائق كما هي في الأرض والواقع ولا يعنيها شيئاً من أمر العواطف والمشاعر والتمنيات ؟؟ هل له وجود ملموس ومحسوس حتى يتم التعامل معه؟؟
أن الابتعاد عن الوطن أو "آشور" أو "بيت نهرين" وهجره يعني ترك "الكداني السرياني الآشوري" وطنه الذي لم يعد قائماً معه أو يعيش فيه بعد الهجرة، أي بعبارة أخرى، أنه تم نقل وتحويل الوطن الأصلي "آشور" من عالم الواقع والموضوع إلى عالم معنوي وذاتي أو فكري غير موضوعي أو واقعي أو حقيقي للمشتغلين بالمسائل القومية في المهجر أو حتى بالنسبة للأفراد العاديين، أي أن "آشور" بقى المحور الأساسي لمعظم نشاطاتهم القومية في الوقت الذي يعيش هؤلاء ويعملون في واقع آخر يبتعد عن "آشور" أو "بيت نهرين" آلاف الأميال. لقد دلت أحدث الدراسات السوسيولوجية عن هجرة الشعوب وترك أوطانهم، بأن الوطن يظل على الدوام مشرقاً في عيني المهاجر وساكناً في عقله ويعيش في خياله عندما يصبح في الغربة بعد عجزه عن العيش في واقع الوطن، وهي الحالة التي تنطبق على أبناء أمتنا بحذافيرها، أي بعبارة أخرى، في الماضي كان يعيشون في "آشور" وفي المهجر أصبح "آشور" يعيش فيهم.
فهذا الاغتراب، أي وجود الموضوع أو الواقع في مكان والنشاط الخاص به في مكان آخر، هو الذي أدى إلى أن يكون "آشور" محوراً روحياً لهم وليس واقعياً، وهو المحور الذي يؤدي بالنتيجة إلى سيادة وهيمنة الطابع الرومانسي والخيالي والطقسي على العمل القومي في المهجر ومن ثم ابتعاده عن الواقعية وعن إمكانية تحقيق المهمات التي أصبحت مستحيلة. فإذا كان بقاء واستمرار "آشور" كمحور روحي للعقل والنشاط في المهجر هو ظاهرة إيجابية لها دلالات تؤكد امتلاك أبناء أمتنا لعنصر "الأرض"، سواء أكان واقعياً أو روحياً، كمقوم من مقومات الوجود القومي أينما كان ذلك سواء على هذه الأرض أم بعيدين عنها، وهي الظاهرة التي يستوجب ترسيخها وزرعها وعلى الدوام في أبناء مجتمعنا وفي أطفالهم، فأن الجانب السلبي المرتبط بهذا العنصر يتمثل في جـر وسحب هذا المحور الروحي ومحاولة نقله أو إنزاله إلى واقع أخر مختلف كلياً ومن ثم بناء عليه نشاطهم القومي، وهو مجرد عنصر روحي ومعنوي بالنسبة لهم في المهجر والذي يؤدي بالنتيجة إلى اكتساب هذا العمل طابعاً خيالياً رومانسياً بعيداً عن الواقع العملي الذي يعيشون فيه ومن ثم عدم اتساقه معه أو انتظامه بشكل يتناسب مع طموحات أو أنماط تفكير أبناء المجتمع في المهجر. من هنا يستوجب تعديل موازين العمل القومي في المهجر بحيث يبقي على "آشور" محوراً روحياً معززاً بين الكبار والصغار من جهة، وأن يجعل من الواقع الاجتماعي في المهجر بكل أمراضه العشائرية والقريوية والطائفية والأنانية والتحزبية والمصلحية والأخلاقية محوراً واقعياً ومنطقياً للعمل القومي من جهة أخرى. أي بهذا المعنى سنكون إزاء ممارسة سياسية حقيقية واقعية لا رومانسية خيالية. وإذا حاولنا قياس أو معرفة الجانب السياسي والواقعي لهذه الممارسة يستوجب عليها فهمها وفق مفهوم السياسة الذي لخصنا فيه في السطور السابقة.
واقعية العمل القومي في الوطن :إذا كان "آشور" محوراً روحياً ومعنوياً لأبناء أمتنا في المهجر فأنه ليس كذلك وحسب بالنسبة للصامدين في الوطن، بل أن الأمر يختلف عما هو عليه في المهجر. فبالإضافة إلى كون "آشور" بعداً تاريخياً وحضارياًً، فهو أيضاً يعتبر وبالدرجة الأولى محوراً واقعياً لفكرهم ونشاطهم والأساس المادي الذي يرتكز عليه عملهم القومي والذي يلتصق به ويندمج معه من دون أن يترك فسحة للإنسراح في عالم الخيال والرومانسية. لهذا السبب يكتسب العمل القومي في الوطن واقعية ومنطقية يتناسق مع واقعية محور "آشور" باعتباره حقيقة واقعية موجودة على الأرض يمارسون نشاطهم عليها ويعيشون في هذا الوطن، وبالتالي يكون عملهم عملاً قومياً سياسياً قابل لتحقيق المفيد والملموس لهذه الأمة، وبالنتيجة تكتسب مؤسساتهم وأحزابهم قبولاً واحتراماً لكونها مؤسسات وأحزاب قادرة على تجسيد شيئاً من ما تقوله أو تعلنه في شعاراتها القومية والسياسية وتستطيع تطبيقه على أرض الواقع عند توفر الظروف السياسية المناسبة لذلك. لهذا السبب يحق لنا أن نقول بأن هذه المؤسسات تمارس السياسة في نشاطها القومي طالما أنطبق عليها مفهوم السياسة في كونها فن الممكن، لأنها تمارس ما هو ممكن على الواقع وليس في الخيال البعيد، كما ينطبق عليها مفهوم السياسة في كونها ديموغرافيا على جغرافيا، أي وجود إمكانية ممارسة أبناء أمتنا لنشاطهم على أرض الوطن المعبر عن كيانهم والذي يستمد منه هوية انتماؤهم القومي.
تكامل العمل القومي بين الوطن والمهجر:ربما يتوهم البعض بأنني حاولت بتفسيراتي المذكورة أعلاه تجريد أبناء أمتنا في المهجر من وطنهم "آشور" أو " بيت نهرين" ومنحتهم وطن آخر بديل عنهم في المهجر وأنهم مهما عملوا وناضلوا في المهجر من أجل الأمة فأن هذا لا ينفع أخوتهم في الوطن … كلا … لم أقصد هذا إطلاقاً بل على العكس من هذا فأنني أريد التأكيد بأن "الكلدان السريان الآشوريين" في المهجر يمكن أن يعملوا كثير الكثير لوطنهم ولأخوتهم الصامدين فيه وأن يكون عملهم القومي أكثر واقعية وبالتالي أكثر مثمراً ومحققاً لأهدافهم سواء في المهجر أم في الوطن فيما إذا فهم أو عمل كل طرف على الطريق الصحيح للعمل القومي الذي يجب أن يقوم على واقعية ملموسة حتى تكون الأهداف ممكنة التحقيق على أرض الواقع. لهذا السبب أنه من الضروري جداً الانتباه إلى الحقيقة التي دفعتنا إلى اعتبار " آشور " محوراً روحياً ورفضنا سحبه إلى الواقع القائم في المهجر ليكون واقع العمل القومي، وكذلك عندما اعتبرنا نفس "آشور "محوراً واقعياً لأبناءنا في الوطن ومن ثم بناء أسس عملهم القومي على هذا المحور. أي بعبارة أخرى، يجب أن لا نتوهم بأن هناك انفصال وانقطاع بين المحورين وبين الأسلوبين في العمل القومي، فالروح لا يمكن أن تنقطع أو تنفصل عن الواقع بل تظل مرتبطة به تمثل الجانب الميتافيزيقي لواقعية الحياة، وهي مسألة فلسفية تتصارع حولها المدارس الفكرية في المادية والمثالية ولا نريد الانجرار خلفها .
ولكن أيضا من الضروري أن نفهم بأن الربط العضوي بين الروح والمادة لا يمنعنا من التمييز بين كل جانب من جوانب الظاهرة الاجتماعية. لذلك فإذا كانت متطلبات البحث والفائدة المتوخاة من نتائج العمل القومي سواء في الوطن أم في المهجر قد فرضت علينا ضرورة التمييز والفصل بين المحورين الروحي والواقعي فأن التأكيد المشدد يتطلب الإشارة إلى أن نفهم طبيعة العلاقة الجدلية بين المحورين وتناسقهما ومن ثم تكامل كل محور للمحور الآخر فيما لو وضعا في مسارهما الصحيح، خاصة بالنسبة لمسار أسلوب العمل القومي في المهجر والذي يعاني الكثير من الخلل والعجز في فهم واقعه الأساسي ومن ثم فقدان الفرص الثمينة التي توفرها بلدان المهجر والممكن استثمارها لخدمة أبناء الأمة لو نزلت المؤسسات "الكلدانية السريانية الآشورية" السياسية من العالم الرومانسي إلى العالم الواقعي.
ولكن أيضا من الضروري الانتباه والتذكير بأن التكامل هو غير الاندماج والخلط أو المزج، أي بعبارة أوضح إن العمل القومي في المهجر يجب أن يتكامل ويتناسق مع العمل القومي في الوطن لا أن يندمج به أو يختلط معه، أي بمعنى إن مسألة " تحرير آشور" أو المطالبة بالحكم الذاتي أو التنسيق والتعاون مع القوى السياسية للقوميات الأخرى لضمان حقوق أبناء أمتنا أو الاتصال والتعامل مع الحكومات المعنية هي من المتطلبات الأولية في العمل القومي بالنسبة للأحزاب والمنظمات القومية في أرض الوطن باعتبارها اللاعب الرئيسي والمباشر على الساحة السياسية لأمتنا. في حين يجب أن تكون الأحزاب والمنظمات أو المؤسسات القومية في المهجر اللاعب غير الرئيسي وغير المباشر فيما يخص هذه المسائل باعتبارها مسائل غير قائمة في الواقع الفعلي الذي تعيش وتعمل وتنشط فيه. فمهما رفعت من شعارات قومية براقة، سواء أكانت صادقة أم منمقة، فأنها لا تستطيع من الناحية الواقعية أن ترفع حجر وتضعه على حجر من أجل بناء جدار لبيت مهدم في قرية من قرانا في شمال الوطن، كما لا يتمكن أي من أعضاءها أن يعلم حرفاً واحدا في المدارس السريانية هناك. ولكن بالمقابل تستطيع هذه الأحزاب أن تعمل كثير الكثير وبشكل فعال ومثمر من خلال مساندة ودعم القائمين على هذه الشؤون في الوطن وبمختلف الوسائل والمجالات والكثير منها معروفة للجميع، لذلك فأن دورها هنا يكون مكملاً لدور المنظمات والأحزاب الآشورية على أرض الوطن ومسانداً لها، وهو الدور الذي يستوجبه الكثير من التنسيق والتناغم حتى يتكامل العمل القومي بشكل صحيح وواقعي.
وانطلاقاً من هذه الأدوار المحددة ضمن إطار الدور المباشر وغير المباشر لكل طرف، يمكن القول بأنه لا يجوز منطقياً أن يرفع حزب سياسي شعار رومانسي في "تحرير آشور" أو تدعو منظمة قومية إلى المطالبة بالحقوق القومية للآشوريين أو بالحكم الذاتي في الوطن في الوقت الذي جميع أعضاءها وحتى قياداتها قائمة وتعيش في المهجر وبعضهم لم تطأ قدمهم أرض آشور أو ليس لهم ولا عضو مرتبط بتنظيمهم يمثلهم في أرض الوطن، لا بل فالبعض الآخر يرغب في التفاوض مع القوى السياسية العراقية أو يحاول حشر نفسه في الإنتخابات. هذا الأسلوب هو الذي جعل من العمل القومي في المهجر أن يتصف في عموميته بنوع من الرومانسية ويبتعد عن الواقعية خاصة عندما يترك واقعه الأصلي في المهجر ويتخلى عن التنسيق والتكامل مع العمل القومي للمنظمات والأحزاب الآشورية الناشطة على أرض الوطن ومن ثم تخفق في تحقيق النتائج المفيدة والملموسة. إن الأحزاب والمنظمات النبيلة والمخلصة لأبناء أمتنا في المهجر يمكن أن تكون أكثر نفعاً وسنداً لأخوتهم في الوطن لو كان عملهم يستند على واقعهم الحقيقي في المهجر وليس على الخيال البعيد المنال وعليها أن تستغل واقعها لا أن تنفلت منه نحو واقع آخر لا تعيش فيه، أي عليها أن لا تضيع الممكن من أجل غير الممكن.
هكذا من الممكن أن تكون المؤسسات الآشورية في المهجر أكثر دعماً ومساندة للآشوريين سواء في المهجر نفسه أم في الوطن عندما يكون أسلوب عملها القومي أكثر واقعية ومنطقياً يتوافق مع الظروف الخاصة السائدة في كل بلد من بلدان المهجر وأن تنخرط في العمل السياسي في بلدان المهجر وأن تكون قوة ضاغطة على حكومات هذه البلدان لمصلحة أخوتهم في الوطن. من هذا المنطلق لا نستغرب أن نرى الأندية والجمعيات "غير السياسية" في المهجر والتي لا ترفع شعارات رومانسية بأنها أكثر واقعية في نشاطها وتحقيقاً لأهدافها من الأحزاب والمنظمات السياسية، وهي أيضاً أكثر تنسيقاً وتكاملاً ومساندة وعلاقة مع الأحزاب والمنظمات القومية في أرض الوطن، والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى صفة الواقعية التي تجمع بين كلا الطرفين، في حين على العكس من هذا فأن الأحزاب والمنظمات السياسية في المهجر أقل، أن لم يكن معدوماً، تعاوناً وتنسيقاً وعلاقة مع غيرها في أرض الوطن، وحتى إذا وجدنا جوانب من هذا التعاون والتنسيق فأنه يكون لفترة قصيرة وسرعان ما يختفي والسبب يعود إلى الصفة الرومانسية لعملها القومي الذي لا يتسق أو ينتظم مع الصفة الواقعية الذي يتسم به عمل الأحزاب والمنظمات السياسية في أرض الوطن.
هذا من جانب واحد، ولكن هناك جانب آخر يجب أن لا يفوتنا وهو أن اشتراك أحزاب الوطن مع أحزاب المهجر في ساحة سياسية ضيقة المعالم والآفاق وافتقارهم إلى برنامج محدد لمصلحة الأمة، مضافاً إليه تغلب المسائل الشخصية للقيادات على المبادئ الحزبية والقومية وتوجيه سياسات الحزب طبقاً لأهواء القيادات الفردية المتضاربة كلها عوامل أخرى تؤدي بالنتيجة والحتم إلى العجز في الوصول حتى إلى الحد الأدنى من التنسيق والتفاهم. ومن الظاهر أن هذا الفشل لا يحصل بين الأحزاب المتنافسة فحسب وإنما أيضا بين الأحزاب "الصديقة" و "المتفاهمة"، سواء أكان برغبتهم أو بدونها، بقصد أو بغير قصد، والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى اختلاف طبيعة وواقع كل واحد منهم الذي تنطلق منه سياساتهم ومفاهيم حول المصلحة القومية وكيفية تحديدها والعمل على تحقيقها وعدم قدرة كل طرف على فهم واقع الطرف الآخر. هذه هي الأسباب الرئيسية التي تحول دون قيام أو فشل جميع محاولات تشكيل جبهات أو تحالفات بين الأحزاب السياسية، ولا نستغرب أيضاً بأن هناك بعض الجبهات بين هذه الأحزاب رغم أنها لم تلغى رسمياً إلا أنها في حكم الميت أو المنتهي التي لا نشاط لها إطلاقاً، وأن كان، فهذا لا يتجاوز حدود بيان أو منشور في مناسبة قد لا يتكرر مرة أخرى.
إذا كان من المفترض، كما سبق وأن ذكرنا، أن تكون الأحزاب السياسية الآشورية في الوطن هي اللاعب الرئيسي في المجتمع الآشوري باعتبارها تقوم وتنشط في واقع موضوعي وحقيقي لـ "آشور" لأنها تكتسب واقعيتها منه، فأنه بالمقابل أيضا يجب أن تكون الأحزاب والمنظمات السياسية في المهجر اللاعب الرئيسي والفاعل في مجتمع المهجر لان هذا الأخير هو واقعها الذي تعيش وتنشط فيه والتي من المفترض أن تكتسب واقعيتها منه وتعرف كل خفاياه وأسراره المؤثرة سلباً وإيجاباً في طبيعة تطور هذا المجتمع وفي جوانب عديدة من حياة أفراده. فعندما تتعامل هذه الأحزاب والمنظمات القومية مع الواقع وتسعى في عملها القومي إلى معالجة المشاكل والأمراض التي يعاني منها المجتمع، كالعشائرية والقريوية والطائفية والأنانية والتحلل العائلي وغيرها وتدعو أو تعمل على التضامن الاجتماعي ونشر الوعي القومي وتصعيد معنويات الأفراد وتحصينهم من الضياع والانصهار وتقوية الأواصر الروحية بوطن الأم "بيت نهرين"، لا بل والسعي أيضا إلى مساعدة المحتاجين وتدعيم ركائزهم الاقتصادية والمعاشية والعائلية ومساندة الطلاب وتشجيعهم على مواصلة تعليمهم وحثهم على الانخراط في النشاطات القومية والثقافية بما فيه المساهمة في إنشاء مدراس قومية أو القيام بحملة تدريس لغة الأم أو المساهمة في طبع الكتب ودعم الكتاب والشعراء والترويج لنتاجاتهم الثقافية والفكرية وغيرها من المجالات التي تزخر بها مجتمعات المهجر، حينذاك تسلك المنظمات والأحزاب "الكلدانية السريانية الآشورية" في المهجر سلوكاً صحيحاً وواقعيا في العمل القومي وهو العمل الذي لا يساهم في تدعيم ركائز المجتمع وتطويره في المهجر فحسب، وإنما أيضاً يساهم مساهمة فاعلة وغير مباشرة في مساندة المجتمع في أرض الوطن ويدعم دعماً منطقياً وقويماً للعمل القومي والمنظمات والأحزاب الفاعلة على أرض آشور. فكلما كان المجتمع في المهجر معافياً راسخاً سائراً على دروب التطور والتقدم الصحيحة وتعمل الأحزاب والمنظمات ضمن هذا الإطار كلما زاد ذلك من دعم وإسناد نضال أبناء امتنا ومنظماتهم وأحزابهم في أرض الوطن وعلى مختلف الأصعدة السياسية والإعلامية والثقافية والاقتصادية. فهذا التكامل في العمل القومي يفرض ضرورة تخصص المنظمات والأحزاب السياسية ضمن إطار واقعها الحقيقي، أو الجغرافي أن صح التعبير، وهو التخصص الذي يخلق التعاون والتنسيق المناسب والمثالي بين أبناء امتنا ومنظماتهم وأحزابهم في المهجر والوطن ويتم من خلاله تحقيق أهداف الأمة "الكلدانية السريانية الآشورية".
يجب على الأحزاب السياسية والمنظمات القومية في المهجر أن تعلب دوراً مهماً وأساسياً في مسألة تكامل أفراد المجتمع "اللكداني السرياني الآشوري" مع غيرهم من المجتمعات وأنظمتهم السياسية والقانونية ويجب عدم إغفالها من جدول أولياتهم. والمقصود بالتكامل هو ضرورة معرفة أسرار وخفايا وأنظمة وتوجهات وسياسات هذه المجتمعات ومن ثم النفاذ من خلالها للوصول إلى مواقع سياسية واقتصادية وعلمية مؤثرة يمكن استغلالها لخدمة أمتنا ليس في المهجر فحسب وإنما أيضا في الوطن. والتكامل قد يتخذ أشكال مختلفة مثل تشجيع الطلاب ودعمهم لمواصلة الدراسة وتحصيل الشهادات الجامعية العليا ومن ثم تبوئهم لمناصب مؤثرة أو محاولة دفع أبناء امتنا للإنتماء إلى الأحزاب السياسية العامة في بلدان المهجر أو عقد تحالفات دعم ومساندة لهم في الحملات الانتخابية، خاصة في المناطق التي يتركزون فيها بكثافة، كولاية ألينوي ومشيغان وكاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية و منطقة سميثفيلد في أستراليا ومنطقة إيلينك في لندن وسودورتاليا في السويد وغيرهم، أو ترشيح عناصر كفوءة من أبناء أمتنا إلى عضوية مجالس البلديات أو الحكومات المحلية أو المركزية وغيرها من المؤسسات السياسية والحكومية والشعبية حتى تتمكن من موقعها ممارسة الضغط لتحقيق بعض الأهداف المفيدة لأبناء أمتنا. وهناك مثال نموذجي في هذا السياق، وهو من السويد، إذ تمكن أبناء أمتنا من خلال تواجدهم المركز في ستوكهولم من ترشيح المحامي يلماز كريمو، وهو من أنصار، أو كما أعتقد عضو في المنظمة الآثورية الديمقراطية، ممثلاً عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي ومن ثم فوزه في الانتخابات العامة لسنة 1998 بمقعد في البرلمان السويدي ومن موقعه هذا حاول ويحاول على الدوام تحقيق مطالب أبناء أمتنا ودعم قضاياهم العادلة سواء في السويد أو خارجها. والبرلمانية آنًا إيشو في الكونغرس الأمريكي نموذج آخر في هذا السياق. هذه نماذج مثالية في كيفية تكامل "الكلدان السريان الآشوريين" في مجتمعات المهجر ويجب أن يحتدى بها في بلدان أخرى وأن تعمل الأحزاب السياسية والمنظمات القومية"الكلدانية السريانية الآشوري" بهذا الإتجاه خدمة لأبناء الأمة أينما كانوا سواء في الوطن أم المهجر.