المحرر موضوع: على ماذا نهنئ العمال في الأول من آيار .. !!  (زيارة 580 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل علي فهد ياسين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 467
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
على ماذا نهنئ العمال في الأول من آيار ..  !!

تزدحم صفحات المواقع الالكترونية والصحف والمجلات بمالايحصى من المقالات والأنشطة في هذا الوقت من كل عام , بالتهاني والتقارير الاخبارية والمقابلات والاستذكارات لتراث النضال العمالي والسياسي المساند لحقوق العمال على مستوى العالم , دعما للحقوق وتذكيرا بالتضحيات واستشهادا بالمآثر التي رافقت وقائع التصدي للدكتاتوريات على طول تأريخ الامم منذ الاعلان عن الاول من آيار عيدا عالميا للعمال في عموم قارات العالم في عام 1889 .
لقد ارتبط النضال العمالي باليسار على طول تأريخه المجيد , حتى بدا أن الدفاع عن حقوق العمال هو الاساس الفكري لأحزاب اليسار في العالم طوال تأريخ الصراع منذ انتصار الثورة البلشفية وقيام الاتحاد السوفيتي أحد قطبي التوازن العالمي ولم يزل حتى بعد تفكيك منظومته الشرقية وتغيير خارطة الصراع بانفراد أمريكا في قيادة العالم , الذي أدى الى حروب أقليمية لازالت تتوالد في المناطق المنتجة للموارد الطبيعية التي يقف على رأسها النفط الوفير في منطقة الشرق الاوسط , التي تشكل البؤرة الاكثر خطورة نتيجة لوجود اسرائيل المحتلة للاراضي الفلسطينية منذ أكثر من سبعة عقود, قبل أن يضرب الأقتصاد ضربته الجديدة ,  لتنهض على أثرها زعامات اقتصادية جديدة في اسيا تفكك من اسس القوة الامريكية بالتوافق مع النهوض الاقتصادي الكبير لروسيا والصين والهند المرافق لقوة عسكرية تحسب لها امريكا الف حساب , حتى بوجود حليفتيها كوريا الجنوبية واليابان وأذرعها التقليدية الاوربية , بريطانيا والمانيا وفرنسا .
وأمام الازمات الاقتصادية المتصاعدة التي تعصف بامريكا وحلفائها الاوربيون تحديدا , يكون للاول من آيار في كل عام عنوانا متجددا للنضال ضد الكارتلات التي تتضخم ثرواتها على حساب حقوق العمال ومنجزاتهم التي تحققت طوال عقود من النضال في سبيل حياة آمنة , من خلال المسيرات والتلويح بالاضرابات والاعتصامات والتحذير من المساس بالاتفاقات المبرمة بين ممثلي العمال وارباب العمل  , بعد موجات تتجدد باستمرار من تسريح العمال وزيادة الضغوط على الباقين لتقديم تنازلات لاتنتهي لصالح ارباب العمل من الشركات العملاقة المتكاتفة مع بعضها في حلف بغيض يشكل عنوانا للشراهة والوحشية لتحقيق الارباح .
بعد سنوات طويلة من المواجهات , استطاعت القوى العمالية في البلدان المتقدمة وفي بلدان عديدة , أن تثبت أسسا فاعلة في مواجهة مستغليها من خلال الزامهم بتعهدات منهجية تنظم علاقات الانتاج لصالح الطرفين وفق سياقات تعيد التفاوض كلما استجدت ضرورات تغييره , في معادلة تضمن الحقوق وتثبت الواجبات , ومع هذا تطفح بين الحين والآخر تجاوزات تتطلب ردود افعال عمالية صاخبة لاعادة التوازن بين الاطراف , من أجل تنظيف سوق العمل وظروفه من وحشية رأس المال ودسائسه .
دعونا نعود الى العراق وظروف العمال فيه , على ماذا نهنأهم في الاول من آيار , على البطالة المتصاعدة , أم على ضحاياهم من تردي الامن , على معاملهم المتوقفة نتيجة اغراق السوق بالبضائع المقلدة دون ضوابط ولاكمارك , أم على الاغذية الفاسدة والادوية المغشوشة , على بيوت الصفيح أم على الغاء الضمان الاجتماعي , على سوء الخدمات الصحية ام على غلاء الاسعار , على تزوير الانتخابات أم على محاولات احزاب السلطة للهيمنة على النقابات .
ان تهنئة العمال في عيدهم تصح وتكون لها قيمة , عندما تنسق قوى اليسار والديمقراطية الداعمة لحقوقهم تأريخيا مواقفها بشكل فاعل في جبهة عريضة تدافع عن حقوق الفقراء عموما بمافيهم العمال, تعمل في صفوفهم وتنزل الى الشارع بعيدا عن مقراتها ولاتكتفي باصدار الصحف والتذكير بالمناسبات والاشارة الى البطولات في مواجهات سابقة على اهميتها , لتحقق ثقلا موازنا أمام القوى السياسية التي تقود البلاد وفق برامج لاتحقق العيش الكريم للشعب عموما وتبخس حقوقه ولاتعمل سوى لمصالحها , كما هو واقع الحال منذ سقوط الدكتاتورية الى الان , مكتفية بمهرجانات خطابية شكلية لرفع العتب في أحسن الاحوال .
علي فهد ياسين