المحرر موضوع: ماذا قيل عن البُغض وعن اخته الكراهية  (زيارة 3178 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شمعون كوسا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 200
    • مشاهدة الملف الشخصي
ماذا قيل عن البُغض وعن اخته الكراهية

شمعون كوسا

كلما دقّ الناقوس الذي يُنبؤني بالتهيّؤ لمقال جديد ، اضطربُ قليلا لان نداءه يضعني من جديد امام مسؤولية التفكير في موضوع جديد . تلبيةً للنداء جلستُ على مكتبي ، وإذا بالقلم الذي استخدمه عادة في كتابة مسوداتي ، يتحرك نحوي ببطء ليعلن خضوعه لاناملي واستعداده الكامل للكتابة . نظرتُ اليه مطوّلا ولم أشأ الامساك به . انتظر القلم بعض الوقت وعندما رأى باني لم أُقِم له وزنا ، بدأ يتحرك في كل الاتجاهات كالطفل الصغير الذي يصرّ على جلب الانتباه  ، وفي حركته العشوائية التي كانت تترجم استيائه ،رسم منحنيات وخطوط وزوايا غير منتظمة . بقليل من الجهد أو شئ من قابلية التشبيه كان بوسع المرءِ استخراج بعض الحروف منها . كلّ ما أستطعت ان استخلصه من الخربشة هذه ،كانت ثلاثة حروف تشبه الباء والغين والضاد ، تخيّلت نفسي في جلسة مناجاة الارواح ، لاقنع نفسي بان القلم يدعوني الى الكتابة عن موضوع الـ (ب غ ض) . تصفحت اوراقي السابقة ورأيت بان كلمة البغض ومرادفاتها كالحقد والكراهية قد وردت فيها كثيرا ، ليس كموضوع رئيسي ولكن ككلمة ضرورية في جملة أو جملة في فقرة ، كان استخدامها لا بدّ منه لاستيعاب بعض النتائج أومعرفة بعض الاسباب . قلتُ ولِمَ لا ، هل ان اعادة الشئ المفيد يضرّ بشئ ، أليست الحياة ، كما اقول دائما ، تكراراً واعادة لنفس النصائح والمبادئ التي يسمعها الانسان ولكنه يحتاج اليها يوميا ؟
وفي غمرة تفكيري هذه ، تذكرت واقعة كنت قد قرأتها بهذا الخصوص في جريدة فرنسية كانت تقول :
في قطار يؤمّن التنقّل لركاب ضواحي باريس ، توقف القطار في محطة معينة . كان هناك امرأة تهمّ بالخروج مع ابنتها الصغيرة النائمة داخل العربة ، ولكنها كانت تجد صعوبة في ذلك . أوعز احد الركاب البعيدين الى شاب واقف عند الباب ، كي يتفضّل بمدّ يد العون لها ويمكّنها من النزول من القطار ، وإذا بالشاب المذكور يلتفت غاضبا الى الراكب صاحب الايعاز ويقول له بصوت عال جدا : ولماذا لا تقوم انت ، انا لن اساعد هؤلاء الناس لاني امقتهم من اعماق قلبي . مَن يا تُرى طلب من هؤلاء القدوم الينا  وركوب قطاراتنا ؟ هذا ليس موطنهم انهم أتوا الينا ليحرمونا من حقوقنا ، لقد افسدوا علينا الحياة ، انا اكرههم بشدة ، عليهم العودة من حيث أتوا   .
أمام هذا الجواب الغاضب ، قام الراكب صاحب المبادرة وهبّ لمساعدة المرأة فانزل عربتها . كان يتوقع الرجلُ الطيب كلمةَ شكر او ابتسامة صغيرة من قبل المرأة ، ولكنه تفاجأ لدى سماعه إياها تقول له : لا بدّ انك تختلف عن غيرك ، ولكن لا تعتقد باننا سنرحمك يوم ستأتي ساعة الانتقام حيث سنصب جام بغضنا وغضبنا عليكم جميعا دون استثناء ، لاننا نكرهكم كثيرا .
هذا مثل عن بُغضٍ  بلغ حدّ التطرف العنصري ولكنه ذو مغزى كبير . إن هذين الشخصين وإن ألقيا شباك بغضهما بعيدا وفي الاعماق لانهما يمثلان اجناسا وطبقات من المجتمع ، غير انهما نموذج صارخ للبغض العادي الذي يعشعش في نفوس الافراد ، بُغض لا يحتاج الى وقت طويل ليكتسب درجة الحقد والكراهية .
اذا اردنا ان نعرّف البغض نقول بانه وليد عداوة قديمة أدّت الى القرف والاشمئزاز . البغض ينكر حق العيش للاخر ، وهو حالة غضب لوجود الاخر والرغبة في اختفائه كلياً . فهو شعور يمحو الاخر ويقتله بالنيّة . إن الكراهية لا تفتش عن معرفة الحقيقة ، واذا حدث وان ادركتها فانها تحبسها على طريقتها في فكرة غير قابلة للتغيير .
عادةً يكون للشخض المُبغِض وجه عابس وغاضب ، وقد يكون بغضه مخفيا تحت ابتسامة جميلة مراوغة ، وفي كثير من الاحيان يكون دفينا معشعشا في القلب يفرز سمومه باستمرار ويولد افكاره السوداء دون ان يطفو الى فوق . يُفترض ان يحاول المرء التخلص من هذه الشعور الذميم الفتاك الذي ينكر جذريا وجود الغير، غير ان هناك من يحرصون على إدامة بغضهم وكراهيتهم للتمكن من  تنفيذ جدول الاحقاد التي يحملونها والايقاع بالاشخاص الذين يرغبون الانتقام منهم ، فالبغض عند هؤلاء يجب ان يبقى بجذوته المتّقدة ، لانه سبب وجودهم ومصدر سعادتهم !!.

احب ان أذكر هنا مجموعة اقوال مأثورة ، تركها كتّاب ومفكرون وشخصيات عالمية، كأيميل زولا ، وباسكال ، وستاندال ، وهيجو ، وروسو ، والفونس دوديه ، وغاندي،  وبوذا وغيرهم :

- جهنم ليست غير الكراهية التي تلمع في عينيك ، وايضا الحقدَ الذي يملأ قلبك الخاوي.
- بصورة عامة ، تأتي نهاية العلاقة عبر كلمات حبّ تتخللها صرخاتُ الكراهية .
- البُغض سمّ يقتل صاحبه ببطئ .
- البغض يدفع الناس على ألاّ يكونوا غير ظلّ أنفسهم .
- اننا نكره جيدا ما كنّا قد احببناه جيدا.
- الاحتقار نابع من الرأس والبُغض من القلب ، وكلاهما يقضيان على بعضهما .
- البغض الأعمى ليس أصمَّ .
- البغض هو غضب الضعفاء .
- البغض والكراهية مثل الحُبّ يتغذيان من اصغر الاشياء ، لذا فان كل شئ يناسبهما.
- الكراهيات المشتركة هي امهات صداقات غير ممكنة.
- المجاملة تحفّز الصداقة ، أما الحقيقة فانها تولّد البغض .
- البغض هو الحبّ الساقط .
- ليس هناك اسوء من كره النفس لانه يمنعك من حب الاخرين .
- أو ليس التعصب بغضا يبرّره الحب ؟!
- عندما ينتزع المنتصر أسلحته ، على المهزوم أن ينتزع بُغضَه .
- سنوات حبّ تمّ محوها بدقيقة بُغض .
- ان الصحافة منجنيق كبير يعمل بواسطة أحقاد صغيرة .
- الكراهية هي الاكثر تبصّراً بعد العنصرية .
- حب ّ الخبيث أخطر من بغضه .
وانا اختتم بالقول ، إننا اذا دخلنا حقلا مزروعا ببذور البغض والكراهية ، لان هذه المهنة بدأت تغري الكثيرين ، علينا برشّ حقل البغض هذا بالحُبّ الذي يملأ قلوبنا لان هذا الرشاش هو الوحيد الذي من شأنه  أن يقتل بذرات البُغض المضرّة .

kossa_simon@hotmail.com


 

غير متصل اخيقر يوخنا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4976
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رابي شمعون كوسا

شلاما

اعتقد ان الحقد والكراهية من أمراض نفسية لا تعالج بسهولة وان الحاقد ان لم يجد شئ يحقد عليه  سيحقد على نفسه

ولنا ايات من الكتاب المقدس. عسى ان تكون شفاء الحاقدين
الحقد والغضب كلاهما رجس والرجل الخاطئ متمسك بهما  سفر يشوع 33:27

ا يحقد إنسان على إنسان ثم يلتمس من الرب الشفاء. يشوع 3:28

ونختم جملتنا.    هذة  بأية اخرى من الكتاب المقدس
فأطرحوا  كل.  خبث وكل مكر والرياء  والحسد وكل مذمة  بطرس 1:2
ونتساءل. هل تفيد الكلمات والنصائح والكلمات المقدسة في شفاء الحاقدين ؟

ليطهر  ربنا دارنا منهم  
والرب يبارك كل الخيرين

غير متصل sam al barwary

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1450
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ان الكره شعور نفسي سلبي يجعل الفرد الذي يحمله غير محبوب ونستطيع القول بان الحقد والكراهية والغيرة اسبابها الاساسية تربية الاسرة فعدم وجود جو اسري مريح لا يوفره الاهل للاطفال وعدم زرع ايمان قوي في نفوسهم بالاضافة الى الفقر وتدني مستوى التعليم كل هذه الاسباب تشكل تربة خصبة لنمو هذه الافات الاجتماعية
شكرا استاذ شمعون كوسا وقد تعجبت كثيرا وانت تحاور وتصف قلمك فحقا يجب علينا التفكير بعمق قبل اللجوء الى كتابة اي مقالة او دراسة وذكرك قصة القطار ذكرتني باحد الايام قبل سنوات حيث كنت في قطار للذهاب الى عملي واثناء تواجد احد الاشخاص المرضى نفسيا في نفس القطار واذا به يسالني عن بلدي الاصلي وعندما قلت له بانني مسيحي من العراق اخذ يلفظ بكلمات جارحة وانا بدوري كنت صامتا ليس خوفا وانما احتراما لشيبته وللاخرين ولكنه تلقى الكلام المجروح من احدهم حيث ساله عن اصله ولكنه اجاب بانه امريكي لكن نفس الشخص قال له انك لربما ولدت هنا في امريكا لكن والديك واجدادك من اي بلد هم وهنا كانت الصدمة فقد ظهرت ملامح الخجل لانه هو ايضا لم يولد في امريكا وبدوري ولكي اجعل الموقف اكثر هادئا تصرفت معه بكل ادب ولكنني كنت قد هيات جواب له وحضرته لكي اجب على سؤاله حين اصل الى مكان عملي وبالفعل  وعند فتح الباب قلت له لا يوجد شخص امريكي اصيل الا الهنود .Native Americans شكرا للمقالة

غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شلاما لاخونا ابو سنحاريب

ان الانسان قد جُبل وهو يحمل نزعة قوية للشر ، وبذرة البغض والكراهية هي جزء من هذه الطبيعة .
الم يدفع البغض قايين لقتل اخيه منذ بدء البشرية ؟.
ان النصيحة سهلة ، ولكن الكثيرين ممن ابتلاهم الله بهذ الصفة الذميمة ، يجدون سعادتهم في ممارستها
ويلتذون عند رؤية سمومهم تقتل الخصم ،
ومع هذا يجب ان نسمع مار بطرس . مداخلتك جميلة بارك الله بك .

غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اخي سام البرواري

ان التربية والتعليم مهمان فعلا في ترويض الانسان وتطوير اخلاقه او تصرفاته، غير ان الوراثة ايضا لها دور كبير ، لانك تجد احيانا عوائل مشهورة بضغينتها وحقدها وحسدها وعندما يتصرف شخص بهذه الطريقة يقال : اليس هذا من القبيلة الفلانية او ابن فلان ؟ هذا جزء من المشكلة . غير ان الانسان الواعي الذي صمم اختيار طريق الحب ، لا بد ان يتوصل الى نتيجة ، انها مجرد تصميم و ارادة في ترويض النفس والسيطرة على النزوات وردود الفعل السريع.
اما عن موضوع الاجانب الذين يعتبرون انفسهم الاصيلين في البدان التي نتواجد فيها ، اذا تمحصنا شجرة عائلتهم او تسلسل ولاداتهم ، لا يصفى احد منهم من السكان الاصليين ، والان ترى حتى الذين يتبوؤون مناصب عالية ، بما فيهم الرؤساء  تجدهم من اصل آخر ، وافضل مثل على ذلك هو نيكولا سركوزي ، الرئيس السابق لفرنسا فانه هنغاري وابوه واقرباءه في هنغاريا ، واذا تكلمنا عن امريكا وكندا واستراليا فان هذه البلاد اصلا مكونة من اولاد الهجرة القادمين من كل مكان. انه موضوع طويل ، شكرا لمداخلتك